الأحد ٢٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم مرفت محرم

تسبيحات

إن صفاء النفس وشفافية الروح، فى لحظات البوح النورانى، والإلهام الربانى، تؤدى للارتقاء، والطهر والنقاء، وسلامة الفكر الخلاق، وعميق الوعى والإدراك.... عندئذ سترى تجليات تدعو للانبهار، لحظة انزواء غبار المادة الكثيف، فتتجلى صنعة وعظمة الجبار اللطيف فيدرك الإنسان من أسرار الوجود والكون، مالا يدركه الغافلون اللاهون، المنغمسون فى أمور الحياة المادية، بأبعادها اللاهية الملهية

فالإحساس بعظمة المولى تكمن فى تسبيح الكون: ظاهره ومخفيه، مطيعه وعاصيه، مدركه ولاهيه، مغيبه وواعيه، متحركه وساكنه، حيه ومسجيه، جميله وشائنه، مسبحا للمولى عاليه... كل بطريقته ووسائله

فهو فى كل الأحوال، لغة اللسان، وحال الكمال الذى يعجز الإنسان عن وصفه، فيسبح بحمده فى خشوع واستسلام، وسلام واطمئنان، يناجيه بالوجدان، فيغدق عليه بالحنان والإلهام..... بشرط واضح وصريح، هو أن يوافق الذكر والتسبيح، كف الجوارح عن محارم الله أوالتجريح

إن الإنسان يظل قلقاً، فزعاً ، حائراً، فى هذه الحياة، مادام قلبه لاهياً عن ذكر الله.... فإذا عرف القلب طريقه إلى مولاه، وامتلأ بخشيته وتقواه؛ ألزم الجوارح بالطاعة ورطب لسانه فى كل ساعة... بذكر الإله، ومحبته وتقواه، طمعاً فى جنته ورضاه

إن الكون جميعه يسبح بحمده، ولا نرى إلا ظله، ولا نفقه كنهه، وعز من قائل (وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) الإسراء 44

إنها العظمة تتجلى فى صنعته، وتسبيح خلقه بمشيئته، فلا نملك الفهم أو القدرة على الاقتراب، من عظمة المولى الوهاب، إلا بالتسبيح والذكر، والابتهال والشكر، فما من مخلوق على وجه الأرض إلا ويلهث بالدعاء والأمل والرجاء، وعز من قائل (يسبح لله ما فى السموات وما فى الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم) الجمعة 1

والتسبيح هو التقديس والتمجيد، والتنزيه من كل نقص وعيب، ولا ريب أن الذكر الدائم لجلاله بكل إسم ووصف نسبه لذاته العلية، وإخلاص العبادة له وحده بالاعتقاد والنية، ثم بالقول والأفعال الحسنة الطيبة الهنية، التى تليق برب البرية.... هى من متطلبات التسبيحات العلية

التى هى النطق بالشهادتين بحسن نية، وبفهم صحيح لدلالاتهما القوية، وإقامة الصلاة فى خشوع وروية واطمئنان، وشكر الرحمن فى كل حين وآن ... وإيتاء الزكاة تطهرا من الأدران، والنجاة من النيران، وصوم رمضان فى طاعة وإخلاص، لنفوز بالإنصاف، والحج المبرور، طمعاً فى الذنب المغفور، بغير رفس ولا فسوق ولا جدال.... فنبتهل فى الدعاء، والتوسل والرجاء، للوصول للجنان، ومحبة الرحمن

فتوحيد الإلوهية، من التسبيحات الجلية، وتقديس أفعاله الربانية، مثل الخلق والرزق، والإفناء والبعث، وتفرده فى هذه الأمور، التى هى من المقدرات الإلهية

إن كل ما فى الوجود، يعبد الله الموجود، ويسبح بحمده، ويخلص فى دعائة، ويقدس أسماءه الحسنى، وصفاته العلا... فواجب الإنسان الأول فى الحياة، هو أن يعبد الله ويسبح بحمده تسبيحاً يليق بمولاه فالعابد يسبح الله وهو خاشع لعظمته، عارف لجلاله وقدرته، المنقاد لأوامره، الذى يعلم بأن ناصيته ومرده إليه فيخلص فى إعلان إناباته وخشيته

اللهم اجعلنا من الذاكرين لجلاله، المسبحين بحمده، والناطقين باسمه الأعظم، والمتلطفين بلطفه، والمحتمبن بكنفه، الساعين على أرضه، المستظلين بسمائه، الراضين بقضائه، الشاكرين لعطائه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى