الجمعة ٢٠ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
الذكورية المتطرفة تفقد المرأة روح
بقلم حميد طولست

التحدى والصمود والثقة في النفس!

كما يعلم الجميع، حتى ذوي البدهية الإنسانية البسيطة، فإن المرأة كائن بشري زرع فيه الله الحنان والمودة والرقة والكثير من الصفات الوراثية التي تستطيع من خلال تغير العالم لأنها تتمتع بدهاء خلقي رباني وتعرف ماذا تريد وكيف تصل إلي ما تريد وتستخدم مواهبها في الحفاظ على أسرتها مقدمة مصلحتها على شؤونها الشخصية بإيثار خارق وشديد، وهذه هي بالضبط، الصفات هي التي يحتاجها اي سياسي ماهر- والتي للأسف، لا اعرف الكثير من بين سياسيينا العرب والمغاربة، ممن يتمتع بهذه الصفات لأنهم خلافا لها وفي مجمل تسرفاتهم يكررون نفس الأخطاء ولا يعرفون ماذا يريدون وفي النهاية لا يستخدمون مواهبهم إلا في الحفاظ علي مناصبهم ومصالحهم الشخصية- ومع ذلك لا يدمنون إلا على حكايات بيعها لجسدها، ويتفننون في سرد قصص خطاياها وعلى رأسها خطيئة إخراج أب البشرية من جنة عدن، ولا يتذكرون مع الأسف، جرائمهم البشعة التي يقترفونها كيبيعهم لضمائرهم وأقلامهم وأصواتهم لمن يدفع أكثر، وهى فى رأي العقلاء دعارة فكرية وههر سياسي وفساد أخلاقى أشد اثرا وهدما للمجتمع من دعارة الجسد التي تلجأ إليها بعض المضطرات لإطعام صبيةٍ جوعهم تطرف دعاة التخلف والردة الاجتماعية، وأفقرهم غالو مدعي نظريات اللبرالية والعلمانية،

الذين لا تعترفون بأن وضع المرأة هو ميزان تقدم الشعوب والأمم والحضارات، ويرفضون استخدامها لعقلها، ويحرمون عليها حرصها على أن يكون لها صوتا ودورا في شأن أمتها داخل وخارج البيت، ولا يريدون الاسماع لحجها الدامغة، ولا يعتبرو تظلماتها العادلة، طالما هي مخالفة لظلمهم الذكوري المعتاد وساديتهم الامتلاكية الاستحواذية المقبولة في ثقافتهم التي قد لا يهم الكثير منهم منها النفع المادي بقدر ما يستهويهم امتلاك النساء والهيمنة عليهن فحسب، لكونهن مختلفات في ضعف أجسادهن ووجودهن للمتعة فقط، حسب ما ترسخ في التربية والذهنية الذكورية التي إذا لم يتحقق لها ذلك بالفرص الطبيعية العادلة فإنهم يسعون لتحقيقها من خلال ابتزازِها قسرًا، ولو كانت مخالفة لما أباحه الشرع، مستغلين في ذلك قدراتهم الخارقة على لي أعناق النَصِوص الدينية المُتسامِحة، و إخضاع الأحكام والتشريعات، لتَفسيراتهم البَشَرية المتخلفة التي يركبون عليها بالحيلة في العبادات والمعاملات وَفقاِ للمَفاهيمِ المجتمعية المُعمّدة بالدِماء وَصَمتِ المؤسسات الرَسميّة، وَضبابيّة المواقِف القانونية وتخاذل التفسيرات الدينية التي لا يريد بها أصحابها الذين لا يفكرون سوى فى أعضائهم التناسلية، إلا تعكير الحياة والإخلال بقيم وموازين مجتمع القرن الحادى والعشرين وإشاعة جرائم التربص الشرس بالنساء، وجعلها تمضي في هُدوءٍ ومِن غيرِ جَلَبة، وحسب رغبة المفسرين الذكور وكأننا نعيش أزمة تفسير ديني واحتكاره ؟ أو أن الدين ما نزل إلا ليفسره الرجل وتعمل به المرأة في ظروف مشبعة بالجلافة والتربص الشرس بالذي يستحيل معه التعايش بين طرفين يخشي أحدهما الآخر، والمفارقة هي أن الطرق الأقوى المتمثل في الرجل-كما يعتقد الذكورذلك- هو من يخاف الطرف الأضعف والناقص عقل ودين، الممثل بالنثى،

حيث يخشى من أن تسحب البساط من تحت اقدامه، وتسلبه سلاح القوامة التى يتحكم به فى الكثير من دوي العقول الشاذة والآفاق الضيقة، باسم اسطورة "الذكورة الكاذبة" التي تُذَكِرُنا بِعُمقِ الجانِب المظلِمِ الذي رافَقَ الإنسان في مشوار التحول من الوثنيّة الجاهِليّة الهَمَجيّة الى السماويّة التنويريّة المَدَنيّة، والذي كان ولا زال يحرم فيه على المرأة من أن يكون لها نصيب من التغيرات المحدودة التي تطرأ على المجتمعات، والتي ليسَ مُتوَقَعاً أن تتلاشى كمُمارَسة رَجعية أو أن تختفي من مجتمعات، مازالت تحتفظ بها كنهج ثقافة قديمة لا تريد أن تبارحه أن تختفي من المجتمعات، سواء على المدى القريب ولا حتى على المدى المتوسط، ولو حصدت من جرائها مصائر سوداء توقف عجلة التطور وتصيب شعوبها بالتجمد والتخلف، لأنها مجتمعات بَطيئة في مُراجَعة النفس ولا تؤمن بشيء اسمه النَقدِ الذاتي، ويهون عليها تحميل غيرها مسؤوليات أخطائها، لأنه كما يقولون، ليس هناك أسهل من إلقاء المسؤولية على الآخرين ولومهم على أخطائنا، بخلاف غيرِنا من الأمم المتحضرة التي تجاوزت نهجها القديم تخلصت من جهلها وتخلفها وأنانيتها، بالتعديل والتطوير كنتيجة حتمية لصيرورة الزمن والتطور، ووضعت لعالمها الواسع شروطا تصون كرامة الإنسان وتقر بالمساواة في القيم الإنسانية في العلاقات الإنتاجية المتطورة بين طرفي القضية "المرأة والرجل" سواء في الزواج أو خارجه، والتي أصبح لها أصول وجذور تتجاوز ثقافة اوربا القديمة لتمنحها مدارات وفضاءات أكبر تدعم حرية المرأة الغربية وكرامتها وتمكنها من منافسة الذكور في مختلف الميادين، ومختلف الوظائف والمهن، كالتدريس والطب والهندسة والتجارة والطيران والصحافة وغيرهاـ لبناء مؤسسة متساوية الأطراف، يضع كل طرف كافة إمكانياته لتطوير الحياة المشتركة بينهما ودعمها بالمال والوقت والاهتمام والرعاية والاحترام والعمل على تقدمها ونجاحها، لأن نجاح أحدهما يصبح بذلك لصالح المؤسسة، ويبني لها وللمجتمع الإنساني المجد والاستقرار والاستمرارية..

بينما تعيش المرأة الشرقية الأقل حظا والتي تكمن مآساتها فى جمود المنظومة الثقافية العربية بكل مفرداتها من تراث وعادات وتقاليد مازالت تنتهج منهجية القبيلة والعشائرية وكبير العائلة التي تشل أوصال المجتمع -حتى ولو إكتست مظاهر عصرية خداعة- بالممارسات الجائرة بحق المرأة وحق مجتمعاتها المطأطئة الرؤؤس لأبشع اعراف جرائم الشرف البغيضة، التي يفرض عليها بسببها الجهل والعاطلة والخمول بدعوى ما تشاع بأن طبيعة المرأة الجسدية والنفسية تحرمها من ممارسة كافة حقوقها كالرجل، حيث لا عمل لها سوى طهي الطعام وتنظيف البيت والثرثرة والشجار مع الجارات والأطفال، بدعوى أنها ربة بيت، وما هي كذلك، إذ هي وأمثالها مدمرات للبيوت، لأنهن يربين أبناءهن على البلاهة والسذاجة والخرافة والجهل التي يسَلّحن به ابناءهن الذُكور بِكُلِ مَخالِبِ القَمعِ وأدواتِ التَسَلُّط من تفضيلٍ وتسهيلٍ وَتدليلٍ، وَيزرَعن في ارواحِ بناتِهن انكساراتِ الإمَاء وَهوانَ الجواري وَخُضوعَ العبيد، وَيلَقِنهُنَّ قاموساً سَميكاً من مُفردات الذُلّ والعُبودية والخضوع الذي يكرس فى النهاية وضعية متأخرة ومتدهورة من البداوة المفرطة التي تصل بهن إلى نفسية مازوخية تتماهى فى هذا الوضع المتدنى الذي تعتبر فيه الهيمنة الذكورية المفرطة التى تنال منها هو حق طبيعى للرجل فتتصور انها لا تزيد عن وعاء جنسى يهفو الرجال -الذين يعيشون كل قيم البداوة وهوس الجنسى وشبقه- للقذف فيه، إلى درجة تجعلهم ينفصلون عن العالم الحقيقي ويصبح همهم الأول والأخير هو ممارسة الجنس، الذي يكرس بدوره أمراضا فى عقول الرجال والنساء معا بسبب الفصل بين الجنسين وتحجيب المرأة وتغطيتها والحد من حريتها، كما قال الشاعر أحمد شوقي:

وإذا النساء نشأن في أمية.... رضع الرجال جهالة وخمولا.

الشيء الذي يجلب الكثير من جرائِمَ الشَرَفِ، بِعلنيتِها الفَظّة وَعربَدة احتفاليتها الَدموية التي ترافِقها كجُزءٍ مِنْ طَقس "غَسلِ العار" الذي بلغ فيه السخف الذكوري إلى الاستعانة بالملائكة الأخيار لتقليمِ انيابِ المرأة بلعنها طوال الليل، إذا هي اعتذرت عن تلبية حاجة زوجها الجنسية والذي، مع الأسف، تبنّت نفس المرأة وجهة نَظَرِ الرجال الذكورية المقيتة التي تبرهِنُ على مدى تَمسُكِها هي ذاتها بقوانين وشرائِعها الغابوية، وتقرها دون أن يخطر على بالها أن تتسائل عن موقف الملائكة الكرام من رفض الرجل تلبية رغبتها هي كزوجة، والتي لم يوضحه الحديث النبوي الذي يستشهدون به على توريط الملائكة الأجلاء في هذا الفعل الذي هو اشد وقعا من اعتذارها هي عن اشباع شبقية زوجها بتمكينه من نفسها لعلة من العلل.. وخاصة أنه يحل للرجل أن يملك نساء وجواري أخريات غيرها، أما هي فلا يسمح لها إلا به وحده ولا يحق لها معاشرة غيره، وإلا عد زنا يعاقب عليه الشرع بالرجم لأنها محصنة.

وفي الختام أضع تسُاءلا ملحا جدا هو: هل يا تُرى كانتْ "ثيميس" حاملةَ ميزان العدل الإغريقيةُ ضَريرةً حَقاً؟ حتى تتحمل مسؤولية الصاق هذا النوع من الجريمة بالإناث دونَ الذُكور وياستَهداَف "جِنسٌ" بِعينِهِ وياستثناء الآخر، وكيلُ التُهَمُ فيها جِزافاً على أساسِ الشَكْ الراجح والظُنون الغالِبة، وشهوة الامتلاك والاستحواذ وتحجيم المرأة عبر التاريخ الطويل والذي أدى بالفعل إلى تشويه في نفسية المرأة قبل أن يؤثر فى تكوينها الجسدى ليصبح غير قادر على مناهزة الرجل؟!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى