الثلاثاء ٢٢ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم نادية بيروك

المعقـــدة

إستلقت على سريرها، كمن يسترخي بضمير نقي ومفعم بالطمأنينة، فدبت أحاسيس الإقصاء والعزلة لتعذبها من جديد، لم تكن تكترث لأحد. كانت تعتقد دائما أن حزمها

وصرامتها، وجديتها سيجعلنها فوق الجميع. لكنها قرأت في أعين زملائها ما لم تفهمه،

وعلمت فيما بعد، أنهم ينعتونها "بالمعقدة". لا لشيء إلا لأنها ترفض أن تبتسم أثناء العمل، أن تشرب رفقتهم قهوة الصباح، أو أن تركب سيارة أحدهم ليوصلها إلى البيت. كانت تعتذر إذا دعيت لحفلة ظريفة، كانت تعتذر إذا عرض عليها أحدهم أن يأخذها في نزهة قصيرة، كانت تعتذر أحيانا لمجرد الاعتذار. تمر الأيام مرور البرق فتشعر ليلى بالوحدة

والاكتئاب، تنتابها نوبة غريبة من الهواجس الغامضة، فتحن حينا إلى زميل أو صديق يسامرها. وأحيانا أخرى إلى رفيق يخفف من أحزانها واضطراباتها الدفينة. لازالت تذكر أن والدتها رحمها الله، كانت توصيها بالاستقامة دائما. وحتى والدها رغم طابعه المرح كان يكشر في وجهها كلما حاولت مداعبته بنكتة خفيفة الظل أو مزحة طريفة. إن تصلب عضلات وجهها لم يكن وليد اليوم. لقد عجنته السنين ودعكته الأيام. فألفت منظره، فلم تعد تقو على الابتسام. كان عصفورها الصغير على غير عادته صامتا منقبضا كأنه يقرأ أفكار صاحبته. قامت عندها ليلى في خفة فجددت الحب والماء له. لكنه لم يقرب شيئا. فتحت النافذة، وعلى غير هدى، وجدت نفسها تفتح قفصه الصغير، ثم تقذف به ليحلق عاليا في السماء، تابعته نظراتها الحانية وأشرق وجهها نورا وبهجة. فعلته حينها مسحة من الرضا والأمل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى