الأربعاء ١٣ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم مرفت محرم

بديع الصنع

إن التأمل فى خلق الله وفى بديع صنعته، مدخل هام للإخلاص فى عبادته، من لم يعيه ويشعر بمدى جماله وروعته، فهذا دليل دامغ على غفلته

أما مرهف الحس والشعور، صاحب القلب الرقيق والفكر العميق، المسترشد بالنور، القارىء لما بين السطور، الموقن بتوفيق الله الذى هداه، وأخلصه وانتحاه، وأرشده وتولاه... فهو الذى يمعن النظر، ويستخلص العبر، يفكر بأناه، ويرى ما لا يراه غيره من البشر

فما أجمل أن تستظل بشجرة، تتأمل ملكوت الله، فترى العبرة المعتبرة، وسحر الطبيعة الفتان، فى روعة الأشكال وتناسق الألوان، يتناغم حفيفها مع زفزقة العصافير الآبية لعشها، فيا لعظمة الخالق الحكيم القدير، الذى هو أولى بالحمد، والمدح والشكر والثناء الكثير

إن المتعة الحقيقية تكمن فى النظر بإمعان، إلى سحر الألوان، وهى تسكر العقل والفكر والوجدان

فاللون الأخضر يتدرج بحنان، على الزروع والنباتات وأوراق الأغصان، فوق الشجر، فيمنحنا الإحساس بالطمأنينة والأمان، ويزيل عنا الكدر ... وها هو العشب الذى يكسو الأرض وكأنه السندس فى الجنان، يريح النفس ويمتع النظر، تصافحه شمس الأصيل فيرد السلام، فى حياء وخدر....

تأملات فى صنعة الخالق العظيم، نقلتنى إلى روضة من نعيم، تنفس خلالها القلب هواءاً عليلاً، وعزفت نفسى على أوتار مشاعرى عزفاً جميلاً....

تلك المشاعر المرهفة، وخلجات النفس المتعطشة المتلهفة أصبح الكون معها معرضا بديعا لألوان من الآيات المعبرة الواصفة.... أتتبعها فى شغف وذهول، بغية الوصول ؛ فالشمس فى موكب الغروب، تكاد تذوب، لترسم البهجة، وتثير الرغبة، فى العيون والقلوب.... تمضى تاركة وراءها وهج الحمرة الوردية، والمباهج النرجسية، كهدية منها للسماء، فى رحلتها اللانهائية

وها هى الزهور بسحرها وجمالها، تخطف بصرى وتخاطبنى بلغتها، وبغزارة مفردات ألوانها.....

والنسائم العليلة، تداعب الأوراق الجميلة، فتميل مؤدية أجمل رقصاتها

وهاهو البحر الآن، يلوح لى بزرقته الحانية وسمائه الصافية وأنا تائهة فى جماله الفتان، عازفة مع أمواجه أشجى الألحان...

الطبيعة تتمايل بإعجاب، يسحرها هواء الربيع الجميل وهواء البحر العليل.... إنهما الربيعان الأخضر الأرضى والأزرق المائى.... سكر واحد من الطرب، والعزف والعجب، فكأس الحب قد وجب

إنى أتأمل إعجاز الخالق فى بديع صنعته، التى أودع فيها من أسرار الجمال وروعته، ما يدخل السعادة على قلوب خلقه، ويحرك مشاعرهم، وينمى بالجمال أحاسيسهم، ويرقى بذوقهم وفكرهم، ويزيد من إيمانهم بقدرته، ويرشدهم ‘لى أبواب حمده وشكره، وحسن عبادته

هذه الطبيعة كانت وما تزال، مصدر إلهام لكل من يحسن تأمل مظاهر الجمال، وإنى لأقف أمام لوحات هذا الكون عاجزة عن الوصف والبيان، متأملة بأناه فى شغف وانبهار، مهلله الله الله أطلقها من غور قلبى ملبية بالأذكار، ولا أملك إلا أن أردد قول الحق سبحانه فى محكم آياته:
(ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى