الثلاثاء ١٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١

مؤتمر الأطفال العَرَب الحادي والثلاثون

محمد إِفِرْخَاس

إذا كانَ التَّحْلِيلُ في عِلْمِ الحياةِ يَجِبُ أن يَقِفَ عند الخَلِيَّة، فإنه في علم الاجتماع يَجِبُ أن يَقِفَ عند الأُسْرَة، باعتِبَارِهَا الوحدة الاجتماعية الْأُولَى في التنظيم الاجتماعي. ويُمَثِّلُ الأطفال المادَّةَ الخَامَّ في عمليَّة التنشئَةِ الاجتماعِيَّة، باعتبارهم النقطة التي يَبْدأُ منها التطور. لذا فإن التربية تتعَهَّدُ الفردَ منذ طفولتِه وحتى شيخوختِه، وطبيعة هذه التربية تقوم على رعاية فطرة ومواهب الطفل، أو قُدُرَاتِه واستعداداتِه.

ومَعَ عِظَمِ الْأَمْرِ الذي يُلْقِي على عاتِقِ الْآباءِ والمُربِّينَ والمسؤولينَ المَهَامَّ الجِسَامَ، نحو الأجيال النَّاشِئَة، في تربيتهم وتعليمهم على مراعاة طبيعة الطفولة ومُيولِ أفرادِها، وإِقْصَاءِ مُؤَثِّرَاتِ السوء عنهم...

فَإِنَّه لَطَالَما شَاهَدْنَا ونُشَاهِدُ في العالَمِ أطفالاً -فِتْيَاناً وفَتَيَاتٍ- يذرعون الشوارع طولاً وعرضاً، شَمالاً وجنوبا، أَشْقِياءُ بُؤَسَاء، تائهين ضائعين، حَيَارَى مُكْتَئِبِينَ، خاسرين خائِبِين. لم يَجِدُوا البرامِجَ التَّرْوِيحِيَّةَ لِإِحْيَائِهِمْ، والأيادي الأَمِينَةَ لانْتِشَالِهِمْ، والقلوب الرحيمة لتخليصهم، والمُؤَسَّسَاتِ الخَيْرِيَّةَ لِإِيوَائِهِمْ. لَمْ يُفْتَحْ لهم إلا بابٌ هالك، وطريقٌ شائك... إِنَّهَا سَبِيلُ التَّشَرُّدِ والتَّسَوُّلِ والسلوكِ المُنْحَرِف والانغماس في الرذائل، كالخمور والمخدرات، والسرقة والفساد، وقَطْعِ الطريق، وتكوين عصابات الإجرام، التي تُقْلِقُ راحةَ الأُمَّةِ، وتَعِيثُ في الأرض فساداً. فَلا غَرْوَ ولا عَجَبَ من هذه الجرائم الخطيرة، لأنها حصيلةٌ وحَصَادٌ من العوامِلِ الكامنة والمُتَرَاكِمَةِ منذ الصِّغَرِ، تتزايدُ بمرور الأيام، وتَشْتَدُّ بتفاعُلِ تأْثِيرَاتِها، فتَتحَوَّلُ من نوازعَ كامِنَة إلى تصَرُّفاتٍ مشِينَةٍ، وأَفعالٍ مُرْعِبَةٍ.

والحَقُّ أن الطفولة والأُسرة والمجتمع، مُثَلَّثٌ مُتَكَامِل، ومَنظومَةٌ تربويَّةٌ، يُعَزِّزُ بعضُها بَعْضاً. فإذا كانت الطفولةُ هي العنوانُ الصَّادقُ على ما تَبْلُغُهُ كُلُّ أُمَّةٍ مِنْ تَقَدُّمٍ أَو انْحِطَاط، فإنَّ الأسرة هي الَّلبِنَة الأولى في بناء المجتمع، لكونها رابطةً رفيعة المستوى، محدَّدَة الغاية.

وإِيمَاناً مِنَ المجتمعات الحَضَاريِّة المُتَقَدِّمَةِ بِضَرُورَةِ إيجادِ جَوٍّ من الثقة والتعاون في سبيل الرُّقِيِّ بالطُّفُولَةِ قُدُماً نحو البِنَاء والعطاء، لكونِهَا الَّلبِنَةَ الأُولَى لِلْقِوَى البشرية الدافعة لتقَدُّمِ المجتمع، عُقِدَ مؤتمر الأطفال العرب الدولي لأول مرة في أبو ظبي منذ انطلاقه في الأردن العام 1980، حيث يُنَظَّمُ سنوياً من قبل المركز الوطني للثقافة والفنون، في مؤسسة الملك الحسين، التي تَضُمُّ معهد اليوبيل التربوي، ومدرسة اليوبيل، ومركز اليوبيل للتميز التربوي، ومركز المعلومات والبحوث، والمركز الوطني للثقافة والفنون، والمعهد الوطني للموسيقَى، ومؤسسة نور الحسين التي تسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال البرامج الرائدة التي أنشأتها في الأردن، على مدى العقود الثلاثة الماضية، والتي تشمل كلاً من معهد العناية بصحة الأسرة، والشركة الأردنية لتمويل المشاريع الصغيرة (تمويلكم)، وبرنامج تنمية المجتمعات المحلية.

ولِصِدْقِ النِّيَّاتِ وعظِيمِ التَّحِيَّاتِ من المُنَظِّمِينَ والمُشَارِكِينَ والحاضِرِين، حَمَلَ شعارُ المؤتمر دعوة عاجلة ومُلِحَّةً لاعتماد مبدأ التنمية المستدامة لجعل العالم مكاناً أفضل لمستقبل واعد لأجيال الغد. جُسِّدَ ذلك في صور بصرية عبر الألوان الزاهية، مع وجود الأطفال الذين ظهرت عليهم ملامح الفرح على وجوههم، وهم يحملون شعار التنمية المستدامـة في مختلف المجالات: البيئية والصحيـة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وقد استضافَتْ هذه الفَعَالِيةُ المُمَيَّزَةُ أطفالاً من دول عربية وأوروبية، وهي: الإمارات العربية المتحدة، وقطر، والبحرين، وسلطنة عمان، والسودان، والجزائر، والكويت، والأردن، وليبيا، ومصر، وتونس، إضافة إلى أستراليا والنمسا وهولندا وأميركا لإتاحة الفرصة أمام الأطفال العرب لتبادُلِ المعرفة والخبرات مع أطفالٍ من دولِ أوروبا، ما يُشَكِّلُ نموذجاً يُحْتَذَى في إقامةِ حوارٍ حضاريٍّ بين أطفالٍ من شعوب الأمة العربية، وأطفال من دول أوروبا.

محاور المؤتمر الهَامَّة:

تَعَرَّضَ المؤتمر لثلاثة محاور رَئيسَة:

المحور الأول: غَطَّى (معايير وقيم الاستدامة الصحية والبيئية)، حيث إن الظروف البيئية تلعب دوراً مهمّاً في مستويات الصحة، وفي معدلات الأمراض، كما أنها تؤثر تأثيراً بالغاً في متوسط العمر، وفي أسباب الوفيات بين أفراد الجنس البشري. وهي التأثيرات التي يعنى بها مجال الصحة البيئية من خلال دراسة وتمحيص النظريات والممارسات المتعلقة بتقدير العوامل البيئية التي يمكن أن تؤثر سلباً على صحة الأفراد حاليّاً، وعلى صحة أجيال المستقبل، مع التركيز على كيفية التحكم فيها، ومحاولة تصحيح اختلالاتها التي تظهر على شكل تلوثات وتسممات بيئية. وتتضمن هذه العوامل وأشكال اختلالاتها كُلّاً من سوء التغذية، وتلوث التربة، وتلوث الماء، وتلوث الهواء، بالإضافة إلى التلوث الصوتي والضوئي، وسبل التخلص من القمامة والنفايات الناتجة عن النشاطات الإنسانية، وهي العوامل التي قد تتضافر لتُنْتِجَ تأثيراً صحيّاً سلبيّاً أكثر وقعاً، مقارنة بالتأثير الفردي أو الأحادي لأي منهما.

أمّا المحور الثاني: فقد تَعَرَّضَ لـ(معايير وقيم الاستدامة الاجتماعية والثقافية) التي تَضْمَنُ احترامَ التنوع الثقافي، وتفعيل مفهوم التكافل الاجتماعي، والمحافظة على الهوية الثقافية للمجتمع. أما المحور الثالث: فقد رَكَّزَ على (معايير وقيم الاستدامة الاقتصادية)، التي تَضْمَنُ التأكيد على مفاهيم الاستثمار المستدام، وإعادة تدوير المخَلَّفَات، وتعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك.

انْطِلاقَة مُبَارَكَة ومَيْمُونَة:

انطلقتْ فعاليات هذا المؤتمر النَّاجِح، يوم الأحد 13/11/2011م، برعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، واستمرَّ حتى 20/11/2011م. اسْتَهَلَّ أشغالَه بجلسة افتتاحية شَهِدَتْهَا سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، وجلالة الملكة نور الحسين، مؤسسة ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الملك الحسين، وحرم سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، وسمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، والشيخة فاطمة بنت هزاع بن زايد آل نهيان، وعدد من الشيخات... ومعالي الدكتورة ميثاء سالم الشامسي وزيرة دولة، ومعالي مريم محمد خلفان الرومي وزيرة الشؤون الاجتماعية، وعدد من القيادات النسائية. كَمَا حضره –أَيضاً- معالي علي سالم الكعبي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة التنمية الأسرية، ومريم الرميثي مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية مديرة المؤتمر، وعدد من المسؤولين، ورؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر، وعدد كبير من طلبة المدارس.

والحَقُّ أَنَّ المؤتمر عَكَسَ في أنشطته وفعالياته حقيقة الروابط القومية والثقافية والتاريخية المشْتَرَكَة التي تُوَحِّدُ بين الأطفال كأبناء أمة عربية واحدة، والتواصل والانفتاح على الثقافات العالمية، وترسيخ القناعة لديهم بحقيقة انتمائهم إلى ثقافة عربية مشتركة موحدة، واكتشاف عمق الأواصر بينهم، وتعزيز التضامن والجهود المشتركة نحو قضايا الأمن والتقدم والسلام.
وكان من أهدافِه السَّامية تعريف الأطفال المشاركين فيه بمفهوم التنمية المستدامة، وتحقيق مبدأ التلاحم والتسامح بينهم، إضافة إلى تعريف المشاركين بإنجازات دولة الإمارات وجهودها المتميزة في التنمية المستدامة، وتعزيز قيمها في الجوانب الصحية والبيئية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وليس من السهل تعريف مفهوم التنمية المستدامة، فهو يعني أشياء مختلفة للجماعات المتعددة، وللأوضاع المتباينة. وإنْ كان أشهر تعريف للتنمية المستدامة هو ما ذكَرَتْهُ المفوضية الدولية للبيئة والتنمية في تقريرها الصادر عام 1987، الذي يَنُصُّ على أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تَفِي باحتياجاتنا الحالية، دون أن تُخِلَّ بالقدرة على الوفاء باحتياجات الأجيال القادمة.

كما سعى المؤتمر في هذه الدورة إلى تحقيق العديد من الأهداف النبيلة، تتركز في تعريف المشاركين بمفهوم التنمية المستدامة وتوعيتهم بأهمية دورهم فيها وتحقيق مبدأ التسامح والتلاحم بين المشاركين، وإتاحة الفرصة للمشاركين للاطلاع على إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة، وجهودها المتميزة في التنمية المستدامة، وتعزيز قيم التنمية المستدامة في الجوانب الصحية والبيئية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

جائزة مُسْتَجدَّة:

ثَمَّنَ متحدثون في فعاليات هذا المؤتمر مجهوداتِ سموّ الشيخة فاطمة الجَبَّارة في رعاية الأسرة والطفل، ودعم مختلف ميادين العمل الاجتماعي، وقضايا المرأة محلياً وإقليمياً وعالمياً.

وأَكَّدَ المتحدثون، أنَّ سُمُوَّهَا تشكل رمزاً حيّاً ونموذجاً ناجحاً في القيادة والريادة، بحرص سموها على نشر مبادئ التسامح والتعاون على المستوى الإنساني، ورعاية المبادرات الهادفة في مجالات التعليم والصحة والعمل التطوعي.

وقد أعلنتْ سُمُوُّها –يحفظُها الله- إطلاق مشروع جائزة أبو ظبي للطفل العربي وشبكة الطفل العربي.

وستكون الشبكة عبارة عن قاعدة بيانات يستطيع من خلالها الأطفال والشباب التواصل مع أقرانهم، وتبادل المعلومات، وإقامة العلاقات الاجتماعية والإنسانية الوثيقة بينهم، وترسيخ مفاهيم الانتماء والانسجام بين الثقافة العربية والثقافات الإنسانية الأخرى، وتعزيز قيم التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، صحياً وبيئياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً.

وقالت (مريم الرميثي) مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية: إن جائزة الطفل العربي الدولية مبادرة كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حيث سيبدأ العمل بها في شهر يناير عام 2012 لأطفال العالم، وسيكون الإعلان عن النتائج في العام الذي يَلِيه، وهي تتناول عدة جوانب، منها الجانب الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، والاشتراكُ فيها مفتوح لِكُلِّ أطفال العالم.

ولفتَتْ إلى أن الجائزة إهداء من مؤتمر الأطفال العرب 31 إلى المنظِّمِين الأساسِيِّين لدعم وتعزيز المؤتمر، وإبراز الأطفال المتميزين والمبدعين، إضافة إلى شبكة أطفال العرب التي تُوَفِّرُ قواعد بيانات للأطفال وتستقْطِبُ الأطفال المبْدِعِين.

وأشادَتْ (منى خليفة السويدي) مديرة مركز بوابة مدينة أبو ظبي، التابع لمؤسسة التنمية الأسرية، بمبادرة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حيث إن إطلاق الجائزة ليس غريباً على دولةٍ تهتَمُّ بالعقول الشَّابَّة باعتبارهم نواة المجتمع، وتسعى لدفع خارطتها على مستوى الدُّوَلِ المتقَدِّمَة.

كما أن الجائزة وُضِعَتْ -في حَدِّ ذاتها- لِكُلِّ مُبْدِعٍ، ولكل طفل أو أسرة تسعى لتكوين طفل متميز، وفق أُسُسِ ومعايير، بناء على رعاية سموها.

وأَكَّدَتْ (شيخة الجابري) مديرة التنمية الثقافية بمؤسسة التنمية الأسرية بأبو ظبي، أن جائزة الطفل العربي ليست مبادَرَةً غريبة على الإمارات التي تُقَدِّرُ إبداعَه ومواهِبَه، وهي هدية ثمينة من سمو الشيخة فاطمة للأطفال.

وتوجَّهَتْ الجابري بالشكر لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك. وقالتْ: إن سُمُوَّهَا تبذل جهوداً كبيرةً لإطلاقِ مشاريعَ تَصُبُّ في حماية الطفل وحقوقه، باعتبار أنه أساسٌ لكلِّ المجتمعات.
وأضافت (ليلى عبد الله موسى) من قسم الإعلام بمؤسسة التنمية الأسرية، أن الجائزة تمثل الاهتمام بالأطفال في مختلف أنحاء العالَم، حيث توجد الكثير من البلدان والمناطق التي تعاني عدم الاهتمام بالنشء المقْبِل، مضيفةً أن مثل هذه المبادرة تأتي لتعزيز مدى الاهتمام بهذه الشريحة لأداءِ دَوْرٍ أفضل.

واعتبرَتْ (ميرة الحر السويدي) مديرة إدارة العلاقات العامة بمؤسسة التنمية الأسرية، أن إطلاق المسابقة يُعَبِّرُ عن اهتمام سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك بمستقبل الإنسان العربي، حيث إن الاهتمام والتركيز على بناء الطفل يعني الاهتمام بمستقبل شعوب هذه المنطقة. وأكدَتْ أن الطفل في الوطن العربي على وجه الخصوص، بحاجة إلى مثل هذا الاهتمام لتنميته سواء من الناحية التعليمية والثقافية والاجتماعية ليقوم بدورٍ إيجابيٍّ مستقْبَلاً في النهوض بالوطن العربي، سواء في النواحي الثقافية والاقتصادية وغيرها.

وقد جاء الإعلانُ عن هذه الجائزة -الذي أَثْلَجَ صدورَ الجميع- في كلمة سموها خلال حفل افتتاح فعاليات المؤتمر، وفيما يلي:

نَصُّ كلمة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك:

ألقاها نيابةً عن سموها معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، قائلا: (نَحْمَدُ المولى عَزَّ وجَلَّ، الذي حبانا بهذا الوطن الآمن المستقر، وهذه الأرض الطيبة، وقيادة حكيمة أَوْلَتْ جُلَّ اهتمامها بالمرأة والطفل في مجتمعنا، ووفَّرَتْ الحماية والأمن والأمان والعيش الكريم لأبناء هذا الوطن المعطاء.

أهلاً ومرحباً بكم على هذه الأرض، أهلاً ومرحباً بكم في أبو ظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، المدينة التي تشرَّفَتْ بأن تحمل عن المغفور له بإذن الله تعالى زايد الخير إرثَ محبة الإنسانية، المدينة التي تحلم بأن يَعُمَّ الخير البشرية جمعاء، وأن تنعم الكرة الأرضية بالمحبة والسلام.

نلتقي في هذا اليوم المبارك، في حفل افتتاح مؤتمر الأطفال العرب الدولي، في عامه الحادي والثلاثين، وهو حَدَثٌ عالميٌّ يترقَّبُهُ كل المعنيين والمهتمين بشؤون الطفولة، ليس في عالمنا العربي فقط، وإنما في العالم أجمع، حيث غَدَا مَعْلَماً بارزاً في التميز والنجاح، وفي عمليات التخطيط لمستقبل آمن ومشرق لأطفالنا، هذا المحفل السنوي الذي انطلقتْ مسيرتُه في عمان عام 1980 واستمرَّتْ دون انقطاعٍ إلى يومنا هذا، ما كان له أن يَصِلَ إلى هذه المكانة وهذه الأهمية، وأن يُحَقِّقَ النجاح تلوَ الآخَر، وأن يكتسبَ المكانةَ والسُّمْعَةَ والريادة، من حيث التنظيمُ والموضوعاتُ والفعالياتُ، وأن يحصُلَ على جوائز متعددة لتمَيُّزِه في خدمة الطفولـة وقضاياهـا، لـولا المتابعـة الحثيثـة والإشـراف المسـتمر والتوجيهات الحكيمـة لصاحبـة الجلالـة الملكـة نـُور الحُسَيْن حفظها الله.

هذه هي المرة الأولى التي ينعقِدُ فيها مؤتمر الأطفال العرب خارج أرض المملكة الأردنية الهاشمية، وكم سَرَّتْنِي رعايتي لأعمال هذا المؤتمر في دورته السابقة، التي عُقِدَتْ في عمَّان العام الماضي، وإيماناً من مؤسسة التنمية الأسرية بأهمية هذا المؤتمر ومكانتِه الدولية، جاءت استضافتُها لأعمال هذه الدورة في أبو ظبي، والتي تُعْقَدُ تحت شعار "التنمية المستدامة مسؤولية الجميع" انسجاماً مع استراتيجية حكومة أبو ظبي في هذا المجال، وانطلاقاً من واجباتنا تجاه أجيال المستقبل، وتمكينهم من العيش في عالَمٍ أكثر إنسانيةً ومَحبةً وسلاماً، وأكثر اخضراراً وتطوراً، إنها التنمية التي نسعى إليها لتلبي احتياجات الجيل الحاضر، دون التضحية أو الإضرار بحقوق الأجيال القادمة.

في خِضَمِّ التطورات المتسَارِعَة التي يشهدها عالمنا المعاصِرُ في مجالات شتى، يكتسب الاهتمام بقضايا الطفل أهمية خاصة باعتباره المجَدِّد الوحيد لأمل المجتمعات البشرية بمستقبل أفضل، يُوَفِّرُ الحماية والأَمْن، وسبل التنشئة السليمة لأبنائها، وبما أن الأسرة هي النواة الأولى للمجتمعات، فلا بُدَّ من تضافر الجهود لحمايتها وتمكينها من القيام بدورها، فإذا كانت الأسرة آمِنَةً وسعيدة ومستقِرَّة، كان الوطنُ كُلُّه آمناً وسعيداً ومستقراً.

إنَّ مِنْ حَقِّ أطفالنا الذين يعايشون هذه التطورات اليومية، أن تكون علاقتهم بها سَلِسَةً ومنظَّمَة، وذلك من خلال إقامة علاقة متوازنة مع تقنية المعلومات، والاطِّلاع الدائم على اكتشافاتها وتطبيقاتها المتغيرة يوماً بعد يوم، وهذا يوفِّرُ له صورة واضحة عما يواجهه من مستجدات، وكيفية التعامل معها، وتجنب مخاطرها وقطف ثمارها. ومن هذا المنطلق، فإن رعاية الطفولة والأمومة والتركيز على حسن تربية الطفل والاهتمام بنشأته، هي من الأولويات التي علينا أن نضعها دائماً في صلب اهتمامنا.

إن سعادتي لَكبيرةٌ برعاية أعمال هذا المؤتمر لما يُشَكِّلُه من إضافة نوعية للجهود التي تبذلها مؤسسة التنمية الأسرية في تربية النشء وتعليمِه، على أساليب الحوار البنّاء، وتَقَبُّلِ الرأي الآخَرِ واحترامِه، وتعزيزِ القيم الإنسانية الإيجابية لدى الأطفال، من خلال إتاحة الفرصة لهم للتعرف إلى ثقافات أقرانهم الذين جاءوا من مختلف دول العالم للمشاركة في هذا المؤتمر. وكُلِّي ثقةٌ، من أن أطفالنا الذين يمثلون دولتنا، سوف يقومون بواجب حُسْنِ الضيافة تجاه ضيوفهم، وتعريفهم بما حقَّقَتْه دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، من إنجازات حضارية على مختلف الصعد، وإسهامات سموه في الرقي بالإنسان والمجتمع في دولتنا الحبيبة، وخدماته الإنسانية لغوث المحتاجين والمنكوبين من الأطفال والضعفاء في العديد من دول العالم.

لا يفوتُني في مثل هذه المناسبة الطيبة، إلا أن أستذكِرَ جهود رُوَّاد النهضة الحضارية في عالَمِنا العربي، لِمَا لهم من تاريخ مُلْهم، في بناء إرث مشهود، في الثقافة والعلوم والتاريخ والإبداع، فنَسْتَذْكِرُ ما قدَّمَهُ المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، من إنجازات راسخة في وجدان شَعْبِه والإنسانية جمعاء، فقد أرسى قواعد المحبة والتكافل والسلام، ومَدَّ أياديَ الخير والعطاء، واستمر هذا النهج الإنساني برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، حتى غَدَتْ دولة الإمارات العربية المتحدة ملتقىً للمحبة والتسامح والتواصل الإنساني، لِكُلِّ من عاش على أرضها مقيماً، أو جاءها زائراً، من مختلف الأعراق والأديان والبلدان.

كما نستذكِرُ بالعرفان والتقدير المغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال -رحمه الله- وجهوده في نشر قيم ومبادئ المحبة والسلام والتآخي بين الشعوب والأمم.

يجسد انعقاد مؤتمر الأطفال العرب الدولي الحادي والثلاثين لهذا العام في أبوظبي تعبيراً رفيعاً عن التعاون والشراكة بين مؤسسة التنمية الأسرية ومؤسسة الملك الحسين في المملكة الأردنية الهاشمية، كما يدل على العلاقات التاريخية الوثيقة التي تجمع بين البلدين الشقيقين.
وَلِأَحِبَّائي من الأطفال المشاركين في هذا المؤتمر، أقول: كُلِّي أَمَلٌ، أن تُكَلَّلَ أعمال مؤتمركم بالتوفيق والنجاح، وأن تنبثق عنه مخرجات وتوصيات قابلة للتطبيق والتنفيذ. ومن هذا المنبر، أشكر جميع القائمين على تنظيم فعالياته لما بذلوه من جهود مشكورة، وأخص بالشكر المركز الوطني للثقافة والفنون التابع لمؤسسة الملك الحسين واللجان التي تَوَلَّتْ الإشراف على عقد هذا المؤتمر وتنظيمِه من مؤسسة التنمية الأسرية.

ختاماً: أُكَرِّرُ الترحيب بصاحِبَة الجلالة الملِكَة نور الحسين رئيسة المؤتمر وبالوفود المشاركة وبضيوفنا الكرام، متمنية للجميع طِيبَ الإقامة في بلدهم الثاني دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي عاصمتها أبوظبي.

تَأْكيد المَلِكَة نُور الحُسين على ضرورة نَشْرِ قِيَمِ الْإِخاء والمَحَبَّة:

أَكَّدَتْ جلالة الملكة نور الحسين مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الملك الحسين، في كلمة ألقَتْهَا نيابة عنها (هناء شاهين)، مديرة مؤسسة الملك الحسين، أن مؤتمر الأطفال العرب الدولي الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة في دورته الحادية والثلاثين، هو إحدى الثمرات اليانعة لتلك المؤسسة التي تلتقي أهدافُها وتوجهاتها وإنجازاتها مع تَوْأَمِهَا مؤسسة التنمية الأُسرية في أبوظبي.

وأكَّدَتْ أن إتاحة الفرصة للشباب والشابات وتعزيز مقدرتهم على التكيف والتسامح والخروج من عزلة الانفراد وحسن التعامل مع التنوع الثقافي ومع الآخَر من أهداف هذا اللقاء في هذا المؤتمر، وهو بِنَفْسِ أهميةِ تنميةِ الطفولة ورعايتها، من منطلق الالتزام الديني والوطني والقومي والإنساني، النابع من عقيدتنا وقيمنا الاجتماعية السمحة، ومن تراثنا ومبادئنا، وهو استجابة لتطلعاتنا. وعلى شبابنا في مؤتمرهم هذا واجبُ الاستفادة بالتفكير في أدوارهم بالحوار، وتبادُل الخبرات التي تُثْرِي تجربَتهم، وتُوَسِّعُ آفاقَهم، وتُنِيرُ طريقَهم للعَمل، فالتنمية مسؤوليّة يتحمَّلُها الجميع.

وشَدَّدَتْ على أهمية التعاون المثمر بين المؤسّستين لتحقيق أهداف ما نرجوه لبلدَيْنَا الشقيقَيْن، ولأمتنا الواحدة، التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس، مؤكدة أهمية نشر قِيَمَ المحبة والإخاء والعطاء بكلّ مَضامينها في مجتمعاتنا وفي وطننا العربي.

وأوضحَتْ أن شبابنا هو الغد والمستقبل، وهو طلائعنا نحو الآتي، فلهم منا خير ما ندخر من تجارب وآمال، لنطمئنَ على المسيرة وترتبط أجيالنا العربية على أنبل القِيم والمبادئ.
وجَدَّدَتْ شكرها لسمو الشيخةِ فاطمة بنت مبارك على ما أَوْلَتْ به هذا المؤتمر، من الإعْداد المُتْقَن والعِناية والاستضافة.

كما قدَّمَتْ الشكر والتقدير لمؤسسة التنمية الأسرية، والمركز الوطني للثقافة والفنون، داعيةً العلي القدير أن يحفظ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، قائداً لدولة الإمارات العَزيزة نحو التقدم والازدهار.

كلمة ضَيْف شَرف المؤتمر:

وألقى بعد ذلك ضيف شرف المؤتمر (نيخيل سيث) مدير شعبة التنمية المستدامة في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة كلمةً تَحَدَّثَ فيها عن أهمية الدور الذي يلعبه الأطفال في القضايا المتعلقة بالبيئة، محذراً من خطورة تزايد عدد سكان الأرض، والذي وصل الشهر الماضي (أكتوبر 2011م) إلى 7 مليارات نسمة.

وشَدَّدَ (سيث) على أهمية دور الشباب في قضايا الاستدامة، وأهمية تعزيز تفاعلهم مع هذه القضايا المهمة، مؤكداً تعزيز التعاون وغرس قيم المحبة والسلام والتضامن بين الأطفال.

إشادة الفَنَّان حسين الجسمي:

بدوره، عَبَّرَ الفنان حسين الجسمي، السفير فوق العادة للنوايا الحسنة، في منظمة "إمسام" التابعة للأمم المتحدة في كلمة ألقاها خلال حفل افتتاح المؤتمر، عن سعادته البالغة بمشاركته في المؤتمر، متمنياً أن يحقق المؤتمر من خلال دورته الحالية الحادية والثلاثين أهدافه التي رسمَتْها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك من خلال التَّكَرُّم برعايته واستضافته في العاصمة أبو ظبي هذا العام، والمصادف لأيام احتفالات الدولة باليوم الوطني الأربعين، والمحقِّق لاستراتيجية مؤسسة التنمية الأسرية، والمتمثلة في تأصيل القيم الاجتماعية والتراثية الإيجابية للأطفال اليافعين والشباب، الذينَ وُجِدَ من أجلهم هذا المؤتمر الدولي.

وأشار إلى أن من أهم أهداف المؤتمر: التركيز على موضوع تنمية وتعريف المشاركين بمفهوم "التنمية المستدامة" من الجوانب البيئية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وكذا الجوانب الصحية التي تعمل من أجلها منظمة "إمسام" الدولية تحت مظلة الغذاء العالمي لاستخدام الطحالب الدقيقة "سبيرولينا" في مكافحة سوء التغذية، وهو من الأجزاء المهمة عالمياً التي تبحث من خلال التقارير رفع الضرر عن هذه الفئة من الناس الذين يعانون سوء التغذية، خاصة الأطفال منهم، الذين يشكلون بنية المستقبل لهذه الشعوب التي تعاني هذا النقص.

وقَدَّمَ (الجسمي) أسمى آيات التهاني والتبريكات لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، وأولياء العهود، والشعب الكريم، على الإنجازات الكبيرة والمتميزة التي تحققت خلال 40 عاماً من اتِّحَاد الإمارات.

كما قَدَّمَ (الجسمي) أيضاً خلال حفل الافتتاح، وعلى المسرح الرئيسي، أغنية (إماراتي) بمصاحبة رقصات الأطفال، والتي تَعَالَتْ معها صيحات الفرح والاهتمام من قبل الحاضرين، خاصة أن الأغنية تتحدث عن الإمارات في اليوم الوطني الـ40 لدولة الإمارات.

كلمة وزيرة الشؤون الاجتماعية:

وأكدت معالي مريم محمد خلفان الرومي وزيرة الشؤون الاجتماعية في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن التنمية المستدامة هي تحقيق وتلبية احتياجات أفراد المجتمع الحالية مع المحافظة على حق الأجيال القادمة في اختيار السُّبُلِ المناسبة لها لتحقيق احتياجاتها.
وقالت في كلمتها: إن التنمية المستدامة هي التنمية المستمِرَّة، والتي تحقق حاجة المجتمع حالياً من دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة.

وأضافت معالي مريم محمد خلفان الرومي، أن الإنسان هو محور التنمية المستدامة، والوسيلة والهدف، مشيرةً إلى أن التنمية تَتِمُّ بالناس ومن أجْلِهِمْ. والفردُ في المجتمع مُطَالَبٌ بأن يكون فاعلاً ومتفاعلاً، وهنا يأتي التمكين من خلال تنمية قدرة وإمكانات الفرد، بحيث يستطيع الاعتماد على نفسه وتحقيق ذاته، وفي الوقت نفسه يشارك بفعالية في عملية بناء وتطور وطنه.

وتابعَتْ معاليها: إن الحياة متغيرةٌ باستمرار، وتتبدل حالاتها نتيجة أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية تَفْرض نفسها، كما أن الانفتاح والعولمة أدَّيَا إلى مخرجات وتحديات تتطلب إيجادَ طرقٍ جديدةٍ للتكيف، ومواكبةَ هذا التغيير المستمر، وتوجيهَهُ لصالح الفرد والمجتمع.

وأشارَتْ معاليها: إلى الإنجازات التي حقَّقَتْهَا الدولة في مجال التنمية المستدامة، وقالت: إن الإمارات بذلَتْ جهوداً كبيرة لاستحداث التشريعات والقوانين الداعمة لعملية التنمية، وأنشأَتْ الوزارات والمؤسسات المنفذة للسياسات الإنمائية، ووضعت الأهداف والخطط الاستراتيجية ذات المدى البعيد والقصير، التي تحقق استمرارية رفاهية وتطور المجتمع الإماراتي وتعزز تماسكه واستقراره.

كلمة رئيس مجلس أمناء مؤسسة التنمية الأسرية:

بدوره نقل معالي علي سالم الكعبي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة التنمية الأسرية، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية تحيات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك التي تحرص على توجيه الأنشطة وتركيز الجهود على تفعيل عمليات التنمية الاجتماعية الشاملة التي تضع الإنسان -بما فيه من طاقات واحتياجات وقيم- في مصاف غاياتها الأسمى.

وأضاف الكعبي، أن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك تشكل رمزا حيّا ونموذجا ناجحا في القيادة والريادة، فتنشر مبادئ التسامح والتعاون على المستوى الإنساني، وتساهم بعطاء غير محدود في مجالات الخير والبِرِّ على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، كما ترعى المبادرات الهادفة في مجالات التعليم والصحة، وفي العمل التطوعي والكثير من المجالات ومختلف الميادين.

تنويه مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية:

من جانبها قالت مريم الرميثي، مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن انعقاد المؤتمر للمرة الأولى في أبوظبي يأتي لِيُؤَكِّدَ الدور الرائد الذي تخطوه دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله في مجال التنمية المستدامة.

ونَوَّهَتْ الرميثي بالرؤية الاستراتيجية لإمارة أبوظبي التي جاءت لتعزز توجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في السعي إلى الاستمرار في خلق بيئة استثمارية متطورة ومجتمع آمِن، من أجل إرساء دعائم التنمية المستدامة لاقتصاد منفتح ومنافس عالميّاً.

وقالت الرميثي: إن كثافة المشاركة الدولية في المؤتمر تعكس إدراكا عميقاً ومستنيراً لقضية جوهرية تستحوذ على الاهتمام في المجتمعات الإنسانية كافة في الوقت الحاضر، خاصة أن العالَم يواجه حالياً مشكلتين من أهم المشاكل التنموية، تتمثل الأولى في أن كثيرا من الموارد التي نعتبر وجودها الآن من المسلمات مُعَرَّضَة للنفاد في المستقبل القريب، وتتمثل الثانية بالتلوث المتزايد الذي تعاني منه بيئتنا والناتجِ عن النشاطات الضَّارَّة للإنسان.

وأضافت: يُعْقَدُ المؤتمر في إطار حرص قياداتنا على الارتقاء بقيم الانتماء لأوطاننا، كي تحظى تلك الهموم المشتركة بالتفكير العميق والبحث الرصين، من لدن أهل الخبرة والرأي، حتى تكون متاحة للناس عموما.

وقالت الرميثي -في ختام كلمتها-: يتزامن انعقاد المؤتمر مع الذكرى الـ 40 لتأسيس دولتنا الحبيبة، وبهذه المناسبة اسمحوا لي أن أَسْتَبِقَ هذه المناسبة وباسم مؤتمر الأطفال العرب، والوفود المشاركة كافة أن أتقدم إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، وإلى الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأطيب التهاني وأحَرِّ التبريكات بهذه المناسبة الوطنية الغالية على قلوبنا.

كلمة مدير عام المركز الوطني للثقافة والفنون في المملكة الأردنية الهاشمية:

بدورها ثَمَّنَتْ (لينا التل) مدير عام المركز الوطني للثقافة والفنون في المملكة الأردنية الهاشمية رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لمؤتمر الأطفال العرب الدولي الحادي والثلاثين، وقدمتْ الشكر لمؤسسة التنمية الأسرية، كما شكرتْ اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر، ومعالي علي سالم عبيد الكعبي على جهودهم الكبيرة والمتميزة في التحضير للمؤتمر.

ولفتت (لينا التل) إلى أن استضافة مؤسسة التنمية الأسرية للمؤتمر في أبوظبي، ورعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، ودعمها له، هو دليل على تميز المؤتمر ونجاحه في تحقيق أهدافه، وخصوصاً المتمثلة في تعزيز التضامن والتعاون العربي وتبادل الخبرات.

وأعربت (التل) في ختام كلمتها عن فخرها واعتزازها بالشراكة مع مؤسسة التنمية الأسرية، والناتجة عن التقارب في الأهداف والرؤى والطموح في مجالات التنمية الاجتماعية بجوانبها كافة، بالإضافة إلى التشابه في العادات والتقاليد بين البلدَيْن.

اليوم الثاني:

الورقة العِلْمِيَّة لِوَكِيل دائرة التنمية الاقتصادية:

كَمَا أَكَّدَ (محمد عمر عبد الله) وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبو ظبي، خلال عَرْضٍ -قَدَّمَهُ في الجلسة الأولى لليوم الثاني من فعاليات المؤتمر- بعنوان (معايير وقيم الاستدامة الاقتصادية) أَنَّ دولة الإمارات أدركَتْ مُبَكِّراً أهمية الاستثمار بصورة كبيرة في البنية التحتية للطاقة النظيفة لمواجهة التغيرات المناخية، وتعزيز أمن الطاقة، وأصبحَتْ أول دولة في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية تلتزِمُ بإنتاج الطاقة النظيفة والمتجدِّدَة.

وأشار إلى أنه من أهم قطاعات الطاقة النظيفة التي سَعَتْ الدولة إلى الاستثمار بها قطاع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لافتاً إلى الجهود التي تقودها الإمارات في مجال الطاقة المتجدِّدَة، وترسيخ الاستثمار الأخضر ضمن محركات الاقتصاد المحلي، ما جعلها نموذجا عالميا يُحْتَذَى به في هذا المجال.

وذكر أن الاقتصاد الأخضر أو الاقتصاد النظيف يُعَدُّ خِيَاراً تسعى إمارة أبو ظبي إلى تحقيقه بالنظر إلى مساهمته في تحقيق جملة من الأهداف التنموية النوعية للإمارة يدعمها في ذلك شركة “مصدر”.

وتناول –أيضا- خلال العَرْضِ جهودَ التنمية المستدامة في الإمارة، موضحاً ما حَدَّدَتْه أجندة السياسة العامة التي أطلقتها الإمارة عام 2007 بأن التنمية الاقتصادية تُعَدُّ واحدةً من أربع مجالات رئيسية للسياسة العامة في الإمارة، وهي تنمية الموارد الاجتماعية، وتطوير البنية التحتية، والمحافظة على البيئة، والنهوض بمستوى الأداء الحكومي.

وأضاف أنه استناداً إلى أجندة السياسة العامة تم تطوير الرؤية الاقتصادية 2030 للإمارة، التي حَدَّدَتْ معايير النجاح الاقتصادي على المدى الطويل، والتي كان أحد أهم أهدافها تحقيق التنمية المستدامة، مُوَضِّحاً أنه لضمان تحقيق هذه المعايير، فقد نَصَّتْ الرؤية على أن تقوم الإمارة بإعداد وتطبيق استراتيجيات خماسية للتنمية الاقتصادية، لضمان تقدمها نحو تحقيق هذه الرؤية.

وقال: إنه تم إعداد أول خطة خماسية للتنمية الاقتصادية في إمارة أبو ظبي خلال عاميْ 2008- 2012 برئاسة دائرة التنمية الاقتصادية، مشيراً إلى أنها تُرَكِّزُ بشكل واضح على مسارات التنمية المستدامة، مُسْتَعْرِضاً عدداً من الجوانب المهمة في هذا الإطار، وهي أن يُصْبِحَ هناك مركز بارز لأبحاثِ وتطويرِ الطاقة المتجددة وتنفيذها، ويكونُ مرجعية للتنمية المستدامة، والاستحواذ على حصص كبيرة من اللاعبين الدوليين الحاليين، لِبِنِاء مكانة في السوق بشكل أسرع، بالإضافة إلى تطوير عروض محلية للبحوث والصناعة التحويلية وفرص الإنتاج، وتطوير مجمع إقليمي مستدام عالي التكنولوجيا، ورفع قدرات الابتكار المحلي، بجانب السعي نحو التميز والتفوق في التعليم والبحوث، لِخَلْقِ علماء ومهندسين محليين بمستويات عالمية.

واستدل وكيل الدائرة خلال العرض بأمثلةٍ تدل على جهود أبو ظبي في مجال التنمية المستدامة، وأهمها أن مساحة المحميات البحرية بالإمارة تشكل 9ر8 في المائة من مساحة المنطقة البحرية في إمارة أبو ظبي، فيما تبلغ مساحة المناطق التي تَمَّ إعلانها محميات برية ما يعادل خمسة في المائة من المساحة الجغرافية للإمارة.

وأضاف أن حكومة أبو ظبي قامت خلال عام 2008 بإنشاء مركز متخصص لإدارة النفايات بهدف تحسين إدارة النفايات في أبو ظبي، ووضع أنظمة وبرامج متطورة ومستدامة لإدارة النفايات في الإمارة، كما وأن هيئة البيئة تقوم بإعادة استخدام مياه الصرف الصحي في رَيِّ الحدائق العامة، بجانب تخطيطها لتنفيذ مشروع استخدام مياه الصرف الصحي في رَيِّ المحاصيل الزراعية لـ 220 مزرعة في منطقة النهضة، بعد معالجتها رباعيا، بما يوفر ستة ملايين جالون من المياه يوميا.

ووصَفَ مدينةَ “مصدر” التي تبلغ مساحتها ستة كيلو مترات مربعة، بأنها قصة نجاح واقعية لمساعي حكومة إمارة أبو ظبي نحو تحقيق الاستدامة، باعتبارها أكثر مدن العالم استدامة، فهي مجمع عالمي صاعد للتقنيات النظيفة، سَيُتِيحُ للشركات التي تتخذها مَقَرّاً لها، على أن تكون قريبة من مركز تطوير قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة.

وعلى الصعيد ذاته، قال: إن استضافة أبو ظبي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “إيرينا” يُعَدُّ خطوة لدعم وتتويج جهود دولة الإمارات بشكل عام، وإمارة أبو ظبي بشكل خاص، في مجالات البحث والتطوير في حقل الطاقة المتجددة.

وأَكَّدَ حرصَ حكومة إمارة أبو ظبي على المضِيِّ في تحقيق اقتصاد المعرفة والتنمية المستدامة عَبْرَ بناء مجتمع متطوِّر، يَعْتَمِدُ على اقتصاد المعرفة، ويُعَدُّ الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز البحث العلمي والتطوير، وخصوصاً في المجال البيئي والطاقة المتجددة والاستثمار في الموارد البشرية. وأضاف أن التحول إلى الاقتصاد المعرفي أَحَدُ أَهَمِّ الأُسس التي تقوم عليها استراتيجية التنمية في أبو ظبي انطلاقاً من الرؤية الاقتصادية لعام 2030 لافتاً إلى أن أبو ظبي تَتَبَنَّى عددا من المبادرات الوطنية الرامية إلى سرعة تحقيق هذا التحول، التي تتركز في مجملها حول ما يعرف بركائز إطار الاقتصاد المعرفي، التي اقترحها البنك الدولي، وتشمل البيئة الاقتصادية والابتكار والتعليم وتقنية المعلومات والاتصالات.

وأشار إلى سعي أبو ظبي نحو تفعيل حلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدفع عجلة برامج التنمية المستدامة، وتطوير مجتمع يعتمد على المعرفة، مؤكدا أن نجاح ربط البحث العلمي بالتنمية، يَكْمُنُ في التنسيق التام بين القطاع الخاص التعليمي منه والاقتصادي، والقطاع العام الحكومي بالدولة بما يضمن تطوير المجتمع عبر زيادة جودة التعليم الجامعي وتوظيفه في اقتصاد المعرفة.

اليوم الثالث:

كَلِمَتَا مدير إدارة التثقيف الصحي في هيئة الصحة، والأمين العام لهيئة البيئة بأبوظبي:

أَمَّا الجلسة الثالثة فقد انْعَقَدَتْ في مركز بوابة أبو ظبي لمؤسسة التنمية الأسرية، والتي دارَتْ حول المعايير وقيم الاستدامة البيئية والصحية، بمشاركة رزان خليفة المبارك، الأمين العام لهيئة البيئة بأبو ظبي، وأمنيات الهاجري مدير إدارة التثقيف الصحي في هيئة الصحة بأبو ظبي.

وتحدثت الهاجري خلال الجلسة التي عقدت في ثالث أيام المؤتمر عن الاستدامة الصحية، مشيرةً إلى صحة الأطفال والمراهقين في إمارة أبو ظبي، وقالت: وفقاً لإحصاءات هيئة الصحة العام الماضي، بلغ تعداد الأطفال والمراهقين دون سِنِّ العشرين في إمارة أبو ظبي أكثر من 450 ألف مراهق، ( ما يزيد على ربع العدد الإجمالي لسكان الإمارة).

وأضافت: تَمَكَّنَّا من خلال برنامج الإبلاغ الإلكتروني من جمع بياناتٍ لما يقارب من 85 ألف طالب وطالبة، حيث بَيَّنَتْ النتائج أن أكثر من 30 % منهم لديهم زيادة في الوزن أو يعانون السمنة، مشيرة إلى إطلاق حملة (صحتي في غذائي) في يناير الماضي بـ 25 مدرسة من المدارس الحكومية والخاصة في إمارة أبو ظبي، وسوف يتم توسيع الحملة لِتَشْمَلَ أكبر عدد ممكن من المدارس المشاركة.

وأوضحَتْ أن من إنجازات هيئة الصحة تعزيز التدخلات المأمونة للتعامل مع الأخطار المحتملة، والحصول على الخدمات والدعم المناسب، من خلال التعاون مع شركة (صحة)، ومجلس أبو ظبي للتعليم لتنفيذ برنامج المسح الصحي الشامل للطلاب، والذي يتضمن كشفاً طبياً للحالة الصحية العامة والسَّمْع، والكشف عن حالات فقر الدم، وتقوسات العمود الفقري، مشيرةً إلى أنه تم بالفعل فحص 26 ألف طالب وطالبة بناء على معايير الهيئة للفحص الشامل في المدارس.

وأكدَتْ أن الهيئة تعمل بالتعاون مع مجلس أبو ظبي للتعليم وهيئة أبو ظبي للرقابة الغذائية على تحسين الأوضاع المرتبطة بصحة الأطفال والمراهقين من خلال استكمال معايير المقاصف المدرسية بإمارة أبو ظبي.

من جانبها، تحدثت رزان خليفة المبارك، الأمين العام لهيئة البيئة بأبوظبي، عن قيم الاستدامة البيئية، مؤكدة أهمية العمل على حماية البيئة وتحقيق الاستدامة البيئية، من أجل توفير حياة أفضل للجميع.

وتفقد –أيضاً- في اليوم الثالث محمد خلفان الرميثي، مدير عام الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، فعاليات المـؤتمر في مركز بوابة أبو ظبي بمؤسسة التنمية الأسرية، وتوقف عند الجهات المساهمة والداعمة، وتَعَرَّفَ إلى نوع المشاركات ودورهم في المؤتمر.

وقال: إن المؤتمر يمثل الكثير للمجتمعات العربية، خاصة أن الأطفال من أهم الركائز لأي مجتمع.
وحول دور الهيئة الوطنية للطوارئ والأزمات، قال: هدفُنا الحمايةُ للجميع، ونحاول غرس ثقافة معالجة الأزمات والأخطار في المدارس عند الأطفال، ونستفيد من وزارة الداخلية في إلقاء المحاضرات التوعوية لطلاب المدارس، حول كيفية تفادي الأخطار في حافلة النقل وحوادث المنازل.

اليوم الرابع:

ناقشت فيه -خِلالَ الجلسة التي أدارَتْهَا الدكتورة (هاجر الحوسني) عضو مجلس أمناء مؤسسة التنمية الأسرية- معايير وقيم الاستدامة الاجتماعية. وتناول العرض الذي قدمته الدكتورة (جميلة خانجي) مستشار دراسات وبحوث مؤسسة التنمية الأسرية، خلال الجلسة، أبرز مفاهيم الاستدامة الاجتماعية (قيم وأصالة)، ودورها في تعزيز المواطنة لدى الأطفال والمراهقين، مؤكدة على ارتباط مفهوم التنمية الاجتماعية بالعمليات والبرامج والمشروعات التي تهدف إلى تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطراف المجتمع، بالإضافة إلى مفهوم التنمية البشرية الذي يعنى ويهتم بتعزيز قدرات الفرد، وإشباع حاجاته، وقياس مستوى معيشته، وتحسين أوضاعه في مجتمعه، وتوفير الحياة الكريمة للفرد، أَيْ نوعية الحياة التي يعيشها الفرد في المجتمع، من ناحية بيئية وصحية واقتصادية واجتماعية.

وأكدَتْ الدكتورة جميلة على دور الأطفال واليافعين في تفعيل دور التنمية الاجتماعية المستدامة، مشيرة إلى أن إحصاءات الأمم المتحدة واليونيسيف، تشير إلى أن عدد الأطفال في العالم يصل إلى بليوني طفل، أي نحو 20% من سكان العالم من دون العشرين عاماً، كما أن أكثر من نصف سكان الدول العربية من الشباب، وقد تصل النسبة في بعض الدول إلى65% منهم. مشيرةً إلى أن التنمية المستدامة، تعنى بتوفير حياة كريمة ذات دلالات نوعية في المجال الصحي والبيئي والاجتماعي والاقتصادي .

وشدَّدَتْ الدكتورة جميلة على أهمية الثقافة والتعليم ودورها الفاعل في تحقيق التنمية المستدامة، مشيرةً إلى أن نسبة الأمية في دولة الإمارات لعام 2008 بلغت 2%، بينما وصل عدد الأشخاص الأُمِّيِّينَ في البلدان العربية إلى 60 مليون شخص، فيما أكَّدَتْ تقارير (منظمة اليونيسكو) أن هناك أمياً واحداً بين كل خمسة أشخاص في العالم، مضيفة أن هناك 115 مليون طفل أُمِّيّ حول العالم ،من بينهم 90 مليوناً من الإناث .

مِنْ جَانِبِهِ تناولَ الدكتور (جاسم محمد المرزوقي) رئيس قسم الدراسات والبحوث الأسرية، في مؤسسة التنمية الأسرية ،مفهوم ومكانة الانتماء ودوره في تعزيز المواطنة لدى الأطفال والمراهقين، مشيراً إلى أن مظهر التطور المستدام مظهر اعتيادي من مظاهر الحياة، خاصة في ظِلِّ العولمة، التي جَعَلَتْ من قُرَى العالَمِ مدينة تَرْبِطُهَا شبكةٌ من قنوات الاتصال السلكية واللاسلكية والإلكترونية والإعلامية المتجددة التطوير، وأصبحت هذه الشبكات ذات تأثير على الحياة الاجتماعية بشكل كبير. وأضاف أن ما تَتَطَلَّبُهُ عملية البِناء في كثير من دول العالم، هجرة العمالة للمساهمة في بناء حضارات الدول التي تسعى نحو التقدم، ومضاهاة دول العالم المتقدِّم في نواحي الحياة كافة، وما لهذه العمالة من تأثير سلبي أحياناً على ثقافة هذه الدول، وما لنواتج الغزو الفكري الهادم -الناتج عن العولمة- من تأثيرٍ على عقولِ الشعوب، وزعزعةِ استقرارها وبنائها النفسي والشخصي .

كما ناقش أفضل طرق وأساليب التعبير عن الانتماء والمواطنة، ودور المؤسسات كالأسرة والمدرسة والإعلام، والأندية الاجتماعية والثقافية والرياضية، إضافةً إلى دَوْرِ الفرد نفسه في تعزيز الانتماء والمواطنة لدى الأطفال والمراهقين، مؤكداً على ضرورة الشعور بالانتماء والمواطنة وعلاقتهما بالنجاح الأكاديمي والمهني.

اليوم الخامس:

تَضَمَّنَ ندوات ومحاضرات وورش عمل صباحية، نَجَحَتْ في استقطاب العديد من المهتَمِّين والمتخصصين في مجال الطفولة والاستدامة، وخُصِّصَتْ وَرَقاتُه العِلْمِيَّة لطرح ومناقشة استراتيجيات تقنيات المعلومات الخضراء، كنموذج للنهج المؤسسي البيئي لوزارة الداخلية في الإمارات.

وسَلَّطَ المقَدَّم (فيصل محمد علي الشمري) مدير مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل، خلال محاضرَتِهِ -التي ألقاها على مسرح مؤسسة التنمية الأسرية بمركز مدينة بوابة أبو ظبي- الضوءَ على جهود وزارة الداخلية في مجال المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة، ودَلَّلَ على ذلك بمشاركة الوزارة في فعالية الحدِّ من التغير المناخي العالمي (ساعة الأرض) للعام الثالث على التوالي، بتوجيهات من الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، مشيراً إلى أن الوزارة قامَتْ بإطفاء الأنوار والأجهزة الكهربائية في جميع مَبَانِيهَا ومباني القيادات والإدارات العامة.

وقال، إن 2 بالمائة من إجمالي الانبعاثات الكربونية عام 2007 نَجَمَتْ عن قطاع التقنيات والاتصالات الحديثة (إي سي تي) و14 بالمائة من هذه الانبعاثات من مراكز البيانات، مشيراً إلى تقديرات وكالة حماية البيئة الأميركية بأن أجهزة الخوادم ومراكز البيانات، تستهلِكُ قرابة 5ر1 بالمائة من إجمالي استهلاك الكهرباء، أو قرابة 5ر0 بالمائة من انبعاثات غازات البيوت الخضراء الضارة خلال نفس العام، وأن دراسةً كشفَتْ أن انبعاثات غازات البيوت الخضراء الضَّارَّة، الناجمة من مراكز البيانات، سَتَصِلُ إلى ثلاثة أضعاف حجم الانبعاثات الحالي عام 2020 .

وتعليقاً على مشاركة الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات، في فعاليات المؤتمر، قال -محمد (خلفان مطر الرميثي) مدير عام الهيئة-: إن المؤتمر يمَثِّلُ الكثيرَ للمجتمعات العربية التي يجب أن تُرَكِّزَ على الأطفال، والذين يُشَكِّلُون عماد المستقبل، وعلى التنمية البيئية، ومختلف الأمور الإيجابية التي يجب أَنْ تُقَدَّمَ بطريقةٍ سَهْلَةٍ للصغار، مشيراً إلى دور الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات في تعزيز مسيرة التنمية المستدامة في الدولة، والذي يهدف إلى توفير الحماية المدنية للجميع، ومحاولة غرس ثقافة معالجة الأزمات والأخطار في المدارس ولدى الأطفال، بمساعدة الجهات والمؤسسات ذات العلاقة.

وأَكَّدَ (الرميثي) أن الدور الرئيس للهيئة، هو حماية دولة الإمارات وتوفير الحماية المدنية لكل المقيمين على أرضها من الحوادث الكبرى، سواء الطبيعية أو تلك الناتجة عن فِعْلٍ بَشَرِيٍّ، مشيراً إلى أن الهيئة تحرص على القيام بدورها كاملاً، وتتعاون وتتفاعل مع جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الرسمية في الدولة.

كما استضاف المؤتمر ضمن فعالياته الطالب الجزائري (لؤي خالد)، الذي يَدْرُسُ في إحدى المدارس الخاصة في أبو ظبي، والذي لا يتجاوز عمره 13 عاماً، ورغم ذلك أصبح مؤلفاً وكاتباً، وأَصْدَرَ كتابَيْن، وتحَدَّثَ الطالبُ عن تجربته في مجال الكتابة، مشيراً إلى أنه كتب أول قصة له بعنوان (في بيتنا قِطٌّ) وكان عمره 7 سنوات، ثم أَتْبَعَهَا بإصدار كتابه الثاني بعنوان (صديقي العراقي).

الْأُوبريت يَتَنَبَّأُ بمستقبل وَاعِدٍ لِأَجْيال الغَد:

وعَكَسَ المؤتمر في أنشطته وفعالياته حقيقة الروابط القومية والثقافية والتاريخية المشتركة التي تُوَحِّدُ بين الأطفال كأبناء أمة عربية واحدة، والتواصل والانفتاح على الثقافات العالمية، وترسيخ القناعة لديهم بحقيقة انتمائهم إلى ثقافة عربية مشتركة مُوَحَّدَة.

وشارك في المؤتمر 150 طفلاً يمثلون 15 دولة عربية وأجنبية.

كما قَدَّمَتْ مؤسسة التنمية الأسرية خلال الفعاليات "أوبريت التنمية المستدامة"، الذي جَسَّدَ جهود أبوظبي عاصمة الاستدام، وهو من كلمات الشاعر الإماراتي كريم معتوق، وألحان خالد ناصر، وغناء المطربة عريب، وبمشاركة 100 طفل من الإمارات من مدرسَتَيْ الأصايل وساس النخيل.

وتَضَمَّنَ العمل الفني من عدة مشاهد تُمَثِّلُ حكايةَ الأرض، وتَكَدُّسَ النفاياتِ والفقرِ والجوعِ الذي تُعاني منه العديد من الدول.

كما نَقَلَ صورة الأرض، وهي تستعيد عافيتها بعد أن أَسْهَمَتْ الجهود الدولية في تخليصها من تدمير الموارد الطبيعية، وتَخَلَّلَتْهُ اللوحات التعبيرية التي تحكي قصة الاستدامة، وتتخذ من أبوظبي نموذجاً للتنمية المستدامة المرتجاة من أجل المحافظة على مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

وَتَحْمِلُ فكرةُ (الأوبريت) في طياتها دعوة عاجلة وملحة لاعتماد مبدأ التنمية المستدامة لجعل العالم مكاناً أفضل لمستقبل واعد لأجيال الغد، وتجسد شعار المؤتمر وفكرته المبتكرة، حيث عبر الأطفال عن شخوص الصغار من مختلف الجنسيات والأعراق، ووقفوا على أرض الواقع الذي يعيشه العالم في بعض أنحائه الملوثة والمتضررة بالاستهلاك السلبي للإنسان لمصادر الأرض، وأنشدوا حلمهم المستقبلي بمدينةٍ أكثرَ اخضراراً، وتطوراً ينبض بالحياة الصحية والبيئية النظيفة والنقية، أملهم أن تعيش هذه الأجيال في صفاء ونقاء وأمن وسلام.

وسَلَّطَ (الأوبريت) الضوء على موضوع المؤتمر ومحاوره بأسلوب استعراضي، جَمَعَ بين الغناء والحركات الإيقاعية والتمثيل، بِلُغَةٍ فنية، وبانسيابيةٍ استطاعت توصيل فكرة المؤتمر للأطفال والجمهور في لوحاتها الفنية التعبيرية.

وقالت شيخة الجابري رئيسة فريق (أوبريت الاستدامة): إن الأوبريت أُنْجِزَ في شكل لم نتوقعه أبداً، مقارنة بالحَيِّزِ الضيق الذي استغرقه التدريب، بحيث لم يتجاوز أسبوعين، أما فكرة الأوبريت والكلمات والتلحين، فقد استغرق العمل عليها أكثر من 3 أشهر.

وتُضِيفُ: توصيل الفكرة للأطفال عن الاستدامة، وعن محتوى المؤتمر من أجل تلخيصه في هذه الأوبريت لم تكن عملية سَهْلَةً، مشيرةً إلى أن أطفال مدرستَيْ ساس النخيل للطلاب وأصايل للبنات، كانوا في المستوى المطلوب، على الرغم من الصعوبات التي وجدناها في إيصال الفكرة إلى أذهانهم، فالعَرْضُ ليس راقصاً بقدر ما هو حركات تعبيرية تحمل رسالة وهدفاً، فالعرض يحمل قضية، ومن جانب آخَر هو تطويع الشعر لخدمة هذه القضية.

وتُوَضِّحُ الجابري أن فكرة (الأوبريت) والمحتوى الكلامي لها كان من إنجاز مريم الرميثي المدير العام لمؤسسة التنمية الأسرية وتوجيهاتها، مُوَضِّحَةً أن الرميثي هي من رَسَمَتْ الفكرةَ وقَرَّبَتْهَا أيضا للشاعر كريم معتوق الذي انطلقَتْ أشعارُه بعد ذلك، وتحدَّثَ عن فكرة الاستدامة وصاغها أشعاراً، بحيث أرادتْ تَلْخِيصَ المؤتمر في أشعار.

كَمَا عَبَّرَ (الأوبريت) بتعابير جَسَدِيَّة عن حالات الحزن والفرح والفقر والبؤس، حيث عَلَتْ التعابيرُ وجوه الأطفال ، فكان لزاماً أن تظهر في تصويرهم للمشهد بقتامة شكوى الأرض نفسها، وهذا ما أراده فريق العمل المنفِّذُ للأوبريت. وإلى ذلك تقول الجابري: كان لزاماً أن نُبَسِّطَ الفكرة للأطفال، خاصة لبطلة (الأوبريت) وهي الطالبة صفية عباس الهاشمي، التي بَرَعَتْ في تأدية دورها وأَتْقَنَتْهُ، وأَوْصَلَتْ رسالةَ الأرض، وهي مَنْ مَثَّلَتْ الأرضَ وحملَتْ همومها وحزنها وفرحها أيضاً.

وأشارتْ إلى أن تطويع طفل من أجل قضية ليس بالأَمْرِ الهَيِّن، حيث كانت دائماً تقول للأطفال جَسِّدُوا الكلمةَ، وامْنَحُوهَا إحساسا لِيَشْعُرَ بها المتَلَقِّي، وكان الاعتماد بشكل كبير على اليَدَيْنِ وعلى الرَّقَبَة، وحركة الجسد بشكل عام.

وعن الأزياء تقول الجابري: طَرَحْنَا مناقصةً، دخلَتْ في المنافسة عليها خَمْسُ شركات، وفازتْ بها المصممة آمنة المهيري، التي أَبْدَتْ تعاونا كبيرا جدا، بحيث تفهمت الفكرة، وكانت تتعامل بمرونة كبيرة في تنفيذ الأفكار، وكانت تُعَدِّلُ في الوقت الضَّيِّق، ونَفَّذَتْ رؤيةَ المخْرِجِ بشكل جيد، حيث رَسَمَتْ فكرةَ الملابس، وبَحَثَتْ كثيراً عن الأزياء الفلكلورية لكل الدُّوَل، ولم ينحَصِرْ تصميمُها للأزياء على الدول المشاركة في المؤتمر فحسب، وإنما تجاوز ذلك إلى الدول الأخرى، لأن أبو ظبي تروم تمرير رسالة للعالَمِ أجمع، للحفاظ على الموارد الطبيعية، ومن خلال التنمية المستدامة.

وحول كلمات (الأوبريت) قالت الجابري: إنها لَوَّنَتْ الحياة بالرُّعْبِ والفَقْر، وكلُّها كلماتٌ كانت في عمق الأبيات الشعرية، حيث استطاع الفنان الملحِّن (خالد ناصر) أن يستخرج منها هذه القطعة الفنية، بحيث أنطق الكلمات، وسَهَّلَ ترديدها من طرف الأطفال، فرددها 84 طفلاً، منهم 43 طفلة، أما اختيار المخْرِج (محمود أبو العباس)، فكان صائباً، لِمَا له مِنْ خبرة واسعة جِدّا في التعامل مع الأطفال، وهو متخصص في مسرح الطفل، ومؤلف مسرحي.

وتُنَوِّهُ الجابري بكل الجهود والتعاون والدعم الذي قدمه مجلس أبو ظبي للتعليم، معربةً عن تقديرها لمدرسة الأصيل للطالبات، ومدرسة ساس النخل للطلاب، والمشرفات والمدَرِّسَات اللواتي رافَقْنَ الطلبة طوال فترة التدريب.

أما عن اختيار الفنَّانَة عريب لأداء الأوبريت، تقول الجابري: كنا بحاجة إلى صوتٍ جَبَلِيٍّ قوي، يُجَسِّدُ صوت الأرض، عندما تتألَّمُ وعندما تفرح، فكان اختيارُنا للفنَّانة عريب. كما أدخَلْنَا لوحات وسط مشاهد (الأوبريت) من الليزر والجرافيكس، تُعَبِّرُ عن تحوُّل الأرض، والجهود الدولية من أجل إنقاذِها، وتُجَسِّدُ الحلم الكبير لبناء المدينة النظيفة النقية، التي تُعْتَبَرُ نموذجاً لحُلْمِ الأطفال وطموحَ الجميع في عالَمٍ نَقِيٍّ، وحَقَّ الإنسان في بيئة نظيفة.

وبِالتَّشْمِيرِ عَنْ سَاعِدِ الجِدِّ لم يستغرق التدريب على مشاهد (الأوبريت) إلا أسبوعين، قطَعَتْهَا عطلة العيد، مما جعل المدربين والمشرفين على تنفيذ هذا العمل يتخوفون من النتائج، هذا ما فَسَّرَتْهُ (رانيا الشريف) منسق برامج صحية بمؤسسة التنمية الأسرية، ومُصَمِّمَة لوحات تعبيرية في (الأوبريت).

وقد ضُمِّنَ (الْأُوبريت) ثلاثةَ مشاهد، تَمَيَّزَتْ بالحِسِّ الفَنِّيِّ، وتوازُنِ حركاتِ الإيقاعِ المُوسيقِيِّ، وتوصيلِ الفِكرة المُسْتَهْدَفَة للحَاضِرِين.

المَشْهَدُ الأول: تَجَسَّدَ على مسرح قصر الإمارات، إذْ تَمَّ عرْضٌ سنيمائي يوضح ما تتعرض له الأرض من تلوث ومخلفات ونفايات من بؤس وفقر وأمراض وحرائق وفيضانات وقطع أشجار، ثم دخلت طفلة مُبْدِعَةٍ تلبس الكرة الأرضية ملطخة بألوان سوداوية قاتمة، تُعَبِّرُ عن الاعتداء الذي تتعرض له من طرف البشر، فشَكَتْ هَمَّهَا وصُرَاخَهَا لِتُسْمِعَ صوتها إلى الأطفال، وصَدَحَتْ الأرضُ بصوت المطربة الإماراتية، وبكلمات الشاعر الإماراتي كريم معتوق، وظهر الأطفال بملابس تَنُمُّ عن الفقر والجوع الذي يتعرض له البعض منهم في مختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من بُؤْسِ وقتامة الواقع، ظهرتْ بناتٌ على المسرح يتوَشَّحْنَ بالبياض الناصع، بُرْهَاناً على أنه ما زال هناك من يُدافع على السلام والنَّقَاء، برغم ما وصلت إليه الأمور من تلوث... هكذا دَعَتْ الأرض إلى ضرورة إنصاف الأجيال المقبِلَة. وعلى الرغم من الكلمات الشعرية العصية التي تُعَبِّرُ عن الاستدامة، فإنه تَمَّ تطويعها باللحن الذي أحياها وبَثَّ فيها الروح، مما جعل الجميع يتفاعل معها.

والمشهد الثاني: عبارة عن عرض سينمائي للأرض، بِحُلَّةٍ جديدة، حُلَّةِ التطوير تحت شعار التنمية المستدامة، واستعراض مشاهد التنمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية كافة، بحيث تَدْخُلُ الأرض بحلة جديدة تغمرُها الراحة والسعادة، يَتْبَعُهَا أطفال من كافَّة الجنسيات، بملابس نظيفة وتعابير الفرح والسعادة والرضا مرسومة على وجوههم، تَغَنَّوْا بفرحة الأرض وسعادتها، وعَبَّرُوا عن أملهم الحقيقي وتصورهم لسعادة أطفال العالَمِ كلِّه، أن يَتَحَقَّقَ هذا المراد. ونطقَتْ الأرض بأبيات شعرية تَشْكُرُ فيها سرعة الاستجابة للنداء للمحافظة على مواردها التنموية، ورفع راية التنمية المستدامة بما يحقق الإنصاف والعدالة، كما صدح الأطفال بدورهم بأصواتهم الرقيقة العَذْبَة بِأَبياتِ شُكْرٍ وتقديرٍ للجهود الدولية للمحافظة على استدامة الموارد للأجيال المُقْبِلَة.

وفي المشهد الثالث: تجتمع الأرض والأطفال في مشهد جماعي يَشْكُرُون بِأَبياتٍ شِعْرِيَّةٍ سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك راعية الحفل، وجلالة الملكة نور الحسين رئيسة المؤتمر، على تنظيم مؤتمر يُسَلِّطُ الضوء على موضوعٍ جديدٍ يُوعِي الأطفال لموضوع الاستدامة ويُزَوِّدُهم بالأدوات والأساليب التي من خلالها يحافظون عليها. أَجَلْ... إِنها لوحاتٌ تعبيريةٌ أبهرَتْ الجميع.
ليلةُ السَّمَر الدّوليَّة:

افْتُتِحَتْ في الهواء الطَّلْق بحديقة فندق نادي الضباط، وسافر معها الحضور إلى عوالم ثقافية تراثية حضارية لدولة الإمارات. حيث صَدَحَتْ فيها أصواتُ البنين والبنات بالْأَهازيجِ والْأَناشيد، وتفاخروا بأنهم على أرض الإمارات، وتنافسوا على إظهار وجه بلدهم الثقافي والحضاري، وموروثها الشعبيِّ، وما تحمله ذاكرتها من فنون وصناعات يدوية وعادات وتقاليد. عُرْسٌ شاركَتْ فيه دول أجنبية وعربية، وتخَلَّلَتْه عروضُ وفود الدول المشاركة.

كَمَا ازَّيَّنَتْ الحديقة بمعالم تراثية، بمساهمة القرية التراثية، وظهر على جنبات المدخل الرئيسي لمسرح الحفل «أكشاك» على الجانبَيْنِ، عُرِضَتْ فيها على سبيل الذِّكْرِ: الدُّكَّان القديم في الإمارات، وما كان يشمله من حلويات ومستلزمات منزلية، وجانِبٌ آخَرُ جلس فيه (المطَوَّعُ) يُحَفِّظُ الصغار القرآن الكريم، وأكشاكٌ أخرى عُرِضَتْ فيها الملابس التراثية الإماراتية، وجَلَسَتْ نساءٌ في خيمة كبيرة تُقَدِّمَ للزائرين «الُّلقَيْمَات والرُّقَاق» التي أَمْسَيْنَ على تجهيزها في عين المكان، بينما استمتع الأطفال الزوار والأطفال المشاركون في المؤتمر بركوب الجِمَال وبالألعاب في الحديقة.

كَمَا عَرَفَ برنامج ليلة السمر الدولية تنوعاً كبيراً، حيث بدأ على أنغام فرقة أبو ظبي للفنون الشعبية، ثم عَرْضٍ للفرقة الوطنية الإماراتية، تَلَتْهُ فقراتٌ أُخْرَى أَشَادَتْ بِهَا (شيخة نادر القبيسي) المسؤولة عن هذه الليلة إِذْ قالتْ: هي ليلة دولية نُظِّمَتْ في جَوٍّ تراثي ساحر، في هواء إمارة أبو ظبي، تخلَّلَتْها العديد من الأنشطة الفنية والتراثية، على مدار 3 ساعات ونصف، بعد العروض الشعبية الافتتاحية للسهرة، وقَدَّمَ المطرب (منذر الجنيبي) وَصَلَاتِهِ الغنائية التي صدح بها للمرة الأولى على مسرح خشبة ليلة السمر، حيث تفاعل معها الجمهور وأطفال أوبريت الاستدامة، بينما رافَقَتْهُ طالبات مدرسة الأصايل للبنات في تقديم رقصات شعبية. وبعد ذلك بدأت الوفود المشاركة في تقديم عروضها الفنية والثقافية، وتخلَّلَتْ هذه العروض عرض أزياءٍ للملابس التقليدية، وكانت العارضاتُ طالباتٌ من المدارس.

وبرع أطفال (فرقة أبناء المزاريع لليولة) في تقديم عرض مميز في فَنِّ اليُولَة، وصاحبَتْهُمْ رقَصَاتُ بنات مدرسة الأصايل أيضاً. أما العرض الممَيَّزُ الذي وقف له الجميع هو زَفَّةُ وَزُهْبَةُ العَرُوس الإماراتية الذي صاحَبَتْهَا أهازيجُ الفَرَح.

بالإضافة للعروض القوية التي قَدَّمَتْهَا كُلُّ الوفود المشارِكَة في المؤتمر بتشكيلات مختلفة من الملابس التراثية لكلِّ بَلَدٍ، حيثُ قَدَّمَ بعضُهم معزفات ورقصات فردية لبعض الأطفال المميزين والموهوبين. وقالت (حسناء سليمان المعمري) من الوفد العماني الذي يشارك بأربعة أطفال، إنها أسهمت في ورشة الشعر والنثر، وتعرفَتْ من خلال هذا المؤتمر إلى جنسيات أخرى كثيرة، وتبادَلَتْ الأفكارَ والمعلومات، كَوَّنَ ذلك زاداً في حياتها العلمية والمعرفية، وأضاف إلى حصيلَتِها المعرفية الشيء الكثير، وأَضافتْ: أما هذه الليلة فقد أتاحتْ لِي التعرف إلى التراث الإماراتي، وما يزخر به هذا البلد من تَنَوُّعٍ، حيث اطَّلعتُ على جناح القرية التراثية وما تَعْرِضُهُ من تاريخ للتدريس، وجانب من الألعاب الشعبية والدُّكَّان القديم، كما أتاحَتْ لِي عروض الأزياء التعرف إلى جانب من الملابس التقليدية.

اليوم الأخير:

طالب مؤتمر الأطفال العرب في ختام أعماله بأبو ظبي الدول بضرورة تَبَنِّي استراتيجيات واضحة حول التنمية المستدامة في مجال البيئة والصحة والجانبَيْنِ الاقتصادي والاجتماعي لتُلَبِّي احتياجات الأجيال القادمة، والاستفادة من الاستراتيجيات، والخطط والبرامج التي أَعَدَّتْهَا شعبةُ التنمية المستدامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.

وطالب المؤتمر في توصياته التي سيتم رفعها إلى جامعة الدول العربية، ومنظمة الأمم المتحدة، و(اليونيسف) والجهات ذات الاختصاص، الحكوماتِ بوضعِ ضوابطَ على المصارف والمؤسسات الاستثمارية لضمان الاستثمار الآمن والمستدام للأجيال القادمة، وتعميم تجربة (مدينة مصدر) في أبو ظبي باعتبارها النموذج الأمثل للمدن المستدامة العالمية، حيث تُعَدُّ من أفضل التجارب الدولية في هذا المجال.

ودعا المؤتمر الذي استمَرَّتْ أعمالُه ثمانية أيام، إلى تَبَنِّي برامج التوعية في مجال التنمية المستدامة في المناهج، كبرامج أساسية، ودراسة استفادة العملية للطلبة منها، وطالب المؤتمر وزارات الثقافة والإعلام والتراث والتربية بتَبَنِّي برامج لتعزيز الهوية الوطنية، والمحافظة على الإرث التاريخي والثقافي، لتحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية المستدامة، إضافة إلى تَبَنِّي كل طفل مشارك في المؤتمر بمحَوِ أُمِّيَّةِ ثلاثة أفراد من المحيطين به، بالتعاون مع الجهات المختصة في كل دولة، وتَبَنِّي الأطفال العرب اللغة العربية في التواصل مع أقرانهم من الأطفال، من خلال استخدامات كافة وسائل التكنولوجيا الحديثة، وبالأخص قنوات التواصل الاجتماعي.
وتَعَهَّدَ المشاركون في فعاليات المؤتمر بالالتزام بوثيقة الاستدامة والعمل بها. وحَثَّ المشاركون الدول على تكثيف حملات التوعية الخاصة بتدوير النفايات، وتوفير المستلزمات اللازمة لها للأسرة والمجتمع، لضمان تطبيقِها وسَنِّ القوانين والتشريعات الملزمة للقطاع الصناعي بالاستخدام الأمثل لمخلفات النفايات وملوثات البيئة وِفْقاً لمعاييرِ الاستدامة البيئية والصحية.
ودعا المؤتمرُ في توصياتِهِ الحكوماتِ إلى دعم منتجاتها للمحافظة على الصحة العامة المحقِّقَة للاستدامة الصحية، وتعزيز ودعم التبادل الثقافي بين الدول، بما يخدم مفهوم التسامح وقبول الآخر، بالتعاون مع المنظمات ذات الصلة، وتعزيز الوعي بأهمية الترشيد الأمثل للاستهلاك والإنفاق، بما يخدم متطلبات التنمية المستدامة.

وأشادت (مريم الرميثي) مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية، بنجاح المؤتمر، وقالت: إن استضافة المؤسسة له وتنظيمه بالتعاون مع المركز الوطني للثقافة والفنون التابع لمؤسسة الملك الحسين، تجربة لشراكة استراتيجية نموذجية لمسنا بوادر نجاحها منذ حفل الافتتاح وحتى الجلسة الأخيرة.

ولَفَتَتْ إلى أن الفعالياتِ شهِدَتْ حضورَ ما يقارب 1500 شخص، تفاعل الأطفال مع شعار المؤتمر وورش العمل التي شارك فيها الأطفال والمشرفون من الدول العربية والأجنبية وفرق العمل المنظَّمَة، وتبادلوا المعارف والخبرات والثقافات، التي عَزَّزَتْ لديهم قيماً عديدة، سيستفيدون منها في حياتهم المقبلة، خاصة بعد إطلاق مبادرتَيْ جائزة الطفل العربي الدولية، وشبكة الأطفال العرب الدولية.

ولفَتَتْ إلى أن فريق عمل المؤسسة سيتواصل مع المشاركين في المؤتمر من الأطفال بهدفِ قياسِ مدى استفادتهم من الجلسات وورش العمل حول موضوع «التنمية المستدامة»، وتطبيقها والاستفادة منها في حياتهم العملية، بالإضافة إلى التقييم العام والحيادي لتنظيم المؤتمر الذي سيقوم بإعداد تقرير حوله نخبة من المختصين من الجامعات ومراكز البحوث والدراسات الذي شاركوا في الجلسات وورش العمل.

من جانبها، أَكَّدَتْ (لينا التل) مدير عام المركز الوطني للثقافة والفنون بمؤسسة الملك الحسين، ومنسق عام المؤتمر، أن التوصيات التي أعدتها الوفود المشاركة، سَيَتِمُّ إرسالها إلى جامعة الدول العربية، ومنظمة الأمم المتحدة، واليونيسف والجهات ذات الاختصاص، مُتَطَلِّعَةً إلى أن يَتِمَّ العمل على تنفيذها من قبل الجهات المعنية.

جلسات التعارف وورش العمل:

استضاف مسرح قصر الإمارات الجلسة الافتتاحية، كما عُقدتْ جلسة تعارف بين أطفال الدول العربية المشاركة، إضافةً إلى الدول الأجنبية كأُستراليا، والنمسا، وهولندا، وأميركا، وأَعْقَبَهَا ورش عمل متخصصة في مقر بوابة أبو ظبي، الفرع التابع لمؤسسة التنمية الأسرية، حيث تَمَّ التدريب العملي والمهني للأطفال في مختلف المجالات التي يرغبون فيها ويهتمون بها، ويسهمون بتنفيذها من خلال مدربين مختصين وأساتذة في الشعر والتمثيل والفنون.

وضِمْنَ فعاليات المؤتمر في اليوم الأول شارك الأطفال في برنامج ثقافي وفَنِّيٍّ مُنَوَّع، شمل عدداً من الورش التحضيرية الخاصة بالدراما، وورشة عمل في الرقص والموسيقى والغناء والرسم والدراما والشعر والحاسوب، إضافة إلى ورشة الحركات الإيقاعية، وورشة تدوير النفايات، وذلك على مسرح مركز مدينة بوابة أبو ظبي. كما نَظَّمَتْ مؤسسة التنمية الأُسرية زيارة تعليمية ودينية للأَطفال إلى مسجد الشيخ زايد.

تَوَزَّعَ الطلاب في الوُرَشِ الإبداعية للمؤتمر على 6 ورش عمل، كُلٌّ حَسَبَ اختياراته وميوله ومواهبه، فمنهم من اختار ورشة الشعر، أو الدراما، والحركات الإيقاعية، والموسيقى، وتدوير النفايات، والرسم، أَشْرَفَ عليهم في تأْطِيرِهَا طاقم متخصِّصٌ يُقَدِّمُ لهم توجيهات مفيدة لِتُعْرَضَ أعمالهم على شكل معرضٍ، أو لوحاتٍ تعبيرية درامية موسيقية.

وقالتْ (إيمان التوني) مُدَرِّسَة التربية الفنِّيَّة: إن هدف الورش صقلُ مواهب الأطفال المشاركين فيها، وتزويدُهم بعُصارة تجربة كبيرة في هذا المجال، في إطار ترجمة لغة المؤتمر وحديثه عن التنمية الاستدامة في أعمالهم، وهي الفكرة التي اعتمد عليها المؤتمر وحَوَّلَهَا إلى لوحات فنية، كُلٌّ من منظوره الخاص، ولم تُقَيِّدْهُمْ بأفكارٍ مُعَيَّنَة.

وتُوَضِّحُ (التوني) أن قدراتِ وميولَ المشاركين مختلفة، فمنهم البسيط أو العميق التفكير، ومنهم من أثار جدلا ونِقَاشاً من خلال لوحاته، كما أنَّ هناك مَنْ سَيْطَرَتْ عليه تكنولوجيا الحاضر، فانعكس ذلك في أعماله.

مِنْ جِهَتِه، يقول مُنَفِّذُ الورشة (محمد الأستاذ) إن الورشة ليست ورشة رَسْمٍ، بقدر ما هي دورة مُكَثَّفَة، الغرض منها التعارف بين المشاركين، حيث يُعْتَبَرُ كُلُّ واحدٍ منهم سفيرَ بلدِه، يَتَنافَسُ مع الْآخَر ليكون الأحسن، مشيراً إلى أنهم يُدْرِكُون قيمةَ ذلك، مُوَضِّحاً أن هذه الدورة تَكْسِرُ حاجزَ الخوف بين الطفل والمادة المستعْمَلَة، وبينه وبين المساحة المخَصَّصَة للرسم.
ويُضيفُ: سَتُعْرَضُ أعمالُ كل فرد في المعرض النهائي للمؤتمر، وهذا سَيُشْعِرُهُ بأهمية نفسه، وأهمية ما يقوم به، وستكون هذه النقطةُ مكان انطلاقة لكل المشاركين ودعم ثقتهم بأنفسهم. أما عن قراءته لبعض اللوحات فيقول، هناك قراءات مختلفة، فمَثَلاً هناك لوحات مميزةٌ جِدّاً من حيث تكوينها الجمالي، ومن حيث استعمال الألوان وتدرجها، وموضوع العمل، لكنْ هناك أفكاراً أكثر عمق في أعمال أخرى.

وأشار إلى أنه صادفتُ أحدَ الطلاب الذي رسم ثلاث لوحات بمواضيع مختلفة، لكنها تدفَعُكَ للتساؤل عن محتواها وعن المقصد منها، إذْ رَسَمَ شَكْلاً سريالياً مُشَتَّتاً بألوان متداخلة، وعند سؤاله أجاب أنه سبق وقرأَ أُسطورةً تتحدثُ عن شخص لا ديانة له، وكان يبحث عن الحقيقة في ديانة لَمْ تحقق له الأمان، بينما رسم لوحة أخرى للأرض بألوان سيئة وحزينة، وكتب عليها بلون أحمر تنساب جوانبه، كأنها حروف من دم: هل تريد أن أكون هكذا؟ .

وقال (الأستاد): بالنسبة لي هذا الطالب مستواه الفكري أكثر عمقاً، فالطفل شفاف وصادق جِدّاً، ولا يعرف كيف يُزَيِّفُ مشاعره، فيعكس ذلك في مواضيعه، سواء كانت شعرا أو نثرا أو رسما... أو غيرها من الأعمال.

إلى ذلك أضافَ (الأستاذ): أصبح الأطفال صغارا، وأصبحنا مجْبَرِينَ على معاملة الطفل على أنه إنسانٌ مُسْتَقِلٌّ، نتيجة المؤثرات الخارجية، وسيطرة وسائل التكنولوجيا، وإنْ لم نُسَايِرْ الطفلَ، سَتُخْلَقُ فجوةٌ عميقةٌ بيننا وبينه، هكذا أصبح دورنا توجيهي تربوي، داعياً إلى التعرف على قيمة الطفل والمستوى المتواجد فيه، ومخاطبته من خلال هذا المستوى، وهذا ما نحاول من خلال هذه الدورة أن نُفْهِمَهُ للمشاركين، نعاملهم على أنهم قيمةٌ، نَعْمَلُ على صقل شخصيتهم وإِضافَةِ مُكَمِّلاتِهَا، وحاوَلْنَا في إطار ذلك كَسْرَ حاجزِ الخوف، وتعزيز الثقة بالنفس، ومن خلال توجيه النصح فإنكَ تَبْنِي تلقائيا شخصيتهم الفنية.

وتقول مُنَفِّذَةُ ورشة تدوير النفايات (نعمة الوكيل): إن الورشة تستهدف 7 طلاب مشاركين في مؤتمر الأطفال العرب الدولي، وتطمح الدورة لتغيير سلوك الأطفال في تعاطيهم مع بعض المواد المهمة، أو التي تم الاستغناء عنها، وذلك بإعادة تدويرها لخلق أشياء مفيدة.

وَتَنْهَمِكُ (حنين سليمان) قائدة فريق ورشة عمل الحركات الإيقاعية في تدريب أربع بنات للمشاركة في الحفل الختامي للمؤتمر، وذَكَرَتْ أنها تُحَضِّرُ للعرض بالاشتراك مع ورشة الدراما، مُوَضِّحَةً أن الورشة تُعَلِّمُ البنات التوازن، حيث يتعلق العرض بعلاقة الإنسان بالأرض، وذلك لِمُلُاءَمَةِ الإنسان مع الطبيعة.

مِنْ جِهَتِهِ، قال (سعد عباس) منفذ ورشة الدراما، التي انخَرَطَ فيها 22 طالباً، إنه يدرب الأطفال على أداء مسرحي لِيُقَدَّمَ بالتعاون مع ورشة التعابير الجسدية في الحفل الختامي للمؤتمر، ويتناول فكرة الاستدامة ويطبقها في عمل فني.

رَحَلاتُ التَّثْقِيف والتَّرْفِيه:

كَمَا تَخَلَّلَتْ أحداث المؤتمر رحلات ترفيهية وتعريفية بإنجازات الإمارات ومعالمها السياحية والثقافية، وشملت هذه الأجندة زيارة كل من معرض (فن أبوظبي) الذي أُقِيمَ في جزيرة السعديات، وعالم فيراري بجزيرة ياس وبرج خليفة في دبي، ذلك بمشاركة 140 طفلاً.
واستهدفَتْ الزياراتُ ترسيخ مفهوم الاستدامة لدى الأطفال، وخَدَمَتْ فكرةَ تقريبِها من الأطفال وتبسيطِهَا لهم، والفكرةُ تَحْمِلُ في طياتها دعوة عاجلة ومُلِحَّةً لاعتماد مبدأ التنمية المستدامة في جميع المجالات، لجَعْلِ العَالَمِ مكاناً أفضلَ لمستقْبَلٍ وَاعِدٍ لأجيال الغد. وتأتي هذه الزيارات من أجل الاطِّلَاع على معالم الاستدامة في الدولة.

وتهدف هذه الفعاليات أيضاً إلى تسطير الإنجازات التي حقَّقَتْهَا دولة الإمارات في مجال التنمية المستدامة من مختلف جوانبها، بالإضافة إلى نشر الوعي بين الأطفال المشاركين، وتحفيزهم لِلَعِبِ دَوْرٍ بارِزٍ في تحسين المجتمع والارتقاء به نحو الأفضل.

وعن الهدف من هذه الزيارات تقول (شيخة الجابري) مدير التنمية الثقافية بالتنمية الأسرية، رئيسة فريق (الاستدامة): شمل برنامجنا العديد من الفعاليات والأنشطة الموازية للمؤتمر، كان من بينها رحلات ترفيهية وتعريفية بالمعالم الثقافية والتراثية للإمارات، وكَوْن المؤتمر تزامنَتْ فترةُ انعقادِه مع معرض فن أبو ظبي 2011 في دورته الثالثة، فإننا قرَّرْنَا أنَّ الأطفال والوفود المرافِقَةَ لهم من مختلف الدول المشاركة أن يزوروا هذا المعرض الثقافي، وهي فرصةٌ من جهة أخرى للوقوف على ما يتشَكَّلُ في إمارة أبو ظبي من صياغةٍ جديدةٍ لمفهومٍ الثقافة، من خلال هذا الصرح العظيم، وهو جزيرة السعديات، ولأن لهذا المعرض عملا فنيا إبداعيا كبيرا وهو (جناح الإمارات)، العمل المستوحى من الكثبان الرملية، والذي سيصبح مكانا مميزا لعرض الأعمال الإبداعية، فهذا بحَدِّ ذاته يجسِّدُ فكرة الاستدامة.

وتضيف الجابري: من جانب آخَرَ، فإننا عمِلْنَا على ربط مفهوم الاستدامة لشرح فكرة المؤتمر بكل فعالية، وبكل زيارة قمنا بها لأي مكان من هذه الأمكنة، كما أن أطفال المؤتمر أُعْجِبُوا بما تَضَمَّنَهُ فن أبو ظبي 2011 من أعمال فنية، بحيث قَضَوْا نصفَ يومٍ في رحاب جزيرة السعديات، تَجَوَّلُوا في كل معالمها واستمتعوا بركن الفن، ولامَسُوا عن قُرْبٍ الأعمال العالمية، واستمَعُوا لشروحات مُفَصَّلَة عن ذلك.

وأشارَتْ إلى أن الزيارات شملَتْ أيضاً عالَمَ (فيراري) في جزيرة ياس، وهي مدينة ألعاب متكاملة تحقق الدهشة والمتعة في آن واحد، موضحة أن هذه الزيارات حققت هدفها من حيث ربط فكرة الزيارات بموضوع الاستدامة، كون هذه المشاريع الكبيرة تخدم هذه الفكرة، بالإضافة إلى نجاحها في استقطاب اهتمام فئة كبيرة.

وقالتْ إن الشروحات التي قامَتْ بها المشرفات على الأطفال، تم وضعها في خط لتتناسب مع موضوع الاستدامة، فبرج خليفة في دبي استقبل أطفال المؤتمر لتسليط الضوء على أهم خصائص الاستدامة التي يتميّز بها، حيث يعتبر البرج مدينة متكاملة يضم منازل ومكاتب فاخرة، ويضم أول فنادق العلامة التجارية (أرماني) في العالم.

توصيات المؤتمر:

وَبَعْدَمَا اطَّلَعَ الحاضرون –في اليوم الخِتَامِيّ- على فيلم وثائقي عرض أهم أحداث المؤتمر في دورته الحالية، تُلِيَتْ التوصياتُ التي تَمَخَّضَتْ عن الجلَسَات وورش العمل والزيارات، والتي تَحْمِلُ في طَيَّاتِهَا الأَمَلَ والوَعْدَ للأجيال القادمة. ومن أَهَمِّها:

1. حَثُّ الدول على تَبَنِّي استراتيجياتٍ واضحةً حول التنمية المستدامة في مجال البيئة والصحة والجانب الاقتصادي الاجتماعي تُلَبِّي احتياجات الأجيال القادمة، والاستفادة من الاستراتيجات والخطط والبرامج التي أَعَدَّتْهَا شعبة التنمية المستدامة، إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.

2. حث الدول على تبني برامج التوعية في مجال التنمية المستدامة في المناهج التعليمية، كبرامج أساسية، ودراسة الأثر من استفادة الطلاب العملية منها.

3. حث وزارات الثقافة والإعلام والتراث والتربية، على تبني برامجَ لتعزيز الهوية الوطنية، والمحافظة على الإرث التاريخي والثقافي، لتحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية المستدامة.

4. تبني كل طفل مشارِك في مؤتمر الأطفال العرب الدولي بمحو أمية ثلاثة أفراد من المحيطين به، بالتعاون مع الجهات المختصة في كل دولة.

5. تبني الأطفال العرب اللغة العربية في التواصل مع أقرانهم من الأطفال، من خلال استخدامات كافة وسائل التكنولوجيا الحديثة، وبالأخص قنوات التواصل الاجتماعي.

6. حث الحكومات لوضع ضوابط على المصارف والمؤسسات الاستثمارية، لضمان الاستثمار الآمن والمستدام للأجيال القادمة.

7. تعميم تجربة (مدينة مصدر) في أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها النموذج الأمثل للمدن المستدامة العالمية، حيث تُعَدُّ من أفضل التجارب الدولية في هذا المجال.

8. حث الدول على تكثيف حملات التوعية الخاصة بتدوير النفايات وتوفير المستلزمات اللازمة لها للأسرة والمجتمع، لضمان تطبيقها.

9. سَنُّ القوانين والتشريعات الملزمة للقطاع الصناعي، بالاستخدام الأمثل لمخلفات النفايات وملوثات البيئة، وفقا لمعايير الاستدامة البيئية والصحية.

10. تبنِّي الأطفال المشاركين في المؤتمر شعار التنمية المستدامة مسؤولية الجميع، وأن يكونوا سفراء للتنمية المستدامة في مدارسهم ومجتمعاتهم.

11. توجيه استثمار الدول لزيادة مشاريع التنمية الزراعية، في الدول التي تمتلك مقومات الزراعة، وتنقُصُهَا رؤوس الأموال لتحقيق ذلك.

12. تعزيز التوعية بأهمية الأغذية الطبيعية، وحثُّ الحكومات على دعم منتجاتها للمحافظة على الصحة العامة المحققة للاستدامة الصحية.

وخِتَاماً: لا يَسَعُنِي إلا أنْ أَقولَ: إن الطفلَ –أينما وُلِدَ وتَرَعْرَعَ، بِغَضِّ النَّظَرِ عن هويَّتِه الوراثية ومصداقِيَّتِه الاجتماعية التي ينتمي إليها- هو مِحْوَرٌ من محاور الدراساتِ الإنسانية، وأَدَاةٌ لِتَغْييرِ جِيلِ المستقبل، والورَقَةُ الرَّابِحَةُ في دُنْيَا الاستِثْمَار العائِلِيّ، لأنه يُشَكِّلُ النواة التي تَتكَوَّنُ حولها الأسرة، واللبِنَة الأُولَى في بناءِ المجتمع. فالواجبُ تمكينُهُ من حَقِّه في التنشئة والتربية في إطار الأسرة الطبيعيـــــة، وفي الالتحاق بالتعليم الأساسي واستكمال مراحله، وحَقِّه في التعليم الجيد النوعية، الذي يستثير قدراته في الإبداع و الابتكار، ويؤكد القيم الأخلاقية والاجتماعية، ويُنَمِّي المهارات الحياتية.

وإِذا كانَتْ الطفولةُ أَمانةً في أَعْنَاقِ الجميع، كان لِزَاماً علينا إعدادَهَا الإعدادَ الجَيِّد، وتلبيَّةِ حاجِيَاتِهَا وتَنْشِئَتِهَا ورعايَتِها وتعلِيمِها، وتحديد وتصنيف أَهَمَّ القضايا والمشكلات التي تواجِهُهَا، وتوضيحِ الرُّؤَى والتضمينات اللازمة لمواجهة قضاياها، وتعزيز الاهتمام بمراحلها المبَكِّرَة، على اعتبار أنها الركيزة الأساسية لنُمُوِّ ونماء الطفل، والعمل على وضع مشروعاتٍ وبرامجَ لتأمين طفولة مُبَكِّرَة سَوِيَّة وسعيدة، وأُمُومَةٍ آمِنَةٍ، لِأَنَّ الطفولةَ عِمَادُ المستقبل لِأَيِّ مجتمع..

محمد إِفِرْخَاس

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى