السبت ٥ آذار (مارس) ٢٠١١
تصحيح ما جاء في
بقلم شفيق حبيب

التشريح وكلمات للذاكرة

  الناقد الأديب الصديق نور عامر صاحبُ قلم ٍ متـميِّز له مكانـُه ومكانتـُه على كرسيّ النقد في صومعة الأدب المحليّ؛ وأتابعُ ما يكتبُ منذ مدة طويلة، خاصة وأن له منهجًا خاصًّا لا يداهن به ولا يتملق أحدًا في زمن ٍ باتت فيه العلاقاتُ الشخصية لها مفعولُ المخدِّر.

 كي لا يُفسَّر كلامي على غير مراميه ــ ليس بيني وبين نور أية ُ علاقة معرفـيّة سوى على ميادين النشر ولا أراه إلا فيما ندر، وبهذه المناسبة أشكر الصديق الشاعر يوسف خوري؛ ابن قرية معليا على سخائه بإعطائي رقم جوّال ناقدنا نور عامر لأشكرَهُ على هذا الاهتمام بما تجود به قريحتي المتواضعة.

  تابعتُ بعض كتابات نور بعد أن تناول ديواني «تعاويذ من خزف» بنقدٍ موضوعيّ بنـّاء تحت عنوان «شفيق حبيب ينطلقُ من جوهر عقيدة كـافكـا» وذلك على صفحات «كل العرب» في 2.5.1997، وما يكتبه ناقدُنا ينمّ عن دراية ٍ واسعة ٍ بالنقد دون التعصّب لهذه المدرسة النقدية أو تلك، حيث يبتعدُ عن فلسفة الأمور بتحميلها فوق ما تحتمل أو تعني، كما يحاول البعضُ أن يُغرق القارىء أو الدارس بحفنة ماء، كذلك وردتْ الدراسة المذكورة في كتابه: «رحلة في أجواء الحروف – مداخلات نقدية»، ودعمًا لقولي أعلاه، ها هو ناقدنا نور عامر بتواضع جمّ ودون أن يعتبرقولـَهُ القولَ الفصل في نهاية نقده لديواني أعلاه، يدعو إلى المزيد من دراسة الديوان فيقول:

«لا أزعم أن هذا المقال يكفي لإعطاء هذه القصائد حقـَّها من التقييم والتحليل، فهذا الديوان بمضمونه الفكري والأدبي يُشكـِّل مادّة ً خصبة ورحبة للكتابة الموضوعية.»

 حين يتناول ناقدٌ متمرّس قصيدة واحدة «للتشريح» ــ وليس
« للتجريح» كما يفعل السِّوى ــ، فهذا يعني أن ناقدنا نور عامر ذو عين ناقدة ثاقبة، كذلك فعل الصديق الدكتور فاروق مواسي حين تناول بالنقد قصيدتيَّ: «لقاءٌ وأمل»" وَ«تراكمـــات»منذ سنوات بعيدة.

  من خلال ما ورد أعلاه، فإني راض ٍ عن نقد نبيل ٍجميل «مع بعض التحفظات» ولكنني أخذتُ على خاطري عندما قرأتُ ما جاء في متن النقد:-

وبخصوص القافية فإن الشاعر يتحكم بها في معظم قصيدته، لكن بعض القوافي تخرج عن طوعه، بمعنى أنها تثبت(!!) من أجل القافية ليس إلا، كقوله على سبيل المثال:

على جَبْهـَـة الأيـّام تعلو قصائدي
وتبقى شهودَ العصــر ٍ عصْــر ِ النـَّواكـــب ِ...

ويضيف ناقدُنا: «يُعرف بدون شك أن الصّحيح لـُغويـًّا (نكبات) جمع نكبة
وليس» النـّواكب «لكنه اضطرَّ لوضعها كي تستقيم القافية» .

 عزيزي نور أسعد الله أوقاتك بكل خير!!

إن شاعرًا يرتفع إلى ما فوق منكبَي المتنبي هو الشاعر العباسي ابن الرومي الذي فضـّله البرقوقي على المتنبي لا يُمكن له هو الآخر أن يُضطر لوضع كلمة «النـّواكب» كي تستقيم القافية عنده أيضا، فاسمعه يقول:

فتـُلقى الدّلافيـنُ الكريـمُ طباعُهــا
هناكَ رعـــالا ً عنــدَ نـَـكـْــبِ النـّــواكِـــب ِ

  وفي التفسير جاء أن الرِّعال هي الجماعات والنـّواكب جمع نـَكـْبـَة...

 -... وأضيف: كلما استعمل شاعرٌ منا كلمة «حقيبة» يتبادر إلي أذهان النقاد أنها منقولة عن الشاعر الراحل الكبير محمود درويش وكأن هذه الكلمة من وضْع شاعرنا ولم تكن قبله في معاجم اللغة العربية وهي حكر عليه، وما هذا سوى مأخذ على حصر الفكر واللغة في بوثقة ضيقة على مدّ التاريخ الأدبي.

  ومن أجمل أبيات قصيدتي، البيت القائل:

زرعتُ على التاريخ رايات ِنصرها
ونكـَّسـْتـُها حيــــنَ استبيحَـــت ملاعِبـــــي

وهذا البيت جاء نتيجة للانكسارات والهزائم التي لحقت بنا بعد عصور ذهبية من العلوم والفلسفة والترجمة من اليونانية وغيرها، فأين نحن اليوم على المستوى المحلي والدولي؟؟؟

ففي رأيي ليس هناك أي تضارب بين الصّدر والعجز (حمانا الله منهما) إذا ما أخذنا في الحسبان تداول الأيام وتقلباتها منذ النابغة الجعدي حتى شفيق حبيب ونور عامر.

  وللمعلومية سيصدر لي بعد أسبوع ديوان شعريّ جديد تحت عنوان "شــآبيــــب" وستكون قصيدتي قيد النقد: "على شاطىء السّبعين..."

افتتاحية ًَ لقصائد الديوان، أرجو أن ينال إعجابَك وإعجابَ محبّي الأدب.

كذلك فإني جادٌّ بجمع معظم ما كـُتب من نقد حول نتاجي الشعري ـ محليًا وخارجيًا ـ خلال خمسين عاما ولـّت في كتاب تحت عنوان: «شفيق حبيب شاعرًا في مرايا النقد..» وأعلن اعتزازي بما كتبه نور واردًا في كتابي القادم.

على الخير والمحبة نلتقي دائمـــًا.... 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى