الخميس ٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم أنور الخطيب

شرفةُ وهمٍ بيروت

يا بيروت
أوهمت العالم أنك أمي
ففتحت ذراعيّ اللوز
وقلت أشمك
حتى آخر أنفاس البحر
فردت جناحيّ وقلت:
سأحضن فيك الفينيق
الساكن فيك،
عصرت الوقت بقلبي
علّ الطفل بروحي
يرفع أشرعة الحرف
ويرشدني نحو اللغة الأولى،
تلك الحبلى بالفلك
الحاملِ فلّك في نهديّ عروس،
أوهمت ردائي ونمائي
أنك كل الورد بمائي
حضنت الشرق بغربك
عانقت جنوبك في شرقك
شمالك في كل نواحي الرحم،
ايقظني طفل حملته الريح
وألقته أمامي، قال احملني،
كأنك تحمل صرخة أمك فيك،
فبكيت،
قال ارفعني، كأنك ترفع آذان الصبح،
فبكيت،
قال اهجرني،
كأنك تهجر يوسف في واديك
حضنت أنامل رجفته وتساءلت:
أأخي أنت، أم أنت أنا
أم أمي تحمل صوتي يوم ولدت،
حين مشيت بمهدي
ونطقت بمهدي
ورافقني نفر من لحدي،
وأوقفني زارعني في رحم الغيب
وقال: إلى أين؟
- إلى صليبي، كي أسرق دمي،
- قال: إلى أين؟
- قلت: إلى أمي..
فبكى..
يا بيروت،
يا فاتحة النار بظهري
راسمة المنفى فوق المنفى
في كفّي،
ما من أحد فيك
يقرأ خط العمر وخط الموت
ما من عين تشرب قهوتها
وتطل عليّ ..
يا بيروت
يا شرفة وهمٍ يتأمل ساكنها خطوي،
يتجاهلها، يتناساها، يستحضرها،
لا يدفعها نحو البحر
ولا يرفعها نحو السرو
وحين تفيق الأوجاع بوجهي
لا يفقه دمعي
وحدي أعرف معنى الملح على شفتي
من لغتي يتساقط طفل يومئ لي
فركعت، ثم بكيت،
يجمع دمعي حتى اللحظة في كفيه
يرسمها فوق بيوت
ويوهمني أني بيروت
.....
بيروت
مارس 2012

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى