الخميس ٣١ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم فلاح جاسم

إيمان العُبَيْدي

من يتابع ما يجري في أوطاننا يدرك مأساة المواطن، الذي لا حول له ولا قوة، وما يعانيه من حَيف وصَلف على يد مُعظم الحكام، والتهم جاهزة تـُفصل حسب مقاس كل شخص، والإعلام الرسمي جاهز للتصفيق والتلفيق، بل جاهز (للرقص والردح)، والتصفيق للزعيم الأوحد، الفذ(الفض)، العبقري، الذي أختصر الوطن بشخصه، وأمنه أهم من أمن الوطن، وعلى معارضيه مغادرة الوطن، إن كان ديمقراطيا، ويؤمن بحرية الرأي والتعبير، أو مغادرة الحياة، كحال أغلبهم.
ما جرى للآنسة إيمان العبيدي واغتصابها من قبل خمسة عشر شخصا من أزلام القذافي، إمعانا في إذلال المواطن الليبي، لكن شجاعتها جعلتها تتكلم أمام عدسات المصورين والصحفيين لتفضح الزعيم المناضل، الذي يقف سدا منيعا في وجه المؤامرات الاستعمارية على الأمة العربية وأمنها وأعراض نسائها، هذه الاسطوانة المشروخة دأبت معظم السلطات على ترديدها، لتكون مسوغا للإبقاء على قانون الطوارئ وقمع المواطن وامتهان كرامته وأمنه بحجة الدفاع عن أمن الوطن. كم من مواطن أو مواطنة حصل له من الإذلال والامتهان لكرامته ما حصل لإيمان لكن لم تتسنى له الوسائل لفضح بلطجية الأنظمة!

إيمان العُبيدي هي (جان دارك) ليبيا، التي ضحت بحياتها من أجل تحرير فرنسا من الاستعمار، وأصبحت رمزا للثورة والتحرير، لكن ليت الإعلام الرسمي حاول التطرق لمأساتها أو مأساة أي مواطن تعرض للقمع على يد السلطة. أحب أن أختم بكلمات رائعة للشاعر الكبير محمد الماغوط من قصيدته (حزن في ضوء القمر).

عشرون عاماً ونحن ندقُّ أبوابك الصلدة
والمطر يتساقط على ثيابنا وأطفالنا
ووجوهِنا المختنقةِ بالسعال الجارح
تبدو حزينةً كالوداع صفراءَ كالسلّ
ورياحُ البراري الموحشة
تنقلُ نواحنا
إلى الأزقة وباعةِ الخبزِ والجواسيس
ونحن نعدو كالخيولِ الوحشية على صفحاتِ التاريخ

كلمات لها معنى:

مأساة المواطن: عدم فهمه لكنه أمن الوطن، وإستراتيجية تحقيق هذا الأمن.، لذا مطلوب منه الدعاء؛ (اللهم أدم علينا نعمة الأمن)، كل أنواع الأمن؛ أمن الدولة والأمن السياسي، والأمن الجوي، والأمن العسكري، إلى آخر ما ابتدع من الأنواع والأصناف.. وأحفظهم من الزوال، بحجة رفع قانون الطوارئ.

التهم الجاهزة: هي ما يلصقه معظم الحكام بمن يخالفونهم الرأي، ولا يزال الحاكم يظن أنها تنطلي على الجميع من خلال المصفقين من الدهماء، والمضللين من المستشارين. الذين يقولون إن الشعب بأحسن حال وتراكمت عليه جميع الأمراض لفرط الراحة وقلة الحركة.

الإعلام الرسمي: هو الذي فشل في إقناع ابنتي ذات السنوات الخمس، فيما يقوله.
الزعيم الفذ ّ: هو من يكون كلامه لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه مادام على كرسي الحكم. ويتفضل على الشعوب بأن يحكمها ويمنحها ذلك الشرف.

امن الوطن: هو ما يجزر باسمه المواطن دون رحمة، ويجعل الضباط يركبون أفخم السيارات، ويبنون القصور الفارهة على ثغور الوطن كي يرابطوا فيها.

حرية الرأي والتعبير: هي جريمة، وتهمة كافية لتورد أي شخص المهالك.
إيمان العبيدي: مواطنة عربية ليبية اقتادها أزلام القذافي ولا يُعرف مصيرها، مع ذلك تسكت جميع وسائل الإعلام الرسمية عن ذلك، وتصمّ أذانها عنه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى