الجمعة ١٣ نيسان (أبريل) ٢٠١٢

أين «إسرائيل»عند المرشحين للرئاسة؟!

رفعت سيد أحمد

هذه هى الحقيقة الصادمة؛ فمن (عمر سليمان) إلى (خيرت الشاطر)، ومن (عمرو موسى) إلى (أبو الفتوح) وحتى تصل إلى رقم 23 من المرشحين لرئاسة مصر، لا تجد فى برامج هؤلاء بنداً واضحاً قاطعاً العلاقة مع الكيان الصهيونى، طبيعتها، ومستقبلها، بعد ثورة أزالت من الوجود (الكنز الاستراتيجى لإسرائيل) وفقاً لتصريحات مسئوليها، ونعنى به هنا الرئيس السابق (حسنى مبارك)، الجميع من هؤلاء المرشحين، وبلا استثناء واحد، يقدمون كلاماً عاماً، ومواقف مائعة، لا أحد يقترب من القضية اقتراباً صحيحاً، فاهماً، لخطورتها، خاصة على مصر ما بعد الثورة.

إن (الغياب) الإسرائيلى عن برامج المرشحين للرئاسة، يستدعى تأملاً عميقاً وتحذيراً أكثر عمقاً، ودعونا نسجل ما يلى بشأن هذا الغياب عله يفيد:

أولاً: من المؤكد أن قضايا مصر الداخلية، تأتى – أراد المرشحون للرئاسة أو لم يردوا – على رأس الأولويات لديهم إلا أن فهم طبيعة العلاقات التى كانت تربط رأس النظام السابق بالكيان الصهيونى، وتداخلها مع شئون مصر الداخلية، تؤكد أن ثمة تواصلاً، وتأثيراً متبادلاً بين الأمرين، ويخطىء من يحاول تصور أنهما منفصلان، وأن ما يسمى بالأولوية لقضايا الداخل منفصلة عن قضايا الخارج الطامع أو الغاضب من هذه الثورة، هو من قبيل الأوهام ؛ وتل أبيب، ومعها واشنطن، هى أول من يدرك هذا، ولذلك هى تعمل بكل أدواتها السياسية والمخابراتية والاقتصادية على اختراق مصر واستمرار تركيعها تحت ذلك الخيار البائس عديم الفائدة المسمى بخيار (كامب ديفيد)، إنها – أى إسرائيل – تتدخل فى كل شئون مصر بعد الثورة، فلماذا لا يفهم المرشحين للرئاسة هذا الأمر ويتجاهلونه وكأن لا وجود أو تأثير لإسرائيل فى قضايا الوطن، رغم أنه التأثير الأكبر والأخطر منذ 25 يناير 2011 وحتى يومنا هذا كان من تل أبيب وواشنطن؟! (ويكفى أن نعلم أنه قد تم ضبط 7 شبكات تجسس إسرائيلية فى العام الماضى وحده وأن أغلب صراعاتنا الداخلية والفتن المتأججة سببها الأصابع الأمريكية والإسرائيلية والشواهد عديدة !!).

ثانياً: فى تقديرنا أن ما يسمى بالنفاق السياسى، أو البراجماتية السياسية هى السبب الرئيسى فى ابتعاد برامج أغلب المرشحين عن ذكر إسرائيل وخطرها المدعوم أمريكياً، بل والإصرار منهم على إعلان – بدون لزمة !! - تمسكهم بكامب ديفيد، رغم أحقية مصر فى تعديلها بل وإلغائها وفقاً للقوانين والمواثيق الدولية خاصة فى البلاد التى تحدث بها ثورات. إن إرسال رسائل الطمأنينة لأمريكا التى مفتاحها (تل أبيب) ظل هو الهاجس الأول لأغلب المرشحين للرئاسة، وليس مصلحة الشعب، وأمن مصر والتزاماتها الدولية كما يدعون.

ثالثاً: فى ظنى – وليس كل الظن إثم – أن الواجب الأخلاقى قبل الوطنى للمرشحين الذين قدموا أنفسهم باعتبارهم مرشحين لمصر ما بعد الثورة عليهم أن يعلنوا وبوضوح، وبلغة حازمة، أنهم (مع أو ضد) استمرار هذه العلاقات مع إسرائيل كما كانت فى عهد حسنى مبارك، حتى يعلم الناس مواقفهم ويبنى الرأى العام تصوراً واضحاً عن مستقبل بلاده، وهل هو مستقبل بإرادة وطنية مستقلة وقرار سياسى حر، أم هو مكبل بذات القيود والاتفاقات التى تؤثر على التنمية والحريات فى الداخل بأكثر مما تؤثر على قضايا الخارج ؛ ومن حق الشعب المصرى الذى قام بثورة نبيلة ورائعة أن يجنى ثمار ثورته فى حماية صحيحة لأمنه القومى بعيداً عن القيود المذلة للمعونة الأمريكية المرتبطة شرطاً باتفاقات كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل.. ترى متى ينطقون؟ ومتى يكون (المبدأ) وليس البراجماتية السياسية هو الأساس الأخلاقى لمن يتصدى للعمل العام؟.

إن هذا جميعه يستلزم من المرشحين للرئاسة أن يقولوا لنا الآن وليس غداً، أين هم من قضية الصراع العربى الصهيونى؟ هل هم مع المقاومة أم مع ذلك الوهم الكبير المسمى بالسلام الذى لم يجنى العرب – وفى القلب مصر – منه شيئاً؟.

إن القضية غاية فى الأهمية، خاصة إذا ما فهمت جيداً على أساس أنها قضية (أمن قومى)، والأمن القومى يتداخل فيه الداخل بالخارج فى منظومة واحدة من التحديات والتهديدات، إن مصر مقبلة على مرحلة خطيرة للغاية، ومن الصواب أن نعلم كيف يفكر الرئيس القادم، فى تلك المرحلة والتى لدينا يقين كامل أن المواجهة مع الكيان الصهيونى وواشنطن ستكون أبرز عناوينها.. فهل أعد الرئيس القادم إجاباته على تحدياتها تلك؟!.

رفعت سيد أحمد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى