الأحد ١٥ تموز (يوليو) ٢٠١٢
بقلم بوعزة التايك

هاك السبب!

أعترف أني أخطأت في حقك اليوم يا سيدتي. لم أهتم بك كعادتي، لم أقل لك إنك جميلة. لم أهنئك على فستانك الجديد ولا قرأت لك شعرا أو قبلت يديك. نعم، من حقك أن تغضبي وتتهمي لأني أخطأت.

لم أسبح اليوم في شعرك ووجنتيك. لكن اعذريني فأنا متعب ولا وقت لدي لمغازلتك ولا حتى للتفكير فيك. لا، لا امرأة أخرى دخلت حياتي، فقط أنا متعب، تائه، لا قدرة لي على الكلام والمغازلة. السبب؟ لا فلسطين ولا جنون المستوطنين ولا تفاهة نقاشات برلمانيينا المحترمين. كل ما في الأمر أني متعب. تعبت من الكلام.

من فضلك، لا تذهبي بعيدا في وساوسك، لا تغامري، لا تفكري في أشياء لا وجود لها فقد قلت لك ألا امرأة غيرك في حياتي. المشكل بسيط ومعقد. تريدين أن تعرفي؟ هذا من حقك. تريدين أن أصارحك؟ أن أبوح لك؟ أن أقول الحقيقة؟

ها هو الواقع، ها ما جرى لي. ها مأساتي! ها هم أطفالي الصغار، الملائكة، العنادل، الزهور، البراعم، رجال الغد. ها هم تلاميذي الأعزاء يحكون لك ما جرى اليوم.

يقول لك الخالدي أطال الله في عمره وأبقاه ذخرا لإعدادية بن عباد بمدينة سلا: اليوم نبحث كالكلب وعضضْتُ زميلي وكسرت النافذة وطرحت على أستاذي مائة سؤال حول أهمية تدريس اللغة الفرنسية بباب الخميس.

ويقول لك التلميذ المبجل، الطحشي، لا فظ فوه و فوه بركانه: اليوم أقسمت أمام التلاميذ أن أتبول على السبورة أمام المفتش والأستاذ. فعلتها ونجحت نجاحا باهرا دفع بالمفتش إلى فعل نفس الشيء.

ويقول لك الحسيني رضي الله عنه وأرضاه وأسكنه فسيح جحيمه: اليوم يا سيدتي قررت أن أصبح أحمق، وقد نجحت والحمد لله. وهكذا لم تمر خمس دقائق على بداية الدرس حتى كنت عاريا أرقص وأغني وسط التلاميذ وهم يرددون "اهنا طاح الريال..."

و أخيرا تقول لك تلك التلميذة الساكنة في ركن كئيب من القسم بجوار العنكبوت: أما أنا أيتها السيدة المحترمة فقد قضيت الساعة وأنا أصوب فوهة فمي إلى الأستاذ سائلة إياه عن السبب الذي يجعله يكتب بالطباشير عوض الكتابة بلسانه.

و الآن، هل اقتنعت سيدتي ألا امرأة في حياتي، بل زهور وفراشات و عنادل!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى