الثلاثاء ٢٩ أيار (مايو) ٢٠١٢
بقلم مرفت محرم

لحن البحر بين العازف والعارف

وقفت أمامه أتأمل جماله وأطلت النظر، كنت غارقة تائهة بين سحر سمائة وصفاء مائه الفتان، عازفة مع أمواجة أشجى الألحان....

فتكشفت لى حقائق ما كانت أبداً فى الحسبان، فللماء قدرات عجيبة على الإحساس والشعور، بكل ما يدور حوله من صور وأصوات، وأحداث وحكايات، يتأثر بها ويتفاعل معها ويعبر عن تلك الانفعالات، فالماء يستقبل الكلمات المسموعه والمكتوبه بأية لغة من اللغات، حتى الأصوات الموسيقية يفهمها، ويستقبل المشاعر المختلفة وينفعل بها أصدق الانفعالات...

ان صوته يملأ أذنى وحديثه معى يشجى، ووشوشتة التى تفضى لا يفهمها الا من درس لغتة، وعلم مكامن أسرارة الغائرة، فى أعماقة الثائرة، وأمواجه الهادرة....

تلك الأمواج التى تلاحقنى ولا أسمع غير صداها، سلمت لها نفسى السابحة فى هواها، فالقت بى الى عالم من الهيام والخيال، وأنا على هذا الحال من السحر، تداعبنى أمواج البحر بنسيمها العذب، والموج يشدنى ويجذبنى ويخاطب عينى فى آن، ويحدثنى حديثاً واضح البيان...

فبلغتنى الرسالة التى خصنى، وتبادلت الحديث الذى يهمنى، بعشق جارف، كالذى يدور بين العازف والعارف.
انه لحن البحر الذى تعزفه الأمواج، يخترق سياج قلبى العاشق ويمنحه التاج، فيرسل نبضاته لتعلو فوق الامواج، أطلقت لخيالى العنان فشرد بعيدا عن المكان والزمان، وراح يشاركه الرقص على أنغام وشوشة الألحان.

ان الروح تهيم لتحلق فوق صفحته، والشمس تسحر سطح مائة فيالروعته، يضىء كانة لؤلؤ منثور، يشد لبك ويجعل عينيك تدور، فى فلك هذا المدار، فلا تستطع الفرار....

انه الخليل الذى يساعدك الآن، بعد أن عز وفاء الخلان، لتلقى بنفسك داخله فتسبح فى هدوء وامان، كأنك تخترق الوجدان.... سيسمح لك بأن تلقى على أمواجه همومك، وتبثها شجونك، فيبدأ فى مداعبتك بكل كيانه، ويمتعك باحتضان أمواجه العازفة لألحانة، ستقضى معه وقتا طويلاً دون إحساس بالزمن.....

فهو الصديق فى المحن، الوفى عند صفائة، الذى يزيل همومك بطهره ونقائه، تلقى إليه بكل متاعبك وآلامك، فلا يبدى فتورا او استياءاً، بل حماسة واهتماماً.... انه البحر بكل ما تحمله الكلمة من معانى الاتساع، بوسعه يزيل متاعبك، وتلقى فيه أثقالك بداخله ويساعدك، ويرحب بك رغم كل ما بك، ولا يتركك إلا هادئ البال، صافى الذهن رائق.... ترسل رسائلك إليه فى الحال، فلا يضيق من الشكوى والسؤال، بل يحفظها فى أعماقه، ويعاودك بإلهاماتة وإشرقاتة المبتسمة بسحر الجمال....

إنه كالإنسان فى طبائعة وتقلباتة، وتنوع أساليب حياته، فالبحر كالنفس فى أحوالها، تعبر عن حالها، ففى وقت الكدر يصبح كالأشر، وفى لحظات الانسجام كأنة خير الأنام...

أنظر إليه وتأمل عزفه، فقلبك العارف سيدرك لحنه....
فأنت أمام صفحة من صفحات الجمال، من صنعة الرحمن المتعال، فتوحد مع الطبيعة الخلابة المليئة بالآيات، ستفيض عليك بالإشرقات والإبداعات والمهارات....

إسرع وراقب الشمس فى لحظة الغروب، عندما توشك على الهروب فى البحر وتذوب، فيهل الآذان بعد لحظة الذوبان والتكبير بالقران، فهل لك غير أن تركع وتسجد للرحمن؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى