الاثنين ٤ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم بلقاسم بن عبد الله

ميلود حكيم .. بين الأدب والإدارة

.. وإلى أي حد يستطيع الأديب أن يوفق بين عمله الإداري الشاق وبين إنتاجه الإبداعي الشيق؟.. تساؤل مثير للجدل، صادفني هذه المرة وأنا أصافح صديقي المعزز الأديب ميلود حكيم الذي يحاول أن يجتهد في تعامله بكل أدب مع الإدارة، رغم ثقل مهامه كمدير ولائي للثقافة بتلمسان، وأحد أبرز الفاعلين ضمن تظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية.

وصاحبنا ميلود من مواليد 17 سبتمبر 1970 بتلمسان حيث زاول دراسته الإبتدائية والثانوية والجامعية، ليتحصل على ليسانس في الأدب العربي، ثم ماجستير في الأنتربولوجية برسالة عنوانها الكرامة الصوفية. تولى التعليم الجامعي بولاية الشلف مدة قصيرة، قبل أن يلتحق سنة2004 بمنصبه الجديد كمدير للثقافة بولاية تلمسان، ولا يزال كذلك دؤوبا على الفعل الثقافي في فترة خصبة عرفت إنتعاشا متواصلا ليزدهر خلال العام الحالي،مع تتويج تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية.

يحاول الدكتور ميلود حكيم أن يتحايل على الوقت ليسرق منه بعض اللحظات الهادئة ليرتوي من ينابيع الأدب، وليبدع قصائده المتميزة التي ظهرت في مجموعاته: جسد يكتب أنقاضه (1996)، إمرأة للرياح كلها (2000)، مدارج العتمة (2007)، وهي مجموعات تزين مكتبتي الخاصة،موقعة باسمه و متوجة بكلمات إهداء لطيفة ظريفة متحضرة، فهي تحية منه صادقة للنضالات الثقافية العظيمة، ولصداقة تذهب دائما في الأقاصي.

جرب ميلود حكيم حظه مع الإنتاج الأدبي بإذاعة تلمسان الجهوية فترة قصيرة منتصف التسعينيات، كما نشر عينة من كتاباته في صحف وطنية ومجلات عربية متخصصة، وقد بادر بترجمة عمل شعري للأديب الجزائري المشهور محمد ديب بعنوان فجر إسماعيل صدر منذ ثلاث سنوات ضمن منشورات البرزخ.

تربطني بصاحبي المحترم الأديب ميلود حكيم محبة صادقة وثقة متبادلة طوال عشرين سنة، منذ أن كان طالبا جامعيا حتى اليوم، حاورته وناوشته إذاعيا عدة مرات، عبر برنامج دنيا الأدب بإذاعتنا الوطنية، منتصف التسعينات، ثم في برنامج نادي المثقفين بإذاعة تلمسان الجهوية سنة 2007 وصادف أن جمعتنا معا حصة خاصة بالإذاعة الجزائرية الدولية يوم 16أفريل المنصرم حول محاورفعاليات عاصمة الثقافة الإسلامية.

يرتجل كلماته غالبا خلال إفتتاح التظاهرات بطريقة شاعرية، يتعامل مع خيوط ومسالك الإدارة بكل أدب ولطف، فالإدارة للفن قتالة كما يقولون، يحرص على تنفيذ البرنامج المسطر ولو على حساب المبادرات الثقافية، ولعل البعض من أصدقائه المقربين يلومونه على تأجيل ملتقى وطني حول الأديب المرحوم عمار بلحسن بدون ذكر سبب مانع قاهر.

أعود إلى كتبه الأدبية التي تجلس القرفصاء فوق مكتبي، لأتصفح مع القراء الكرام مجموعته الشعرية بعنوان "مدارج العتمة" ولنقرأ معا بالصوت المسموع قصيدته الأولى المهداة إلى روح الشاعر الأديب محمد ديب حيث يقول في مستهلها: هو الباب تفتحه بعد لأي. تطل على روضة كنت عاشقها. وتترك روحك في فيض. هذا البياض الفسيح. ملائكة يسكنون مداك. وهدوء قريب من الصمت. ترشفه بحنين قديم. وتخطو إلى مدخل غامض. فاتحا أفق الخضرة المخملية. تنشد لحنا فريدا لتصحو شخوص. تعود من الكتب الدنيوية...

أطوي صفحات المجموعة الشعرية لأضعها إلى جانب أخواتها، أترك القلم جانبا إلى حين، بينما يرفع التساؤل رأسه ليصافحني ويواجهكم من جديد.. وإلى أي حد يستطيع الأديب أن يوفق بين عمله الإداري الشاق وبين إنتاجه الإبداعي الشيق؟..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى