الأربعاء ٢٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢
بقلم إبراهيم جوهر

من كل وظيفته، لكل تقديره

غيوم الصباح الدافئة تغطي السماء. الغيوم تحجب الأفق الذي أطلّ منه على ما وراءه ، أرى، وأقرأ، وأتخيل، وأبتعد باحثا عن توازن مفقود.

الأفق غاب هذا الصباح. الغيوم غيّبت أفقي.

اليوم أعود إلى عملي، أعود إلى تواصلي مع من يسمعني ويفهمني، ومع من يقف على الجانب الموازي رافضا، هازئا، مهتما بأموره البعيدة عن مائدتي.

الأضداد دائما تتعايش، تقترب، وتتوازى فيبين الفرق، بضدها تعرف الأشياء، وتتميّز.

اليوم (أسافر) إلى السواحرة الشرقية مرورا بالطريق الالتفافي الطويل الذي أوجده الجدار وأجبرنا على السير عليه. المعبر القريب لا يسمح بالوصول. لو سمح لي لوصلت المكان في أقل من سبع دقائق. الآن تسرق الطريق ساعة.

لا قيمة للوقت، لا قيمة للإنسان.

قرأت أنباء حول النية باحتلال الضفة ( أليست محتلة حتى الآن؟!)، وإعلانات تصالح اجتماعي و(كرم عربي أصيل)! وترجمة لافتتاحية صحيفة اسرائيلية يسارية حول واقع التفرقة في التعليم بين الجانبين العربي واليهودي، ونبأ عن ابتعاد حل الدولتين.... وانتقادا للّغة المداهنة الخادعة بادّعاء (الفوز الساحق)!

التفت بإعجاب شديد إلى الردود المسؤولة المصاغة بأسلوب أدبي ذي وضوح وجمال وغنى وهي تعلّق على يومياتي هنا.

قال أحدهم: أنت تبني منتدى للكلمة الصادقة.

وقال آخر: أنت تشعل حرائق.

وقال ثالث: أنت تثير الأسئلة لتوقفنا على عيوبنا.

.... هل يمكن أن تكون الكلمة ديكا يوقظ الحي؟؟ إذن نحن بخير.

النهار تغطي وضوحه الغيوم.

جاري البلبل لم يغب هذا الصباح، أطربني وأتعبني وأنا أتابع فك رموزه المموسقة.
أصوات ديكة الحي سمعتها بكسلها المعهود. كانت في السابق حادة، متفائلة، نشيطة، ملحاحة تجبر سامعها على الاستيقاظ والعمل والنشاط.

الديكة أضاعت هويتها، وتخلت عن وظيفتها مثل قطط الحي تماما التي لم تعد تصطاد الفئران واكتفت بالتمتع السلبي في حاويات القمامة.

كل من يفقد وظيفته يفقد مبرر وجوده ، الديك لإيقاظ الحي،
والقط لإبعاد الطاعون،

والبلبل للطرب وريّ الروح.

(من كل وظيفته، ولكل تقديره ).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى