الاثنين ٢٧ شباط (فبراير) ٢٠١٢
مصافحة..
بقلم بلقاسم بن عبد الله

عبد الكريم المغيلي.. في خمس مجلدات

.. وماذا نعرف عن العالم المصلح عبد الكريم المغيلي؟.. عن حياته وأعماله ومناقبه وآثاره؟.. وعن المعارك التي خاضها ضد اليهود بمنطقة توات بالجنوب الجزائري؟.. وما أهمية مكانته ضمن الطرق الصوفية وقتئذ ببلادنا؟.. تلك تساؤلات مثيرة للجدل صافحتني هذه الأيام وأنا أتصفح وأطالع خمس مجلدات عن الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني من تحقيق وتعليق الأستاذ محمد مبروك. وقد صدرت مؤخرا عن دار القدس العربي المتواجدة بمدينة وهران، وذلك ضمن المطبوعات الفاخرة المخصصة لفعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية.

تمتد هذه المجلدات عبر قرابة الألفي صفحة من الحجم الكبير وهي موزعة عبر العناوين الموالية حسب أجزائها الخمسة: مدونة الفقه التصوفي. مدونة الفقه النوازلي. مدونة الفقه الجدلي. مدونة فقه التشريع لبناء الإمارة. مدونة نازلة يهود توات.

أما العالم المصلح محمد بن عبد الكريم المغيلي فقد ولد سنة 909 هجرية بمدينة تلمسان، ودرس بها فترة من الزمن،قبل أن يتوجه إلى الشيخ عبد الرحمان الثعالبي بالجزائر العاصمة. ومنه إلى مدينة بجاية. و انتقل أخيرا إلى أرض توات التي حارب بها اليهود وهدم كنائسهم. ثم انتقل من هناك إلى أرض السودان، واتصل بعدة أمراء لتكون عودته النهائية إلى أرض توات ولاية أدرار، وبها توفي سنة 1503 ميلادية بالمكان الذي يحمل اسم زاويته الآن بالقرب من قصر بوعلي بلدية زاوية كنتة .

كان عبد الكريم المغيلي التلمساني يتدخل في الشؤون السياسية والاجتماعية في المغرب، و في إفريقية جنوب الصحراء أيضاً، فنصح أمراء السودان وقاوم نفوذ اليهود ولا سيما في توات , وكان كثير المراسلات مع علماء عصره في القضايا التي كانت تهمه. حيث كان في حاجة إلى آراء الفقهاء فيما كان بصدده من مشاكل. وقد ألّف عدّة مؤلفات في الفقه، منها:البدر المنير في علم التفسير،مصباح الأرواح في أصول الفلاح،شرح مختصر خليل،مفتاح النظر في علم الحديث،التعريف فيما يجب على الملوك.

ومحقق هذه المجلدات الأستاذ مبروك مقدم هو كاتب عصامي ولد سنة 1949 بأدرار، حيث درس بمعهد التعليم الأصلي، وانتقل إلى مدينة قسنطينة ليتحصل على شهادة بكالوريا التعليم الأصلي، ثم واصل دراسته بجامعة وهران لينال شهادة الليسانس في علم الإجتماع الصناعي. وقد تبوأ عدة مناصب إدارية منها نائب مدير المجاهدين، ثم رئيس دائرة لمدة 17 سنة. وله مجموعة من الكتب المطبوعة، بالإضافة إلى ستة كتب تنتظر الطبع.

وتنبع أهمية هذه المجلدات الخمسة في تناولها لمناقب وآثار الإمام المصلح عبد الكريم المغيلي الذي شغل فترة حياته الدراسية والعلمية باحثا عاملا، متصوفا داركا حالات العوز والضعف التي عانى منها المجتمع التواتي خلال القرن التاسع الهجري المصادف للقرن الخامس عشر ميلادي، فأصبح حديث الطالب والعالم والقاطن والبعيد، فأصبح مرجعا لبني عصره داخل قصور توات وخارجها بإفريقيا الغربية، فكان يتصدر للفتوى والتدريس والمناظرات حول المسائل المستجدة، وبعد انتهاء المعارك التي خاضها مع اليهود ومناصريهم اتجه فكره للعلم الصوفي فأصبح منظرا لهذا العلم، و شرع في شرح القرآن الكريم والسنة النبوية، كما اجتهد في التركيز على لون الشعر المدحي فأنجز العديد من القصائد في مدح خير البرية. كما يشير الأستاذ مقدم مبروك في مقدمة هذه المجلدات.

ولا شك بأن هذا العمل التراثي المعرفي الضخم يحتاج إلى دراسة وافية كافية من طرف الباحثين المختصين، و أيضا من طلبة الجامعة المقبلين على إعداد أطروحاتهم الجامعية،خدمة لثقافتنا الوطنية وتعميما للفائدة العامة.

وقد نالت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف نصيبها من الحسنات والبركات من خلال إشرافها على تنظيم ملتقى دولي حول الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي يومي 5 و 6 فيفري الجاري بتلمسان، تزامنا مع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

وأغتنم هذه الفرصة لأضم صوتي إلى نداء أستاذنا الكاتب الفاضل الأستاذ محمد الهادي الحسني.. فأدعو من كان له قلب أو ألقى السمع من المسؤولين لإطلاق اسم الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي على جامعة أدرار، حتى لا تسمى كبعض جامعاتنا باسم أمي أو باسم أحد يفك الحروف..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى