الاثنين ٤ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم مريم الهادي

الرجوع

استيقظت على لسعة الماضي السحيق.. النشاط ينبثق من حنايا الذات مغردا تارة ومزمجرا أخرى.. مشاعر متناقضة، متمازجة.. متعانقة.. متدابرة..! ها قد جاء اليوم الذي انتظرته طويلا.. حلمت به كثيرا.. أبحرت في نوره الخافت.. أخيرا سأعود وأراك يا أغلى الذكريات، يأجمل الجنبات، ياأعبق الأحلام.. سأعود يا زاد الأيام، سأعود لأغتسل من نبع الآمال، سأعود لأسرح جدايل الأيام.. كان الفراق قدرا؛ وكان الرجوع حتما..

ما أجمل انتظار الأحباب.. الترقب.. التلصص.. ابتسامة العينين.. رجفة الفؤاد.. رقص الأنفاس.. أجمع حاجياتي القليلة كأسرع ما يكون، وانطلق مادةً بصري عبر المساحات الممتدة لعلي أجد شيئا من رفيق طفولتي، يُسكن من القشعريرة التي تعم الجسد، ويُهدئ من الأنفاس، ويُطلق أسود الذكريات الغاضبة.. تمضي اللحظات كالدروب الموغلة في الجفاف.. أخيرا رأيته.. نعم.. والله.. رأيته.. لم يكن وهما.. أو خيالا.. يا آلهي حقيقةً، واقعاً يُشاهد.. إنه قائم بشموخ كما عهدته، لم تُحني ظهره الأيام.. لم تنهكه الآلام.. مكانه.. تعود بي الذكريات ركضا إلى الماضي؛ الأيام التي جمعتنا.. أمسح عيني بكلتا يدي لعلي أزيل الغلالة التي كسرت الرؤية ! غرست فيها الضباب، لأتأكد إني فعلا أقف أمامه، تأخذني الأشواق والمشاعر المتضاربة في لججها مشرقةً مغربةً.. لا أدري كم مر من الوقت على ذلك.. ها أنا أخيرا ألجك أبحث في زواياك عما فقدته من بهجة الأيام، صفاء الأحلام، نقاء الوجدان.. الابتسامة الندية البريئة..! في كل زاوية، في كل ركن، على كل جدار هناك مئات الأحداث.. !

عاد الطفل الشريد إلى حضن أمه الرءوم.. نعم.. أقولها بأعلى ما يمكن أن يمدها صوتي، لعل كل غافل يستيقظ ! يرى روعة اللقاء، يرى انحناء الوجود أمام مشهد العواطف ! يرى الابتسامة حين تعود للوجوه المتحجرة.. نعم عدت إليك يا منزل طفولتي..! مثخنا محملا بالسنين، في يميني شهادة تملكك.. في عيني أنهار.. في شفتي بركان.. في فؤادي شعاب وهضاب..!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى