الخميس ١٩ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم مصطفى أدمين

وما زالت الأقزام

في نِهاية سنوات الثمانين، ظهرتْ أعراضُ سرطان (الأديبوفوبيا) على جسدِ أوّلِ مؤسسة ثقافية بالمغرب؛ (اتحاد كُتّاب المغرب). وبما أنّ التعريفَ العلميَ للسرطان هو التكاثر العشوائي المُفضي إلى الموت؛ فلقد تسرطن عن ذات الجسد الموبوء، إطارٌ يدّعي أنّه ثقافي ومناهض للقيم المبتذلة التي أبان عليها الجسدُ/الأم؛ أي (الاتحاد) واختار كتسمية لذاته السرطانية اسم (رابطة). وكان أوّل شيء فعلته تلك (الخلية الزنبورية) هو نشر أعمال رئيسها.

وكلٌّ مرضٌ في إمراضٍ من دون تمريض، حتى شارفت الحالة الثقافية في المغرب على (السكتة الروحية).

وغيرة منّي على الصِّحة الروحية، والنفسية، والعقلية على الأدب في بلدي؛ اقترحتُ سنة 1995 على أدباء ونُقّاد شباب فكرة بناء (رابطة أدباء الجنوب) وعاصمتُه أكادير الكبير.

لكنّ إرادة العقل الإداري والوصولي الانتهازي، أبتْ إلاّ أن تعرقل فكرتي. وأجّلتْها حتى ظهور (من لهم الكفاءة) في تسيير الشأن الأدبي بجهة سوس ماسّة درعة بالمغرب.

وعندما تأسّست هذه الهيئة (الثقافية) في الصمت والظلام، وجدتُ نفسي مُخرجاً منها ومعي الكثيرون.

واليوم؛ وبعد أن (عرفت رابطة أدباء الجنوب) من أين تُؤكل المؤخّرة، ومن أين أيِّ ثديٍ عَفِن يُشربُ اللبن، ومع أيّ (عملاق قزم) يجب التحدّث، صارت لا تتعامل معي ومن معي إلا بنوع من الحيطة والحذر والتهميش والتخدير.

في (لقاء الرواية) الذي ستعقده (الرابطة) التي قريبا ستنحلّ (بسبب اعتمادها الدينصورات الشائخة، والتماسيح الخائبة، والسحالي الطامحة...) تمّ استدعاء مجموعة من أشباه الأدباء الذين اقتحمواْ المجال الشريف للأدب، من ثقب المناصب السياسية.
وأنا أعلم - بل الكلّ يعلم ـ بأنّ العديد منهم لصوصُ أدب، ومنتحلون، وسارقون للمال العام، وانتهازيون، ومُستعبدون لغيرهم من الأدباء الشباب والطلبة، وفاشلون أدبياً، وغيورون من الأدباء الحقيقيين.

وكنموذج لما أقول، أسوق مثال رجل دولة أراد لنفسه أن يكون بمنزلة العبقري جابرييل جارسيا ماركيز، ولهذا أصدرت له وزارتُه رواية رديئة تُحاكي رواية (مائة عام من العزلة) غير أنّ رواية هذا (الأديب السياسي المغربي) لم تكن سوى نسخة مُضحكة؛ لأنّ (كاتبها) قام بما أسميه ب(الإجرام الأدبي)؛ حيث أنّه أكثر من الشخوص الروائية، ولم يعرف كيف يتخلّص منها، سوى بأن قتل (روائيا) كلّ واحدٍ منها في صفحة، الأمر الذي اضطرّني إلى نعتِها ب(رواية الله يرحم... الله يرحم).

وها هي (الرابطةُ الجنوبية) تربط (كذا) ب(كذا) من دون أيّ اعتبار حقيقي لقدسية الأدب ولدوره في تنمية المجتمعات والدول.

وما خفيَ أعظم. ولعنة الله على حبِّ الشهرة والمال والسلطة.

وقبل أن أنهي (نَعْيي) هذا، أودُّ أن أشير إلى أنّ (في كلّ أمر استثناء) وهناك شخصيتان أودُّ التنويه بهما لِما أعرفُ عنهما من حالة تواضع اجتماعية، وصدق ثقافي، وإخلاص أدبي؛ إنّهما السّيدان: عبد الرحمان التمارة، ورشيد يحياوي.

وندائي الأخير لـ (دينصورات الأدب في المغرب): لقد بلغ بكم مركبُ نبيِّنا نوح آخر مرفأ، فانزلواْ رحمكم الله! فلقد صرتم مثل بعض رؤساء الدول العربية وأحزابها؛ لا تفكِّرون إلاّ في توريث مُلكِكم إلى زوجاتكم، وأبنائكم...

أ لم تشبعواْ مالا ، وتصويرا، وبَقراً، وتكريما، وأنتم بعيدون عن كلّ أدب؟ فاسْتحيوا رحمكم الله.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى