السبت ٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
قراءة في ديوان

أوتار النزيف للشاعر عبد العزيز أبوشيار

محمد العتروس

بمناسبة حفل توقيع ديوان أوتار النزيف للشاعر عبد العزيز أبو شيار.

بداية أشكر الأخ عبد العزيز أبوشيار الذي سمح لنا من خلال ديوانه الأول أوتار النزيف
ان نجدد اللقاء بالشعر والإيقاع والكلمة الجميلة وسمح لنا أن نجدد اللقاء بهذه الوجوه الجميلة الشاعرة التي هي أنتم أيها الحضور الكريم.

في هذه الورقة سأحاول أن أتناول مجموعة من الأفكار أعتبرها أساسية ومحورية من وجهة نظري لمقاربة قصائد ديوان أوتار النزيف واستكناه أبعادها الشكلية والمضمونية.

أهم هذه الأفكار التي لا أقول أحاول الاشتغال عليها بقدر ما أحاول أن أؤشر على أهمها وألفت النظر إلى بعضها في عجالة المسافر عبر الزمن وخصوصا وأن المقام لا يسمح بأكثر من ذلك.

ألخص هذه الأفكار في ¬¬الرؤيا، البناء الشعري، الصياغة الفنية، وتيمة الحلم في الديوان.
أبدأ أولا بالشاعر ذاته الذي هو الأستاذ عبد العزيز أبو شيار هذا الشاعر الفذ الذي اعتبر أحد أساتذتنا في اللغة العربية وباعتباره موسيقيا وفنانا عازفا مبدعا على آلة العود،وباعتباره جمعويا ومؤسسا للعديد من الفرق الموسيقية مثل كل هذه الوجوه كهذا الوجه الواحد الذي سنجد ملامحه مبصومة على الديوان. وهذا ما ظهر واضحا من خلال اشتغال الشاعر الجميل والناجح على الموسيقى الخارجية والوزن والقافية والعروض ومن خلال اشتغاله أيضا على الموسيقى الداخلية كالإيقاع والتكرار والجرس و...

إن الأستاذ عبد العزيز كما عرفته شخصيا كتب ويكتب الشعر بدون انقطاع منذ أواسط السبعينيات لكنه لم يتسن له أن يجمع شتات هذا الشعر إلا في الألفية الثانية ربما لأسباب موضوعية منها غياب دور النشر بالجهة وغياب المطابع بالمدينة في
فترة السبعينيات والثمانينيات،ثم القمع الذي طال مجموعة من الأقلام في تلك المرحلة ثم غياب المناخ المشجع على الإنتاج الثقافي بالمدينة ممثلا في المثقفين أنفسهم والمسؤولين والسلطة.

ثانيا القصيدة ذاتها وتميزها في المتن الشعري الأبركاني من ناحية الرؤيا والرؤية والصياغة والبناء ومن ناحية التيمات كذلك.

الشعر الحقيقي عند أبي شيار هو الشعر الذي يمتلك رؤية وموقفا من الحياة والإنسان والكون والأشياء،وهذه الرؤيا وهذا الموقف لا يمكن أن نؤسس له إلا إذا امتلات التجربة الذاتية والموضوعية للشاعر وصقلت وهذبت وشحذت بالقراءة والمعايشة والمثابرة والصبر والهدم والبناء وقصائد الديوان من طينة هذا الشعر الذي لا يكتفي بما ذكرناه فقط وإنما يصبو الى أن يمتلك رؤيا تنبؤية تثبت عصرها لتستشرف المستقبل،ويمتلك لغة تستمد أصولها من طبيعة هذه الرؤيا لذا نجد الشاعر يستعير حكمة من هنا أو تعبيرا مسكوكا من هناك أو يمزج بين بيت شعري وأية قرآنية أو يتقاطع مع نصوص تراثية.

لهذا أقول إن الشاعر الأستاذ أبا شيار لا يعتبر اللفظي اللغوي وحده هو هو عماد لغة الحياة والشعر على حد تعبير الدكتورغالي شكري وإنما تلعب الصورة اللغوية أيضا دورا مميزا لتعطينا الإحساس بالجدة والجديد في شعره.

ومن جهة أخرى نرى أن الشاعر لا يهتم بنوعية الصياغة مقفاة أو متحررة لان الصياغة كما يقول مصطفى السحرتي وسيلة لا غاية والهدف هو ان نظفر بشعر حقيقي.

قصائد شاعرنا جاءت عمودية كلاسيكية مرة ومرات تفعيلية حرة وأخرى متحررة من هذا وذاك متحررة من كل القيود، جاءت كقصيدة نثر لا وزن لها ولا قافية.لكن في هذا كله حاول أن يقبض على الحقيقة في الإنسان ويكشف عن الزيف بملاحقته للحن الأوتار ونزفها.

ومن هنا جاءت قوة هذه القصائد لتتلاءم وطبيعة التجربة الإنسانية العميقة التي عاشها ويعيشها الشاعر،وحين أقول التجربة فأنا أميزها عن الموضوع لانهما شيئان مختلفان.

فالغضب والتمرد والحب والكره والحزن والفرح كلها انفعالات تصلح لأن تكون زوايا يلتقط منها الشاعر ما يناسب تجربته الشعرية.

التجربة ليست الحدت أو الفكرة في البناء الشعري إنها التجسيد الذاتي لحرارة اللقاء بين الإنسان والعالم أما البناء الشعري فهو التجسيم الموضوعي للتجربة وقد نجح الشاعر أبو شيار في تجسيده الموضوعي للتجربة الإنسانية العامة من خلال نصوص ديوانه أوتار النزيف.

هناك نقطة أخيرة أود ان أشير إليها في عجالة وهي الحضور الطاغي لتيمة الحلم في قصائد الديوان بالرغم من أن الشاعر أبا شيار يعلن في إحدى قصائده أنه لا يحن إلى الليالي ولا إلى الأقمار حين يقول،

أنا لا أحن إلى ليلي وأقماري 0000 ما عاد يطربني عودي وأوتاري

إلا أنه من خلال المتن الشعري الذي بين أيدينا يؤكد أن الشاعر وإن شب عن الطوق ما زال وسيظل طفلا يتشبث بالحلم كي يبلغ مدارج الحب والهوى والهيام والتوحد مع الذات ومع الآخر..

نجد أن من بين 32 قصيدة مكونة لجسد الديوان هناك إحدى وعشرون قصيدة تتضمن تيمة الحلم إما صراحة وهو الأغلب الأعم أو تلميحا وإيماء أي بنسبة ثلث القصائد،وهذا ما يجعل من تيمة الحلم تيمة مركزية الى جانب تيمة الشعر/ الحرف وتيمة النزف وتيمة الموسيقى.

نخلص من هذا إلى أن الشعر الحقيقي في عرف الشاعر ابي شيار هو شعر يمتلك رؤية وموقفا من الحياة والإنسان والكون والأشياء،وهو شعر يعترك في خضم هذه الحياة،يقاتل ويقاوم و يسائل ويسأل ويغضب ويفرح ويغني ويطرب.

وهو شعر حيوي يتغير دائما من ناحية الشكل كما من ناحية المضمون وهو شعر التزام كذلك،التزام بقضية سامية القضية الفلسطينية وبالقضايا الإنسانية العادلة قضية الإنسان المظلوم والمقهور والكادح.

وهو شعر ذو روح سامية تعلو مدارج التصوف حتى تتوحد مع شعر التمرد والغضب..وهو شعر عاطفة جياشة كذلك توله الشاعر بحب المرأة فصدح بدواخله غزلا راقيا رغم أننا تجد ذلك على استحياء كما لو أن للحب عمرا معينا أو زمنا معينا.

إن الحب هو العمر كله وهو الزمن كله،قد تضل تحب قصيدتك عمرا ولا يكفي العمر الواحد ونتمنى على الله أن يمنحك عمرا ثانيا وثالثا ورابعا...لتحبها من جديد كما لم تحبها من قبل.
عزيزي عبد العزيز أحب رفيقتك وأحب قصيدتك واكتبها كما تشاء هي لا كم أنت تشاء..

محمد العتروس

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى