الاثنين ١١ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم أوس داوود يعقوب

الفنان فاتح المدرّس .. ظل الغياب

غنية هي عوالم الفنان التشكيلي والقاص والشاعر الراحل فاتح المدرّس (1922م ـ 1999م) .. فبين الشعر والقصة والرسم والموسيقى، تكثفت مسيرته كفيلسوف عميق، ولا شك أن تلخيص تجربة (المدرّس) الإنسانية والإبداعية ضرب من المستحيل. ليس لأنه أبرز التشكيليين السوريين في القرن العشرين، وأول مؤسسي التجريد في بلادنا، ومن أبرز رموز الحداثة في الفن التشكيلي العربي، وإنما لأنه فنانٌ له تجربته الفنية وتمرده وعبقريته في كتاباته القصصية والشعرية والنقدية ونتاجه الفني. فنانٌ عاش معنا وعايش همومنا، وشاهَدَنا بطريقته، وصوَرَنا بأسلوبه، وَوَثَّقنا بأعماله، وتهكَّمَ علينا بألوانه وأشكاله ورموزه، وغادَرَنا شامخاً مبتسماً.

بين الشعر والفن التشكلي من العلاقة العميقة ما يتيح الزعم بأن في الأفق الثقافي العربي ما يمكن أن يصقل الحيوية ويبلورها في حقل إبداعي واحد، بحيث يساعدان على تجاوز العديد من الإشكاليات التي لا يزال يجابهها الفنان والشاعر بدرجات متفاوتة من المعرفة والموهبة وما لا يخفى من التردد أمام إلحاح المغامرة في الجانبين.

فبين ريشة (المدرّس) وألوانه وخطوطه وبين العالم كلام يتجاوز مفهوم البلاغة اللسانية. ولا شك أنه كلما تألق الكلام بين الفنان وبين ألوانه وأدواته، كلما أصبح الكلام بين العمل الفني والمشاهد لغة تضاهي فصاحة الشعر أحياناً.

لقد كتب (المدرّس) القصة والشعر، وحاول أن يمارس تقنية اللون على الكلمات، مستفيداً من عفويته وواقعيته في حرفية النص الأدبي، حيث الطبيعة والأسطورة ترافقانه على الدوام.

بدأ (فاتح) في أربعينيات القرن الماضي فناناً سريالياً، يشرح كل لوحة من أعماله بتعليق فلسفي أو أدبي، وهنا برز الجانب الأدبي في شخصيته المتوازنة مع الجانب الفني. استمد ألوانه من حقول الشمال في حلب، وحظيت القرية والبيت العتيق على مكانة متقدمة في أعماله، فظهرت شديدة الاتصال بالطبيعة على اختلاف ألوانها الفطرية.

وبعد أن ذهب إلى روما، أخذ اتجاهاً آخر ساير فيه المدارس الرمزية الأوروبية بشكل خاص، لأن هذه الفترة كانت فترة مد كبير جداً للرمزية في ايطاليا وفرنسا.‏‏‏

بعد عودته من ايطاليا في وقت متأخر من 1950، تخلى (فاتح) عن أسلوب الصيغ التقليدية السائدة في سوريا وبدأ خلق المفردات اللغوية الخاصة به حيث تم إقتباسها من الفنون البدائية والقديمة لبلاده. في واقع تعبيري يختلط بلغة الخيال. أبطاله مأخوذة من كل من العصر الحاضر ومن الحضارات القديمة، وخصوصاً من الفلاحين والشخصيات الأسطورية. كما كان من أوائل صناع التماثيل و الأيقونات المسيحية. وأستعان بهذه التيمات في إثراء أعماله وأستعان بحيوية الألوان الدافئة وقام بتنفيذها بطرق متنوعة، وأحياناً يقوم بتكثيف للتيمات والألوان داخل أعماله مع تطبيق الطلاء وخدوش في بعض الأحيان، أو منقر، أو مع إضافة الرمال. وفي كثير من الأحيان استخدم مجموعة معينة من الألوان، مثل الحمراء والسوداء والبيضاء.

ومنذ الخمسينيات، وتحديداً بعدما ربحت لوحته الرائعة «كفر جنّة» القرية المستلقية على جبال الشمال بألوانها العجيبة غير المألوفة، وبالنبض الحي لصخورها البنفسجية الهادئة والحمراء الحارة، أحس الجميع أنَّ عهداً جديداً في الرسم السوري قد بدأ.

ولقد تميزت جميع لوحات (فاتح) بشيء من الشجن وبحس مأساوي، وهذا الشجن ينقل صورة عن طفولته المعذبة وفترة مراهقته المسحوقة والصعبة والتي كان فيها محتاجاً فعلاً.
وكانت الأرض التي عاش عليها وعاشها، ولا تزال وستبقى مصدراً من مصادر إلهامه الكثيرة؛ هي والذين يعيشون عليها، « يبدأ الرسم بمحبة الأرض ومن عليها » ـ كما يقول في مذكرات لم تنشرـ .. أرض الشمال هذه التي احتضنت طفولته وشبابه الأول، صارت بعداً من أبعاد شخصيته، يرتاح إلى ألوانها، صخورها، رياحينها، هي وكل بقعة من بقاع سورية تشبهها، أما أهلها «الوجه الثاني للعالم الخارجي» فتصوراتهم مشكلاتهم، والآلام التي زرعتها في نفوسنا كلنا معاركنا الخاسرة، وهي هَم حياته الأول والأخير، فلوحات النزوح والمقاومة، كما سنرى، والدمار الذي خلفته في ديارنا ونفوسنا معارك فلسطين والحرب الأهلية في لبنان، تحتل لدى (فاتح) حيزاً يكاد يضاهي الحيز للأرض ويزيد، فآخر لوحة وضعها على ما أعلم كانت بعنوان «خُلِقوا ليُصلَبوا».

أضف الوجه الثالث وهو رحلاته المستمرة إلى أوروبا وأمريكا وغيرهما، طالباً وفناناً صار عالمياً، فهو دوماً بحاجة إلى صور وأحاسيس ورؤى تُجدد رصيده منها وتزيده ثراءً، والفنان، كما يقول شاهد على عصره: « يستمد منه، ويضيف إليه، وإلى التراث الإنساني، أحساسيس جديدة».

وفي لوحات (المدرّس) اتحدت صورة الأم والأرض، في لون واحد«بني عسلي، لون الشمال، القلمون وأغلب مناطق سورية». وفي كل منهما «الأم والأرض» يبدع ذاته فيجسد الخصب الذي لا حد يحده الأم هي الأرض وغيرها، تفيض عنها فائض الإنسان عن الموجودات التي هو راعيها، وجه نبيل، وقور، مشرق، نوراني، معطاء، يبعث في النفس الهدوء والطمأنينة، «في عصر القلق المعمم»، وبالإنسان «في عالم يدوس الإنسان» تفتح يديها، توجه عينيها نحو السماء، تطلب وتشكر، تعرف أن طلبها لن يرد، وبالفعل فمواسم الخير حولها، رمزها شجرة الزيتون المقدسة المنتشرة في كل مكان، فلن تكف عن الشكر، وتكاد تكون «سيدة جبل الزيتون 1986»، والدة الفنان ذاتها في لقطة أخرى..

وقد عرف (المدرّس) بمواقف حاسمة وواضحة تجاه القضايا الكبرى، التي لم يبتعد عنها أبداً، فالأرض والحرية وفلسطين تلازمه دائماً، وخيار الشعوب في المقاومة رغم كل الانهيار واليأس، خيار بشّر به وراهن على ديمومته وانتصاره.. غضب كثيراً من محمود درويش بعد أن اعتزل مدّة في باريس وقال: « هذا الشاعر الجيد لم يعد جيداً بعد أن غادر فلسطين، لأنه خسر المادة التي تروي نبتة شعره، إنه اليوم شجرة عطشى في باريس».

ولقد آمن (فاتح) بالكفاح المسلح طريقاً للعودة، أعلن ذلك وبشر بالعودة إلى الوطن المغتصب «المسيح يعود إلى الناصرة 1980»، قاصداً بذلك عودة الفلسطيني ومعه السلام إلى أرض آبائه وأجداده.

وقد كانت روحه تضج بالمواقف الوطنية، تساءل مرة في قصر « الاونيسكو » في بيروت وهو يتحدث عن معاناته تجاه الوطن والفن عبر معالم كلمات وجودية حملت أكثر من معنى معطى ومفهوم وقضية: « كلنا أخلاقيون، ونزرع أزهار المحبة والرحمة، ونكتب الشعر ونعزف على ناي الأخلاق، ولكن ماذا سنفعل لو وقفنا جميعاً تشكيليين وشعراء وموسيقيين أمام مقبرة جماعية تحوي آلاف جثث البشر الذين قتلوا رشاً ودراكاً أمام بعضهم بعضاً؟ هل سنرسم زهرة في إناء؟ هل نرسم حبيبين في حالة عناق؟ هل سنرسم السماء الزرقاء الرائعة؟».

وكما رسم (فاتح) لفلسطين والثورة والمقاومة الفلسطينية، رسم أيضاً لبيروت التي تحترق 1986، ولبنان الذي تركزت صورته المقاومة في يدين اثنتين مشدودتين كل منهما على سلاحها ووجوه قررت الصمود حتى الموت أو النصر، « لبنان ـ المقاومة 1978 »... ثمة « للنزوح والمقاومة في الجنوب 1968 »، لوحة هائلة شخصها أشبه شيء بعمالقة، أطوالهم متفاوتة، رؤوسهم مغطاة بتيجان المولوية، خطاهم وئيدة، يتحركون كأصنام: لن يبدلوا خط سيرهم مهما كلف الأمر، أمامهم رأس شهيد وضع على خشبة، وفي أعلى مستوى ثانٍ، دقيق العرض، سماؤه زرقاء صافية، وفيه ما يشبه البيوت، خلفوها وراءهم وإليها يعودون...
يؤكد (المدرّس) أنه رأى هذه الوجوه كلها، ونستطيع التأكيد أنه عاشها، عاش مأساة كل منها في جسده، رؤى جمعها في واحدة منها دفع فيها إلى أبعد حد يمكن أن تدفع إليه، هي «المسيح يصل من جديد 1980» التي كشفت عن معناها الذي هو الفداء.

وحين سأله ذات مرة أحد رواد معرض عالمي في « سيئول » عام 1986: إنه لم يفهم سر ابتسامة سيدة في السائل الأزرق، المعبر عنها في لوحة « بيروت في ليل الحرب الأهلية » لم يجب (المدرّس) مباشرة، لكنه قال فيما بعد عن تلك اللحظة: « بعض الوجوه ولدت خرساء ثبتت على جدار الليل في الحرب الأهلية اللبنانية... والإنسان فنان رامز، حيث تظهر بعض الوحوش الآلية في أعمالي ».

ولقد كان (المدرّس) في الجانب الآخر من روحه الإنسانية يرى أن العرب حرموا نتيجة لتراكم أطنان الألم والقهر، من لغتهم بعد أن أفرغت الكلمة من محتواها مثل: ( شرف، شجاعة، كرم، عدالة، ديمقراطية، رجولة) حيث أصبحت لهذه الكلمات معان أخرى، وكان يدعو دوماً لمتابعة السياسات الأمريكية والأوروبية، كيف تعالج القتل المجاني، الجماعي؟ وهي موطن الفلسفة والعلوم والآداب والموسيقى وحقوق الحيوان وحقوق الإنسان وتعرية غابات فيتنام بقنابل لا يتقن صنعها إلا ذلك القاتل في قلب ذلك الملاك!.

 مبدع متعدد المواهب

ولد (المدرّس) في قرية في شمال سورية اسمها « حربكة » من أعمال حلب، ودرس المرحلة الابتدائية في قرية « غوين » ثم في حلب، ودرس في عاليه في لبنان، ولم تسعفه إمكاناته المادية في إتمام دراسته، بعد أن تخلت عنه أسرته، لذلك عاش على ما يرسم في تلك الفترة، وكانت مناظر صغيرة على الكرتون، ثم يبيعها، وكان يعلم ساعات لغة انكليزية ..
عن مرحلة الطفولة وبدايات تعرفه على عالم الرسم والألوان يقول (فاتح): « بداية تعرفي على الأشكال المحيطة بي كانت رائعة، لأنني عشت طفولتي في ريف الشمال. أن هذا المكسب التجريبي في طفولتي كان الزاد الذي لا ينتهي للغد. وعندما بدأت أرسم كنت كأي طفل عربي سوري يرسم ليقابل بالمعارضة من أهله، وعندما بدأت اقترب من المرحلة الثانوية كان أهلي أيضاً من أصعب الحواجز التي تقف أمامي: « لا ترسم. لا تعزف الموسيقى ». كنت أرى أنهما من خير ما تتفاعل به النفس... كان عمري آنذاك تسع سنوات، وعندما أصبحت في الثانوية قيضت لنا الأقدار أستاذ تخرج من أكاديمية روما هو الأستاذ (غالب سالم) فجعل يحببنا أكثر بالرسم ويقول لنا: انك لو رسمت ورقة شجر جيدة لعلمت لتوك كم تعبت بها الطبيعة أو الإله حتى جعلها بهذا اللون وهذا الشكل الجميل، وبدأ يعلمنا الأسس الأولية في اللون وجمالية الخط الإنساني على الورق وكيف أن الإنسان يستطيع أن يترك أثراً على الأحجار والعمارة والرسم، وأن كل هذا من تراثه الحضاري، ثم مرض أستاذنا وذهب إلى المصح، فجاءنا رسام آخر يساويه أهمية هو المهندس (وهبي الحريري) فعلمنا الأناقة في الرسم وكيف يجب أن ننظر إلى الأشياء باحترام وأن نجاريها بشكل يتناسب ونظام الكون الدقيق. نعم لقد كانت فرصة عظيمة إذ تعلمت على أيدي أساتذة خبراء. ثم سرت قدماً ارسم وأكتب واعزف الموسيقى وأمارس الرياضة الصعبة، وكانت حياتي في الثانوية مليئة بكل دقائقها وثوانيها، وكان الرسم وحده الذي يقف أمام عيني، على أن الأشكال يمكن أن تتطور إلى أحسن، لكن أهلي ظلوا هم وحدهم الجدار بيني وبين كل شيء جميل، ماعدا أمي وهي من الريف. لقد كانت تنظر إلي من تحت اللحاف في الشتاء وكيف ارسم على ضوء الشمعة كيلا أوقظ أخي الصغير. ومرة رسمت والدي من الذاكرة وكنت لا اعرفه لأنه قتل وعمري أقل من سنتين، فجاءت عمتي في اليوم الثاني ومزقت الصورة، ومرة رسمت عارية نقلتها من قاموس (اللاروس) فجاءت ابنة عمتي وعضت على شفتها وركضت تنادي أمها ـ عمتي ـ فجاءت وعلى رأسها غطاء الصلاة وكشفت عن اللوحة ـ كنت أخفيها وراء الستارة ـ ومزقتها... في تلك اللحظة شعرت أنني انتصرت وأني يجب أن أرسم كثيراً ».

بعد ذلك أتيح له أن يدرس التصوير في أكاديمية الفنون الجميلة في روما، ويعود بعد التخرج في عام 1957م (مع نشوء المعهد العالي للفنون الجميلة في عام 1960م) إلى دمشق، وكانت فرصة لـ(فاتح) أن يدخل إلى كلية الفنون الجميلة، التي تحولت من معهد عال إلى كلية عام 1963م، عندها أصبح أستاذاً مساعداً في قسم التصوير ثم التحق بالمدرسة العليا للفنون في باريس وحاز على الدراسات العليا بالتصوير.‏‏‏ حصل على الدكتوراه ثم الشهادة الثانوية‏‏‏ «البكالوريا» !!. ـ الطريف بالأمر أن (المدرّس) «نال شهادة البكالوريا بعد الدكتوراه» ـ فنتيجة انقطاعه عن الدراسة اضطر أن يتقدم للثانوية سنة 1967م وحصل عليها بعد أن حصل على شهادة الدكتوراه، وبقي لآخر حياته في مرتبة وظيفية قليلة، وهذا الهم الذي كان يلاحقه باستمرار لينتج الكثير، لذلك فهو يتميز بين الفنانين السوريين والعرب بأنه أكثرهم غزارة.
يذكر الفنان والناقد التشكيلي الدكتور عبد العزيز علون، أن (فاتح) في هذه المرحلة من شبابه كان يتميز بطاقة هائلة على العمل الفني مع ما يعانيه من مشاكل مالية باعتبار أن والده توفي وهو صغير.‏‏‏

بين عامي (1981م ـ 1991م) تولى (فاتح) منصب نقيب الفنون التشكيلية.
‏‏‏وقد خلّف لنا (المدرّس) بالإضافة إلى اللوحات، عدداً كبيرا من الكتابات، فهو القاص الجميل، صاحب مجموعة رائعة من القصص القصيرة، التي قدم فيها علاقة بين أسلوب الأديب وكلمة الأديب المرصوفة في مكانها بشكل جميل وبين اللون والحس الفني الذي يشعر فيه المصور، لأنه سعى للدمج بين التصوير وبين الأدب. وشارك (المدرّس) عام 1962م مع محمود دعدوش وعبد العزيز علون بنشر أول بيان فني للفلسفة الجمالية عن الفن العربي.

ومن أبرز مؤلفات (المدرّس)، نذكر: دراسات في النقد الفني المعاصر، (دراسة) حلب 1954م. وتاريخ الفنون في اليمن قبل الميلاد ـ (دراسة). ومجموعة محاضرات عن فلسفة الفنون ونظرياته عام (600 ق. م). و أعمال تشكيليه ودراسة لفاتح المدرّس، مع دراسة عن الكلمة. الصورة. دمشق ـ باريس (بالتعاون مع معهد العالم العربي باريس) 1994م. وله مجموعة قصصية، بعنوان: « عود النعنع »، دمشق ـ 1985م. وفي سنة 1962م صدر له ديوان شعر بعنوان: « القمر الشرقي على شاطئ الغرب »، بالاشتراك مع شريف خزندار- (بالعربية والفرنسية). في سنة 1985م صدر له ديوان« الزمن الشيء »، بالاشتراك مع الشاعر حسين راجي.

 علامة فارقة في تاريخ الفن الحديث والبلد

اختزل(المدرّس) حقبةً طويلةً من التجربة اللونية والثقافية حتى أصبح علامة فارقة في الفن الحديث، ذلك أن الرجل رسم التاريخ.. وتمسّك بالجغرافيا.. مكوّناً حالة نادرة من الفرادة والتميز تستحق الوقوف والتأمل طويلاً، فسعادة المشاهدة والحيوية الروحية التي نجنيها، من أعماله نادراً ما نقبض عليها في هذا الوقت.. ونتيجة لمّا قدمه (فاتح) في رحلة العطاء والإبداع فقد نال الكثير من الجوائز التقديرية المحلية والعالمية، منها جائزة « كرومباكر » في جامعه «كليفلاند» في «فلوريدا» في الولايات المتحدة الأميركية، والجائزة الأولى من « أكاديمية الفنون الجميلة في روما».

وابتداءً من نهاية خمسينيات وبداية ستينيات القرن الماضي اقتحم (المدرّس) العالمية بخطى واثقة، وراح يحقق حضوراً مختلفاً في المعارض التي أقامها في «ميونخ والبندقية ونيويورك وباريس»، وفي عام 1963م اقتنى الدكتور «فالتر شيل» رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية مجموعة من أعماله. والكثير من أعماله موجودة في المتحف الوطني بدمشق وفي وزارة الثقافة وفي القصر الجمهوري.

وتذكر الباحثة الأردنية سمر حمارنة أنه مرحلة دراسة (فاتح) في روما (1954ـ1960)، كانت محطة فكرية أخرى في مسيرته، حيث التقى فيها ـ صدفة ـ جان بول سارتر..، ثم زاره في المرسم وتكلما كثيراً عن الحركة الفنية في فرنسا وإيطاليا، وبقيا معاً عشرة أيام، وقد قال له سارتر قبل أن يغادر إلى فرنسا: « تعال إلى باريس وسأجعلك مشهوراً»، فقال له: «لا أستطيع.. يجب أن أعود إلى سورية».

وعن سبب عدم هجرته مع صديقه الرسام سامي برهان، الذي شد الرحال إلى أوروبا وأصبح أحد مشاهير الفن هناك، قال (المدرّس) ذات مرة لحمارنة إنه كان قد حاول أن يفعل مثله، لكنه عدل عن ذلك في اللحظة الأخيرة لأنه لا يستطيع أن يفارق شجرة التوت التي في دارهم، ولا صوت نقيق الضفادع في نهر قويق، ولا ألوان سهول الشمال، كما إنه عاجز عن اصطحاب كل تلك الأشياء معه!.

وفي أوراقه المبعثرة «دهاليز الذاكرة » كتب (فاتح): « كنتُ في الثالثة أو الرابعة من عمري.. رسمتُ كما تمشي السلحفاة المائية على الطمي بإصبعين، ثم رسمت سمكة كما أراها في النهر، وفي الحقيقة كنتُ أرسم رائحتها، رائحة النهر الجبلي البراق تحت أشعة الشمس عند السادسة صباحاً ». ولقد استطاع (المدرّس) طوال سنيّ عمره الـ 77 الحفاظ على طفولته، ولا يعلم المقربون منه هل استطاع ذلك مع سبق الإصرار أم هي إحدى ميزات العبقرية..
ولقد اختصر (المدرّس) السياسة وتلاوينها ونظرياتها بمقولات كتبها على قصاصات من الورق وعلّقها على جدران مرسمه، مؤرَّخة بزمنها كشاهد على عصره.. ورداً على سؤال طرحته حمارنة عليه حول حجم الغضب الذي في داخله أجاب : «الغضب أصبح مفهوماً وحالة سايكولوجية قديمة.. هنالك اليوم انفعالات تتجاوز الغضب.. إننا نعاني من فيروس الغضب الجماعي الصامت الذي لا يسمح بتحريك عضلة واحدة من هذا الوجه الذي بحجم التابوت الإنساني الضخم».

وعن رؤيته للتشكيل يقول (المدرّس): « واجب يبرر وجودي في هذا العصر، فأنا عربي سوري أعيش على جانب من أرض هذا الكوكب، لي تاريخي ولي حسي الجمالي بهذا التاريخ، كما أنني في أعماق شعوري أدرك واجب احترام هذا التسلسل الجمالي ونموه.. إن واجبي أصعب من واجب الإنسان الأوروبي، فهو لم ينقطع عن التسلسل التاريخي في بنائه المعاصر، بينما التفت أنا إلى الوراء لأرى حلقاته مفقودة من النشاط الفني في تاريخ بلادي ».

ومن أقواله أيضاً:

 «بكل بساطة أنا رسام سوري عربي حديث، أرفض الأخذ بالمفاهيم المستوردة أو مسبقة الصنع.. بكل بساطة أنا شاهد على جمال الأرض والإنسان، كما أنا شاهد على أحزان عصري».

 «إنني مواطن يشعر بمسؤولية البناء مع كل دقة من قلبي، وغرامي بالفنون يمثل وجودي.. الفن يجعل الحياة محتملة ويعطر الوجود بعطر إنساني دائم الإثارة».

 «ثبت لي من خلال الرسم والكتابة أن أصدق الصور وأدقها هي التي تُرسَم بريشة طفل، ليس لكونه بدائياً، إنما بوصفه متكاملاً، يحمل الغد القادم.. إن أجمل أعمالي هي التي تحمل ملاحظات طفولتي وانطباعاتي».

 «أرسم من الذاكرة، والذاكرة تُقَرِّب البعيد، وتُبْعِد القريب، ففيها، للون ثقله، وللحزن وزنه..».

 «أرسم لأُدرِك من أنا »، ويضيف في موقع آخر: « أرسم لأتعرف إلى الموجودات، فالفنان لا يكرر ولا يقلد بل يُنشئ، إنشاؤه عالم مبتكر بموجوداته وإيحاءاته وصوره، هو غير العالم الذي يعيش فيه وإياه، أو هو في الوقت ذاته شخصي، وإقليمي، وقومي وإنساني».

 «إن الصورة التي تفرض ذاتها عليَّ ـ وهي في الحقيقة رؤية ـ تستحيل في كياني إلى حالات غريزية ـ حيوانية ـ، وفي اللوحة بقعاً متعددة الألوان، والأشكال، قد لا تمت بصلة إلى الحدث الذي أملاه ولا إلى الفكرة التي استدعتها».

 « تظل اللبنة الرئيسية أن نبني الحس الجمالي وننبه إلى جمال الأرض لندحض الشر في العالم.. من يمتلك الجمال يمتلك الإنسانية.. الجمال دعوة للحرية، للديمقراطية، للمحبة".».

 «إن آخر ما يموت في غابة الدهشة هو اللون».

 المدرّس قاصاً وشاعراً.. وقصائد كانت منسية

تقول سمر حمارنة عن (المدرّس قاصاً)، من خلال مجموعته القصصية «عود النعناع»: «هل يستطيع القلم أن يكون ريشة تلوّن الكلمات المكتوبة، والورقة قماشة تحتضن مسرحاً تتحرك عليه أرواح إنسانية موجعة تتصارع مع ذواتها وفضاءاتها؟»، لتؤكد أن (المدرّس) فعل ذلك كثيراً في مجموعته «عود النعناع».. وكما ريشة فاتح المدرّس ترسم الوجوه بلا تفاصيل، تبيّن حمارنة أن «قلمه يحرّك شخصيات بلا ملامح في قصصه»، مستخدماً تقنية الظلال لإبراز حجم همومها كما في قصة «النهر » في حين رسم بالكلمات لوحات انطباعية كما في قصة «الطفلة الحدباء والجعران»: «جبال وردية تصبغ وجوه الفلاحين بطيف بنفسجي كما تلوّن أجساد النساء بلون أوراق الورد.. في الصيف تأخذ الأرض والجبال لوناً شمعياً شفافاً كأنها مضاءة من الداخل.. عليك أن تقف خاشعاً أمام جلالها.. إنه القلمون المليء بالأسرار»..
وعن ( المدرّس شاعراً) تذكر المصادر أن أول قصيدة شعرية نشرت له في مجلة «القيثارة»، الصادرة في اللاذقية عام 1946 وكانت بعنوان «الأميرة»، وترى حمارنة «إن بعضاً من شعر (المدرّس) يعكس عالمه الفلسفي، فدقة استخدامه للكلمة هي تعبير عن فلسفة عميقة وترجمة فكرية لحياة مادية ما». وتهدف أشعار (فاتح) إلى التحرر من القيم التقليدية للجمال.. موقع «جهة الشعر» الذي يرأس تحريره الشاعر البحريني قاسم حداد، نشر لـ (المدرّس) مجموعة من قصائد كانت منسية، نقدمها هنا لمريدّي شاعرنا التشكيلي الكبير..

أن تذعن في القتل والقبول،
أنت أيضاً، المسيح بلا مقاومة،
تضحكني كلي بناموس مقدس مصون
التوقيع: قيصر.
نعماً للعبد والسيد ... في المطهر
في مجاري الطريقة، والجريمة والحنث
ستمتلك القوة على التحمل،
مثلاً
أنا
في هذا السقام المتسارع
كسريان الغروب في العين الباكية
في تفاوت الأزمان
في التجربة والآخرين
انظر! الآن! كيف يهتز الخزي كبيرق
في الرؤية. أنت في مهمة باسم البشر
التوقيع: جلاد.
يا محور النهار، وخاتم الليل،
ويا لحم التاريخ،
في المكان الوهم.
في معناك الواسع أركع:
أنا الإله الميت
أنا الميت الإله
أنا الميت الميت
أنا
بين التظاهر والتنفيذ،
يرتفع حد المقصلة
لقد أرادوا له الشعر والآلهة،
في الهجوم والتغاضي
عاجلاً أم آجلاً سيرتفع حد الشفرة
ثلاثة أمتار
وستهوي الشفرة بتناقض آخر...
هدهدة سرير طفل.
بلا رأس
أيها الوريث الرومانسي الضخم
الكبير والضخم والوحيد
الوحيد والمستنبط للأسى
انظر أسراب الشعراء حول الوهج
كم مرة ستحترق جاندارك؟
كم مرة سيقف الجلاد بقدم واحدة
أيها الخير العظيم!!
العظيم والضخم!!!
في الصورة الخاطفة
في العاصفة
في الفخ!!
أيها المتمرد ضد حدود العالم
تعال تعال لقد سادت النتيجة
قابيل يحكم طريق العقل.
أرني هويتك!
1 – حزين كاللؤلؤة
حزين ومضيء ولؤلؤة
تجنحت بريش الإوز العراقي
هيا تدحرج أنت أيضاً
مخموراً بالدناءة،
ب – وحزين كالكواكب
بلا فكر وحزين
تتفوق على ذاتك؟
سنحريب يراقص دليله،
ويسوع العظيم... يعجن الخبز المرجع
تفضلوا!!
ثابت الجنان
معطر بالاتهام
ممتثل بمهر الموت
كحكمة الدولة النهائية
لماذا ابتدعت نفسك أيها القرد؟
أيها القرد التعيس
* * *
أيها الجميل وراء حدود الظن
المتمرد على جميع الأقمار والأرغفة
واللحم المعطر...
ما هو برنامجك اليوم
أناشيد وابتهالات.
لجميع الموتى؟
انظر لو انتفض المشنوق
وأنزل!!
* * *
وجهك الذي أحب
اختلط بالمجرات البعيدة ومضى
إني أقبل حزني
قاتل ومقبول وحزن
* * *
ونختار من ديوانه «الزمن الشيء»:
« أن تعانق الشموس بعضها
فيتناثر النار والضياء
في رحاب الكون.
كل هذا الدمار
من أجل قبلة!»
« يبدو لي أننا في حياتنا
نبحث عن الخطأ،
نمارس الخطأ.
إنها لذة النهايات التافهة.
ما هذا العبث الكوني المسكين؟!»
«نحن في بابل
وجلود الأسرى تزين
قصر بعل
والكلام من حق الكهنة
الحيوان لا يحق له الكلام.
إذنْ أنا حيوان».

 شهادات عن كائن شمولي.. تألم كمسيح

 «إنِّ الفن عند فاتح المدرّس يمثّل حالة أرق دائم مثلما الكتابة».
محمد جمعة حمادة

 «الذين يعرفون فاتح المدرّس يعرفون أنه، لشدة ما قدس الحياة، آلمته الحياة. ولشدّة ما تألم، تألم كمسيح، لكن دون أن يأمل بيوم ثالث يقوم فيه، تألم لحساب أن تخلد قيمة الجمال ويعلو شأن الروح، لأنه بفطرة الحكيم البدائي، استطاع أن يميز بين العدالة وبين الطنين الزائف للشعار الخبيث، وبالتالي عرف كيف يعثر على إجابات الأسئلة الكبيرة، دون لجوء إلى القواميس».
نزيه أبو عفش

 «المدرّس شخصية ثقافية كبيرة عالية الأهمية، ليس فقط على صعيد التشكيل بل على أصعدة ثقافية متعددة ومتنوعة كالأدب والموسيقا والفلسفة ـ فلسفة اللون والضوء».
محمد ملص

 «المدرّس فنان كبير يستحق التكريم كونه أكثر من مجرد مصور ورسام فقد أنجز الكثير على صعيد جغرافيا الفن».
مصطفى علي

 «كان (المدرّس) رمزاً، وكان يمتلك حالة من القدسية بالنسبة لطلاب كليّة الفنون الجميلة آنذاك، فكان أكثر من كونه مجرّد أستاذ، وهو الذي أعطى للفن السوري هويته الحقيقية، وقد اختصر في ذاته روح الفن السوري وكل مفهوم التجديد.. إن ميزته أنه لم يكن يحكي عن المصادر الأساسية لإبداعه التشكيلي، خاصة وأن ثقافته البصرية كانت الأبرز في لوحاته التي تبدو فيها التلقائية والعفوية».

سعد القاسم

 «كان (المدرّس) يردد أن الهوية لا تُعطى وإنما تُصنَع صنعاً، وأن المعارف الكثيرة تفقد الذات، والمطلوب مكنسة سحرية لإزالة كل أسباب المعرفة لإيجاد الهوية التي كانت أساساً لمعرفته.. وقد بدأ بالاشتغال على سطح ثنائي الأبعاد، وهو بذلك ألغى مفهوم المنظور، وبالتالي ألغى الزمن والمسافة لصالح المكان، وقد أصبح الشكل والمكان أمراً واحداً لا فرق بينهما، حيث الشكل منسجم ومتفاعل مع المكان».
ادوار شهدا

 « فاتح المدرّس، كائن شمولي، فقد كان قاصّاً وشاعراً وفيلسوفاً ورسّاماً، وهو ذو أسلوب ساخر عميق (الكوميديا السوداء) في القصّ، والذي تلوّن بألوانه كلوحاته التي رسمها، أما (المدرّس، الشاعر) فقد أسس لما يُسمى باللوحة التي تتضمّن شعراً والتي اعتمدها فنانون كبار فيما بعد مثل (عمر حمدي، ويوسف عبدلكي)».

عبد الهادي شماع

 «إن النتاج الفني الملتزم لفاتح المدرّس وغيره من الرواد قد عبر عن شخصية فنية قوية مستقلة محلية مرنة ومنفتحة على سائر الثقافات ومعترفة بالتبادل بينها ومحترمة للاختلاف معها، مما يجعلنا لا نتردد في اعتبار ذلك النتاج أكثر حضارية وتطوراً ورقياً من الفلسفة الجمالية المدعية لتلك القيم ظاهرياً والقائمة حقيقة على الإقصاء لثقافات الغير».

بولس سركو

 «إن رسماًً كهذا مهما كان فنياً فهو متميز بتفوقه، باتزانه، ليس هو بلعبة في النهاية، ولا بالتجريدي بالمعنى العصري للكلمة، هو أكثر من هذا وذلك، هو الشعر. أي ما يولد بفضل الفن في كل لحظة تحت أنظارنا هو ما لا يهرم أبداً، هو ما يمثل أبداً الولادة والموت. وهذه الألوان المتدفقة من أقدم العصور والمثقلة بالتاريخ الفردي والجماعي، السابحة في شكل موسيقي تظهر وكأنها على وشك الغرق وهي مع ذلك تطفو أبداً على وجه اللجيج».

فرناند روبيون

في 28 حزيران سنة 1999م رحل (المدرّس)، ولكن أعماله الفنية وآثاره الأدبية باقية بيننا، كبقاء روحه التي تلامس هواجس الوطن، والتي طالما عبرت عن صدقها بالمواقف لا في الأقوال.
..................................................................

حوارٌ فاتنٌ بين صديقين عملاقين حول التشكيل والشعر

بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل (المدرس)، صدر كتاب بعنوان «حوار: فاتح وأدونيس»، وهو عبارة عن توثيق لحوار جرى على مدى أربعة أيام في «غاليري أتاسي» بدمشق عام 1998، بين الفنان والشاعر الراحل فاتح المدرس والشاعر الكبير أدونيس، وقد تضمن الكتاب مجموعة من لوحات (المدرس).

في استهلال الكتاب يذكر أدونيس: «كان كلانا يحاول أن يصنع من اللاشيء شيئاً: من القشرة لُباً، ومن الترابِ ورداً، عاملاً على أن يجعلَ من فنه شكلاً لحياته. هكذا كان نتاجُ كلَينا بمثابة مسرح لعُري الحياة وبهائها، في ما وراء ثيابها الممزّقة، وجسدها المليء بالجراح». ويتابع أدونيس: «فاتح المدرس ينبوعُ شغف وافتتانٍ تلتطمُ ضفافُه بأبعادٍ وأطرافٍ تلتطم هي نفسُها بشهواتٍ إبداعية عصيةٍ على كل ترويض أو تدجين. وكنا في هذا كله صديقين، كلما تذكرته، أتذكر ما يقوله أبو حيّان التوحيدي: الصديق آخر هو أنت».

من هذا الحوار الذي جرى بين الصديقين العملاقين (المدرس وأدونيس)، نقتطف بعضاً من هذا الحوار الغني والمختص بالتشكيل والشعر، ومنه يستنبط القارئ طريقةَ (المدرس) في فهمه وأسلوبه بالتعامل مع اللوحة..

أدونيس: أي لوحاتك أقرب إليك؟ وفي أية مرحلة؟

فاتح: مرحلة إيطاليا عندما كنت أحاول أن أتلمس بعض المعالم لإيجاد فن سوري. كانت مرحلة جيدة، كانت الأساس. وطبعاً هذا الأساس كان له سوابق في مدينة حلب. أما أجمل المراحل الصافية فكانت باللون الأبيض مع بعض الغرافيك البسيط، وكان هذا عندما عشت في لبنان من عام 62 إلى عام 67.

في لبنان كان يوجد التجمع الأدبي ليوسف الخال رحمه الله. هذه أجمل مرحلة، كان يوجد فيها نوع من التجلي والصدق، وكان عبارة عن جمل تشكيلية في منتهى الرهافة، ومنتهى البساطة، وكأنها آثار أقدام الطبيعة. إذا كانت الطبيعة تسير على الأرض ككلام معطى، كانت كأنها آثار أقدام الطبيعة عندما تسير على الأرض. كانت هذه أفضل مرحلة ودامت حوالي ثماني سنوات.

أدونيس: هل تحب فناناً، أم عملاً فنياً؟

فاتح: هذا سؤال صعب، لأنه يوجد العديد من الفنانين الجيدين ولكن غير أخلاقيين، ولهذا أصبح عندي نوع من الانكماش،وأصبحت أظلمهم في حكمي لأنهم لا أخلاقيين، مع أنهم جيدون في أعمالهم. لا بد من ربط الإنسان الفنان بعمله لأنه جزء منه. طبعاً هذا رأي ظالم ولكنني أؤمن به.

أدونيس: أي أن الأخلاق بالنسبة لك هي جزء أساسي من الفن؟

فاتح: الأخلاق هي سلوك مع خلايا اجتماعية. السلوك الجمالي كما أسميه. الفنانون الجميلون هم قلة وإن وجدوا فكل حركة يومون بها حتى وإن لم يرسموا هي فن. أي البحث عن الإنسان القوي النظيف.

أدونيس: جيد. إلى من تشعر بأنك أقرب: إلى فنان قوي يناقضك، أم إلى فنان ضعيف يقلدك؟
فاتح: أرفض الاثنين.

أدونيس: عزيزي فاتح، سأبدأ سؤالي الأول عن اللوحة. إذا اصطلحنا اصطلاحاً بأن للوحة موضوعاً، وسمينا هذا الموضوع شيئاً. ما هو الموضوع الذي ترسمه في هذا الشي؟

فاتح: من هذا الشيء...

أدونيس: أو فيه أو منه.

فاتح: إذا اعتبرنا أنه من الموجودات الصلدة في الطبيعة المادية أو الأشياء، وإذا اعتبرنا اصطلاحاً أو تجاوزاً أو حقيقة بأن الفكر مادة، فإن الفكر هو أيضاً شيء. نحن معشر الفنانين والأدباء والشعراء نؤمن شئنا أم أبينا بأن الفكر يُنتج مادة غير ملموسة طبعاً، ولكن الفكر يلمسها، فليست كل الأشياء تُلمس باليد أو بالحواس الخمس. الفكر له حواسه، له وسائله. فرسم شيء تراه بعينك هو في الواقع ما تراه بعين عقلك. أي لا تراه بيولوجياً، بل بفكرك. أنت تستطيع أن ترى وجه أمك الغائب بفكرك، حتى بتفاصيل لم تكن موجودة في الحياة، الخ. فسؤالك عن هذا الشيء الذي أرسمه، أنت لم تحدد فيما إذا كنت أراه بعيني أو بعين عقلي وهذا شيء جيد. بشكل أوتوماتيكي بالنسبة لي، يتناول الفكر هذا الموضوع ويثبت بعض المعالم، أو لنقل يثبت مادة الكونكريت، أو باللغة المعمارية مادة الهيكل البيتوني. طبعاً ليس هنالك هيكل بيتوني. أوتوماتيكياً، يُكون العقل شكلاً آخر، شيئاً آخر عن الذي تراه. طبعاً ليس لدى جميع الناس الوقت ليقولوا إن الذي بذهني يختلف عن الذي أراه. لا يأتيك صديق ليقول لك أنت أدونيس بذهني غير الذي أراه، مع أن أدونيس الذي بذهنه يختلف عن الذي يراه كلياً، من الممكن أن يكون هنالك شبه بمقدار 2 إلى 3% بتثبيت هذه العملية أيضاً هو بداية نشاط فكري جديد لتكوين الهيكل الذي من الممكن تكوينه أحياناً في ثانية أو ثانيتين، وأحياناً يغلق على الذهن ومن العبث البحث فيه. جدلاً، أن هنالك صحواً ونشاطاً ومحاكمات وصلت إلى المرحلة الأولى. المرحلة الثانية هي تثبيته بمادة كعنوان أو كمعمار. هنا تعمل ميكانيكية من نوع آخر حيث يدخل هنا ما يشبه المهندس. هذه المرحلة هي جدية أكثر لأنك تعكس على الورق أو القماش الشيء الذي تراه أمامك، ربما كان فلاة، سماء، طبيعة. هنا يتم تثبيته.
أدونيس: قبل أن نتكلم عن التثبيت، هذا الشيء الذي اصطلحنا على تسميته بالشيء، أو بموضوع اللوحة، حين لا تستنفذه العين، أي الرؤية، العين المجردة لا تستنفذ أي شيء مهما كان بسيطاً...

فاتح: ماذ تقصد بـ تستنفذ؟

أدونيس: أي لا تحيط به العين المجردة، فإذاً لا بد من عين أخرى مع هذه العين، هذه العين الأخرى كيف تنسجم أو تتناغم مع العين البصرية. أي يوجد بصيرة ويوجد بصر، اللغة العربية جميلة جداً بهذا المعنى.

فاتح: فعلاً إنها جميلة...

أدونيس: فإذاً البصر لا يكفي وحده ولا بد له من بصيرة لكي يحيط، نسبياً حتى، بالشيء، لأن الشيء لا يستنفذ. كيف توحد، أو ما هو الشيء الذي يصل بالنسبة لك بين البصر والبصيرة؟
فاتح: فهمت عليك تماماً. سؤالك واضح. هنالك في العالم الإنساني أشياء اسمها التحول أو الرؤية من جديد، أو التجديد. هنالك أناس مارسوا هذا النشاط، تجديد الأشكال، تحويل الأشكال. ربط الشكل الموجود، لأنه موجود ولا داعي لتثبيته مرة أخرى. نحن لا ننتج وثائق موجودة سلفاً في الطبيعة، نحن ننتج عوالم جديدة. هذه المهمة يا أستاذ أدونيس تمارسها أنت كذلك كل يوم في حياتك لأنك تكتب بلغة جديدة وصور جديدة ومشاعر ذاتية جداً تختلف عن الآخرين، وإن كان هنالك محور ضخم يرتبط بالعالم، إن كان في العالم العربي أو في العالم الخارجي الذي يضم المجموعة البشرية. فهذه المهمة، أن يكون الشيء الذي رأيته إما بعينيك أو بعينيك الأخرى، أن يأخذ شكلاً جديداً. ما هو هذا الشكل الجديد؟ ما هي قيمته، ما هي فائدته؟ ليس له أي قيمة ولا أي فائدة ولا أية أسئلة. هذه مهمة العقل الأساسية، أن يحول العالم، يحوره، يغيره، يضيف إليه شيئاً من ذاتيته إن كان يوجد شيء. ولكن يا ترى، أسأل نفسي سؤالاً، هل هنالك شيء من العبث؟ هل هنالك البحث عن الفائدة؟ نعم يبحث العقل عن فائدة العقل. ولكن يبدو أن كل هذه الأسئلة لا تعطي أجوبة. الإنسان بني هكذا، ولكن الناس يتغاضون عن هذه الحقيقة. وهم يرون الأشياء ليست على ما هي عليه إطلاقاً. وهنا ترى أيضاً المصائب التي تصيب البشرية من جراء هذه الطاقة العجيبة عند الإنسان. ترى القتل، والظلم، ترى تفسير المأساة، ترى الحبور الذي يصيب المتفرج من هذه المأساة. وهذه طبعاً إشارات تدل على وجود خلل في التكوين التصويري للتعامل مع الحياة نحن نعيش في بحر من الأخطاء، وإن إدراك أخطاء هذه الشوربة التي يسبح فيها العقل البشري يحتاج إلى رقابة شديدة العدالة، وهذا مفقود. فالعقل البشري لا يفهم العدالة، ولذا لم يفهم الجمال. إن فهم الجمال هو مشكلة كبيرة جداً. لا أزيد على ذلك لأن المجال متشعب جداً...

أدونيس: لكن حين تعطي شكلاً لأحاسيسك وشكلاً لمشاعرك وأفكارك، حين تعطي شكلاً مجسداً بألوان وبتركيب معين، أي صورة أخرى، فأنت تجدد معنى العالم بإعطائك هذا الشكل الجديد للشيء الذي ترسمه، أنت تعطي صورة جديدة للعالم الذي تعيش فيه عبر لوحتك...
فاتح: صحيح.

أدونيس: إذا كان هذا صحيحاً، فإذاً معنى العالم لا يتجدد إلا إذا تجلى في صور جديدة. ولذلك فللشكل من هذه الناحية أهمية كبيرة، لأنك لا تعرف أن ترى تجدد العالم إلا عبر أشكال، فأي معنى لا بد له من أن يتجلى في صورة.

فاتح: حسناً ما قلت. لبلوغ الاتصال بالعالم عن طريق نية التجديد وهذا ما أسميه الإبداع، يمر بمرحلة أساسية ورائعة. إن هذا الإنسان الذي يعمل في حقل الجمال أو الإبداع الفني، لا أسميه الجمال بل أسميه العمل التجديدي، هو ابن أرضه أولاً، وابن جغرافيته، وقد مرت عليه شروط هائلة وكونته. فإذا استطاع أن يتداول هذه المادة أولاً سهل عليه كثيراً الاتصال بالعالم الأبعد، أي الحلقة الثانية. مثلاً أنت سوري، لبناني، فأنت تنتج أشياءً من صلب المشاعر السورية أو اللبنانية. إذا لم تمر بهذه المرحلة الجغرافية الدقيقة، لأن هذه تفسح لك المجال للغوص في ما يسمى بمطلق الحساسية. شرط أساسي. طبعاً نحن نقول مطلق الحساسية، ولكن هل هي موجودة؟ هل هي سهلة التداول؟ هذا بحث آخر. فلكي تتكلم مع الحلقة الأبعد، مثلاً أنت تسافر إلى فرنسا أو إلى اسكندنافية أو أمريكا اللاتينية. إذاً يوجد أطياف أخرى لصيقة بشكلها الخام بالطيف الأول، أي المحيط الجغرافي الأول، البيئة. فالأشكال ثبت حتى الآن، إن كانت أدباً أو عمارة أو تشريعاً تبدأ بالبيئة الجغرافية، بدراستها بتعمق شديد وبإخلاص، ثم نستطيع أن نحاور العالم الخارجي. هذا البحث أقوله للمرة الأولى من ناحية استخدام المادة في صناعة، كلمة صناعة غير جدية في عطاء إنساني ذي قيمة. نحن بحاجة شديدة جداً للعطاء العادل، لأنه

أدونيس: جيد. الآن وعلى ضوء تاريخ الأشكال واضحة جداً، أي إذا فهمت وجهاً بشرياً وكان شكل هذا الرسم واضحاً جداً كالوجه الذي تفكر فيه أو الذي تراه أمامك. الوضوح هو ما يجعل الأفق مغلقاً أمام الوجه الذي ترسمه. أي إذا ما قارنت بين منحوتات الوجه السومري والوجه اليوناني.

فاتح: يوجد اختلاف.

أدونيس: أنا أرى من جهتي، ولا أعرف إن كنت توافقني، أن الوجه السومري لأنه غامض الملامح هو أقرب إلى عمق الوجود والحياة من الوجه اليوناني الشديد الوضوح والبارز الملامح الذي يشبه الواقع.

فاتح: هذا صحيح.

أدونيس: ما السر في أنه لكي يكون الشكل أكثر تعبيراً أو أكثر وضوحاً بمعنى ما يجب أن يكون غامضاً. غامضاً بمعنى غير محدد القسمات كما نراه في شكل الوجه اليوناني؟ إن كنت توافق على كلامي.

فاتح: أنا موافق، لكن لدي تفسيراً آخر له. عندما ترى وجهاً سومرياً بعينين كبيرتين وفيه عاج وخرز وبهذا الأنف، فإن هذا الوجه يحتوي على الكثير من الأخطاء التشريحية رغم جمال البدائية الموجودة فيه. متى جاء جمال البدائية الموجودة فيه. متى جاء جمال البدائية؟ دخل الفن الحديث في أوائل هذا القرن، ولم يكن معروفاً من قبل...

أدونيس: أي أن الفن السومري أساس الحداثة أكثر من الفن اليوناني.

فاتح: هذا هو. أي أصبح القميص...

أدونيس: الفن السومري أو الإفريقي..

فاتح: القميص الذي لم يلبسه أحد بعد رفضه من الفن اليوناني...

أدونيس: أو الروماني.

فاتح: أو الروماني. الفن اليوناني أو الروماني له مقاييس تشريحية يعتقدون أنها متكاملة، فوقعوا في شروط مسبقة الصنع. بعد عشرات القرون رفض هذا في الفن الحديث. فقالوا نحن لا نريد الصورة الموجودة في الطبيعة، لأنها موجودة سلفاً، بل نريد الصورة ذات العطاء السيكولوجي. وما هو العطاء السيكولوجي؟ أن ترسم أشياءً بعيدة عن علم التشريح؟ لا، لا أريد أن أرسم أشياء بدائية مغلوطة. لا، لكن هنالك ما يسمى بالشكل الثاني للوجه. ما هو الشكل الثاني؟ أن يكون مرسوماً بعقل غبي؟ لا، فعندما رسم بيكاسو وجوهه لم يكن غبياً. أيضاً عندما رسم النحات الآشوري وجه نبوخذ نصر لم يكن غبياً. الفنان الآشوري وضعه؟ أما بيكاسو فقد حطم الشكل الموجود، رفضه، قال لست بحاجة إليه، أنا أرسم وجوهاً تحمل الكثير من المعاني، النقد، السخرية. بنية إقفال الوجه كله. للوصول إلى تكوينات بصرية ذات تناغم أو تضاد هرموني. أي أنه فتح باباً على ساحة مجهولة. هي ليس مجهولة، نسميها ساحة الشجاعة في تغيير العالم، ولو كان ذلك على حساب التغاضي عن قيمة البراعة. البراعة يا أستاذ أدونيس في العمل الفني ليست فناً.

أدونيس: إذاَ نستطيع أن نقول إن الفنان الحقيقي حينما يرسم وجهاً أو شجرة لا يرسم الوجه المرئي أو الشجرة المرئية، وإنما يرسم وجهاً داخل هذا الوجه يراه هو، ويرسم شجرة داخل هذه الشجرة يراها هو، والذي أسميته أنت بالشكل الآخر.

فاتح: أنا فهمت مما قلته من لحظة يا أدونيس أنك تعطي تفسيرات لشعرك...

أدونيس: لأنه توجد علاقة قوية بين الشعر والرسم.

فاتح: لأنك تصف ميكانيكية شعورك. هذا صحيح. أنا كمصور موافق على هذه المقدمة. ترسم الشيء الموجود داخل الشجرة وليس الشجرة. أنا أقول ترسم الشجرة الجديدة...
أدونيس: الشيء نفسه...

فاتح: هو نفس الشيء ولكنه يدخل بين الصورة البصرية، وعندك أنت الصورة الذهنية. فحتى هنا يوجد اختلاف شديد.

أدونيس: أخبرنا عن وجوه الاختلاف.

فاتح: وجود الاختلاف ضروري بين الشاعر والرسام. فالشاعر لا يحرم الوجود من الفلسفة، ولكنه يضع فلسفته بشكل لطيف جداً. بينما الرسام يشطب على الفلسفة ويريد أن تكون كحارس لا مرئي خلف اللوحة...

أدونيس: والشعر الحقيقي يجب أن يكون هكذا.

فاتح: أنت رجل يفهم البنية الفلسفية المرهفة، ولا نقول لغة التخاطب، فأنت لا تتخاطب بلغة الناس، بل تعطي وجوهاً للتواصل. لا تعطي كلمة، ولا صوت، بل تعطي وجوهاً للاتصال، وتداولها ممكن بأي قدر بسيط من النباهة. فقضية الجمال مرفوضة آنياً في الفن أي أن كلمة الجمال مرفوضة. وكلمة الجمال هي شيء آخر، فأنت ترسم خطاً بقلم رفيع، ثم تلقي بالقلم، وتنظر إلى هذا الخط وتتساءل عن مدى الحساسية الإنسانية في هذا الخط الذي ليس له جمال ولكنه موجود.

أدونيس: أنت أيضاً، حين أرى الوجوه والتكوينات الموجودة في لوحاتك إجمالاً، هذه التكوينات مع أنها ظاهرياً تردني إلى مرجعية في الواقع، لكنني عندما أتعمق فهي تردني إلى واقع آخر داخل هذا الواقع. لا تردني إلى وجوه مرئية، ولكن تردني إلى احتمالات وجوه، إلى احتمالات تكوينات، ولكنها موجودة في الواقع. أنا لا أقرأ في لوحتك الواقع كما هو وكما نعيشه، وإنما أقرأ احتمال الواقع الأجمل والأفضل الكامن في هذا الواقع نفسه.

فاتح: شكراً لأنك تقول أجمل وأفضل، أصلاً هذا الكلام فيه الكثير من التفاؤل. فسحب مفاهيم ومشاعر جديدة من العالم السري الذي هو على بعد أمتار منا ـ ولكنه عالم جديد ـ كأنك تخترق جداراً بخفة وتنطلق إلى عالم جديد. الفكر البشري يتوق إلى هذا العالم، وبقدر ما يمتح منه الفنان أو العالم أو الأديب أو الشاعر يستطيع أن يمنح العقل البشري ذلك الحس بالأمومة، بأنه فعلاً ابن هذا الرحم الكبير السري الموجود على بعد متر منه، ولكن هنالك جدار لا نستطيع بسهولة أن نخترقه. فثمة جهد يبذله المبدع لاختراق هذا الجدار الإطلال على هذا الفراغ الذي يشبه كثيراً فراغ الكون. نحن نشبه الكون كثيراً ولا بد أن نشبه لأننا من مادة الكون. فهذا السلوك العقلي عند الإنسان أظن أنه من أنبل أنواع السلوك وهو الذي بحث عنه فيما مضى الأنبياء، نجحوا أم لم ينجحوا ليست مهمتنا نحن.. ولكنهم بحثوا عنه.

أدونيس: إذاَ نستطيع أن نقول يا أستاذ فاتح أن الرسام كالشاعر لا يرسم الشيء بحد ذاته وإنما علاقته بهذا الشيء أو يرسم دوافعه وحواسه تجاه هذا الشيء، لا يرسم الشيء، هل أنت موافق على هذا؟

فاتح: موافق.

معارض شارك بها فاتح المدرّس:

1950 نظم المعرض الأول لأعماله في نادي اللواء بحلب.

1952 شارك في معرض مركز الصداقة في (نيويورك).

المعرض الثاني لأعماله في مركز (لوند) في السويد.

1955 معرض شخصي في نيويورك ا

1957 معرض الفنانين العرب (روما)

1959 معرض شخصي في غاليري شيكي في روما اقتنى سارتر 3

1960 المعرض الثالث في صالة (هسلر) في ميونيخ بألمانيا.

الجائزة الأولى من أكاديمية الفنون الجميلة بروما.

1960 ممثل القطر العربي السوري مع زميله لؤي كيالي في بينالي البندقية

1961 معرض البندقية (جناح الجمهورية العربية المتحدة).

المعرض السادس في صالة الفن الحديث العالمي- بدمشق.

1962 المعرض السابع في صالة (غاليري ون) في بيروت.

1963 المعرض الثامن في صالة (غاليري ون) في بيروت.

شارك في بنيالي (سان باولو) في (البرازيل!)- ميدالية شرف.

المعرض المتجول لفناني الدول العربية في أمريكا اللاتينية.

معرض مشترك شتوتغارت (ألمانيا الاتحادية) أقامه الناقد الألماني الدكتور (براك- ميرو- شنيدر- زادكين- ارب- بيكاسو- بومايستر).

1964 الجناح السوري في معرض (نيويورك)

1965 المعرض السوري في بيروت (سوق سرسق)

المعرض العربي السوري في (موسكو)

المعرض العربي السوري في (واشنطن)

1967 المعرض العربي المعاصر في (لندن)

المعرض التاسع في (باريس)

كاليري كونتاكت في (بيروت)

المعرض العربي السوري في (تونس).

1968 بنيالي الإسكندرية لفناني دول البحر المتوسط

1970 معرض تحية إلى مالزو بدمشق( أديب فرنسي)

1973 معرض شخصي في مونتريال كندا.

1977 معرض الفن التشكيلي العربي السوري في (عمان).

1978 معرض الحادي عشر في بون.

1980 شارك في معرض القصر الكبير في باريس للفن العربي السوري. معرض الدول العربية في (بون) وفرانكفورت.

1982 المعرض العربي- السوري في (تونس) و (الجزائر).

المعرض العربي السوري في (صوفيا).

1983 معرض الفن التشكيلي العربي السوري في (باريس).

معرض (كان سورمير) في (فرنسا).

معرض الفن التشكيلي السوري في برلين الشرقية.

1984 المعرض الثالث عثر في (دمشق) المركز الثقافي البلغاري.

المعرض المتجول في دول أمريكا اللاتينية.

1984 المعرض الرابع عشر في (دمشق) المركز الثقافي البلغاري.

1986 -1991 شارك في جميع المعارض الرسمية ولوحاته موزعة على العديد في سوريا والعالم والأفراد.

1993 معرض شخصي لأعماله في (واشنطن) الولايات المتحدة.

1994 معرض شخصي واشنطن.

معرض استعادي مع طبع كتاب وفيلم من معهد العالم العربي- باريس. - تكريم من عمان.

1996 معرض استعادي بيروت.

1997 معرض استعادي في دبي.

1998 معرض في صالة عشتار بدمشق.

أهم مراجع الملف:

• « جمر تحت الرماد ـ فاتح المدرّس (رحلة الحياة والفن) »، محمد جمعة حمادة، دار بعل، دمشق ـ 2008م.

• « كيف يرى فاتح المدرّس»، سمر حمارنة، نشر خاص، دمشق ـ 1999م.

• «حوار: فاتح وأدونيس»، أدونيس، دمشق ـ 1998م.

• مجموعة مقالات ودراسات من الشبكة العنكبوتية حول « فاتح المدرّس».


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى