السبت ١٠ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم سمر رعد

للحزن تقاليد

للحزن تقاليد وعادات.. باختلاف حجمه.. وطبيعة مَن يحزَنُهُ..

البعض يحزن ولا يتردّد بإظهار حزنه على الملأ.. فيتمرّد على كلّ شيء وكلّ أحد.. وقد يجد نفسه حين تنتهي مراسم حزنه وحيداً.. فقد الكثير دون أن يقصد..

والبعض يأتي حزنه على شكل انتقام لنفسه من نفسه.. فيصبح حجراً لا قيمة لشيءٍ لديه.. يصرّ على تدمير أجمل الأشياء فيه ومِن حوله.. هذا أيضاً سيجد نفسه وحيداً في النهاية.. مع فارق سابق الإصرار والتصميم..

والبعض يحزن بصمت.. فيموت.. تراه ولا تتعرّف عليه.. تكلّمه فلا يسمعك.. تمدّ له يد العون ولا يراها.. هذا يستفيق بعد حين.. يدرك حجم الألم الذي أصابه.. فيعمل على استئصاله ليعود إلى الحياة من جديد.. وقلّما ينجح...

والبعض يكون حزنه كبيراً جداً لدرجةٍ تفقده الإدراك لمدى المأساة.. هذا يكمل أيامه كأنّ شيئاً لم يكن.. يرقص.. يضحك.. يعيش.. مخلّفاً وراء تصرّفاته علامات استفهام كثيرة.. وحده يعلم حقيقتها..

أما أنا.. فلحزني شكلٌ آخر.. لطالما اقتنعتُ أنّ السبب عائدٌ إلى كوني على علاقة حميمة بالقلم.. أضفْ عليها حساسية مبالَغة نَمَتْ على عظامي منذ الطفولة.. ما جعل لحزنيَ هذا شكلاً آخر.. كنتُ دائماً عاجزةً عن الحزن هكذا مرور الكرام.. أليس الحزن الكبير دليل انهيار فرح أكبر أو حلم أعظم..

أؤمن دائماً أن حجم الحزن يأتي مجسّداً حجم الكارثة فينا.. ولهذا تعلّمتُ أن أعشق حزني.. لا يلبثُ أن يجتاحني مرافقاً خيبةً جديدة حتى أشرّع ذراعيّ لاستقباله.. كم أحبّ أن أنفرد بحزني.. فأهيّئ له كلّ شيء.. الدموع التي لا تسقط هكذا عبثاً.. تلك الأنيقة التي تعكس نُواح الروح.. والعزلة التامة التي يجبرني على مواجهتها.. فكيف أحتوي حزناً بهذا الحجم إن لم أبتعد عن كلّ ما قد يشاركني فيه.. حزني أنا أميرٌ وسيم.. لا أملك أمام حُسْنِهِ سوى أن أجعل الأشياء تليق بوجوده.. فتراني أتأنّق له.. أزيّن له الساحات.. أغريه بالمكوث.. إذ لطالما كسرني فراقه فيما بعد.. وكأنّني أتوحّد معه.. فأقاوم لاحقاً ذلك الانسلاخ الذي قد يحدث في مواجهة فرحٍ مفاجئ..

تختنلف أشكال الحزن.. ويبقى لكلّ منّا حزنه الخاص.. قد توحي بعض أشكال الأحزان بالتشابه.. لكنّها تبقي بصمتها فينا.. فمهما اعتقدنا تطابقها.. لا بدّ من تفصيل صغير يميّزها.. ليميّزنا..

أما نحن.. فنتشابه إلى أقرب حدّ.. نُهزَم.. يُغدَر بنا.. نُطعَن.. نُخذَل.. فنحزن.. ثمّ.. وبكلّ غباء.. نستقبل الفرح الخائن من جديد...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى