الأربعاء ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢
حبيتك تنسيت النوم
بقلم فراس حج محمد

في سفري عرفت حقيقتي

رسالة إلى شهرزاد الحلم والروح الغائبة الحاضرة في مستقر ذاتي

لعله تنازعتك الليلة عاطفتان يا شهرزاد، وتصارع في داخلك صوتان واحد يبوح بأسرار القلب، والآخر ينبش في تجاويف الوعي والعقل، لقد حيرني غيابك وحضورك وجعلني عاجزا من أي نقطة أبدأ هل أحاور العقل أم أناجي الروح؟ جعلتني موزعا أصد الهواجس التي أتقنت صياغتها بجمل كانت تحز ألما في أعصابي، كسرت توقعاتي في أن أناجي روحا هائمة مسافرة تبحث عن حقيقتها.

إن ما يجب أن تصغي له يا شهرزاد هو صوت القلب والروح، ليس لأنه ينتصر لآمال شهريارك المُضنى المصلوب في أوجاعه وآلامه، بل لأن الروح أصدق والقلب أكثر حكمة من صوت عقل تحكمت فيه الهواجس وتركته نهبا لكل طامع من فكر تحجر في مهاوي العادات والتقاليد وليس له سند من بوح الروح، فللروح احتياجاتها واشتياقاتها، ويجب علينا أن نلبي رغبتها، فما الإنسان إلا قلب ينبض، فلا تتركي القلب يعطش والماء موفور عذب وغزير، يفيض بما يروي ويهدي ويستجمع العقل ويحتويه بكل أمنياته وتشوقاته الباطنية، فالعقل أيضا لا يعاند القلب بل إنه يعطيه ويمنحه منطقا خاصا يجعل الصوتين صوتا واحدا تلحنه التراتيل الحانية المناجية!!

إن الإنسان بداخلي يناديك بكل ما تجمع فيه من عقل وروح، لا يطلبك عقلا خالصا ولا روحا خالصة، يطلبك إنسانا جميلا بكل ما فيك من رؤى وحب وشوق، لا يريدك نصف كينونة متصارعة، يريدك فجرا سنيا كاملا تتكلم فيه الرغبة بكل أمنياتها، وعقلا راجحا متزنا يحسب حساب الحق والخير والجمال، ويحترم الذات الأخرى التي تناديك راجية، تناديك لتكوني الشمس والحرية والغد الكامل بكل تصوراته وأمانيه!!

لن نربح شيئا إن خسرنا أمنياتنا، ولم نتعلم كيف نصوغ ظروفها جملا تجعل الواقع يأتيها راكعا ساجدا، يعمل معنا ليتحقق كجملة خبرية، بعيدة عن إنشائية اللغة السابحة في تهاويم التعالق المقيت والصراع القاتل الذي يفقد البدر جماله ونور طلعته في ليل حالك!!

لقد أيقنتُ معكِ أن الحب أمان قبل أن يكون خوف، ثقة واحترام قبل أن يكون شك وغيرة وجنون، فلن يكون إلا جمالا يعيد للروح نقاءها وصفاءها وللعقل توهجه واتزانه، لقد عرفتُ الحقيقة في سفري الدائم في دروب المحبين العاشقين، فليس السفر انتقال الجسد من مكان إلى آخر وحسب، بل إنه رحلة الروح في كل وقت لتبحث عن أمانها، ولقد وجد شهريار أمانها حيث أنت يا شهرزاد، ففي سفري هذا أيضا عرفت حقيقتي وحقيقة ما تريد الروح!! فمتى تؤوبين من سفرك؟ لقد طال السفر يا امرأة مصوغة من رحيق الورد!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى