الاثنين ١١ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

جامعات قليلة الهيبة!

تعني كلمة هيبة في اللغة العربية الاحترام والإجلال. وتترادف كلمة الهيبة مع كلمة الروعة في كثير من الأحيان. والهيبة توحي بالبرستيج ورفعة المكانة في القلب والعقل. وقد توحي كلمة الهيبة كذلك معاني من الوجاهة والبروز والتميز والشرف والرقي في عيون البشر. ومن الهيبة علو المقام وسمو المنزلة. والهيبة من الاحترام للنفس وللآخرين. كما أن من معاني الهيبة الوقار والرزانة والنضج.

وتعني كلمة الهيبة الشرف والعظمة والسؤدد. وتعني العز والتقدم وحفظ ماء الوجه. وتوحي الهيبة بالاعتبار والحظوة لدى الناس كما تعني قوة النفوذ وتعاظم القدرات. ونضيف على ذلك رفعة القدر والشأن. ومن معاني الهيبة علو المرتبة محليا وعالميا! والاعتزاز بالنفس وتميز الانجاز.

وبعد هذه المقدمة اللغوية المعجمية، أريد أن اعرف يقينا إن كانت جامعات العالم الثالث ومنها جامعات بني يعرب قد نجحت في اكتساب أي من هذه المعاني والدلالات المشار إليها أعلاه. وأريد أن أسال المواطن العربي طالبا ومدرسا وزائرا للاماكن التي سميناها جامعات إن كان حقا يشعر بالمهابة والاحترام عندما تسمح له البوابات الاليكترونية أن يدخل ما اصطلح على تسميته بالحرم الجامعي.

وأريد أن اعرف إن كان زائر الجامعة يشعر بالروعة إزاء المكان وإزاء الأشخاص وإزاء الأحداث. وأريد أن اعرف كذلك من أين تأتي هيبة جامعاتنا، وما مستوى منسوب ودرجة تلك الهيبة، وكيف يمكن قياسها والتأكد من أن تلك الهيبة لم تعد قليلة أو معدومة.

وأتمنى لو اعرف إن كانت قيادات الجامعات بمستوياتها العديدة تتمتع بتلك الأوصاف المستمدة من كلمة الهيبة. فهل تستمد الهيبة مثلا من تناسق ألوان ربطة العنق مع لون القميص والسترة الرسمية الأنيقة والتي يغلب عليها اللون الأسود!

وربما تستمد تلك الهيبة عند صانعي قرار التعليم العالي من نوع ولون وشكل وحجم السيارة التي صنعها لهم الجرمان، وتم شراؤها وتوزيعها على حساب المديونيات التي ترزح تحت وطأتها الجامعات المنكوبة. وقد تكون هيبتهم مستلهمة من جمال سكرتيراتهم ورشاقة موظفيهم ومراسليهم الذين يهبون كالولدان المخلدون يطوفون على أسيادهم وضيوفهم بكؤوس لذة للشاربين.

لكني اكتشفت أن هيبة القيادات الجامعية في بلادنا تأتي كذلك من تلك القلاع الحصينة التي تسمى مبنى الرئاسة أو الإدارة. فكثرة الحجاب وصعوبة الوصول إلى المسئول الأول والثاني وحتى العاشر تكون من اكبر التحديات التي تجابهها امتنا في القرن الحادي والعشرين. وحتى لو قادتك رجلاك إلى سكرتيرة عطوفته فانك لن تلقى أكثر من إجابة ناشفة من انف تلك الموظفة الجميلة تطلب منك إن تترك رقم هاتفك لتقوم هي بواجب الاتصال بك بعد قرن من الزمان إن فعلت ولن تفعل.

يتمتع اداريوا الجامعات بمزايا الهيبة، فكل حسب مستواه، فأنت تجد المكيفات والمبردات وعشرات المراسلين الذين يجلسون على الأرائك متقابلين بانتظار جرس يهرعون منه إلى حيث يطلبهم أسيادهم من مثل إرسال شيكات شخصية للبنوك لإيداعها في الحساب بعد أن عادوا من زيارات وملئوا جيوبهم بالمكافئات والمياومات اعترافا بما حصلوا للوطن من انجازات.

أين هي هيبة جامعاتنا بحق الله؟ هل هي بالعمارات الكبيرة والمكاتب الوثيرة التي يتفرد بها الإداريون؟ أين هي هيبة أعضاء هيئة التدريس وعلماء الأمة الذين باتوا عبيدا أجراء بالسخرة عند إدارات بعض الجامعات؟ ولماذا تلاشت هيبة أساتذة الجامعات أمام تجاوزات بعض الطلبة الذين ما عادوا يراعون أساسيات اللياقة والتأدب؟

أين هيبة أساتذة الجامعات وقد باتوا يفقدون حقوقهم أمام استقواء الطلبة ووجهاء الواسطة وتسلط الإدارات؟ يحشرون في زنازين جماعية أو فردية ويقال لهم هذه مكاتبكم. وتقتطع رواتبهم أو أجزاء منها ويقال لهم هذا قدركم. أين الاحترام لأستاذ الجامعة باعتباره الشيخ الجليل؟

لماذا ذابت شخصية الأستاذ الجامعي وأين تألقه في عالم الفكر والفنون والآداب والعلوم؟ ولماذا يطأطئ الأستاذ الجامعي رأسه أمام إغراءات السياسة وفتات الإدارة؟ لماذا يقبل أساتذة الجامعات بأوضاعهم المتردية إزاء حفنة نقود تأتي أو لا تأتي؟

إن هيبة الجامعات الحقيقية من هيبة العلماء في الجامعات، وان هيبة الوطن من هيبة الجامعات، فماذا يتبقى لدينا إذا أضعنا هيبة الوطن؟! تعالوا نعيد للجامعات هيبتها المفقودة؟ تعالوا نبني جامعات تنشر العلم وتصنع المعرفة لا دكاكين تبيع الشهادات وتزدري العلماء!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى