الاثنين ٥ أيار (مايو) ٢٠٠٣
عالمة الذرة المصرية التي اغتيلت في أمريكا

لماذا قيدت القضية ضد مجهول؟؟

ولماذا يصر الحكام العرب إرسال علمائنا الى أمريكا لاغتيالهم

سميرة موسى .. غروب قبل الأوان مر أكثر من 48 عاماً على رحيل د.سميرة، وما زال حادث مقتلها في أمريكا محاطاً بالغموض.

قال المتحدث باسم السفارة المصرية في واشنطن ذلك اليوم:
"إن الآنسة سميرة موسى علي الطالبة المصرية التي تتلقى العلم في الولايات المتحدة قُتلت في حادث سيارة بعد أن أتمت دراستها في جامعة "أوكردج" بولاية تنيسي الأمريكية".

هكذا .. نشر الخبر في آخر صفحة من جريدة المصري في 19 أغسطس عام 1952.. أعلن هذا الخبر وفاة الدكتورة سميرة موسى .. عالمة الذرة من قرية سنبو الكبرى .. ميس كوري الشرق .. أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً).

فمن هي هذه الفتاة ذات الملامح المصرية الأصيلة؟ .. ولماذا كان الخبر يحيط به هالة من الغموض والشكوك؟ وأين تكريمنا لهذه النماذج العلمية الفريدة؟ بل .. من يكمل ما بدأته سميرة موسى؟! أسئلة عديدة لا أعد القارئ بأن أجيب عنها كلها في جولتنا مع هذه الشخصية.

الأب .. موسى عليان هذا الرجل هو "بطل البداية" .. الذي بشّر
بقدوم الابنة الرابعة "سميرة" فحمد الله - عز وجل- على هذه الدرة الغالية، وعزم على ألا يفرق في التعليم بين بناته السبع وأبنائه الذكور الذين رزق بهم بعد
ذلك. شهد هذا الشهر – شهر مارس – مولد الدكتورة سميرة في 3 مارس من عام 1917 .. وكان ذلك في قرية سنبو الكبرى – مركز زفتى بمحافظة الغربية. في السنة الثانية من عمرها جاءت ثورة عام 1919 لتنادي بحرية الوطن .. وفتحت سميرة عينيها على أناس قريتها الذين يجتمعون باستمرار في دار الحاج موسى يناقشون الأمور السياسية المستجدة ويرددون شعارات الاستقلال الغالية، هيأ هذا المناخ لسميرة أن تصاغ امرأة وطنية تعتز بمصريتها وعروبتها دائماً .. وعندما شبت فتاة يافعة .. وجدت تياراً آخر ينادي بحرية تعليم المرأة .. في جميع مراحل التعليم .. كان من قياداته صفية زغلول، وهدى شعراوي، ونبوية موسى، وغيرهن ، إلا أن هذا التيار أثر تأثيراً غير مباشر على تقدم سميرة في علمها ... وضحى والدها الحاج موسى بكثير من التقاليد السائدة ليقف إلى جانب ابنته حتى تكمل مسيرتها ... وسط تشجيع من حوله بالاهتمام بهذه النابغة.

تعلمت سميرة منذ الصغر القراءة والكتابة، وحفظت أجزاء من القرآن
الكريم .. وكانت مولعة بقراءة الصحف التي لم يخل بيت أبيها منها .. وأنعم الله عليها بذاكرة قوية تؤهلها لحفظ الشيء بمجرد قراءته.

في 23 نوفمبر من عام 1927، توفي سعد زغلول، وتولت الطفلة سميرة التي لم يتجاوز سنها عشر سنوات قراءة الخبر كاملاً لضيوف والدها قراءة عربية راقية .. حينما توافد آخرون لسماع الخبر من جديد ألقته سميرة عليهم من الذاكرة دون الحاجة إلى الجريدة.

انتقل الحاج موسى مع ابنته إلى القاهرة من أجل تعليمها .. واشترى ببعض أمواله فندقاً بالحسين حتى يستثمر أمواله في الحياة القاهرية . التحقت سميرة بمدرسة "قصر الشوق" الابتدائية ثم بمدرسة "بنات الأشراف" الثانوية الخاصة والتي قامت على تأسيسها وإدارتها "نبوية موسى"حصدت الطالبة سميرة الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها، فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية عام 1935، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت حيث لم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام 1925 بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر.ولقد كان لتفوقها المستمر أثر كبير على مدرستها..

حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التي يخرج منها الأول، دفع ذلك
ناظرة المدرسة نبوية موسى إلى شراء معمل خاص حينما سمعت يومًا أن سميرة تنوي الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر بها معمل.ويذكر عن نبوغها أنها قامت بإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومي في السنة الأولى الثانوية، وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها عام 1933.

الحلم الكبير .. يتحقق اختارت سميرة موسى كلية العلوم .. حلمها الذي كانت تصبو إليه ، رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة .. حينما كانت أغلى أمنية لأي فتاة هي الالتحاق بكلية الآداب.لبست سميرة الرداء الأبيض ودخلت معامل الكلية شغوفة لتحصيل العلم وهناك .. لفتت نظر أستاذها الدكتور علي مشرفة، أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم .كان د. علي مشرفة البطل الثاني في حياة سميرة موسى حيث تأثرت به تأثراً مباشرًا، ليس فقط من الناحية العلمية .. بل أيضاً بالجوانب الاجتماعية في شخصيته.

حصلت د.سميرة على بكالوريوس العلوم وكانت الأولى على دفعتها .. وعينت
كأول معيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود د.علي الذي دافع عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب، وعلى رأسهم الإنجليزي "آيرز". حصلت على
شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات ثم سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراة في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة. أنجزت الرسالة في سنتين وقضت السنة الثالثة في أبحاث متصلة وصلت من خلالها إلى معادلة هامة تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع ..

ومن ثم تخرج الدول الفقيرة من حكر الدول الغنية كأمريكا. الذرة من أجل السلام مع الأسف الشديد .. لم تدون الكتب العلمية العربية الأبحاث التي توصلت إليها د. سميرة موسى، ولا نملك إلا أن نتجول في فكرها الغامض في محاولة للاستفادة منه قدر المستطاع. لقد كانت تأمل أن يكون لمصر والوطن العربي مكان وسط هذا التقدم العلمي الكبير، حيث كانت تؤمن بأن زيادة ملكية السلاح النووي يسهم في تحقيق السلام، فإن أي دولة تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة فقد عاصرت الدكتورة سميرة ويلات الحرب وتجارب القنبلة الذرية التي دكت هيروشيما وناجازاكي في عام 1945 ولفت انتباهها الاهتمام المبكر من إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل.. وسعيها للانفراد بالتسلح النووي في المنطقة. حيث قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948 وحرصت على إيفاد البعثات للتخصص في علوم الذرة فكانت دعواتها المتكررة إلى أهمية التسلح النووي، ومجاراة هذا المد العلمي المتنامي.

وما المعادلة التي توصلت إليها إلا ثمرة هذا الفكر النابض عند د. سميرة .. تلك المعادلة التي لم تكن تلقى قبولاً عند العالم الغربي. عملت د. سميرة على إنشاء هيئة الطاقة الذرية .. وتنظيم مؤتمر الذرة من أجل السلام الذي استضافته كلية العلوم وشارك فيه عدد كبير من علماء العالم. لقد كانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي حيث كانت تقول: "أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين"، ونزلت متطوعة للخدمة في مستشفيات القصر العيني؛ للمساعدة في علاج المرضى بالمجان.

د. سميرة موسى كانت عضواً في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها "لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية" التي شكلتها وزارة الصحة المصرية. د. سميرة موسى .. والجانب الأخر كانت د. سميرة مولعة بالقراءة، وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة متنوعة تم التبرع بها إلى المركز القومي للبحوث .. حيث الأدب والتاريخ وخاصة كتب السير الذاتية للشخصيات القيادية المتميزة.أجادت استخدام النوتة والموسيقى وفن العزف على العود، كما نمت موهبتها الأخرى في فن التصوير بتخصيص جزء من بيتها للتحميض والطبع .. وكانت تحب التريكو والحياكة وتقوم بتصميم وحياكة ملابسها بنفسها.

شاركت د. سميرة في جميع الأنشطة الحيوية حينما كانت طالبة بكلية
العلوم. انضمت إلى ثورة الطلاب في نوفمبر عام 1932 والتي قامت احتجاجا على تصريحات اللورد البريطاني "صمويل" وشاركت في مشروع القرش لإقامة مصنع محلي للطرابيش... وكان د. علي مشرفة من المشرفين على هذا المشروع، وشاركت في جمعية الطلبة للثقافة العامة والتي هدفت إلى محو الأمية في الريف المصري، وجماعة النهضة الاجتماعية .. والتي هدفت إلى تجميع التبرعات؛ مساعدة الأسر الفقيرة، كما انضمت أيضًا إلى جماعة إنقاذ الطفولة المشردة، وإنقاذ الأسر الفقيرة.تأثرت د. سميرة بإسهامات المسلمين الأوائل .. متأثرة بأستاذها أيضا د.علي مشرفة ولها مقالة عن محمد الخوارزمي ودوره في إنشاء علوم الجبر. ولها عدة مقالات أخرى من بينها مقالة مبسطة عن الطاقة الذرية أثرها وطرق الوقاية منها شرحت فيها ماهية الذرة من حيث تاريخها وبنائها، وتحدثت عن الانشطار النووي وآثاره المدمرة .. وخواص الأشعة وتأثيرها البيولوجي.

وقد أوضحت جانباً من فكرها العلمي في مقالة: "ما ينبغي علينا نحو العلم" حيث حثت الدكتورة سميرة الحكومات على أن تفرد للعلم المكان الأول في المجتمع، وأن تهتم بترقية الصناعات وزيادة الإنتاج والحرص على تيسير المواصلات .. كما كانت دعوتها إلى التعاون العلمي العالي على أوسع نطاق.

سافرت د.سميرة موسى إلى بريطانيا ثم إلى أمريكا .. ولم تنبهر ببريقها أو
تنخدع بمغرياتها .. ففي خطاب إلى والدها قالت: "ليست هناك في أمريكا عادات وتقاليد كتلك التي نعرفها في مصر، يبدءون كل شيء ارتجاليا.. فالأمريكان خليط
من مختلف الشعوب، كثيرون منهم جاءوا إلى هنا لا يحملون شيئاً على الإطلاق فكانت تصرفاتهم في الغالب كتصرف زائر غريب يسافر إلى بلد يعتقد أنه ليس هناك من سوف ينتقده؛ لأنه غريب.

حادث أم اغتيال؟! مر أكثر من 48 عاماً على رحيل د.سميرة، وما زال حادث مقتلها في أمريكا محاطاً بالغموض. استجابت الدكتورة إلى دعوة للسفر إلى أمريكا في عام 1951، أتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية
ميسوري الأمريكية، تلقت عروضاً لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت بقولها:"ينتظرني وطنٌ غالٍ يسمى مصر"، وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا في 15 أغسطس، وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة؛ لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادٍ عميق، قفز سائق السيارة واختفى إلى الأبد .. وأوضحت التحريات أنه كان يحمل اسمًا مستعاراً وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها.

كانت تقول لوالدها في رسائلها : لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت أستطيع أن أعمل حاجات كثيرة.. ولقد علق محمد الزيات مستشار مصر الثقافي في واشنطن وقتها أن كلمة (حاجات كثيرة) كانت تعني بها أن في قدرتها اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة إلى ذرات عن طريق التوصيل الحراري للغازات ومن ثم تصنيع قنبلة ذرية رخيصة التكاليف. وفي أخر رسالة لها كانت تقول: "لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان وسأستطيع أن أخدم قضية السلام" حيث كانت تنوي إنشاء معمل خاص لها في منطقة الهرم .

أين سيارة النقل التي ظهرت في طريقها؟ .. ومن كان فيها؟أين ما توصلت إليه الشرطة الأمريكية؟ ولماذا قيدت القضية ضد مجهول؟ .. أين .. أين؟هل ماتت. سميرة ميتة عادية أم أنه حادث اغتيال؟

وهكذا غربت شمس هذه العالمة الجليلة في 15 أغسطس عام 1952 ….سلمت إلى والدها نوتة سوداء صغيرة كانت تسجل فيها خواطرها وكانت آخر ما خطته فيها :..ثم غربت الشمس .

تعليق ديوان العرب

اغتيال سميرة موسى لم يعلم الحكام العرب ارسال علمائهم لجهة غير أمريكا ليتعلموا بها فكانت حادثة الطائرة المصرية التي فجرت قبل أعوام قرب نيويورك ليلقى حتفه فيها 35 من الضباط المصريين خيرة شباب مصر دون الكشف عن الفاعل .

ولماذا يصر الحكام العرب إرسال علمائنا الى أمريكا لاغتيالهم

الدكتورة عايدة سيف الدولة


مشاركة منتدى

  • يا استاذه عايدة احنا في زمن بيموت فيه الضعيف ليه منبداش بانفسنا لو الدولة مش موفرة دة لية منعملش معمل ابحاث يكون فيه اشتراك و كرت عضويه يشترك فيه المهندسين الي عايزين يكون لبلدهم قيمه لما نعمل كدة ونبعت رساءل للسيده سوزان مبارك حتي تقيم مثله وانت عن طريقك تنشري الكلام ده عبر الصحف لاثاره الراي العام وبذلك نكون حققنا شىْ لامتنا كلها وانت تنشري الفكرة دي في النت و الصحافه وان شاء الله يكون عندنا الناس الي بيايدو الفكرة ويكونو ناس مخلصين لوطنهم وكدة نكون حققنا المجد لينا والاجيال الي بعدنا
    والسلام عليكم ورحمه الله
    محمد السنباطي السن 16 سنه الصف الثاني الثانوي
    ابعتولي علي
    rabie_elsonbaty @yahoo.com

    عرض مباشر : لا يوجد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى