الجمعة ١٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم موسى إبراهيم

رسالة إليها

سلامُ اللهِ عليكِ وأنتِ جالسةٌ في ذاك المكان البعيد، تعدّينَ لي شيئاً من الحنين، وتُخاطبين صورتي وتبكين، لعلّ الله يجمعني بكِ. في هذه البلاد يا عزيزتي عشرون ألف وجع ومليون قفصٍ ينتظرون المتّهم، وأنا وحدي هنا المتّهمُ بحنيني إليكِ.

في هذه البلادِ يا عزيزتي تنبحُ الطيور وتغرّد الذئاب ويسعلُ الصباح وتقشَعِرُّ الشمسُ خوفاً من الليل وهي التي هناك في عيونك السوداء تدمنُ المبيت. قصائدي أيتها الغالية باتت خاوية، كأنّها الخريفُ قد هدّها وقصقص أبياتها، خواطري العفوية تئنّ في الفؤاد وتطلبُ الحريّة ولا أحد إلّاكِ يصنعُ لها تلك الحريّة. فإلى أين تأخذنا هذه الغربة وإلى متى سأظلّ هكذا بلا هويّة أعجزُ عن التعبير وأعجزُ عن الصراخ والغضب، في كلّ موضع قدمٍ هنا خندقٌ عميل، وثوبٌ ملطّخٌ بدماء قصّتنا الحزينة،

لا يا عزيزتي لم تعد الصباحات تأتيني وتوحي لي ببعض الكلام أو السلام أو تطبع قبلاتك الشهيّة، لم يعد المساء قادراً على اصطحابِ ذكرياتنا معاً، فقد نفقت مشاعر من حولي حتى عادوا جيفاً مقيتة، أرواحهم ملّت أهواءهم، وأجسادهم عادت مكوّرةً لا يعرف المرء أهم مقبلون أم مدبرون..

سلامُ اللهِ على ياسمينةٍ غرسناها معاً ذات مساءٍ بعد أن تناولنا ضوء القمر بأيدينا وأفسحنا للعطر مكاناً بيننا فغارت شجيراتُ الدنيا وضحكنا وضحكتِ أنتِ وآهٍ ما أجملكِ حين تضحكين.
عزيزتي ندايَ أنتِ وطفلةٌ مشاغبةٌ تحيلُ الساعاتِ إلى دقائق، وتغزلُ من الملل متعة المجالس، وتبعثُ الميّت في مشاعري حياً يرزق كأنّ يدكِ التي تشبه الماء المسكوب بين السماء والأرض مباركةٌ يحبّها تعبي .. فيهرعُ إليها فتجتاحني الراحة والسعادة.

بعيني وروحي أنتِ يا قدّيسة المطر، وصديقة القمر، ورفيقة الفؤاد، وقرّة العين وابتسامةً تبدِّدُ الأحزان، سلامٌ عليكِ وأنتِ هناك لم تنهي بعدُ رسالة المساء، وأناملكِ تعزفُ على أزرار الهاتفِ قصيدةً قصيرةً من قصائدي الكثيرة، فترسلينَ منها ما تشاء روحك العذبة .. وتضحكينَ في نهاية الرسالة : هذا ما صنعتهُ يداك ولكن بعد لمسةٍ من يدي..

سلامٌ عليكِ وأنتِ تعدّين لي القهوةَ التي أحبّ، وتسكبينها في يديكِ كأنّني معك، وتأخذين بارتشافها كأنني معك، وتقرأين لي يديكِ وبشارةً باللقاء .. من أين لي بوطنٍ آخر أستجيرُ بلوزهِ وأنا لا لا أتقنُ الحبّ إلا مرّةً .. فلا تغيبي .. وإلا غابت الحياة وارتدّت القصيدة..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى