الاثنين ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم حميد طولست

قضية «لاكريمات» أو المأدونيات؟

قبل أن أخوض في موضوع الساعة المتعلقة بالبادرة الشجاعة والجريئة غير المسبوقة بالمغرب، والتي كثر اللغط والجدل حولها واشتد، والمتمثلة في خطوة لمحاربة سياسة «الريع» التي أقدمت عليها الحكومة الإسلامية في شخص وزيرها في النقل والتجهيز؛ أرى أنه لابد من تسليط بعض الضوء على كلمة «الريع» التي ارتبطت لغويا بالارتفاع، كما في قوله تعالى: «أتبنون بكل ريع آية»، التي فسرها بعض الفقهاء في هذه الآية، بالمكان المرتفع، وأفادت النماء والزيادة، حيث قيل ويقال: أرض مَريعَة أي مُخْصبة، ودلت كذلك على معنى العود والرجوع، حيث يقال راع يريع، كما في قول الشاعر:

طمعت بليلى أن تَريع، وإنما
تضرب أعناق الرجال المطامع.

وفي حديث جرير: وماؤنا يريع أي يعود ويرجع، فيقولون: في ريعان الشباب، أي في أوله وأفضله، وأيضا، ريعان المطر، أي أوله، كما دلت معنى الكلمة على «سيل الوادي»، من كل مكان مرتفع، أو الطريق المنفرجة عن الجبل، حيث يقول الشاعر:

في الآل يخفضها ويرفع
ريع يلوح، كأنه سحْل.

كما وجب أن نورد لها بعض التعاريف اللغوية التي لشرح ارتباطها الوثيق كمصطلح –شاع تداوله في بكثرة الآونة الأخيرة- بالمجال الاقتصادي، وانتقاله من مستوى المعجم اللغوي العام، إلى الاصطلاح الاقتصادي بكل ما فيه من "الكثرة والوفرة والزيادة"، للتعبير عن نظام من العلاقات والروابط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالكسب القائم على الامتيازات التي يستفيد منها من يمتلكون السلطة أو ما يقرب منها، والتي اصطلح على تسميتها بـ"الريع الاقتصادي" الذي يمثل العدو الشرس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية للناس، لتعارضه كلية مع قوانين الشفافية والحكامة الاقتصادية الجيدة، ومن ثم مع دولة الحق والقانون في الكثير من المجالات وأخطرها، المجال الاقتصادي المبني على قانون السوق، "العرض والطلب والاستحقاق والجهد والمنافسة والجودة" المبنية بدورها على الدربة والمهارة والمعرفة، وليس على استغلال النفوذ والسلطة، التي غالبا ما تعرقل وتقف حجرة عثرة، أمام التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي السليم المعافى، الذي جاء برنامج حكومة السيد بنكيران الجديدة، حافلا بالوعود لمحاربته بكل أشكاله وأنواعه، وذلك بتدبير ملفات الفساد العديدة التي تنتظر نفض الغبار عنها من رفوف الوزارات التي طال أمد الانتظار بها، والعمل على حلحلتها من خلال التوجه الجديد والمنهجية المندمجة التي تبنتها وزارة النقل والتجهيز- والتي يجب أن تتبناها كل الوزارات- لتدبير العديد من قضايا الفساد التي طغت على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأدت إلى ارتدادها، تطبيقا لرغبة الحكومة في تكريس مبدأ الشفافية والسعي نحو الإصلاح الشمولي المتكامل والمنسجم الذي يندرج في إطار تحقيق بعض انتظارات الشارع المغربي، ومن ضمنه حركة 20 فبراير التي كان أمر القضاء على اقتصاد الريع من بين أهم مطالبها الأساسية، والتي جانب باقي الإصلاحات العميقة والمستعجلة التي تضمن المساواة والعدالة بين كل أفراد المجتمع دون تمييز، والتي شرعت الحكومة الإسلامية في تطبيق مضامينها التي جاءت في برنامج حزب العدالة والتنمية الانتخابي الذي وعدت به الآلاف من مناضليه، والملايين من مناصريه والمتعاطفين معه، وبدأ بالفعل رئيسها بنكيران في إظهار "حنة يديه" بتطبيق سياسة حزبه الشعبية القائمة على تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة التمييز ومحاربة نظام امتيازات "اقتصاد الريع" الذي أطلقت صوبه الحكومة الإسلامية أولى الرصاصات القاتلة بدأً برخص النقل (الكريمات) التي تمنحها الدولة لأشخاص ذاتيين دون الاحتكام إلى شروط الشفافية والمساوات والمنافسة الشريفة بين الفاعلين الاقتصاديين في هذا القطاع أو ذاك، والتي تم نشر لائحة المستفيدين منه بعد مدة وجيزة من عمر الحكومة الحالية، منذ تعيين عبد الإله بنكيران رئيسا لها من طرف الملك محمد السادس يوم 29 نونبر الماضي بميدلت، باعتبار ذلك مبادرة تندرج ضمن الخطوات الكبرى التي جرت العادة في كل البلدان الديمقراطية –خاصة بأوروبا- أن تقدم عليها الحكومات التي تحترم نفسها ومواطنيها.

ما يبين بالواضح أن حكومة بنكيران، عازمة على قيادة تدبير الشأن العام للبلاد، بتبصر رصين، وببسالة قل نظيرها، بل لم يسبق أن حدثت عند باقي الحكومات السابقة، وليس بالنوايا والمتمنيات الحسنة كما زعم بعض الفاعلين والمحللين السياسيين الذين اعتبروا خطوة وزارة التجهيز والنقل الإيجابية، "مجرد مزايدات وإشهار سياسي"، رغم ما حملته من إشارات قيمة، أهمها أن الحكومة تريد إعمال مبدأ الشفافية من الآن في التعامل مع الشأن العام، وعدم السكوت عن مظاهر الفساد ومحاربته، كما قال الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، خلال لقاء بالصحافة عقب اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم الخميس فاتح مارس: "أنها خطوة أولى تندرج ضمن التزام حكومي سابق، في تفعيل مبدأ الحكامة الجيدة، وترسيخ قواعد الشفافية المطلوبة"، هذه السرعة في تفعيل قواعد الشفافية والحكامة الجيدة في التعامل مع ملفات الفساد، كان بدون ريب، بمتابة ضربة موجعة للسيد كريم غلاب الذي وجد نفسه مغلوبا أمام جرأة وشجاعة خلفه عبد العزيز الرباح على نشر أسماء المستفيدين من رخص النقل التي كانت دائما محط انتقاد ورفض شعبي، وأدخله مكرها في حالة حرج سياسي غير عادي، قد يفقده وحزبه شيئا من المصداقية، كما هو الحال بالنسبة لكل الحكومات السابقة التي ما كانت تستطع التغلب على اعتلالاتها، أو تجد أجوبة لأسئلة المجتمع الملحة التي لا تتعامل معها بواقعية وعقلانية واستحضار فلسفة التغيير، نحو الأجدى والأفضل، وكانت تكتفي بالشعارات الجوفاء المدعية إعطاء الأولوية للمجال الاجتماعي، لاستدرار عطف الناس، وحتى حينما كانت تقرر مكافحة الفساد، وتؤسس لذلك الأجهزة واللجان -كما تفعل كل حكومات المجتمعات المتحضرة- فإنها لا تروم، في حقيقة الأمر مواجهته، لأنها تستفيد منه من خلال توسيع رقعة المناصب وتوظيف أتباعها بعد تجيير ذلك الفساد ضد منافسيها وإكسابه المصداقية والمشروعية بما كانت ترسمه -الحكومات السابقة التي ما كان يهمها إلا أن يفهم الناس أن الفساد يعني الرشوة واختلاسات الموظفين الصغار فقط لا غير- لتلك الأجهزة من خطوط حمراء لا يجب تخطيها، وحدود وأنواع فساد لا يسمح بمجاوزتها، والتي حصرتها في "الفساد الصغير" المتمثل في الرشوة البسيطة، رغم خطورتها، والاختلاسات المتواضعة التي يمارسها صغار الموظفين، دون الاتجاه نحو ما يمارس في البلاد من فساد كبير يقترفه " على عينيك يا بنعدي" كبار الشخصيات السياسية والقيادات الحزبية الوازنة، ومرموقي مسؤولي الكثير من الأجهزة الحكومية، الذين كشفت لائحة وزارة التجهيز والنقل المنشورة في فاتح مارس الجاري، عن بعض المستفيدين منهم من مأذونيات النقل، والتي لا بد من القول بأن هذه اللائحة رغم أهميتها، كمبادرة سياسية هامة بما تحمله من إشارات قيمة ورمزية هامة مرتبطة في أغلبها باقتصاد الريع، فإنها تظل لائحة غير مكتملة ولا تشمل في قسمها الأعظم سوى على أسماء "صغار" المستفيدين -إن صح التعبير- وجلهم من الفئة التي لا تتوفر كما هو معلوم على أسلحة للدفاع عن نفسها أو وسائل مضادة للضغط، لكونها "فئة هشة" بين الفئات الضخمة التي استفادت أو يفترض أنها استفادت من مظهر اقتصاد الريع هذا، دون أن تذكر أسماؤها على لائحة المنتفعين من "الكريمات"، وتعوضها أسماء شركات فاعلة في القطاع تملكها الشخصيات عينُها التي فضلت البقاء خلف الواجهة، كما سبق للسيد سعد الدين العثماني، وزير الخارجية الحالي، أن أعلن في برنامج تلفزيوني قبل أكثر من سنة أن وزيرا واحدا يتوفر على مئات من رخص النقل هذه، ربما وصلت إلى 500 رخصة.

فليس غريبا ولا عيباً والحالة هذه، أن تتعدد المقاربات والتحليلات، وتكثر ردود الفعل وتختلف، بل وتتضارب بين مؤيد ومعارض، حول استفادة الكثير من الأغنياء مما صُنف سياسيا واقتصاديا على أنه ريع اقتصادي، بل هو طبيعي أن تستدعي مثل هذه الأحداث السياسية والاجتماعية، ارتفاع الكثير من الأصوات المستنكرة، وتكتر التعليقات وتحتد الانتقادات، كما هو حال أحد المعلقين حين قال: إن رخص النقل التي تم الكشف عن أصحابها ليست سوى صورة مصغرة عن الفساد الأكبر الذي يتمثل في رخص الصيد بأعالي البحار التي يستفيد منها كبار المسؤولين في الدولة، ولا يمكن المقارنة بين ما تدره رخص النقل تلك وما تدره هذه الرخص، فحرام أن نجد في بلد تملأه المفارقات الكبيرة بين الفئات، أن الكثير من الأغنياء غير المحتاجين، ضمن لائحة المستفيدين من المأذونيات التي تدر عليهم –وهم قابعون في بيوتهم- ملايين السنتيمات كمدخول "بارد" لهذه الكريمات، في الوقت الذي يستقيظ السواد العظم من المواطنين من 6 صباحا إلى الثامنة ليلا من أجل كسب 50 درهم في الأشغال الشاقة..

كما قال عبد اللطيف وهبي رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب إن رخص النقل هته لم تكن في يوم من الأيام سرية، لأن المستفيدين منها يتعاملون معها اجتماعيا واقتصاديا ويعرف الجميع أنها موجودة، وفي السياق ذاته اعتبر قيادي آخر في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض لحكومة بنكيران أن حزب العدالة والتنمية يوظف بشكل غير مقبول لائحة المستفيدين من رخص النقل.

ولم يتوقف الجدل حول لائحة وزارة النقل والتجهيز عند حد التعليق والاستغراب، بل وصل إلى درجة الهجوم الشرس على الوزير صاحب المبادرة وحكومته وحزبه الإسلامي، حيث هاجم البرلماني السابق عبد الباري الزمزمي – الذي حصل على رخصة للنقل عبر الحافلات، بتاريخ 3 دجنبر 2011، تربط بين مدينة طنجة وخنيفرة ذهابا وإيابا، حسب ما كشفت عنه القائمة المنشورة- وزراء العدالة والتنمية الذين قال فيهم إنهم مند مجيئهم إلى الحكومة وهم يحاولون اللعب على عواطف الناس وترويج قضايا للاستهلاك والإشهار، واعتبر نشر قائمة المستفيدين من " لكريمات" بـ "العمل الغوغائي والعبثي" الذي تريد منه الحكومة التي يرأسها بنكيران "الإشهار واللعب بعواطف المواطنين ومحاولة إثارتهم"، مضيفا بأن عملية النشر همت أسرار الناس، موضحا أن الأبناك لا تسمح بكشف أسرار المتعاملين معها، مبديا استغرابه من الهدف وراء نشر قائمة المستفيدين، وقال إن نشر قائمة المستفيدين سيسبب إحراجا للملك، لأن الملك هو الذي يسلم هذه الرخص.

وجاءت تدخلات أخرى من قياديين حزبيين وحقوقيين ودعاة لكن هذه المرة كانت مصفقة ومؤيدة لطرح نشر اللائحة ومساندة لها على اعتبار أنها بادرة طيبة وجريئة، كالحوار الذي أجراه عمر بن شعيب مع الداعية محمد الفيزازي على صفحات جريدة "أخبار اليوم" بتاريخ 9مارس 2012 والذي جاء ردا مفحما على هجوم الداعية الزمزمي: س: هل تابعت الجدل الدائر بعد الكشف عن لائحة المستفيدين من "لكريمات"؟.

ج: نعم، لقد تابعت هذا الموضوع عبر ما ينشر في الصحافة الوطنية وفي بعض المواقع الإكترونية.

س: وهل أنت مع كشف الأسماء؟

أنا مع فضح المجرمين والمفسدين والظالمين، أما رخص النقل فهي إتاوة إنسانية كريمة تعطى لمن يستحقها، أما أن نجد شخصا ما، يستفيد من هذه الرخص وهو غني عنها ولا يحتاج إليها، فهذا لا يقبله العقل كما لا يقبله أي مواطن.

س: إذن أنت تطالب هؤلاء بأن يعيدوا الرخص إلى الدولة؟

ج: أنا مع عودة الرخص للدولة بالنسبة للأشخاص الأغنياء الذين يستفيدون منها، أما الفقراء فهم أهل لها ولعائداتها.

س: لكن هناك من الدعاة من استفادوا منها؟

ج: في الحقيقة أنا أسفت لجواب الشيخ الزمزامي عندما سئل عن هذا الموضوع، وقال انه استفاد منها لأنه يدعو إلى الله، فهل هو وحده في هذا البلد من يدعو إلى الله.

س: إذن أنت تطالب الزمزمي بان يعيد الرخص إلى الدولة؟

ج: وهل كل الدعاة في المغرب استفادوا من رخصة النقل؟ أم ان الزمزمي هو الداعية الوحيد الموجود في البلد.

س: الداعية الزمزمي اعتبر الكشف عن الأسماء أمر عبثي هل توافقه الرأي؟

ج: لن يكون أمرا عبثيا إذا تبين أشخاصا يستفيدون من هذه الرخص أو "لكريمات" وهم أغنياء ولا يستحقونها، لان الأولى بها هم الفقراء أو الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا، أن هؤلاء هم الأجدر بها وليس من هو غني عنها..

ولم يحد النائب البرلماني حسن طارق القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن نظرة الداعية محمد الفيزازي، حين وجه التحية إلى وزير التجهيز عزيز الرباح على المبادرة التي رأى فيها وفاءً من الرباح لالتزام الذي قطعته الحكومة على نفسها بمحاربة الفساد والقطع مع كل تمظهرات اقتصاد الريع والفساد الذي شكل حسب طارق جزءً من بنية نظام سلطوي تحالفت فيه الزبونية مع الاستبداد.

ونفس الشيء فعل محمد مسكاوي نائب المنسق الوطني الهيئة الوطنية لحماية المال العام، حين وصف مبادرة وزير التجهيز والنقل عبد العزيز رباح بالإيجابية التي تأتي في إطار تفعيل مبدأ الشفافية في الحق للوصول إلى المعلومة، واعتبر أن الكشف عن لائحة المستفيدين من ريع "الكريمات" تبين دناءة بعض المسؤولين والشخصيات التي تتظاهر بالوطنية وحماية المال العام، وتمنى في ذات الاتجاه أن يتم تعميمها على باقي القطاعات، مثل رخص الصيد في أعالي البحار ورخص استغلال مقالع الرمال وغيرها.

أما المركز المغربي لحقوق الإنسان فقد وصف هو الآخر مبادرة نشر أسماء المستفيدين من رخص النقل بالخطوة الشجاعة، مشددا في الوقت ذاته على أنها غير كافية والتي قد تكون لها نتائج عكسية في حالة بقاءها منفردة دون الاستمرار في ذات النهج.

وقال الدكتور عمر إحرشان، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، أن نشر لائحة المستفيدين من مأذونيات من قبل وزارة النقل والتجهيز "بادرة طيبة، وتستحق التشجيع، ولكنها، للأسف، لا تخلو من انتقائية مخلة لأنها لم تشمل كريمات أخرى هي أساس اقتصاد الريع والمتمثلة في مأذونيات مقالع الرمال والصيد في أعالي البحار التي يستأثر بها أصحاب السلطة الحقيقيين الذين لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها.

تصريحات وتعليقات وردود أفعال جعلت الكثير من التساؤلات تتناسل وتتوالد من بعضها حول النوايا الحقيقية خلف أمثال هذه المبادرة، طالما أن باقي الوزارات الأخرى وفي نفس الحكومة لم تتخذ نفس المبادرة، التي أقدمت عليها وزارة النقل والتجهيز، وخاصة منها وزارة الداخلية، لأنها الجهة التي تمنح مأذونيات سيارات الأجرة. فإذا سارت وزارات حكومة بنكيران، وعلى رأسها وزارة الداخلية في نفس اتجاه مبادرة وزارة النقل، فإن الرأي العام سيكتشف لوائح أكثر غرابة من كريمات النقل، وإذا لم تفعل الوزارات ذلك–كما حدث مع وزارة الشباب والرياضة التي سبق أن امتنعت عن الكشف عن راتب مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم "غريتيس" رغم ما أثاره من جدل في الشارع العام وداخل البرلمان، وظل موضوع تكتم من طرف الوزير الوصي على القطاع، بسبب غياب الجرأة أو عدم وجود ضوء أخضر- فإن الأمر سيبقى مجرد بالونات وفرقعات لإلهاء المغاربة عن المستفيدين الحقيقيين من اقتصاد الريع الذي تمتد جذوره في الفساد السياسي الذي يعم الكثير من كبار المسؤولين وليس صغار الموظفين فقط، وذلك لأن الحكومات مهما كان موقعها أو مكانتها أو تاريخها أو إيديولوجيتها، إذا هي استنكفت عن القيام بمهامها في محاربة الفساد بكل أنواعه، وتحولت إلى أداة للحفاظ على الواقع في فظاعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. فإنها بذلك تستنزف وتقتات، فقط، من مخزونها وتراكماته، لأنها إما أن دورها منعدم، أو أن "أسهمها" ضئيلة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى