الخميس ٢٤ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم جميل السلحوت

فوز....تكريم....ورحيل

في يوم 13آذار الحالي، يوم الثقافة الفلسطيني، الذي يأتي في يوم مولد الراحل الكبير محمود درويش، تم الاعلان عن فوز الأديب الكبير محمود شقير مناصفة مع كاتب اسباني بجائزة محمود درويش، وهذا أمر يثلج الصدر مرتين، مرة لوجود جائزة باسم الشاعر الكبير الراحل محمود درويش، وهذا تكريم له بعد رحيله، نأمل أن يستمر بشكل دائم، والمرة الأخرى هو فوز أديب مبدع هو محمود شقير بهذه الجائزة، فأديبنا أثرى المكتبة الفلسطينية والعربية بابداعه المتميز، وبعض ابداعاته ترجمت الى لغات أخرى لتكون سفيرا للثقافة العربية عند ثقافات أخرى، ومحمود شقير الذي أبدع وتميز في فن القصة القصيرة والأقصوصة والكتابة للأطفال وللفتيات والفتيان، مناضل ذاق مرارة السجن وقهر الابعاد عن أرض الوطن، مسكون بهموم الوطن، ويؤرقه وضع مدينة القدس التي تئن من ثقل ما تتعرض له من سلب لهويتها الفلسطينية العربية، والعمل الدؤوب على طمس ملامحها التاريخية والدينية والحضارية، لذا فانها موجودة في كتاباته بشكل دائم، بل إنه خصها ببعض ابداعاته، فعندما عاد الى ارض الوطن عام 1993 بعد ابعاد قسري استمر تسعة عشر عاما، كتب رائعته"ظل آخر للمدينة"وكانت خليطا رائعا من القصّ والرويّ والسيرة الذاتية والمذكرات، لكنها في المحصلة كانت سيرة لمدينة القدس التي أحبها، ثم جاء كتابه"القدس وحدها هناك" الذي يحوي أقاصيص قد تشكل ر واية المدينة المقدسة، ومن ثمّ كتاب"قالت لنا القدس"ليكون شاهدا على ما جرى ويجري في القدس.

والحديث عن ابداعات محمود شقير بحاجة الى دراسات وأبحاث كي يستطيع المرء ايفاء الرجل ولو جزءا من حقه، ولإغناء الثقافة المحلية والعربية بما جادت به مواهب الرجل، لكن لا بد من الاشادة بلجنة جائزة محمود درويش لاختيارها الصائب لمحمود شقير للفوز بالجائزة مناصفة هذا العام، مع أنه يستحق الجائزة بمفرده، بل يستحق جوائز أخرى وذات أهمية عالية، ومع ذلك فأن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام.

· أما الحدث الثاني اللافت فهو حفل التكريم الذي يقام هذا اليوم 23-3-2011للشاعر والأديب والباحث علي الخليلي، وقد سبق وأن وصفتُ هذا الرجل الذي عاد الى ارض الوطن في العام 1976 ضمن نطاق ما يسمى"جمع شمل العائلات" بأنه موسوعة ثقافية متنقلة، عاد وعمل محررا في صحيفة الفجر المقدسيبة، وحرر صفحتها الأدبية، وما لبث أن أصدر مجلة"الفجر الأدبي"كملحق شهري لصحيفة الفجر، وكانت علامة فارقة للمطبوعات الأدبية في الأراضي المحتلة، وعلى صفحاتها احتضن المواهب الأدبية بما فيها المواهب الشابة، بل عمل وحفز على ايجاد حراك نقدي، وأذكر انه كان يكتب مراجعة نقدية للكتابات الأدبية المنشورة في الفجر الأدبي، وكان يوقعها بـ"وائل هيثم"وفي الوقت نفسه واصل كتابة الشعر، والأبحاث التراثية، وقصة الأطفال والرواية، وصدرت له عشرات المؤلفات في تلك الفنون، ويشترك علي الخليلي مع محمود شقير بأن كليهما عميقا الثقافة، ومتواضعان الى درجة لافتة، لا يدعيان شيئا ولا يحبان المدعين وان يحتفظان بذلك في سريرتهما، وعلي الخليلي لا يستحق التكريم فقط، بل يستحق أكثر من ذلك، انه يستحق الفوز بجوائز قيمة، ويستحق حياة كريمة لينعم بشيخوخة صالحة، ليستحلب أفكاره ويجيرها على الورق لتكون نبراسا لمجايليه، وللأجيال القدمة أيضا.

· أما الراحل الذي أحزننا فراقه فانه الأديب محمد البطراوي-أبو خالد- الذي انتقل الى جوار ربه في ذكرى ميلاد الراحل محمود درويش، وقد كان مناضلا على يديه تتلمذ مناضلون معروفون، وكان أديبا يشار اليه بالبنان، وتتلمذ على يديه أدباء معروفون أيضا، وكان بيته ديوانا أدبيا ومدرسة نضال، وهو من جماعة من عرفوا بجيل "الأفق الجديد" تلك المجلة الأدبية التي صدرت في ستينات القرن الماضي، والتي من فرسانها: يحيى يخلف، محمود شقير، حكم بلعاوي، جمال بنورة، الشهيد ماجد أبو شرار، الراحل خليل السواحري، الراحل عبد الرحيم عمر....وآخرون.

ومع أن أبا خالد لم يترك مؤلفا مطبوعا، إلا أننا نتمنى على أنجاله أن يقوموا بتمحيص أوراقه وطباعة انتاجه، وقد سبق أن سمعت منه مباشرة بأنه كتب مئات القصص القصيرة وعشرات الروايات، لكنه لم يستعجل النشر، أو بالأحرى لا يحب النشر، وهذا ما لم أوافقه عليه.

والراحل محمد البطراوي يستحق التكريم، وكان يجدر بوزارة الثقافة واتحاد الكتاب الفلسطينيين تكريمه في حياته، فهل يكرمونه في مماته؟ وهذا ما ننتظره.

 لقد فرحت كثيرا لفوز محمود شقير وتكريمه، وفرحت لتكريم علي الخليلي، فمن حق ذوي الفضل علينا أن نذكر أفضالهم، وأن نشعرهم بذلك في حياتهم...كما أنني حزنت لوفاة أبي خالد البطراوي فله الرحمة والخلود.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى