الأربعاء ٢٢ آب (أغسطس) ٢٠١٢
بقلم عبد الله بن أحمد الفيفي

عِطْرِيَّــةُ الـمَطَـر!

كَـبَصْمَـةِ عَيْـنِ (ارْمُسْـتُـرُنْغَ) على القَمَــرْ
أَصُـوْغُ اندهاشاتِـي بِـعِـطْرِيَّــةِ الـمَطَـرْ
تقـولُ : لقـد أَزَرَيْـتَ ؛ إذْ زُرْتَ غَـيْمَـتِي،
فَشَيَّأْتـَـنِيْ في الكَـوْنِ وَجْـهًا مِنَ الغَـبَرْ؟
أَرَى الـحُـبَّ يَـحْـسُـوْ مِنْ لَـمـاهُ سُـلافَـهُ
ويَـفْـنَى بمـا في كَـأْسِـهِ فــارَ وانْـهَمَـرْ
ولَـوْلا لـواءُ الطَّـبْـعِ في الطَّـبْـعِ، قـائـدًا،
تَساوتْ سِـبَاعُ الطَّـيْرِ والنَّاسُ فـي النَّظَـرْ
لِـكُـلٍّ جَـنَـى رُؤْيَــاهُ، والـذَّوْقِ، والـنُّـهَـى؛
فذا راقَ فـي عَـيْـنٍ، وذا راقَ في أُخَــرْ!
❄ ❄ ❄
فقلتُ : مَعـاذَ الحُـبِّ ، و الحُـبُّ كَـوْكَــبٌ
يُـعَـرِّى بِـنا بَـوْنَ الهُـيُـوْلـَى عـنَ الصُّوَرْ
ودَهْـشَـةِ مَـنْ رادَ الفَضــــاءَ بِـصَوْتـِهِ،
وحَـطَّ أمِـيْـرًا بَــيْـنَ تَـيَّـاهَــةِ الغُـرَرْ!
بعَـيْـنَـيْكِ أنـتِ ، يـا صديقـةَ رِحْلَــتِـيْ،
طَلَعْـتِ وغَـيْـمًا فَــاهَ مِـنْ آخِـرِ الـقَـدَرْ
وقَـدْ أَمْـحَـلَ الأَرْضُـوْنَ والنَّـاسُ واللُّغَى
فمـا تَـنْقُشُ الأَنـْواءُ فـينا سِوَى الضَّجَـرْ
هَــطَـلْـتِ بِـقَـلْبِيْ ، مِثْـلَمـا طـاحَ نَـيْـزَكٌ
مِـنَ اللَّيْلَـةِ الأَفْعَـى ، فأَجـريْـتِـني نـَهـَـرْ
ويَمْـضِـيْ علـى دَرَّاجَـةِ الرِّيْـحِ لَـيْـلُـنـا
لِـيَـنْـبُتَ طِـفـلًا لا يَـنـامُ علـى سَـفَـرْ!
❄ ❄ ❄
 
أعَـشْتَـارُ ، منـكِ ، مِـن ثَـراكِ تَـثـاءَبَـتْ
كِـتاباتُ عَصْـرِ الرُّوْحِ مِنْ راحَـةِ الحَجَـرْ
هـناكَ ريــاحـيْ فـي غَـلائــلِ غَـيْـمِــها
تَجُـوسُ حُقُـوْلَ النَّـارِ والنُّـورِ والخَـطـَـرْ
ومـِنْ رِئَـتَـيْــهــا لـلأَجِـنَّــةِ يَـقْـظَــــةٌ
سَـرَتْ فـي شُعَيْـراتِ الدِّمـاءِ وفي الشَّجَرْ
إليها المـُـنَى تَـهْـفُـو ، ومنها النُّـهَى هَـوَى،
وهذي الدُّنَـى تـَدْنُـوْ، وتَـنْأَى، وتُـنْـتَظَـرْ!
فأنـتِ بـهــا أَمْـنٌ ، وأنـتِ لـهـا رَدًى،
تنــامُ علـى جَفْنَـيْكِ حُلْـمًا مِـنَ الحَـذَرْ!
❄ ❄ ❄
 
إذا هَـبَّ لِـيْ رِئْمـاكِ دِفـئًـا ، تـَخاصَرَتْ
رَبـابٌ ، ومـادتْ بـيْ رِحابٌ مِنْ الخَـدَرْ!
«وَصِـرنـا إِلـى الحُسْـنَى وَرَقَّ كَـلامُـنـا»
وما كُـنْتَ تدري، يا امرأَ القَيْسِ، ما الدُّرَرْ
فـليـلايَ لا مِـثْـلٌ ، وسُعـدايَ لا أبٌ،
ولُـبْنـايَ لا أُمٌّ ، ومـا هـذهِ بَـشَــــرْ
وهـل سَمِـعَ الغَـاوُوْنَ مِـنْ قَـبْـلِ دانَـتِـيْ
بِمَـنْ دَمُـهـا عِطْـرٌ ، ومَـنْ فَمُهــا زَهَــرْ؟
فَغَنِّ، وبُحْ ما شِـئتَ ، مـا ذُقْـتَ شَهْدَها!
ولا حَلُمَتْ «قِفْ نَبْكِ» يَوْمًا بِـذا الحَـوَرْ!
ولا اشتَعَلَتْ فـي حَرْفِكَ الشَّمْسِ جَـذْوَةً،
ولا شَرِبَتْ تَيْمـاءُ غَيْـثًا كـذا الـمَـطَـرْ!
❄ ❄ ❄
 
ولو عَـرَفَ الألـحـَـانُ كُـنْـهَ مَـقـَـامِـهـا،
لَـمَـا دار فـي صَوْتٍ صَداهـا ولا وَتَــرْ
فإنـِّيْ عَشِـقْـتُ الـفَـنَّ فـيـهـا تَغَطْـرُسًـا
فلَـمْ يُـبْـقِ لِلْبـاغِـيْـهِ نَجْمًا ولـم يَــذَرْ
كَـفانِـيْ بِهـا عَنْـقاءَ ، والشَّـرْقُ مغَـرْبِـي،
فلا الفَرْعُ ما قالُوا ، ولا الأَصْلُ كالثَّمَـرْ
حَــضاريَّــةٌ ، لا مُـوْدَعُ السِّــرِّ ضائــعٌ
لديـهـا ، ومـا يـَدْرِيْ ثَـراهـا لهــا أَثَــرْ
«كَـبَـيـْـضَـةِ أُدْحِـيٍّ ، شَمُوْسٌ نِجـارُهـا،
نَـبِـيَّــةُ شَــالٍ ، لا تُـزَنُّ ، ولا تـُهـَــرْ»
كـذا رَسَـمُـوهــا قَـبْـلَ يُـولَـدُ رَسْـمُـهـا
ومـا جـالَ فـي بَـالٍ شَذاهـا ولا خَطَـرْ!
❄ ❄ ❄
تـُحِـبُّ مـن الشَّـدْوِ الأَصِـيْـلِ صَـهِـيْـلَـهُ
وتَعْشَـقُ مِـنْ كـأسِ الحداثَـةِ ما انْكَـسَـرْ
خُـرافِـيَّـةَ الوَصْلَـيْنِ ، ذو الكِفْـلِ جَدُّهــا،
تُـذِيْـبُ الضُّحَى باللَّيـلِ ، واللَّيلَ بالبُـكَـرْ!
❄ ❄ ❄
فيـا مـوطِــنَ الآيــاتِ ، للـحُـبِّ آيـَــةٌ
تَـحِنُّ إلـى كَـفَّيْـكِ .. والثَّـغـرِ.. والسَّكَـرْ
تَعـالَـيْ ، صِبـَا أُسطـورتيْ، مِـنْـكِ أَبْـتَـدِيْ،
وقُوْمِيْ مَقامَ السَّـيْـفِ فـي القَلْبِ إذْ عَـبَرْ
فأنتِ النَّـدَى والـوَرْدُ والعِطْـرُ والـرُّؤَى،
وشِعْـرُ الشَّذَى إذْ غَامَ ، والغَيْبُ إذْ حَضَرْ!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى