الثلاثاء ١٠ تموز (يوليو) ٢٠١٢
بقلم مادونا عسكر

ابراهيم خليل الله

قال الرّبّ لابراهيم: "إرحل من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض الّتي أريك، فأجعلك أمّة عظيمة وأبارك مباركيك وألعن لاعنيك ويتبارك بك جميع عشائر الأرض."(تك/12(1.2.3)
دعاه الله فلبى. ابراهيم رحل عن أرضه وعشيرته وبيت أبيه دون أيّ نقاش أو استفهام، رحل وحسب. وهو ذلك الوثنيّ الخارج من أور الكلدانيّين إلى حاران، والميسور الّذي يملك المواشي والعبيد. رحل عن أرضه دون أن يعلم وجهة سيره فالرّبّ لم يحدّد له موقع هذه الأرض.

ينبع إيمان ابراهيم من ثقته المطلقة بالله، ولا يبدو إيمانه متحيّراً أو مشروطاً، على الرّغم من أنّ ما طلبه الله من ابراهيم صعب جدّاً ومرهق للجسد والرّوح، ومع ذلك لم يتوانَ عن التّنفيذ.
غالباً ما يكون إيماننا متردّداً ومتحيّراً، خاصة أثناء المحن والصّعوبات. قد لا نفهم منها رسالة موجّهة مباشرة إلينا من الله. فكلّ لحظة من حياتنا هي تحت نظره، وهو الّذي لا يريد سوى خيرنا.

سمع ابراهيم في قلبه صوت الله وتفاعل مع نوره، تماماً كما نسمعه نحن باستمرار وقد نتفاعل معه أو لا. وهذا يتوقّف على مقدار ثقتنا بالله، وعلى وعينا الإيمانيّ الّذي يمنحنا الطّمأنينة والسّلام في قبول توجيه الرّبّ لحياتنا، مدركين أنّ الجهالة عند النّاس هي حكمة عند الله. فهو يستغلّ كلّ لحظة من حياتنا ليوجّهها لخيرنا وبالتّالي لخير البشريّة جمعاء.
هذه الثّقة المطلقة بحاجة إلى ارتباط حميم مع الله، وعلاقة متينة لا يزعزعها شيء، فينتج عنها صداقة حميمة معه. والله هو المبادر بهذه الصّداقة فيخطو نحونا دون تردّد واثقاً بأنّنا سنلبّي نداءه، وحتّى وإن خذلناه فهو يعيد الكرّة مرّات إلى أن نعي جمال هذه العلاقة في حياتنا. فالله يعلّق آمالاً كبيرة على كلّ شخص منّا، وكلّنا مدعوون لأن نكون أيادي الله في هذا العالم.

ولا نظنّن أنّ ابراهيم أفضل منّا أو نردّنّ إيمانه العظيم لكونه مختاراً من الله. فكلّنا مختارون من الله ولكلّ منّا دوره ورسالته في تبديل معالم التّاريخ كما يشاء سيّد التّاريخ، الله.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى