الثلاثاء ١٥ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم بسام عليان

الحرية .. والكرامة .. وأوهام سدنة الثقافة..!؟

بلا أدنى ريب؛ تملك الثقافة العربية حيوية؛ ولكن توجد أمامها معوقات تمنعها من أن تحقق قفزات نوعية في مجال المجابهة والاستجابة للتحدي. وتتصل هذه المعوقات بنظم الحكم أياً كانت (السلطات في الدول والمؤسسات والأحزاب.. وما شابهها)، وبالإمكانات المادية المتاحة والمطلوبة وبوسائل الاتصال بالناس وبالقدرة على الوصول إليهم.

وفي تقديري فإن الثقافة العربية (بكافة صورها من أساتذة ولغة وكتب وكلام وصحافة وإعلام ومنتديات ومكتبات، ...ألخ)؛ تعاني من عوامل إضعاف داخلية وليست تعاني من ضعف، ويعود ذلك إلى عدة أسباب منها نوع الخطاب العربي المستمر، الذي يحتاج إلى تجديد، حتى يكون أكثر علمية، وأكثر توفير للمعلوماتية، وتواصلاً معها في هذا العصر وليتحول الخطاب الثقافي إلى خطاب أكثر موضوعية وأقل إنشائية، وأقدر على التركيز والتأثير والإقناع بموضوعية ورؤية علمية.

بالنسبة لي؛ فأنا متفائل فلا يمكن أن تكون الثقافة العربية من دون مستقبل، بل لا أكتمكم سراً القول إن أحد مصادر تفاؤلي الرئيسة هو هذا التحدي الكبير أمام أمتنا، وعمق هذه التحديات المطروحة على ثقافتنا، واستقراء تاريخ تصدي ثقافتنا للتحديات عبر القرن الماضي.

ولكن يبقى أمامنا، سؤال؛ وهو سؤال الحرية، وهو ذاته سؤال الحقوق ، والحقوق لا تحفظ إلا من خلال القوانين الحاكمة والأنظمة الرادعة ، بعد توفير الاحتياجات المادية الأساسية للإنسان. ومن ثم ، في أبعد شيء عن الفوضى المزعومة ، بل هي ضمانة ضد الفوضى ، فوضى غياب تشريعات الحقوق.

فالمثقف في وطننا العربي المشرق، كائن بشري عادي، وهو بالتأكيد ليس من كوكب آخر، وهو ممن رضعوا منذ الصّغر تربويات الثقافة العربية ذاتها؛ التي أصبحنا نحفظها عن ظهر قدم لا قلب. فما نراه باختصار هو أن «مهنة الثقافة» في الوطن العربي ليست مفروزة بشكل واضح، وتعاني من عدّة التباسات، سواء تعلّق الأمر بالدولة أو أي سلطة تقوم مقام الدولة، او الناس. فالمثقف العربي وإلى الآن، لم يحقق بعد القاعدة التي يمكن له أن يرتكز إليها، كقوة اجتماعية فاعلة، أو كضمانة سياسية. والمثقف العربي رغم انهماكاته الكوميدية بشجون ما بعد الحداثة، يعيش كفرد استثنائي في سياقه الاجتماعي، ويخضع رغما عنه للمعايير الشعبية العامة، وهذا ما يفسر لنا حالة التصدّع النفسي التي عاشها مثقفون تخلّوا عن مواقفهم المعلنة وقبلوا بمناصب انتهت بانتحار عقلي او نفسي او سياسي بطيء.

وقد لا يعرف معظم’المثقفين العرب او المدرجة اسماؤهم في قوائم اتحادات الكتّاب ونقاباتهم زملاءهم الذين عفّوا عن مثل هذه المناصب، وذلك لسببين اولهما رواقية هؤلاء الزملاء وتعفّفهم عن السّجال حول ما يمكن تسميته تسعيرتهم السياسية وثانيهما حالة التباعد القصوى بين المثقفين رغم توهمهم بالتقارب عبر الانترنت والفيس بوك..

خلاصة الحكاية ان هناك من يقترضون من المناصب، مقابل من يخسرون لأنها تقترض منهم، وما من مثقف عربي يُعرض عليه منصب له جاذبية من الجاه السياسي والنفوذ الاجتماعي الا ويعيش حالة من الصراع قد تنتهي بالقبول الذي يعقبه ندم فوري، وقد ينتهي بالزواج الذي لا مفر فيه امام الزوجة الا العودة الى بيت الطاعة!!

وبالعودة – مرة أخرى- إلى سؤال الحرية الذي لا ينفصل بحال عن سؤال الكرامة ؛ لأن انتهاك الحرية ، أو تقليصها بتهميش بعض لوازمها ، من عدل ومساواة ...إلخ ، يعني أن هناك إهدارا متعمدا للكرامة ، واعتداء صريحا على الحقوق الأساسية للإنسان .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى