الأحد ١٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم محيي الدين غريب

الإسلام السياسى سيؤدى إلى خراب مصر!!

إن إقحام الدين فى السياسة سيكون أسوأ ما يسطر فى أدبيات مصر فى العصر الحديث وأسوأ ما سيلتصق بالإسلام، إذ أنه يتعارض مع أبسط مبادئ ‏الديمقراطية عندما تتحول العقيدة إلى سياسة ثم إلى أيديولوجية. وما يحدث الآن عمليا هوتحريف وتطويع العقيدة والشريعة حتى تتماشى مع ‏الأغراض السياسية لتتحول فى النهاية إلى ‏نوع من التنظيم الحزبى يفقد كل من العقيدة والشريعة جوهرها.

إن الاستقواء السياسي لمحاربة المشاكل الاجتماعية بوسائل دينية وإدعاء الإسلام السياسي بامتلاك الحقيقة أدى إلى تفكير سائد بين أقلية من التيارات الأخوانية والسلفية بعد نجاحاتها يقول: أن أسلمة الدولة ومحاربة المشاكل الاجتماعية بوسائل دينية عبر صيغ دينيه جاهزه منذ أربعة عشر قرنا أصبح ضرورة وواقع لخيار أراده الله ولايمكن تبديله. ولكن هذه الاقلية لها تأثير كبير على الأكثرية المطحونة الفقيرة غير المتعلمة والتى لاتملك إلا التواكل وتمنيات دخول الجنة حتى ولو على حساب الحقيقة.

ونجحت هذه الأقلية بمباركة الأكثرية الصامتة فى التغلغل واسلمة المجتمع، بدءا بأن ثورة 25 يناير ليست من صنع البشر، ثم طلب حق رفع آذان الصلاة داخل مجلس الشعب، والتمسك بنظام الحدود، وتجريم المذاهب، وتصاعد فكرة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، ونشر الفقه الدفاعي التبريري، والسعى إلى التوجه الوهابي، ثم السماح بالحجاب للمذيعات وللمضيفات وأخيرا محافظ كفر الشيخ يتجول فى محافظته بالجلباب، وعشرات من التداعيات الأخرى.

خطورة أسلمة المجتمع لا تكمن فى مظهرها الخارجى ولكن فى الفكر المتحجر وراءها.
فلمحاولات المستميتة لتطويع المجتمع وأستدراجه لقبول تقاليد بائدة ليست مصرية ستدخل المجتمع إلى نفق مظلم من الجهل والخرافة وجهالة البداوة. وأصبح النقاش فى الامور الدينية بين النقاشات المثيرة للجدل فى وقت غلبت فيه النعرة الدينية وطفحت فيها التطرفات التى تعيدنا أحيانا إلى العصور الوسطى.

وأصبح من المشكوك فيه أن هؤلاء المتشددون والمتمسكون بأن الإسلام هو الحل وخرافات نظام الخلافة الإسلامية، وأن القدس عاصمة الخلافة، هم ليسو مصريون من أصول مصرية، فهم الذين يهددوا ثورة 25 يناير، وهم الذين يكرهون أقباط مصر وينكروا عليهم مصريتهم، وهم نفسهم أصحاب الخطاب الديني الذى يحض على تشكيك المصريين فى حضارتهم، والدعوة إلى منع تدريس تاريخ الفراعنة لأنهم كفار، والدعوة إلى تدمير الآثار الفرعونية.

فى الماضى القريب أقحم الدين فى السياسة وأستغل الدين فى محاربة الشيوعية فتحقق الهدف من زعزعة الأمن فى مناطق البترول العربية، وحديثا أستغل الدين واختلقت الخلافات الطائفية لتقسيم المنطقة والإستيلاء عليها إقتصاديا وعسكريا. أما الآن فالمنطقة من شرقها إلى غربها معتمرة بالخلافات، هذه المرة خلافات الصراع على السلطة وبأسم الدين والتحالف معه مما أدى إلى تقسيم وتفريق الشعب الواحد وإشعال الفتن بين فئاته، وسيؤدى ذلك إلى خراب مصر عاجلا أم آجلا. هذه المرة ولأن الصراع سياسى ودينى فسيكون لقمة سائغة أكثر سهولة للقوى الاستعمارية فهو لعبتهم المفضلة، وليس عليهم إلا تدبير وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية من على بعد، هذه المرة بدون الدخول فى حروب باهظة الكلفة لا بشريا ولا ماديا.
إن مستقبل مصر بل المنطقة بأسرها يتوقف على اختيار شعب مصر وهو فى مفترق الطريق بين أن يقرر بقوة نظام لدولتة لا يستند سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو قانونيا إلى ركائز دينية، أو أن يتوكل ويختار نظام الدولة الإسلامية الأمثل كما هو فى ايران والسعودية والذى يقوم على الحقوق الفقهية فى الاعتقاد والتعبير والتفكير والتعبد والسلوكيات الشخصية والحريات، بل كل أمور الحياة من المهـد الى اللحــد.

نأمل من الله ألا يختلط صراع المصالح مع الصراعات الدينية وفكرالجهاد فى سبيل الدين، وإلا ستوصلنا التناحرات الدينية بين العقائد والطوائف والمذاهب إلى حروب طاحنة وإلى خراب المنطقة وعلى رأسها مصر المحروسة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى