الاثنين ٢٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١١
بقلم عدلة شداد خشيبون

نــيــلــــم

لكلّ قيد سيف مغمّد ولكلّ روح حُلم معتّق، فلا تخافي صغيرتي الكبيرة من قيد أدمى معصمك، وانتزعي عنك كلّ خوف فالأسد الميّت لا تخافه غزلان الغابة، إطمئني صغيرتي فالعصافير المحلّقة وحدها تعرف خطورة الطّيران ووحدها تدرك وقع السّقوط، ووحدها تتنفس هواء الغربة وتبعثره مأكسدًا هنا وهناك.

نيلم فتاة ككل بنات جنسها أديبة، خلوقة، واعية ومدركة لكلّ ما حولها من هراءات وسخافات، نيلم فتاة رضعت من ثدي أمّ صيلة، ونامت في حضن أبّ أصيل، ودرست في مدارس الحبّ والانسانيّة وحازت على كلّ ألقاب التّفوّق، ولكن نيلم لم تعلق وسام شرفها في غرفة نومها بل علقته على وسيع جبينها، واسترسل بين جدائل شعرها اللّيلي الأسود، لذلك لم يراه إلاّ من لم يُصب بداء الرمد وعلة الغرور.

ورأيتها حزينة تغنّى قيسها وتندب عنترها فاقتربت منها ولامست شغاف فؤادها فسمعت مما
فسرت به سهادها

يهرب النّوم من الخائفين
ويطول ليل العاجزين
فهل من جرعة دواء
لوجع لا يعرف كيف يستكين
وعندما حاولت معرفة سرّ وجعها ابتسمت
للتراب والهواء صفات رائعة
فهذا يدخل بهذا فواحد يتلوث والآخر يتجدد

لم أفهم قصدها بل سرحت بخيالي الضّحل إلى حديقة جدّي حيث كان يحثّنا على عزق الأرض لتهوئتها وتجدد عناصرها فأطرقت رأسي موافقة وكانّي خبيرة أنهت سنتها الرّابعة في كليّة الزراعة.

وضحكت نيلم ضحكت من ضحالة فكري وقالت:

في كلّ حُلم حقيقة
وفي كلّ حقيقة رمس للحُلم
وبين هذا وذاك تتخبط نفوس الأبرياء.

يا لك من بريئة نيلم الرّائعة،فقالت وأنت يا أخت روحي ما زلت طفلة في مهد تهزه أفاعي الحقد وتغنّي تهليلته عقارب الظّلم فينام وينام ولا ينام ...
فربتُّ على كتفها وربتت هي بدورها متخذة دورة الأم الحنون وقالت:

كلّنا بحاجة لجرعة روحيّة
لنخطو بخطى ثابتة
وعزيمة قويّة
فوق بسابس الحقد والحرمان.
فدعيني صديقتي أتجرع جرعة كهذه، وأعانق حلمًا
فليس للحلم أذرع لكنه يعرف أصول العناق.

وأطبقت إذ ذاك نيلم جفونها على سماء زرقاء يتوسطها بؤبؤ صغير لكنّه واسع وقالت:
أحتاج لسلّة مهملات جديدة فهناك نقص وفائض منها وإليها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى