الخميس ٢٦ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
بقلم بوعزة التايك

المبشرون بالنار

أكلتم القلوب والأكتاف واللحم والشحم والعروق والعظام. أكلتم سمك البحار والأنهار عنادل وادينا السعيد. أكلتم تمور واحات الصحاري ولم تشبعوا بعد. أكلتم صدورنا وصدور أطفالنا وآبائنا وأمهاتنا وما زلتم تحلمون بالمزيد. أكلتم و شربتم وهدمتم وسرقتم وخربتم.

أكلتم أغصان أشجارنا وأعشاش طيورنا ووريقات ورودنا وحتى ألوان خدود طفلاتنا. شربتم مياه أمطارنا وندى صباحاتنا وعرق مقاومينا ودموع متقاعدينا وريق ولعاب جداتنا وهن مستلقيات على رصيف الوطن. هدمتم قصور أحلامنا الوردية وقناطر عبورنا صوب جزر السعادة وأبيات قصائد أجدادنا. سرقتم ماضينا وحاضرنا وتعدون أبناءكم لسرقة مستقبلنا وابتسامات أطفالنا.

خربتم خلايانا وعقولنا وعلاقاتنا مع بعضنا البعض. فعلتم كل هذا وأنتم ترددون النشيد الوطني معنا و تحتفلون بالأعياد معنا وتصلون معنا وتفخرون بالوطن أمامنا. تضحكون عندما نضحك و تبكون لما نبكي وتحزنون لما نحزن. فبالله عليكم من أي طينة أنتم؟ ما طبيعة أرحام أمهاتكم؟ هل أنتم بشر أم كائنات غريبة قلوبها من حديد وأعينها من نار وأكبادها من الاسمنت المسلح؟ هل أنتم قتلة محترفون مهمتكم خنق نبضات القلوب أم قراصنة لا هم لكم إلا قرصنة الزمان والمكان وتموجات الحياة أم سماسرة تعبتم من عمليات بيع وشراء أطراف الوطن وتخططون لبيع وشراء أطراف السماء؟ هل أنتم حفدة وورثة " دراكولا " تعشقون قضاء لياليكم في الرقص والغناء على إيقاعات دورتنا الدموية؟

أنتم الذين تبشروننا منذ عشرات السنين بغد أفضل ألا تعلمون أن التاريخ.. أن دموع الوطن.. أن القدر اختاركم لتكونوا من المبشرين بالنار؟ نار نطلب منه تعالى ألا تمس تربة هذا الوطن العربي الغالي والغالي جدا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى