الخميس ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١
بقلم شاكر فريد حسن

صورة قلمية

كنا مجموعة اصدقاء، انا والشاعر عبد الحكيم سمارة (جت) والشاعر عبد الناصر صالح (طولكرم) والكاتب المربي سعيد فارس ابو مخ (باقة الغربية). كانت تجمعنا الاحلام والاهتمامات المشتركة والقناعات والهموم الواحدة. كنا نحب الكتابة ونهوى الادب ونتعاطى الكلمة ونعشق القراءة والبحث عن المعرفة والكتاب والثقافة.

كنا نلتقي في الثمانيينيات من القرن الماضي في باقة او جت او طولكرم، وكنا نسافر في المواصلات العامة و«التاكسيات»، وكانت الظروف مختلفة، بدون حواجز وسدود وجدران فاصلة، والمسافة بين جت وباقة وبين طولكرم- طريق شويكة (المغلقة اليوم) لا تستغرق سوى عشر دقائق، بينما تحتاج اليوم الى حوالي الساعة عبر طريق «عناب» الالتفافي.

كنا نجتمع سوياً في مقهى او في مكتب «اليسار» الذي انشأه الشاعر والحكواتي (اليوم) والباحث في التراث الفلسطيني عبد الحكيم سمارة، او في حديقة البلدية بطولكرم الواقعة في مركز المدينة حيث الجلسة الهادئة، وذلك بعد اكل صحن من الحمص والفول الشهي في احد المطاعم الشعبية.

وحول فنجان من القهوة المهيلة كان يدور الحديث حول الوضع السياسي والثقافي والشأن الادبي وقضايا الفكر وآخر الاصدارات والمطبوعات في الاسواق، والمشاريع الثقافية والادبية المستقبلية. وحين كنا نحس بضرورة ترك المكان وتغييره، كنا نتوجه الى المكتبات المعروفة في المدينة، فنقضي الوقت الكثير في رحابها وبين رفوفها، بحثاً عن الكتب الجديدة الهامة والمميزة. وعندما كانت تحين لحظة الوداع كنا نفترق على امل اللقاء من جديد، ويذهب كل واحد في سبيله مستقلاً «التاكسي» الذي يوصله الى بلده ومكان سكناه.

وكثيراً ما كنا نلتقي معاً في بيت الصديق عبد الحكيم سمارة بجت المثلث، وفي مكتب «اليسار» الذي اقامه بهدف نشر الكتب الوطنية والتقدمية وتأصيل الوعي الفكري والثقافي الفلسطيني الملتزم. ثم اصبحنا نشارك في تحرير مجلة "المسيرة" الفصلية، التي راح يصدرها كمشروع ثقافي أدبي كانت تفتقر اليه منطقة المثلث وتحتاج اليه على جبهة الثقافة والنضال.

وتمر الايام، وتتغير الظروف والاحوال والاوضاع، فيعصف بنا الدهر وينشغل كل واحد منا في همومه ومستقبله وعمله، ويزج بالصديق الشاعر سمارة في السجن، ويسافر الصديق سعيد ابو مخ بعيداً الى رمال النقب للتدريس هناك، وتندلع الانتفاضىة الشعبية الفلسطينية، وتغلق المناطق المحتلة بالسواتر الترابية والحواجز، ويتعسر اللقاء بالصديق الشاعر عبد الناصر صالح،فنفترق ونتباعد، وتظل ذكرى هذه الايام واللقاءات في المخيلة لن يمحوها الزمن ولن تنسى ابد الدهر، ويبقى الود والحب بيننا رغم بعد المسافات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى