الأحد ٢٠ أيار (مايو) ٢٠١٢
مصافحة..
بقلم بلقاسم بن عبد الله

المجاهد بلحسن يكتب مذكراته

.. وهل تخلف المثقفون الجزائريون يوما ما عن ركب النضال الوطني والاندماج في موكب ثورتنا التحريرية المجيدة؟.. تساؤل مشروع ومثير للجدل، صافحني هذه الأيام قبيل الإحتفال بالعيد الوطني للطالب الذي يصادف يوم 19 ماي..

وإذا كان المثقفون الوطنيون قد مهدوا السبيل القويم لاندلاع شرارة الثورة في فاتح نوفمبر 1954 وسارعوا لاحتضان القضية، ورفع شعار ثورة التحرير عاليا، فإن أبناء الجيل الجديد الذي فتح عينيه على لهيب المعركة، وجد هو الآخر في هذا الحدث العظيم فرصة مواتية للبرهنة على ولائه للوطن المفدى وحبه للحرية الغالية.

من هنا، عدت إلى مصافحة الكتب العديدة والوثائق النادرة المتوفرة، واسترعى انتباهي هذه المرة إسم المجاهد المثقف بلحسن بالي، قصدت منزله العائلي بضواحي مدينة تلمسان، تحدثنا كثيرا عن ذكريات الأمس القريب والبعيد، قبل أن يسلمني كتبه الجديدة بعناوينها المتميزة: سنوات العنف خلال حرب التحرير. العقيد لطفي شهادات ووثائق. ملحمة شبيبة منهكة..

وإذا كان ولابد من تعريف مختصر بهذا المجاهد الوطني الذي يعكف حاليا على كتابة مذكراته الموثقة بالصور النادرة. هو من مواليد 17 سبتمبر 1936 بمدينة تلمسان من عائلة متواضعة الحال، نال شهادة الدراسة الإبتدائية سنة 1952 وظل متعاطفا مع الحركة الوطنية بفضل إحتكاكه وإختلاطه بالمناضلين المحنكين من رجال الحركة الوطنية.

وإستجابة لنداء جبهة التحرير الوطني الموجه للطلبة الجزائريين في ماي 1956 إنضم إلى صفوف الثورة التحريرية، وانخرط في فرق الفداء بتلمسان، وشارك في عمليات الخلايا الخمسة السرية التي قامت بالعديد من العمليات الفدائية بتلمسان وضواحيها.

وخلال سنتي 1956 و 1957 عين في مهمة ضابط إتصال، ثم مكلف بتوصيل الأسلحة والأوامر بين القيادة وفرق الفداء. وقد حكمت عليه السلطات الإستعمارية الفرنسية سنة 1956 بعشر سنوات سجنا، وبحجز أمواله، كما حكم عليه بالإعدام سنة 1959.

وفي مطلع الإستقلال ، إشتغل بكل جدية ونشاط في القطاع المصرفي بالغرب الجزائري، ومع بداية التسعينات أحيل على التقاعد، ليتفرغ للكتابة والتأليف مع الإهتمام المتزايد بشؤونه الخاصة والعامة.

يملك المجاهد بلحسن بالي مجموعة كبيرة من صور شهداء المنطقة، إلى جانب الكثير من الوثائق النادرة، وقد ساهم بتنظيم عدة معارض للصور والوثائق خلال التظاهرات الثقافية المختلفة التي أقيمت بتلمسان خاصة.

وقد سبق لي أن إستضفته منتصف التسعينات في برنامجي الإذاعي: حوار ومؤانسة. وتحدثنا مطولا عن ذكرياته وكتاباته ومساهماته في النضال الوطني والثورة التحريرية المجيدة.
إعتمد المجاهد الكاتب بلحسن على إمكانيته الخاصة لطبع مؤلفاته التي تجسد مرحلة هامة من نضالنا الوطني، ومن أبرزها: سنوات العنف خلال حرب التحرير في الجزائر. أبطال مغمورون من الولاية الخامسة. ملحمة شبيبة منهكة. عقب الليل أو المجاهد محمد بوزيدي. العقيد لطفي من خلال الشهادات والوثائق.

وقد تم ترجمة معظم كتبه إلى اللغة العربية من طرف كتاب وأساتذة جامعيين، وإن ظلت الترجمة متفاوتة بين النص الأصلي والمنقول. ذلك أن الترجمة ليست بالأمر الهين، كما يشير الأستاذ محمد نقادي في تقديمه لكتاب العقيد لطفي، إنها من أهم وسائل المثاقفة والتفتح، يحتاج صاحبها إلى رصيدين لغويين قويين، وإلى أسلوب متين وتعبير بلاغي يمكنه من تجاوز صعوبة نقل المعنى المناسب.

وأثناء آخر زيارة قمت بها للمجاهد الكاتب بلحسن بالي منذ شهر، وجدته معتكفا بمكتبه الأنيق المزين بالكتب والمجلات واللوحات الفنية والشهادات التقديرية، أخبرني وقتئذ بأنه معتكف حاليا على جمع وترتيب الوثائق النادرة المتوفرة لديه من أجل إتمام كتابة مذكراته الخاصة التي تبرز الكثير من الحقائق الهامة عن أبرز الأحداث التي عايشها خلال حقبة متميزة من نضالنا الوطني.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى