الأحد ٢٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١

الألمُ الأسيرُ..

عبد العزيز شبِّين

(في ذكرى وفاة الإمام زين العابدين-ع- ألقيت في المركز الحسيني للدراسات بلندن
يوم: 20-كانون أول- 2011 م.)

خَضَّبْتُ بالعَبَرَاتِ خِلْوَ وِسَادِي
وملأتها بهباءِ كلِّ سوادِ
تغريبتي أحزاننا لجَّتْ بها
فوق الشفاهِ مجامرُ الأكبادِ
وترمَّلتْ عطشى اللُّغى بمشاعرٍ
لمْ تحْكِ متربةَ الجراحِ صوادِ
يا أرضُ أبقيتِ الحنينَ مُعلَّقاً
مابينَ مُغتربٍ ونبْضِ فؤادِ
قدْ طوَّحتْ بخطاهُ غاشيةُ المدى
ودجتْ به الأبعادُ في الأبعادِ
يا أيُّها الجرحُ المسافرُ في الأسى
أورقْ بماء الصَّبْرِ مَحْلَ بُعادِ
إستسقِ وِرْدَ عزيمةٍ تشمخْ بها
فوق النجومِ وتسْفِ طوْدَ شِدادِ
الريحُ كفك فاذرُ مسرجةَ الفتو
حِ سنابلاً، من كلِّ غُصْنٍ هادِي
الشَّمْسُ تفلقهُ انفلاقَ أزاهرٍ
أشرقْنَ صُبْحَ فَضيلةٍ وهوادِي
أيقظنَ في الأرضِ البَوارِ بَلاقعاً
قامتْ بها الأجداثُ بعد رقادِ
وملأنَ من كأسِ الحياةِ خواءَها
حتَّى ارتوى مِنْ كُلِّ رَمْلٍ صادِي
في الصَّدْرِ أَرْمِضَةُ السُّؤالِ تَلَظَّتِ الـ
ـغَمَرَاتُ تَحْتَ هجيرها الوقَّادِ
 
أنا أرسمُ الكلمات للقمر المغـ
ـيَّبِ في الثرى بالدمع قبل مدادي
يخضلُّ فيه الوسبُ يبسطُ لي الحيا
كرما ترفُّ به غصونُ جُوادِ
ياألفَ بابٍ فتِّحتْ بيديه وانْـ
ـغلقتْ نوالاً بابُ كلَّ حِدادِ
حيثُ انسكابُ الغيثِ أخصبتِ الخطى
في مدِّ ألويةٍ ونشْرِ أيادِ
أنا لم أر الشمس التي أفلتْ مسا
ورأيْتُها في أعيُن السَّجَّادِ
يا رابعَ السُّرُجِ المضيئةِ في العُلَى
أحْيَيْتَ في المُهَجَاتِ رَسْمَ رمادِ
 
وعمرتَ فيها القاحلاتِ غياهباً
فطلعْنَ مثلَ الفجْرِ بعدَ سُهادِ
سبعٌ عجافٌ أورقتْ عيناك بلـ
ـقَعَهُنَّ فاخضرَّتْ فُصولُ حَصادِ
تمَّتْ حروفُ الخصْبِ خَضْرَا أربعيـ
نَ صحيفةً، فيها قرأتُ مُرادي
مَنْ يعبرُ الحلْمَ القديمَ فإنَّ لي
مِنْ كُلِّ سجْنٍ غُربتي وجهادي
أمليْتُ ألواحي كُتِبْنَ بأدمعي
فَحَكَيْنَ سَفْكَ دمٍ وَحَزَّ مَرادِ
الحُزنُ منثور على لفح البراري مثلما
نثر القطافُ قلائدَ العِنْقادِ
 
إسأل ثراكَ تُجبكَ حبَّاتُ النَّدى
عنْ غيثِ أُنْمُلَةٍ وسكْبِ غوادِ
فرعٌ منَ الشَّجَرِ الكريمِ رأيتُهُ
شلاَّلَ ظمأى أو سعودَ عوادِ
ياعطرَ رَيْحانٍ ذَوَى في كربلا
أعدِ الأريجَ إلى فم الأورادِ
ياخدْنَ يوسفَ في الجمالِ توحُّداً
السِّحْرُ مختوما بوجهك بادي
وبحثتُ عن قِرْنٍ يضاهي الجودَ فيـ
ـكَ فلمْ أجدْ إلاَّ سرابَ بَدَادِ
يابحرُ من يجري ركودَ مراكبي
ووقفتُ،- مَنْ بعدَ الحسينِ- أنادي
 
الطَّالعينَ من الهشيم حمائماً
والمبدعين لطائفَ الإنشادِ
الكاظمين الغيظَ والعافينَ عنْ
كرمٍ يفيضُ هوى وسمْحَ وِدادِ
الغالقينَ لكلِّ جور منفذاً
والفاتحينَ معارجَ الإسْعادِ
المنزلين على صدى السبعِ الشِّدا
دِ زُلالَهُمْ، في أصدَقِ الميعادِ
الرافعين من الشموخِ مدارجاً
والجامعينَ سوالفَ الأمجادِ
السَّاكبينَ معَ الغروبِ دُموعَهُمْ
والرَّاكبينَ تِلاعَ ألْفِ نِجادِ
 
المُنْبئينَ عنِ البشارةِ رَحْمةً
والمُطْفئينَ شَرارةَ الأحْقادِ
السَّائقينَ إلى الجُدوبِ عُيونَهُمْ
والسَّابقينَ البرْقَ عِنْدَ طِرادِ
سقياكَ زينَ العابدينَ فإنَّ لي
عطشاً عتيقاً منْ حرائقِ عادِ
ولهٌ أنا صدأُ السِّنينِ يَقُدُّني
مِزَقاً ذَرَيْتُ نُثَارَهُ بالوادي
وجَمَعْتُ ما زرعَ الضَّياعُ حقائباً
مِنْ كلِّ كرْبٍ يلْتظي بِزِنادِ
ياأيُّها الألمُ الأسيرُ أسيرُ خلْـ
ـفكَ مُثْقَلَ النَّكباتِ والأصفادِ
 
ذانِ الجناحانِ انْتشى بهما الطريـ
ـقُ إلى السما وانقادَ خيْرَ قيادِ
آليْتُ أنْ لا أستريحَ من الجوى
ويزيدُ فوقَ التُّرْبِ وابنُ زِيادِ
الموجُ يُغريني بداجيةٍ الفناَ
غَرِقَتْ سفيني أينَ عُودُ مَرَادي؟
واستخبري عمَّنْ ببطنكِ من هدى
ودعيهِ يرْوِ حدائقَ العُبَّادِ
وأريهِ من نفحِ القداسةِ روضةً
لمْ يُسْقَ مثلُ ضريحها بعِهَادِ
 
يابلسمَ العاني وسُترَةَ عرْيهِ
في هوجِ سُوحٍ بالجفاءِ صلادِ
يا خَصْلةَ الشَّرفِ الأثيل عُراقةً
وعمادَ فخرٍ في الوجودِ تلادِ
ياأرضُ ميدي بالأحبَّةِ بهجةً
وتَجمَّلي بطهارةِ الأجسادِ
عبد العزيز شبِّين

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى