الخميس ٢٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم مصطفى أدمين

نظرة للإساءة

الإساءة إلى أيّ معتقد ديني وتشويه صورة الرموز الدينية بشكل مقصود؛ تعبير عن الانحطاط الأخلاقي وانعدام الضمير الإنساني ومحدودية النظر عند الأشخاص المقترفين لها. ولكي «نفهم» كيف يقدر المُسيئون للديانات على هذا الفعل الشنيع، ليس لنا من خيار سوى أن نتخيّلهم إمّا حمقى لا يعون ما يفعلون ولا يقدّرون العواقب الوخيمة لتصرفهم الأخرق، أو نتخيّلهم أشخاصاً مرضى بالحقد والكراهية والعدوانية، أو أشخاصاً يعرفون ماذا يفعلون لكنهم بلداء إلى أقصى حد. وفي جميع الأحوال، فهُم أشخاص قادرون على بيع وطنهم (هذا إذا كان لهم وطن)، وعلى مضاجعة أمّهاتهم وبناتهم، لأنهم ـ وبكل بساطة ـ باعوا روحهم لقوى الشرّ.

يمكن لنا أن نناقش المعتقدات الدينية (بدءً من الإحيائية والطوطمية وانتهاءً بالديانات السماوية)، وأن نتفق أو لا نتفق معها في بعض الجوانب وأن نطالبها بالتجديد وبتطوير نفسِها لصالح البشرية؛ لكن من غير المقبول بتاتاً أن نحتقرها أو نشوه صورتها وأن نسيء إليها جملة وتفصيلا مهما كبر اختلافنا معها. هنا تتجلى عظمة الإسلام؛ فهو الدين الذي يعترف بجميع الأنبياء والرسل، بل والذي من أركانه؛ الدعاء لهم والصلاة عليهم.

الوقائع التاريخية والحالية تبرهن على أن الجنس البشري لا يتساهل أبدا مع من يعكرون صفو ذهنه فيما يتعلق بالأسئلة الوجودية الأكثر إقلاقا: من نحن؟ وماذا نفعل في هذا الوجود؟ وهل للحياة والموت معنى؟ وهل للمجرمين أن يفلتوا من العقاب؟ وهل لن نلتقي بأحبائنا بعد الموت؟ وهل الوجود عبث؟ مثل هذه الأسئلة لا تجد إجابة شافية لها في الفلسفة أو العلم أو الآداب والفنون. الجنس البشري ضعيف أمام هذه الأسئلة، وليست لديه المؤهلات الذهنية والفكرية لفهمها والتعايش معها. أكاد أقول للفيلسوف:«إذا كنتَ حكيما بالفعل، فارحم الناس من أسئلتك».

مثل هذه الأسئلة الفلسفية الوجودية أجابت عنها المعتقدات الدينية بطرق مختلفة، لكنّها أراحتْ الجنس البشري من قلق السؤال. يقول القرآن:«وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون» هذا جواب جاء في القرآن الكريم وجلب للمؤمنين الراحة والسكينة. وعندما يقوم بعض الأشخاص المرضى، بالطعن في النبيّ المخبر بهذه الحقيقة الدينية وبرسالته، فإنّ رَدّة فعلهم ستكون دموية بالتأكيد. وفي آية أخرى ما معناه (هل تعتقدون أننا خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا تُرجعون؟). هناك ـ إذن ـ أجوبة على الأسئلة الوجودية يرتاح لها عموم الناس ويخرجون بواسطتها من الحيرة القاتلة. هذا ما يجب على المستهزئين بالديانات والمسيئين إلى رموزها فهمُه.

الحلّ ليس بالمستحيل، يكفي أن تتفق دول العالم على استصدار قانون دولي يُجرّم الإساءة إلى المعتقدات الدينية ورموزها كافّة، سواء الديانات الأوسع انتشارا أو ديانات الأقليات. كلٌّ يحترم ويجب أن يحترم، وهذا الاختيار ليس بالكثير، مقارنة مع التجريم «الدولي» لكلّ من يعادي الديانة الصهيونية والتشكيك في «الهولوكوست». هذا ويجب على الحكومات في الدول الإسلامية ومؤسساتها وشعوبها وعلى المتنورين من غير المسلمين، الضغط على مجلس الأمم للاستصدار هذا القانون في أقرب وقت من دون اللجوء إلى القتل والتدمير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى