السبت ٢٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم مصطفى أدمين

الفتوى النسائية

أنا الشيخ القردوح، شاءت الأقدار أن أجلس في الطائرة بجانب امرأة تركية شابّة متديّنة ومتعلّمة بدليل أنها كانت ترتدي الخمار الشرعي وتمسك بكتاب أحمر عنوانه «رأس المال» لشيخ متبحّر في علوم الدين اسمه ـ على ما أعتقد ـ «ماركوس». ونحن ما بين السماء والأرض غير بعيد عن المطار المنشود.
وأنا مستغرقٌ في تأمّل عظمة ما خلق الله من تلال ووديان وفِجاج وأسرار؛ وضعتْ تلك المرأةُ الشابّة كتاب الفقه على صدرها وسألتني:«هل أنتَ واحدٌ من أولئك الفقهاء؟» ولقد سبق أن قلتُ لكم بأنّ الإيمان يزيد من نباهة الشبّان. فسألتُها بدوري:«كيف عرفتِ؟» فأجابتْ:«عرفتُ ذلك لأنّك كنتَ تسبح وتقول المطار المطار المطار...» وبعد العديد من الأسئلة، أثارني فيها هذا السؤال:«هل لنسائكم في الجنّة ما للرجال؟» وهي تقصد هل للمرأة الحق في أن تشرب الخمور في الجنة، وفي أن تمارس الجنس مع حور العين من الغلمان، بل ومع جميع الذكور التي اشتهاها قلبُها أيّام دار الدنيا وحصّنتْ نفسها منهم؟ فقلتُ لها:«إليكِ فتواي يا أخت: المرأة الصالحة العفيفة تستحيي من أن تطالب بمثل هذه الأمور وهي حضرة أولياء الله والأنبياء والرسل والصالحين من العباد والشهداء والصديقين لأنّ المولى عزّ وجلّ يزيدها عفافاً على عفاف، ويكرمها بنعمة نسيان هذه الأمور، فلا تفكّر إلاّ في زوجها (إن كان من أصحاب الجنّة هو الآخر) فيأتيها زوجـُها كما كان في شبابه وبهائِه قويّا لطيفا؛ بل قد يأتيها في شكل غلام آية في الجمال ويقول لها:«أنا زوجك» فتحمد الله وتفعل معه ما شاءت؛ أيّ نعم! يمكن للمرأة الطاهرة أن تشرب الخمور مع زوجها في الجنّة، وتدخّن معه «الشيشة» وتأكل معه «الجونبون» وترقص وإيّاه على إيقاعات «الرّايْ» وإن شاءت أن يُستنسخَ زوجـُها إلى زوجين أو ثلاثة أزواج أو أربعة، كان لها ذلك في فراش ٍ مصنوع من «الأمان» إذ لا «ثـُمـُنَ» فيه ولا «شـقيقة» ولا بوليس أخلاق، ولا نميمة ولا حسد ولا «فانيد» في كأس ولا «توكال» في حساء. أمّا إذا كان زوجها من أهل النار (والعياذ بالله) وطلبتـْه؛ يأتيها رجل صالح تقيّ قضى عمرَه في التأمّل والعبادة والفتاوى والدعوة إلى الإيمان، فيفعلان معا ما سبق ذكره.
أيّتها الأختُ التركية؛ اعلمي أن جميع النساء يصرن ـ في الجنّة ـ في جمال «لطيفة رأفتْ»؛ وبفضل الله يكتسبن جميع الصفات التي حُرمنها في الدنيا؛ إذ يصير غناؤهنّ أعذب من غناء «عزيزة جلال»، ورقصهن أخفّ من رقص «فاطمة تيحيحيتْ»، وقوامهن أكثر رشاقة من قوام «دنيا باطما»، وغنجهنّ أوسع من غنج «منى فتو»، وحديثهنّ أرقّ من حديث «سعيدة فِكري»، و«مطارُهنّ» أوسع من صدر «نسيمة»... فقالت:«هل تسمح لي بقراءة هذا الكتاب؟» فقلتُ لها:«في الجنّة لا قراءة ولا كتابة ولا علم ولا تعليم ولا عمل ولا صلاة، لأنّ الجنّة دارُ جزاء ومكافأة للذين آمنوا. المؤمنون في ذلك المقام في سعادة أبدية؛ لهم ما يشتهون. في الجنّة يكفي المؤمنُ (الناجي من النار) أن يقول:«أريد فتاةً جميلة تُركية حاملة لكتاب، فيأتونه بها، أو يقول:«أريدُ أن أستحيل إلى طائرة» فيـُستحالُ إليها في طرفة عين». في الجنّة كلّ حلم يتحقّق؛ فإذا ما حلم مؤمن بقصر وجواري وكهرباء وماء وتليفون وإنترنيت وبالخمور ولحم الخنزير وبيض سمك السلـُمون، كان له ما حلم به. ولا ضرائب ولا فواتير ولا هم يحزنون. في الجنّة تجدين الديموقراطية المنشودة، والمساواة المطلقة بين الذكور والإناث، باستثناء مطالبة النساء بالحق المطلق في المساواة بينهنّ والذكور في مسألة الجنس؛ إلا أن يمارسنه مع بعولهنّ في التستر والظلام.
فرأيتُ في عينيها دموع الاعتراف والإيمان والفرح، وقالتْ:«قال قبطان الطائرة بأننا سنهبط إلى المطار بعد دقائق، فلماذا أشعر بأنّ الطائرة لن تهبط في أيّ مطار؟» فطمْأنتُها بالقول في نفسي:«لي اليقين بأن الطائرة ستهبط في مطارها إن شاء الله».


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى