الثلاثاء ١٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم أحمد الخميسي

«بوس الواوا»..تهدد الأمن القومي المصري؟!

صدر قرار النائب العام بحجب المواقع الإباحية من الانترنت، الأمر الذي سيكلف ميزانية الدولة نحو مئة مليون جنيه. وقد برر الشيخ يونس مخيون القيادي بحزب النور السلفي ذلك القرار بقوله إنه " أنه لا يجب النظر الآن إلى تكلفة هذه الخدمة لأن للمواقع الإباحية آثارا مدمرة على الأمن القومي ". طيب.. لكن ما هي المواقع الإباحية التي تهدد أمن بلادنا القومي إذا كان القرار الصادر بالحجب لا يشتمل على تعريف محدد لماهية " المواقع الإباحية "؟. هل هي المواقع التي تنشر أفلام الجنس الرخيصة؟ أم أنها أيضا المواقع التي تنشر الأغنيات الخفيفة؟ أم المواقع العلمية التي تتناول العلاقة بين الرجل والمرأة بشكل علمي؟. ماهي المواقع الإباحية التي سندفع لأجل حجبها مئة مليون جنيه لأنها تشكل خطرا على مصر؟ وهل ستدخل أغنية هيفاء وهبي " ليك الواوا.. بوس الواوا.. خلي الواوا يصح " ضمن المحجوبات؟ أم أن " بوس الواوا " ليست خطرا على الأمن القومي؟.

ثانيا – هل يجوز إنفاق مئة مليون جنيه وهي تكلفة أجهزة الحجب بحدها الأدني لمنع أو ردع نحو عشرين مليون نسمة تستخدم الانترنت من دخول تلك المواقع، بينما كان من الممكن إنفاق ذلك المبلغ – ليس لمنع – لكن لإفادة المصريين جميعا بتنظيف القاهرة والجيزة من أكوام القمامة؟

ثالثا –وفقا لتصريحات عمرو بدوي الرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات فان " حجب أي موقع على الإنترنت بنسبة 100% في أي دولة، أمر مستحيل، ولا يمكن تنفيذه على أرض الواقع. ومن السهل جداً إختراق أي موقع محجوب، كما أن تجارب الدول المحيطة التى انفقت عشرات الملايين لحجب مثل تلك المواقع بائت بالفشل". والسؤال إذن هو: لماذا ننفق مبلغ كبير كهذا على أمر مشكوك في جداوه؟

رابعا – مادامت الدولة قد قررت شراء تلك الأجهزة، وقررت " حجب " مواقع إباحية، فمن أين لنا بضمان أن " الحجب " لن يمتد لمواقع أخرى فكرية وسياسية وأدبية، مادامت أجهزة الحجب بأيدي مسئولين لا يحكمهم تعريف محدد لماهية الإباحية؟. هل كان ذلك هو الهدف من اعتماد سياسة الحجب بعبارات فضفاضة تسمح لاحقا بمنع أية مواقع سياسية معارضة؟ أقول ذلك لأن ربط حجب المواقع بالحديث عن " الأمن القومي " يثير الشك العميق في احتمالات توسيع دائرة المنع مستقبلا.

المشكلة في كل تلك القصة أن الحكومة عندنا تعمل دائما ليس على تغيير الواقع، لكن على تعديل مقاس البشر ليناسب الواقع! فإذا كانت هناك في مصر أزمة إسكان حادة، وبطالة، وشباب عاجزون عن الزواج بلغ تعدادهم 8 مليون، وعوانس من الإناث بلغ تعدادهن 13 مليون، وحل المشكلة الحقيقية لإولئك الشباب لا يتمثل في حجب مواقع إباحية، بل في إقامة مشاريع إسكان شبابية رخيصة، وتوفير فرص عمل ليتمكنوا من أن يسعدوا بحياتهم. وكان من الأجدى والأنفع للدولة أن تقيم بذلك المبلغ نواة لمشروع إسكان شبابي، أو مصنع توفر به فرص العمل. أما حجب المواقع فإنه مطاردة للوهم، لأن من يريدون دخول المواقع سيجدون طريقة لذلك، وسيدخلون، طالما أنهم محرومون من الحقيقة المبهجة وهي العلاقة الطبيعية مع زوجة وحبيبة. لكن الحكومة تفضل بدلا من حجب الواقع القبيح أن تحجب مواقع الخيالات الافتراضية، وهو أمر لا جدوى منه، يضيف فقط إلي قائمة فشل الحكومة فشلا آخر سخيفا. ذلك أن " بوس الواوا " ليست هي التي تهدد الأمن القومي، بل البطالة، والأجور المتدنية، والفقر المروع، والهوة الشاسعة في الدخول، وكل ذلك إن لم يدفع إلي دخول المواقع الإباحية، فإنه يدفع إلي هجرة الشباب مخاطرين بحياتهم إلي شواطيء إيطاليا واليونان، ويدفعهم حتى إلي الزواج بإسرائيليات. تلك هي المواقع الإباحية الحقيقية التي تمثل خطرا علي الأمن القومي، أما " بوس الواوا " فتظل مجرد أغنية خفيفة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى