الأحد ٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم محمد محمد علي جنيدي

عبد الناصر الذي فقدناه

لقد اتهم عبد الناصر رحمه الله بمعادته للأديان والواقع أن هذا الاتهام عار من الحقيقة ويكفيه ردا على هذا التجني مشروعه الكبير في تطوير جامعة الأزهر لتصبح جامعة علمية متخصصة في تدريس كافة العلوم ولم يجعلها قاصرة فقط على تدريس العلوم الدينية كما كانت في السالف.

والذي يأخذني وما يزال إلي هذا الزعيم لحد الإعجاب والفخر أنه كانت له رؤية مصرية عربية قومية وبرنامج نهضوي مكتمل المعالم، والأهم من ذلك وما يجعله قائدا متميزا بين قرنائه من الزعماء العرب هو تفانيه وإخلاصه المتفرد في الدفاع عن وطنه الكبير وأمه مصر، ومساندته ومشاركته لكافة البلدان العربية المحتلة في تحرير أوطانها من الاستعمار وأيضا محاولته الدءوب في رأب الصدع بين إخوانه العرب، وجمع شمل أمته العربية على هدفٍ واحد.

الحقيقة الساطعة التي لا يستطيع أن ينكرها عليه أحد - وتعد - المحور الذي يدور حوله جملة اهتماماته هو تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والذي نجح بالفعل في تطبيقه إلى حد كبير جدا، وما شعرنا بالفوارق الطبقية الشاسعة الظالمة إلا من بعده رحمه الله.

الكلام عن عبد الناصر يحتاج إلى مجلدات وأمهات كتب، ولكنني أرى أن أهم إنجازاته فارس العرب في القرن العشرين هي صناعة القرار السياسي برؤية وإرادة مصرية عربية واحدة ومحاولاته الرائدة في وضع نواة الوحدة العربية لمواجهة المشروع الصهيوني من منظور عربي شامل، وإرساءه مبادئ القومية العربية في جعلها مشروعا عربيا موحدا ولكنه وللأسف لم يكتمل.

أما على المستوى المصري وبداية من بنائه للسد العالي، فيعتبر عبد الناصر هو مؤسس النهضة الزراعية وكذلك يعتبر هو حجر الزاوية للنهضة الصناعية في مصر، كما أن المصريين يشهدون بانحيازه الكامل لمحدودي الدخل ولقد نجح إلى حد كبير في تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية في بلاده، وأعتقد أنه لا يختلف اثنان على أنه معلم المصريين وذلك لتطبيقه مبدأ مجانية التعليم لكل المصريين، ولقد أنهى حياته الخالدة ببنائه جيش مصر وأعده لخوض معركة التحرير بعد نكسة يونيو 1967م.

وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات الهائلة التي سطرها بتلك يديه للتاريخ إلا أننا لا نغفل ونقر بأنه قد أخفق في تطبيق نظام ديمقراطي حر يحكم نظامه وجميع فئات الشعب.

ومع ما تقدم، أختتم قولي هنا فيه بأنه يكفيه ويكفينا وهي شهادة حق لأنها جاءت من ألد أعدائه حاييم بارليف رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي حينذاك حين قال بعد وفاته مباشرة (جمال عبد الناصر كان ألد أعدائنا وأكثرهم خطورة على دولتنا ووفاته عيد لكل يهودي في العالم )

رحمة الله على عبد الناصر الذي علمنا كيف نحب الوطن، وكيف يكون المواطن العربي شامخا عزيزا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى