السبت ١٢ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم ياسمين محمد عزيز مغيب

ابنتي والسياسة

كنتُ خارج البيت أشتري بعض الاحتياجات الضرورية، دخلت البيت على صوت ابنتي وهي تقول: ماما ماما خلاص مشي مشي.

سألتها: ماذا تقصدين من الذي مشي؟

ردت بصوت جهوري الرئيس يا ماما أنتِ نسيتي.

ضحكت وسألتها: كيف عرفتي؟

"ما أنا قاعدة قدام التلفزيون ياماما من بدري بشوف الناس في الشارع بيقولوا يسقط الرئيس، وكمان بيقولوا لازم يتنحى".

"وأنتِ فاهمة يعني أيه يسقط، ولا يعني أيه يتنحى"؟

" أيوة أنا فاهمة، هو أنا صغيرة، بيقولوا يعني أنهم مش عاوزينه، أنا فاهمة بس هو كان محتاج حد يفهمه يا ماما ".

وفجأة دق الهاتف أسرعت ابنتي التي لم تتجاوز سن الثامنة بالرد عليه.
مين حضرتك؟

" دي فاطمة صديقتي يا ماما ".

" فاطمة أزيك يا فاطمة، شفتي اللي حصل" ؟؟؟

" أيه اللي حصل يا بَسَنَتْ"؟؟؟

" يعني أنتِ ما عرفتي يا فاطمة" !!!

" لا مش فاهمة تقصدي أيه".

" الرئيس تنحى، فاهمة يعني أيه تنحى".

" أه سمعت أنه بيقول مش عاوز يبقى رئيس".

" وأنتِ أيه رأيك يا فاطمة بالكلام ده".

" مش عارفة يا بسنت، بس الناس فرحانة بالشارع، وكمان بابا وماما فرحانين".

" يعني كدة كويس يا فاطمة طالما هما فرحانين".

" المهم بقى أكيد هييجي رئيس جديد لمصر، لازم ينظف البلد، أحسن أنا زعلت أوي بلدنا مش نظيفة، وأنا مش هقدر أنزل إجازة الصيف لو كانت مش نظيفة".

" بس يا بسنت مين هينظفها، ده كل مكان فيها بقى مش نظيف".

" وفيها أيه يا فاطمة، يشتروا مكانس كثير وينظفوها، وكمان الرئيس الجديد أكيد مش هيرضى يقعد ببلد مش نظيفة".

" بسنت بتعملي أيه"؟؟؟

أبداً يا ماما بكلم صديقتي عن الرئيس.

" هو أنتِ بتفهمي في السياسة يا بسنت"؟؟؟

" يعني أيه سياسة يا ماما؟؟؟ هو الكلام عن الرئيس يبقى سياسة" ؟؟

ضحكتُ وقلتُ لها: الكلام عن الحاكم بأي بلد عربي يسمونه كلام بالسياسة.

طيب يا ماما هو ربنا قال حرام نتكلم بالسياسة، يعني ممكن ندخل النار؟؟؟

" هو الأول يا بوسي كان حرام نتكلم بالسياسة، وكان ممكن ندخل النار، لكن حاليا لا مش حرام".

" طيب يا ماما طالما مش حرام خليني أتكلم براحتي بقى، لأن فاطمة صحبتي على التليفون خليتها ".

" ألو يا فاطمة أنا جيت كنت بكلم ماما بس".

" ناوية تعملي أيه بكرة بالمدرسة يا بسنت"؟؟

" أنا عاوزة أشتري علم مصر وألبسه بس من فين أشتريه؟.

" مش عارفة بابا كان بيجيبوا منين يا بسنت".

" طيب أنا عندي فكرة، أيه رأيك لو نقص من لبسنا ألوان العلم".

" أنا خايفة ماما تضربني يا بسنت".

" يا بنتي ما تخافيش، هتضربك ليه بس، أنتِ مش شفتي الشباب اللي نايمين بالشارع في البرد والمطر بينزل عليهم، ولا باباهم ضربهم".

" أيوة يا بسنت بس الشرطة موتتهم، والعربيات كمان داست عليهم".

" بصي يا فاطمة طالما أنتِ خايفة خليك براحتك، أنا بقى هقص لبسي وأخد ثلاث ألوان أحمر وأبيض وأسود وأعمل علم مصر، لأني بحب مصر أوي، وخليك من غير علم يا خوافة، عشان مصر تزعل منك، وتيجي تسافري لها بالصيف تقولك مش هتدخلي لأنك مش بتحبيني".

" خلاص يا بسنت هعمل علم من لبسي، وربنا يستر ماما مش تضربني، تصبحي على خير يا بسنت".

" تصبحي على خير يا فاطمة".

حوار حقيقي دار بين طفلتين لم تتجاوزا الثماني سنوات، لم تعيشا بمصر، واغتربتا مع أسرتيهما منذ الولادة، ولكن ما حدث بمصر من أحداث أثارت حفيزتهما، وجعلتهما يتركان مشاهدة توم وجيري على قناة الأطفال، ليشاهدا توم وجيري الكبار على قناة الجزيرة، وإم بي سي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى