السبت ١٣ آب (أغسطس) ٢٠١١
التَّحْكِيم الأُسَرِيّ

بَيْنَ أُسُسِ التَّأْهِيل ورِهَانَاتِ التَّفْعِيل

محمد إِفِرْخَاس

تَنْدَرِجُ هذه المقالةُ في سياقِ الاحتفاءِ بطائفةٍ من رموز الإِصلاح والإرشاد والتَّحْكِيمِ الأُسَرِيّ، الذين يُهْرَعُ إليهمْ حين وُقُوعِ الزلازِلِ العائِلِيَّة، فَهُمْ على دَيْدَنِهِمْ هذا، سَيَظَلُّونَ علامةً بارزةً في الحياة الاجتماعِيَّةِ والأُسَرِيَّةِ لمُجْتَمَعَاتِهم العربيَّة المُسْلِمَة. يَمْتَلِكُونَ مجموعةً متنوِّعَةً من مهاراتِ التَّوَاصُلِ التي تُشَكِّلُ خِبْراتٍ أَسَاسيَّةً مطلوبةً لإِدارةِ الصِّرَاعَاتِ، والتعاملِ مع وقائعِ النِّزاعَاتِ الأُسَرِيَّة.

تَنْطَلِقُ رِسَالَتُهُمْ الهَادِفَةُ من الوعي بطبيعة سِيَاقِ المُجْتَمَعِ المُتَغَيِّر؛ وهو سياقٌ مطبوعٌ بتحوُّلَات جذرِيَّة عميقَة، ومشحونٌ بتوجُّهَاتٍ بالغةِ التَّعْقِيد، من حيثُ تكوينُ الأُسْرَة، وأَساليبُ التربية، والمشاكِلُ الزوجيَّة، والتَّقليدُ الأَعْمَى لِمَعِيشَةِ المُجْتَمع الغَرْبِيّ.

لا مصلحةَ عندهم في المُنازَعاتِ المعروضَةِ عليهم، إلاَّ نَشْر وترسيخ دَوْرِ الإصلاح والتوجيه الأُسَرِيّ، والعملِ على تقليل نسبة الطلاق، وإصلاحِ الخلافات العائلية النَّاشئة بين أفراد الأُسرة، ودراسةِ المشكلات والظواهر التي تواجه الأُسرة، ووضْعِ الحلول المناسبة لها، ونَشْرِ الوَعْي بثقافة حَلِّ الخِلافاتِ الأُسرية وُدِّيّاً، والتعاونِ والتنسيقِ مع المؤسَّساتِ الرسميةِ وغير الرسميةِ في المجتمع في ما يتعلَّق بالقضايا الْأُسريَّة، بجانب تعزيز مبدإ الشراكة الفعَّالَةِ بين المؤسَّسات ذاتِ الأَهْدَاف المشترَكَة، وتقديم الخدمات الإرشاديَّة في المجال الأُسَرِي لجميع فئاتِ وجنسيَّاتِ المجتمع.

مُهِمَّةُ المُحَكِّمِينَ الْأُسَرِيِّين:

وقد لَخَّصَ الحَطَّابُ (ج4ص17) –وهو من فقهاء المالكية- مُهِمَّةَ الحَكَمَيْنِ الرَّئِيسَةِ فقال: (وإذا تَوَجَّهَ الحَكَمَانِ بَاشَرَا أُمُورَهُمَا، وسَأَلاَ عن بِطَانَتِهمَا. فَيَدْخُلاَنِ عليهِمَا المَرَّةَ بَعْدَ المَرَّةِ، ويجتَهِدَانِ في الإِصْلاَحِ بينهُمَا ما اسْتَطَاعَا، لِأَجْلِ الْأُلْفَةِ.

فَيَخْلُوَ الحَكَمُ من أهل الزوج بالزوج ويقول له : أخبِرْنِي بما في نفسِكَ، أتَهْوَاهَا أم لا؟ حتى أَعْلَمَ مُرادَكَ؟ فإنْ قال:لا حاجةَ لي فيها، خُذْ لي منها ما استطعتَ، وفَرِّقْ بيني وبينها، فيُعْرَفُ أنَّ من قِبَلِه النشوزَ، وإنْ قال: إني أَهْوَاهَا فَارْضِهَا من مالي بما شئتَ، ولا تُفَرِّقْ بيني وبينها، فيُعْلَمُ أنه ليس بناشز.

ويَخْلُوَ حَكَمُ المرأَةِ بالمرأة ويقول لها: أتَهْوَيْ زوجَكِ أم لا؟، فإنْ قالتْ: فَرِّقْ بينِي وبينَه، وأعطِهِ من مالي ما أرادَ، فيُعْلَمُ أن النشوزَ مِنْ قِبَلِهَا، وإنْ قالتْ: لا تُفَرِّقْ بيننا، ولكنْ حُثَّهُ على أنْ يزيدَ في نفقَتِي ويُحْسِنَ إلَيَّ، عَلِمَ أنَّ النشوزَ ليس من قِبَلِهَا، فإذا ظَهَرَ لهما الذي كان النشوز من قِبَلِهِ، يُقْبِلَانِ عليه بالعِظَةِ والزَّجْرِ والنَّهْي) .

حاجَةُ الْأُسرة للمُوَجِّه والمُصْلِح:

ومع أنَّنَا لا نُنْكِرُ الدَّوْرَ التاريخيَّ والإسْلاَمِيَّ للأُسْرَةِ المُسْلِمَة في وَضْعِ بَصْمَتِهَا نحوَ تَقَدُّمِ الإنسانية، وَتَنْشِئَةِ البَرَاعِمِ المُسْتَقْبَلِيَّةِ، إلا أنَّ المُصْلِحِينَ لم يَتَرَدَّدُوا لحظةً في توجيهِ انتقاداتٍ عميقة للانحرافات والتَّصَدُّعَاتِ التي شَهِدَتْهَا بَعْضُ الأُسَرِ، خاصة في العقود الأخيرة، وبالضَّبْط في زَمَنِ الثَّوراتِ المَعْلُوماتِيَّة التكنولوجيَّة.

وإذا كانت غالبيَّة الدُّوَلِ العربيَّة لم تُفَعِّلْ بَعْدُ مبدأَ التَّحكِيم الأُسَرِيِّ في قضايا التَّطْليقِ للضَّرر –مَعَ ما فيه من مصلحةٍ عُلْيَا للْأُسْرة والمجتمع-، فإن (معهد دبي القضائي) بدولة الإمارات قام بمبادَرَةٍ طَيِّبَة ومجهودٍ جَبَّارٍ، إِذْ خَرَّجَ كوكبةً خَيِّرَةً من المُحَكِّمِينَ الأُسَرِيِّين حَامِلِي (دبلوم في التَّحكيم الأُسَرِي).

غير أن حَيَوِيَّةَ الحاجةِ إلى هذه البَوْتَقَةِ بهذا المفهوم الخلَّاق والفَعَّال لا تُوَازِيهَا، -مِنْ وجهة نظري-، إلا الحاجة المَاسَّةُ إلى تَحْكِيمٍ عالَمِيٍّ شامِلٍ ومُنْصِف، جَامِعٍ بين الصّبْغَةِ الشَّرْعِيَّةِ والقانونيَّة، قادرٍ على هيكلة القضايا الأُسَرِيَّةِ المُتَنَوِّعَة، والتَّبَصُّرِ في القوى الفاعلة فيها.
وإِنَّه لَمِنْ دَوَاعِي الغِبْطَةِ والسُّرور أنْ تَتَفَضَّلَ (جمعية النهضة النِّسائية بدبي) يوم: 13-6-2011م، –بِصِفَتِهَا صاحبةَ هذه الفكرة الهادفة- باسْتِقْبَالِ هذه الثُّلَّة المبارَكَة في قاعَةِ الزَّاهِية بالجمعية، لتَكْرِيمِهِمْ والاحْتِفَاءِ بهم.

وليستْ الأعمال التي قامتْ بها الجمعية، وتقوم بها، منذ وِلاَدَتِهَا إلى اليوم، إلاَّ شَكْلاً من أَشكالِ التَّوجيه والسَّدَاد، والهُدَى والرَّشاد، الذي يستضيءُ به المجتمع الإماراتي، في طريقِها الإصلاحي، وفيما تقوم به من أعمال ثقافية واجتماعية، وما تنشرُه بين المواطنين من وَعْظٍ وإِرْشاد في حِمَى الأُسرة وساحَتِها.

وقد حَضَرَ هذا الحَفْلَ البهيج سعادة المستشار عصام عيسى الحميدان، النائب العام لإمارة دبي، رئيس مجلس إدارة "معهد دبي القضائي"، والقاضي الدكتور جمال السميطي، مدير عام المعهد، والقاضي سالم عبيد عثمان، رئيس محكمة الأحوال الشخصية، والأستاذة عفراء الحاي، مديرة مركز النهضة للاستشارات والتدريب.

بَدَأَتْ الاحتفاليةُ بآياتٍ بيِّنَاتٍ من الذكر الحكيم، تَلَتْهَا كلمةٌ ترحيبيةٌ من جمعية النهضة النسائية ألقَتْهَا (عفراء الحاي) مديرة مركز النهضة للاستشارات والتدريب، قالت فيها: إن برنامج الدبلوم المتميِّز، والذي يُعتَبَرُ الأول من نوعه على مستوى الدولة، هو إضافة وطنية خالصة يهدف إلى إعداد نخبة متميِّزَة ومؤهَّلَةٍ من المحكِّمِين الأسريِّين من الكوادر الوطنية، لتأصيل القِيَمِ الفاضلة، ودعم الترابط الأسري، والاستقرار الزوجي، وإدراك واقع الخلافات الزوجية بدِقَّة، وفَهْمِ أبعاد إشكالاتها، والسعْيِ الجادِّ نحو وضع الحلول الإصلاحية التي تكفل استقرار الحياة الأسرية والزوجية، في أروقة ومحْفَظَةِ الأمان العائلي.

ويَبْرُزُ نَفَسُ التَّوْجِيهِ الْأُسَرِيِّ والمُجْتَمَعِيِّ أَكْثَرَ ما يَبْرُزُ، حِينَ أشارَتْ إلى أن تخريجَ دُفعةٍ جديدةٍ من برنامج (دبلوم تأهيل المحكِّمين الأسريين) فرصةٌ كبيرةٌ وخطوة معزّزة لإدراك الأحكام الشرعية والقانونية المتعلِّقَة بعمل المحكِّمِين الأسريين في مجال التحكيم الأسري، ومبادرةٌ رائدةٌ لممارسة مهارات الاتِّصَال والتعامل مع الآخَرِين وفهم الأنماط السلوكية، مما يثري تجربةَ وخبرةَ المحكِّمِين الأسريين.

وإلى جانب العُمْقِ التحليلي الاستراتيجي المُلْهم لهذا الدبلوم وغِنَاهُ النظري والتّطْبيقيّ، فقد تميَّزَتْ الكَلِمَاتُ التي أُلْقِيَتْ في هذا التَّكْرِيم، بميْسَمَيْنِ بارِزَيْن؛ يتمثل أُولَاهُمَا: في التَّشْجِيعِ الْإيجَابِيِّ والبَنَّاء، الذي دَعَا إِلَيْهِ (المستشار عِصَام الحمِيدَان)، النائبُ العامّ لإِمارة دبي، حِينَ أَكَّدَ بِأَنَّ أهميةَ الدبلوم تَكْمُنُ في تأهيل هذه المجموعة من المحكِّمين الأُسريين، حَلّاً للقضايا الأُسرية المختلفة، مُعْرِباً عن سعادته بتخريج الدفعتين الأولى والثانية من برنامج الدبلوم، الذي يُعْتَبَرُ نتاج الشَّرَاكَة الاستراتيجية مع جمعية النهضة النسائية، وتجسيداً للرُّؤَى المشتركَة المتمثِّلَة في الاستثمار في العنصر البشري، تماشياً مع رؤية وتوجيهات صاحب السموّ، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، مؤكّداً أنّ تأهيل هذه المجموعة في مجال التحكيم الأسري يعكس النجاح الكبير الذي حقَّقَه البرنامج على مستوى تعزيز وتقوية المجتمع القانوني والقضائي بكفاءات وطنية مؤهلة وفق أعلى المعايير العالمية، وأفضل الممارسات المهنية، لدعم مسيرة التنمية المجتمعية في دبي والإمارات بصفة عامة.

ويتمثَّلُ ثانيهما: في المزج الرفيع بين الانفتاح التَّدْريبيِّ المُتَقَدِّم، والالتزام بالمرجعية القانونيَّة والشَّرْعِيَّةِ الإسلامية؛ نَسْتَشِفُّ هذا الهَدَف في إشادةِ القاضي الدكتور جمال السميطي، مدير عام المعهد، بمبادرةِ جمعية النهضة النسائية واهتمامِها بالأُسرة، من خلال تأهيل هذه المجموعة بالتعاون مع المعهد، مؤكِّداً نجاح برنامج (دبلوم تأهيل المحكمين الأسريين)،
ومستوى التميُّز الذي وصل إليه المعهد، وجودة البرامج التدريبية المقدَّمَة، لمختلف الحقول والميادين القانونية والقضائية. وأضاف: لذا فإننا نتَطَلَّع إلى مواصلة تطبيق هذا البرنامج الذي لعب دوراً حيوياً في تطوير القدرات العملية والمهنية والشخصية لدى المشاركين، عَبْرَ تزويدهم بمعلوماتٍ شاملةٍ حول كافة الجوانب التشريعية والقانونية والأنماط النفسية والاجتماعية للمشكلات الأسرية والزوجية، في إطار حرصنا على دعم الجهود الرامية إلى الحَدِّ من معدَّلات الطلاق وحماية المجتمع الإماراتي.

وانسجاماً مع هذا التصور يراهن أَهْلُ الحلِّ والعقْدِ والخِبْرَة على تكوين وتَأْطِيرِ كُلِّ فِئَةٍ تَسْعَى لِإِنْقَاذِ المُجْتَمَعِ من شراك وشباك الانحراف والضيَّاع، انطلاقاً من تنمية المهاراتِ وتعزيزِ الاتِّجَاهات السُّلوكيَّة، وهو تكوينٌ جديدٌ، عادلٌ وتشاركي، وأكثر نَفْعاً للإنسانية، يُعيد التوازن للْأُسْرَة، ويُتيح لها المُصالحةَ مع أَفْرَادِهَا قاطِبَةً، بإعطاء معنى لتوجُّهاتها، وإذكاء روح الثقة بين صغارِهَا وكِبَارِهَا، وإشاعَةِ بُذُورِ الحُبِّ والتَّفاهُمِ والحِوَار، لِيَجْنِيَ الجميعُ مَحْصُولَ المَوَدَّةِ والرَّحْمَةِ التي دَعَتْ إِلَيْهَا شريعتُنَا الغَرَّاء.

وهذا ما أَشَارَتْ إليه (الدكتورة فاطمة الفلاسي)، المدير العام لجمعية النهضة، إذْ قالتْ: إن الاحتفال بتخريج نُخَبٍ من الدفعتين الأولى والثانية من برنامج دبلوم تأهيل المحكِّمين الأسريين، والذي يُعَدُّ الأول من نوعه على مستوى الدولة، خطوةٌ مهمةٌ وفاعلةٌ لتعزيز الترابط والتماسك الأسري، ومما يُسْعِدُنَا حقيقة في هذه الاحتفالية مشاركة رؤساء المحاكم والنيابات بالدولة والفريق العِلْمِيّ والإداري لمعهد دبي القضائي، وممثِّلِي كافة المؤسسات والدوائر القضائية والقانونية والتشريعية بالدولة، إضافةً إلى منتسبي دبلوم المحكمين الأسريين. وأضافتْ: ساهم برنامجُ هذا الدبلوم تأهيلَ المحكِّمِين الأسريين في ممارسة مهارات تحليل المواقف، والتعامل مع ما يعرض عليهم من مشكلات وقضايا أسرية، وممارسة مهارات إعداد وكتابة التقارير الخاصة بعملهم كمحَكِّمِين، إضافةً إلى تبَنِّي اتجاهاتٍ سلوكية إيجابية نحو تطبيقِ أفضلِ الأخلاقياتِ المهنيةِ بما يتَّفِقُ وسلوكيات التحكيم .

والحَقُّ أنَّ أهمية الدبلوم لا تَتَأَتَّى - فحسب - من القُدْرَة والدِّقَّة اللَّتَيْنِ ناقَشَ بهما المُحَاضِرُونَ والمُدَرِّبُونَ مواضيعه ومَوَادَّهُ المُقَرَّرَة، بَلْ تَتَأَتَّى من طريقة إيضاحِ المركز القانوني للمحكِّم والمساهمة في إعداده وتأْهِيلِه قانونيّاً، وإعدادِ جِيلٍ من المحكِّمِين ليصبحوا قادرين على القيام بمهامِّهِم. وتأْهيلِهِمْ ابتداءً من المتدرب المبتدئ، وانتهاءً بالمحكِّم ذي الخبرة، والتعريف بالتحكيم ومقوِّماته الأساسية. وتَتَأَتَّى كذلك في نشر ثقافة التحكيم في المجتمعات الخليجية والعربية. ونظراً لِمَا يتمتَّعُ به المحكِّمُ من مسؤولية في النظام التحكيمي للمنازعات المتزايدة في عالمنا، ومساندته للنظام القضائي التقليدي في تحقيق العدالة، فمن الضروري الالتفات إلى إعداده بشكل صحيح، وتأهيلِهِ قانونيّا، مع وجوب توافر كل الشروط والمؤهلات اللازمة لاعتلائه مِنَصَّةَ التحكيم، بحيث يصبح محكِّماً عادلا عارفاً بجميع المسائل التفصيلية للنزاعات الأسرية، والآثار القانونية المترتِّبَةِ عليه بالنسبة لطرَفَيْ التحكيم، ومعرفته بالحقوق والالتزامات الواجبة عليه. لذا فإن هذا البرنامج اسْتُحْدِثَ للاهتمام بإعداده وتأهيله، بالإضافة إلى صَقْلِ المواهب والكفاءات التحكيمية، للمساهمة في إعداد جِيلٍ من المحَكِّمِينَ القادِرِينَ على إدارة العمليَّةِ التَّحْكِيميَّة.
هذا ما أَكَّدَتْ عليه سعادة (خولة سعيد النابودة)، نائبة رئيسة جمعية النهضة النسائية بدبي، والمشرف العام على مركز النهضة للاستشارات والتدريب، - إَبَّانَ عقد اتفاقيَّة الدبلوم بين الجمعية والمعهد- حيث قالت: إن الجمعية حريصة كل الحرص على إيلاء الثقافة الأسرية وتوفير الاستقرار العائلي جُلَّ الاهتمامات. جاء ذلك خلال تصريح خاص لسعادتها للأجهزة الإعلامية المحلية و مجلة النهضة النسائية في عددها الجديد ... وأضافت سعادتها قائلة : عند تأسيس وانطلاق مركز النهضة للاستشارات والتدريب بجمعية النهضة النسائية في فبراير عام 2004 كُنَّا ولا زِلْنَا نُرَكِّزُ على تعزيز ودعم وتقوية الروابط الأسرية واستشراف مستقبل الأسرة الإماراتية وتنمية الوعي في مجال العلاقات الإنسانية، مع مراعاة تقليل نسبة الطلاق في المجتمع قدر الإمكان، وتقليل نسب العنوسة والتفكك الأسري، وإعداد المرشدين لتقديم الاستشارات الأسرية .... وإطلاق البرنامج الوطني (الزواج الناجح). وبحمد الله وتوفيقه، ودعم سمو رئيسة الجمعية والأخوات عضوات مجلس الإدارة، وسعادة مدير عام الجمعية، وإدارة الجمعية، تحقَّقَتْ العديدُ من أحلامنا البَنَّاءَة والهادفة .... ومما أسعدنا كثيرا ً خلال هذه الأيام، توقيع اتفاقية عمل مشترَك بين معهد دبي القضائي وجمعية النهضة النسائية، ممثَّلَةً في مركز النهضة للاستشارات والتدريب، لتطبيق وانطلاق برنامج دبلوم تأهيل المحكِّمِين الأسريين. إنه الحلم الجميل الذي حَلَّقَ بنا جميعا ً في روابي التماسك الأسري، ومنظومة السعادة الزوجية لبناء جيل من الشباب من الكادر الوطني، القادرين على تعزيز دور القانون في المجتمع الإماراتي.
إن إطلاق برنامج دبلوم المحكِّمِين الأسريين، يجسِّد مفاهيم حضارية وراسخة وعديدة، منها على سبيل المثال: ممارسة تحليل المحكمين الأسريين من مشاكل وقضايا أسرية، إضافة إلى تبَنِّي اتجاهاتٍ سلوكية وإيجابية نحو تطبيق أفضل للأخلاقيات المهنية بما يتفق مع القيم الفاضلة والنبيلة، بهدف ترسيخ دعائم الحياة الزوجية الآمِنَة، ولاشك أننا جميعاً سعداء بتحقيق هذا الحلم، والذي يمثل في أبسط صُوَرِهِ ومعانيه، إعداد نخبة متميِّزَة ومؤهلة من العناصر المواطنة، يقودون سفينة الاستقرار الأسري بكل مصداقية وتجرُّد، وفهم أبعاد إشكالاتها، والسعي نحو وضع الحلول الإصلاحية التي تكفل استمرار واستقرارَ ونجاحَ الحياة الزوجية في المقام الأول.

واختتمَتْ سعادتها تصريحها قائلة: إننا حقيقة نُثّمِّنُ ونَدْعَمُ هذا الطرح الذي يضاف بكل فَخْرٍ إلى منظومة العمل الاجتماعي الخالص، والذي يخدم قضايا التماسك الأسري والسعادة الزوجية واستمراريتها، وفق أسس علمية وقانونية ومتضمنة لكل الأطراف، لأن دبلوم المحكِّمِين الأسريين مُنْطَلِقٌ من مفاهيم قانونية دقيقة وقيم إسلامية ومبادئ اجتماعية كريمة.

وقد شَهِدَ هذا الحفل المَيْمُون، تخريج 48 متدرباً خضعوا لسلسلة من المساقات التعليمية الداعمة لعمل التحكيم الأسري والقائمة على قواعد التحكيم في الشريعة والقانون وأحكامه في نطاق قانون الأحوال الشخصية الإماراتي.

ويُعَدُّ هذا الدبلوم العالي ثمرة تعاون بناء بين معهد دبي القضائي وجمعية النهضة النسائية بدبي ممثلة بمركز النهضة للاستشارات والتدريب، وذلك بمبادرة كريمة من الجمعية، وقد صاغها معهد دبي القضائي بشكل علمي رائد، باعتباره المعهدَ المتخصِّصَ في مجال التدريب والتأهيل القانوني، لتُصْبِحَ الفكرةُ واقعاً، آخذةً طريقَها نحو التنفيذ الفاعل والمثْمِر، في الإطار القانوني والمجتمعي .

هذا مُجْمَلُ ما أَجْمَعَتْ عَلَيه كلماتُ الحَفْلِ المَاتِع، والتي هَنَّأَتْ الخِرِّيجِينَ وحَثَّتْهُمْ على الاستزادة من العلم النافع. وبهذا تَمَّ الانتقالُ من طَرْحِ فِكْرَةِ التَّحْكِيم، إلى البحث عن رِهاناتِ التَّفْعِيلِ والتَّعْمِيم، وأمسى التساؤلُ مُنْصَبّاً عن الوسائل الكفيلة بالارتقاء بهذا البرنامج لِيَتِمَّ تَفْعِيلُ أهدافِه ومضامينِه في مختلف مؤسسات التَّدْرِيب والتَّعليم.

محمد إِفِرْخَاس

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى