الأربعاء ٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢

الحب في زمن الحرية

عادل عزام سقف الحيط

أعلم أنك تعشقين الحرية.. وأحب فيك هذا العشق.. أنا لا أحاول أن أتملكك أو أشيئك، فأنا أحترم إنسانيتك وتمردك ونقاءك.. وتذكري دائماً أن الثوري لا يحارب ليسوس الناس أو ليخضعهم، وإنما ليحررهم من ربقة الظلم وليكسر قيود الاستغلال المفروضة على وطنه.

أنا أعرفك جيداً وأوليك ثقة لا حد لها وأبرّئك من أي دنس أو سوء، وأعلم كم أسقطت من المتعجرفين والمتألهين من عروشهم الكاذبة، وأعلم أنك تنتصرين للمستضعفين وللفقراء من أبناء أمتك.. طاهرة أنت كمريم العذراء.. حكيمة كبلقيس.. وثكلى بفقد عزيز كفاطمة الزهراء.. لكنك لا تشبهين أحداً من رفيقاتك وذويك.. أفكارك لا تشبه أفكارهم.. وروحك لا تحلق في فضاءات أرواحهم.

ربما توهمتِ النزق والطيش في تصرفاتي مؤخراً.. لقد عشنا معاناة حقيقية قبل أن نلتقي ويفهم كل منا الآخر، ولا أريدك أن تسيئي الظن بي، فأنا لا أعرف سواك ولا أسكن عالماً إلا عالمك.

اختلطت مشاعري يوم التقيتك في ميدان التحرير، خشيت عليك من الخطر المحدق بنا وفي ذات الوقت زهوت بمقاومتك البطولية، وكثيراً ما راقبتك بين الجموع وتملكني خدر يستصرخ جنون الرغبة الكامنة بي، يا لك من جامحة، كنت تصولين بين الرفاق جيئة وذهاباً لا تأبهين بالموت.. أبحرت إلى البعيد تاركة أهلك ووطنك لتكوني بيننا حتى لا تحرمي شرف المشاركة في الثورة، وأخبرتني يوماً بين الدموع أن بو عزيزي قتل مرتين: في تونس وفي مصر.. كان صوتك يفيض أنوثة رغم تحشرجه واختناقه بالدموع. وبكيتِ قتل المعتصم والتنكيل بوالده وهم أسرى، كما بكيت من قبل شهداء سجن أبو سليم في ليبيا.. كفرت بالنظام البائد وقلتِ إن قائده خان الثورة وسلم مقدرات الليبيين إلى الغرب وتنازل عن قضاياه العادلة.. لكنك لم تصدقي ادعاءات المتمردين بالطهر بعد أن حالفوا الشيطان. ولما اجتمع الحشد للإطاحة بالنظام في سوريا كنت من الفئة القليلة التي رفضت المؤامرة، وصرخت "حسن نصر الله لا يقف إلا مع المقاومة والحق.. رغم المظالم.. ليس كل من يمد يده إليكم بالسلاح ثورياً.. أعداء سوريا والعروبة.. رجال الأعمال والنفط والاتجار بالبشر.. تحالفوا لقتلكم".

كرهك كثيرون لمواقفك واتهموك بخيانة دماء الأبرياء، وكرهك آخرون واتهموك بالفوضوية يوم نشرت روايتك "ورود وأشواك" وذكرت أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فجر في مهاجميه حزاماً ناسفاً أخفاه تحت عباءته واستشهد يوم اقتحام عرينه، وأنه لم يختبئ خلف زوجته أو يُقتل جباناً كما زعموا، وتحديت قَتَلَتَه أن يعرضوا جثمانه كما فعلوا بجثمان تشي جيفارا في بوليفيا.

.. وأحبك آخرون لعنادك وكفاحك العادل وجاذبيتك الأخاذة.. وأحببتك أنا لذاتك وكينونتك، وكل يوم أحبك في كل حب؛ أحبك في إيماني بالله وبأمتي وفي حبي لأهلي ورفاقي والإنسانية، وأحبك بين الحب والحب.. ولا أنتظر أي مقابل لما يجيش في صدري من عشق ونيران.. ولا أحاول أن أطفئها أو أخفت وهجها.

كم هي رائعة الحياة بوجودك بيننا.. لا تخشي شيئاً.. لا أحد يمكنه أن يهدد عالمك البريء المثالي، ولن أكدر أمنك أو سعادتك أو أحاول الحد من اندفاعك.. حبي لك مقدس، والمقدس لا يموت.

ستذوي أجسادنا الفانية يوماً ما، لكن تلك المشاعر السامية، الخالدة منذ الأزل، ستحيا أبداً في قلوب العاشقين المخلصين من البشر. لا تبتعدي.. أنا قريب منك.. وعهداً علي أن أقف في خندقك ولا أخذلك ما حييت.

ملاحظة: احرقي هذه الرسالة بمجرد قراءتها ولا تُقرئيها لأحد.

عادل عزام سقف الحيط

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى