السبت ٢٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١
بدون مؤاخذة
بقلم جميل السلحوت

في فلسطين مافيا من نوع آخر

كتب الدكتور ناصر اللحام رئيس تحرير وكالة أنباء «معا» مقالا نفى فيه وجود مافيا في فلسطين، كالمافيات الموجودة في بعض الدول مثل ايطاليا وروسيا واسرائيل وأمريكا وغيرها. ويرد ذلك الى وجود التنظيمات الفلسطينية التي تراقب الشارع، وتضع حدودا للصوص وتجار المخدرات وغير ذلك، فما مدى صحة هذا الكلام؟

فلا أحد يستطيع مثلا أن ينكر انتشار ظاهرة المخدرات ومتعاطيها-خصوصا في القدس- ومدى ارتباط مروجيها وتجارها بجهات اسرائيلية ومنها المافيا...وظاهرة الاستيلاء على العقارات والأراضي، خصوصا أراضي المغتربين هي الأخرى موجودة.

لكن في فلسطين مافيات من نوع آخر، قد تختلف عن المافيات المعروفة في دول العالم، فعلى سبيل المثال هناك تحالفات في بعض المؤسسات وحتى النقابات، والهيئات الادارية لبعض المؤسسات، ويقف خلفها تنظيمات معروفة، يتم التحالف فيها مع شخص أو أشخاص غارقين في بحور الفساد واللصوصية، ولا يدخلون المؤسسات حبا في التطوع أو خدمة المواطنين، بل من أجل السرقة والاثراء والاحتيال على الآخرين مستغلين المناصب التي يشغلونها، حتى بعد انكشاف سرقاتهم وفسادهم فانهم يجدون من يدعمهم ويساندهم فيعودون مرات ومرات، فهل من يقف وراءهم بريء من الفساد؟ وحتى عند تقديم شكاوي موثقة ضدهم فان زملاءهم في الهيئات الإدارية لا يتخذون أي اجراء ضدهم، مما يعني أنهم شركاء لهم، وهناك «التنظيمات» غير المعلنة لبعض التجار والمستثمرين والأثرياء الذين اغتنوا بطرق غير مشروعة، فنجد التهاني المفبركة بسبب وبدون سبب يستحق، مشيدة بمثالب الرجل، وحبه للخير، ومساعدته للمحتاجين، واصلاحه لذات البين، تملأ صفحات الجرائد، مع أنه بريء من ذلك كله، والأنكى من ذلك هي التعازي لهذه الفئات التي تملأ الصحافة بفقدان «س» من الناس (الذي قضى عمره في أعمال البر والتقوى وعمل الخير،) مع أنه قضى عمره في الخيانة وارتكاب المعاصي والإساءة للشعب وللوطن، ومن يقرأ هكذا تعازي ولا يعرف غير المأسوف عليه فانه قد يبكيه ظنا منه أنه أحد الأبطال الشعبيين.

وهناك بعض المنظمات غير الحكومية التي يمارس القائمون عليها الفساد بأنواعه المختلفة، ويغتنون من خلال أموال دول أجنبية لتحقيق أجندات معينة لها، وهؤلاء تربطهم علاقات «غير بريئة» مع بعضهم البعض، ومع مموليهم، ومع وسائل الاعلام-خصوصا الفضائيات- ومع مسؤولين متنفذين، ويظهرون وكأنهم قادة شعبيون، مع أنهم أكثر الناس اساءة للشعب ولقضاياه.
فهل هؤلاء يشكلون «مافيا» المرحلة أم ماذا؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى