الجمعة ٢٥ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم عدلة شداد خشيبون

احتراق حُلم

هي نار كاوية، لا ترحم ولا ترفق بأحد، كانت عنيدة، قاسية القلب، لملمت اشلاء اوراق عاديّة أطعمتها، لم تبالِ، جمعتُ قواي ولملمتُ ديوان شعر أكل الدّهر منه وشرب، وبقيتْ مطرقةً لا تبالي، لمحتُ سلة قديمة كانت قد أهدتني إياها صديقة عابرة، ذهبتْ وما ذهبت سلّتُها، ضقت ذرعًا بالذّكريات، حملتها غير آسفة عليها وأودعتها النّار غير الملتهبة، وبدون تفكير أدخلتُ عود ثقاب كان قد نجح أخيرًا ليُخرج لهبة قويّة، وأشعلت ما جمعته وخرج الدّخان أصفر اللّون ثمّ أحمر ثمّ ما لبث أن تحوّل لأسود، خفت سوء عاقبة بأن ما أودعته للنّار هو ما أخشاه أن يحترق، تأملت وتأملت حتى بدت لي علبة سوداء نسيت ما حوت ولكنها سوداء فضحكتُ غير آسفة عليها..

وشعرت بالدّفء إذ ذاك وقمت على عجلة من أمري وقبل أن أغيّر رأيي.

تصفحت رواية قديمة قِدم الانسان ومعاناته وادخلتها في لهيب لا يرحم ولا يرأف .

ثمّ جمعت كلّ اوراقي القديمة المكشوفة منها وغير المكشوفة، وجعلتها دفئًا لي في ليلة ليلاء قارسة البرد قاسية... ليلة كلها غيوم وهموم

ليلة عليلة بوجوم .

الرعد ذو صخب والبرق ذو لهب والقلب يخفق بسرعة ...جوّ مكفهرٌ ...لا أمل.. دقات السّاعة تضرب عرض الحائط تريد أن تكسره لا تطيقه سندًا لها ...تريد أن تتحرر من كلّ هو واقف ..

همدت النّار قليلاً بدأ برد الوحدة يتسلل إلى قلبي ..وقلبي مسكين لا تلائمه البرودة لا ولا الرّطوبة، تلحفت بلحاف قديم تسللت إليه أشباح الغربة وأشواك الصّبار، فسالت دماء الحنين، وهاجت أفكار الضّياع، فقذفته غير ابهة ببرد يلسع كقفير زنابير وخلية نحل فرّت من خليتها بحثًا عن جسم تنهشه بغير رحمة .

تأملت الرّماد ...وجدته يعاني ...يريد أن يتطاير لا يريد البقاء، شيء يخيفه.. شيء يرعبه، تأملته مرّة ثانية وثالثة حاولت أن أقرأه فشلت المحاولة

أغمضت عينيّ...ودخلت حجرة ضيقة المدخل فسيحة المكان، وتحت سرير متداعي الأطراف وجدتها ورقة صفراء بلون الموت حزينة بلون اليُتم والتّشرد، مسكتها قلّبتها عاندت حركات اصابعي ارادت ان تبقى هناك حيث السّرير المتداعي لتحميه، عاودت تقليبها، شعرت بالدفء اخذتها بعد ان فتحت عينيّ، وتوجهت الى كومة الرّماد واودعتها، وشعرت بلذة ما بعدها لذة خاصّة حين ومضت النّار من تحت الرّماد فابتهجت وضحكت وقبل ان تخبو اسرعت الى خزانة اخرى جمعت كلّ اوراقي القديمة جمعت ذكرياتي.. جمعت حكاياتي ...عباراتي الجميلة

جمعت كل ما خطّ القلب وانّت الرّوح وتأملتهم وقلت الليلة ستكون أروع الليالي، لن ابالي بالبرد القارس لا ولا بالرعد الذي يهدر كهدير بحر هائج مائج،الليلة ستكون ليلتي من الدفء حتّى ولو تزيّن جبل صنين بالابيض ولو لبس الجرمق حلّة زفافه ستكون ليلتي مميزة ساحتسي اطيب انواع الشاي سيكون من كلّ الاعشاب الطّبيّة المهدئة والدّافئة لن ابخل على نفسي بانواع المكسرات اللذيذة وغالية الثّمن كيف افعل وهذه ليلتي وحلم حياتي

ستكون ليلة مميزة وستكون اوراقي الليلة كلّها في خبر كان وستصبح رمادًا

قد اندم على فعلتي وقد احرق اصابعي ولكن لا باس فاصعب الاوجاع هي الاوجاع الحاضرة على حدِّ قول ابي .

لا بأس إن احترق حُلمنا ... ففي الحُلم لنا حُلم آخر فالنّار تأكل حُلمنا
إن لم تجد ما تأكله..

شبّتِ النّار بين الضّلوع...توارى شيء من الأمل ...غرق في لجّة الكرى

خفقت رايات الظّلام... اشتعلت نار الفراق... الرعد يئّن والبرق يومض ...وأنا أتلظى بجمر أحمر اللّون يُلهب الفؤاد،وأتمتم...عذرًا أيّها الحُلم المختبئ بين اللهيب سأبقى بك وستبقى خير لهيب، فحُلمنا يكبر كلّما كبُر لهيب نارنا، فها أنا أغفو بين ذراعيّ الأمل، ففي اللّيل أحبتي .. ننام كيلا ننام، نستيقظ كيلا نحلم، فليس من النّوم وحده يستيقظ الأنام، بل من كلّ حُلم جميل جميل،وليس كلّ رماد من صحف بالية وفروع أشجار يابسة .... بل قد يكون حُلما احتضر في بلاد يحرقون بها الأحلام ...

... وتلاشى إذ ذاك الحُلم في كابوس مخيف مخيف


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى