الاثنين ٢٥ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم مصطفى أدمين

رؤساء بألوان قوس قزح

من وجهة نظر فيزيائية صِرفة، فالأسودُ ليس لوناً، الأحرى أنّه انعدامُ الألوان لانعدام الضوء؛ ومن وجهة نظر سياسية، يمكن لرئيس أبيض أو أخضر أن يتحوّل إلى رئيس أسود يكفي توفُّرُ ثلاثةُ شروط: أن يستبِدَّ بالحكم، وأن يَسُدَّ أذُنيه عن مطالبة شعبه بالتغيير، وأن تنفجر قنبلة في قصره. هذا ما حدث ـ على ما أضن ـ للرئيس المحروق علي عبد الله صالح. والغريب هو اعتقادُه لحدِّ كتابة هذه السطور أنّه ما زال رئيساً لليمن، ولم يخطر على بالِه أنّه صار مثل (زومبي) (حيّ ـ ميِّت) برأسٍ مُشوّطة كرأس أضحية العيد. والنصيحة (إن قُبلت): ارحلْ تُرحمْ!

تردُّد الموجات الضوئية التي تحدّدُ اللون الأخضر يتوسّطُ اللونين الأزرق الذي (يمكن) نسْبُه لإسرائيل أو فرنسا، والأصفر المُنتسِب إلى بعض دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية. في ليبيا القدّافية، يتحوّل اللون الأخضر من رمز للرخاء والهدوء والسكينة، إلى كذبة ظاهرُها أخضر وباطِنها أحمر من دماء الشهداء والأبرياء. الرئيس الأخضر لا يتردد في التضحية بشعبه لكي يبقى (هو) في الحُكم. وقد يتحالف مع جميع (الأوان) ليضمن مصالحه ومصالح قبيلته. من هذا المنبر الأدبي، ألعن (السلطة العمياء) وأدعو زميلنا الأستاذ معمّر القدّافي إلى العودة إلى الأدب ويتجاوز كتابة (القصّة القصيرة) إلى (الرواية)، وأن يُعيد طباعة مجموعته القصصية (أرض أرض... قرية قرية).

الرئيسُ النيلي أحببناهُ أكثر مِمّا نستطيعُ، ولولا أهل مصر العُظماء لغيّرنا رأينا فيه منذ بعيد، ولما اصطبرنا على جبروته وعائلته، وقهره لأبناء شعبه. ونحنُ نعلمُ أنّ شعبَ مصر بالقدر الذي هو شعبٌ مِعْطاءٌ في جميع الميادين بدافع الوطنية والغيرة على سلامة البلاد، أنّ حُسني مُبارك مِئْخاذٌ من جميع الميادين بدافع الشهوة والشراهة. ونحنُ لا نشمتُ فيه إن خُلِعَ أو مرض أو سُجن أو مات؛ لأنّنا مُسلمون ونقدّر الأعمال الجليلة، ونؤمن بالقول المأثور (ارحموا عزيز قوم ذُلَّ) ولا إذلال أقبحَ من أن يُنحّى رئيسٌ عن الرئاسة من طرف شعبه مع استحيائه. والعبرةُ ليست بسجْن الرئيس النّيلي أو قتله، بل بالابتعاد عن الحكم العسكري وإقرار الحكم المدني المبني على أسس الديموقراطية العملية.

الرئيس (زين الهاربين بنعلي) الذي في لون البنفسج الشاعري، تبرّج ما استطاع في صالون زوجتِه الجميلة ليلى طرابلسي. ولعلّها زرعتْ في رأسِه ـ ليس شعرا مُستعارا ـ وإنّما أفكاراً غير سياسية البتة من قبيل:(القمعُ استثمار، والنهبُ قوّة، وكلّ رئيسٍ لا يستحمِرُ شعبَه فهو حِمار.) غير أنَّ (الزوجة الناصِحة) لم تقُل له (إنّ الشعوبَ أقوى من الرؤساء) ومن أين لها أن تقول مثل هذا القول وهي لا تفهمُ غير لغة (المُشط والمقص والموسى). يقولون (الرئيس المخلوع) فقد عقلَه. أوافق؛ كيف لا يفقدُ رجلٌ عقلَه وقد سبقَ له أن جعل نفسَه مثل دُمية في يديّ زوجة أمِّية شرهة؟

لا حُمْرةَ إلاّ في سوريا. لكنّها حُمرة مؤسِفة لأنّها من رسم ديكتاتور فاشي يُقتِّل شعبَه بدون هوادة. الرئيس الأحمر بشار الأسد نعرفُ تاريخه، فبعدما تفقّدَ الله والِدَه، قامتْ (عائلتُه) بكلِّ (ما يجب) لكيْ يتقلّد زمام السلطة. جعلوه عسكريا، خفضوا سن الحكم، جعلوه دكتورا، قمعوا له الشعب... والآن يا أخانا (بشّار)، إلى متى؟ هل حتّى يفنى شعبُك؟ أيُها الرئيسُ الخطيب، لماذا لا تقابل نفسَك في المرآة وتُلقي فيك خطبة العقل، وتتنحّى عن التسلُّط قبل أن يفوت الأوان... أخي؛ قد تقول هذا أديبٌ أخر أخرق لا يعرفُ في السياسة شيئا. معك حقّ ومعي حكمة.

رئيسٌ أبيض لجهلِه، أحمق لكونه يُلوّح دوما بعصاه، وما تذكّر أنّ (صدّام حُسين) كان يُلوّحُ دوماً ببندُقيّتِه إلى أن (تحامَتْه العشيرةُ كلُّها *** فأُفْرد كإفرادِ البعير المُعبّدِ) بل إلى أن شنقوه يوم عيد أضحى المسلمين. أيُّها الرئيس الأبيض؛ إليك هذه الحكاية: صغيراً طلب منّي أستاذ الإسلاميات أن آتيه بِعصا من شجر الزيتون لكي يؤدِّب بها المشاكسين والكُسالى، فأحضرتها له، فكان أن ضربني بها وقال:(إيّاك أن تجلب سلاحا لأحد ولو كنت تحبّه). أعتقدُ أنّك فهِمتَ. لا تُشهر عصاك بعد اليوم، وأشهِر حكمتك، وأرضِ شعبَك قبل فوات الأوان.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى