الأربعاء ٢٩ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم
عرس الظّل ...
أعتذر لقاماتكم وهاماتكملرصاصكم اليخترق أرصفة الشّوارعلعرس الدّم ...وصهيل الخيول ودقّ الطّبوللأجسادكم الهاربة من عفن معاطفكملياسمينة تدلّى عنقها من شرفة دمشقيّة ..أعتذر لموائدكم الخالية من كاسات النّبيذوخلاخيل الغواني ورائحة الشّواءلنومكم على صدور تحلب الوهم ..أعتذر لخمّاراتكم وباراتكم ،لفنادقكم وأبراجكملأشجاركم التي تموت واقفةلعباءاتكم المرصّعة وخيامكملسفاحكم ..ونكاحكم ..لبطون نسائكم المبقورةلكلّ الرّموز التي غفت في بؤرة أحلامها ..أعتذر لك يا شآمفقد ارتكبت بغيبتك الخطاياونام الغرباء في سريريسحبوا من تحت غطائي بقايا قصاصاتمن ورق التّوت والحبق والزّعتروتخلّى النّعناع عن حوضه، هجرني الحبيبوراح يلملم شعري المبلّل بالحنّاءخانني حارس المدينة وطائر الرّجاءزفّوا عذريتي في قصور الحريمولم تبكني تذكرة السّفر الى السّماء..أعتذر لزنديّ ثائرصلّى على ضفّة النيل "حماك الله يا مصر"صاحت " عشتار" من يمنطق جيديبزنّار من شقائق النّعمان،يحمل جنازتيعلى أقواس النّصر فينهض الأمواتوتجدّل حورية المساء شعرها الطويلتنتظر فارس النّهر ،والقصيدة ...أعتذر لبغداد النّائحة فوق أفنان النّخيلفضّ " القّواد" بكارتها ،،وانتفضت كالعنقاءيا "سيّاب" ها هم .. أراهم يقفون بالطوابيرعند عتبات القصور ، يمضغون لغة العهريبيعون الكلام ...وتحترق المحابر..لوزيّة العينين تغنّي ،،يسقط خمارهاعلى شفة الورد ...ويقبّلها النّدى ..أعتذر لطفلة الرّماد ،، تنسج خيوط الشمسشالا على شاطىء غزةلسيّدة الحزن والصّمت .. ..من كلّل جسدك بالغار وحمل شقاء عينيكالى مثواك الأخير؟من سباك وجدائلك الشّقر غافية فوق الرملها هي ابنة التّلال تحبوك، تحتسي الموت رشفاتتتقرفصين في صندوق الانتظارفتنتحب القدس على صليب القيامةيقصقص الليل جناحيه ،،يتقفّز على سورهاينثر ملحه ،، يتلظّى ببريق نزف عينيها ..أعتذر لكم أيّها الشّعراء فوق منابركمبعت هويتي وخنت قضيّتيمارس الأنذال شهواتهم تحت زيتونتيوصفعتني الريح بسمرتها ولم تستر عرائي ..اقترفوا الشّعر والنّثر ، واجترّوا القوافيوامدحوا الصدّاح والنوّاح ، والعدّاء والصعلوكوالمذبوح ، والسفّاح والمغفور له ،،ولا تبصرونيفقد شلّت يدي ،، وتلولب لسانيعرّش الحزن على جدار حديقتي ..أعتذر لأمّهات حملن جرار العسلوقفن كقبّرات الصّبح على تلال كنعانعلّقن على مشجب الوجع أحلامهنّ الصغيرةخبّأن حكاياتهنّ في سلال الذاكرةوامتطين صهيل الحداد ...أيّها الحرّاس جئتكم أتعفّر بحذائي المثقوباغفروا لي اختلاسي ليقظتكم ،،وفطنتكملا تطلقوا الرّصاص ...سقطت نجمة السّماء وتلقّاها الرّعد..أعتذر لحاملات الطيب ،،يصعدن جبل الطوريمزجن الخبز بالنّبيذ ..دعوا المسيح يمرّ كالظّل فوق بحيرة طبريارتّقن فساتين العذارى واشبكن قلائد الحبقكي تنساب القافلة بين أصابع الماءبحبيبات الرّمان ومذاق الزّهر ...أعتذر لك بيروت ..أيّتها الشّهيّةالعصيّة ..ليلكية العينين..طالت يد الغزاة خصرك النّحيلوعنقك الممشوق ..حامت الغربان حول ثدييكمزّقوا غشاء طهرك ..وهلّلت فيروز:" لبيروت ثلج من رماد لبيروت ، وقصص للبحر والبيوت"طرّزك البحر لؤلؤة السواحلمنحك الربّ قلادة عطره ..وصاحت أمّيأيّها الأوغاد خذوا ملح العين واتركواعنق الأرزيتشرنق مزهوا يلامس وجه السحابأعتذر لعين ذئب عند المعابروأنثى دخيلة على الله والوطنلعمّال الصّباح يجرّون عرباتهم الخشبيةلفوّهة بندقية تثقب خدّ الحجرلمكبّرات الصوت في " تلّ الصّراخ" ينعق الصّدىلجبل الشيخ بعمامته البيضاءما وراء الثلج والنّار وما تحت النّهر والصّخرلشلال بانياس ودمعة شيّعت عرائس الجولان..أعتذر للغربان والفرسان والرّهبانللمساجد والكنائس ..للعدل والقضاء ..للدساتيرالمكدّسةفي خزائن الأراشيف والدوائرللمقابر والسّجون والمعابد ..لك يا حفّار القبورأهبك جواد أبي وسرج الأماني وعطر اقحوانةاجعل لنعشي بابا ..ربما يعود بنا الزّمن الى بيت قديم ..أعتذر لمواسم العشق..لصوتي الخارج عن ايقاع القصيدةلذاكرة تطلّ ..تفقأ عين فراشةلمن احتفل برمشي ..وحمل اغترابي بيده الثكلىومرّ على عهد الهوى ..ودلّلني ..وأشقانيوقرع أجراس مخيّلتي فأبكاني ...أعتذر للمأجور والمأمور والتابع والبلطجيللصينيّ ..والروسيّ والهمجيّ ..للصدّيق والزّنديقللقصّاب والسمسار وحارس الظّلأعتذر للطيّب الصالح ..للماغوط ..ولمظفّرلنزار والحمام الذي يحطّ على راحتيه ..لساحات مدريد ولوركا ..لبابلو نيرودالدرويش والغياب وورده الأقل وعينيّ ريتالأمّة تزحف على بطنها كالسلحفاةتمارس اللواط والرياء والعشق الممنوع وتحتفي بنهديهايا الله ... ....أهجر سماك واطلق بهاك ..وأطلّلك وحدك أعتذر ..وأعتذر..وأعتذر ...