الجمعة ١٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم ياسين عبد الكريم الرزوق

سورية على جسر ٍ من لهيب

بينما كنت أسير على طرقات بلدنا العظيم فإذا بي أتعثر بكلمات ٍ حروفها حارقة و ساعة ً بعد ساعة و يوماً بعد يوم و الأيام تتراكم بلياليها و ساعاتها و دقائقها و الكلمات أيضاً بدأت تتعالى و تشكل اصطفافاً غريباً على شكل جسورٍ نراها لأولِّ وهلةٍ من بعيد صلة الوصل مابين مرحلةٍ ومرحلة أو نترجمها كأبجديَّةٍ للعبور من محرقة الكلمات المبهمة إلى قواميس المعاني التي تفيض برداً وسلاماً على الناس والعباد.

و لكن هيهات فما يجري على أرض سورية التي كانت و ستبقى حروفها سليمة ًمعافاة غير خاضعةٍ لمِمحاة الكرامة و القيم و غير آبهةٍ بفرشاة الخرائط المستوردة و التي تصول وتجول في بلدان ٍ ألفت فرشاة التبديل و التغيير بالألوان و الخطوط وحتَّى الحدود المرسومة ،و بعد كلِّ ما عشناه و ما رأيناه فيما يجري على أرض سورية أدركنا و بشكلٍ قاطع أنَّ فخَّاً نُصب لهذا البلد و السبب عبقريةٌ جغرافية و دورٌ سياسي و مواجهةٌ مع غطرسةٍ صهيونية فما كان من تلك الدول الاستعمارية و على رأسها الصهيوأميركية إلَّا أَنْ ركبت موجة المطالب في كلِّ البلدان لعلَّ آخرها سورية لِتُوحي للعالم أنَّّها سفيرة ُ ديمقراطية ٍ و سلام و رائدةُ فضاءٍ واسعٍ ٍمن الحريات المبطَّنة لديها باستغلال مصالح الشعوب و تغييب قرارها الحر.

و لكن لِنعد إلى ما قلناه سابقاً حول فخٍّ نُصِب لسورية و هنا كان الخطأ الأكبر على السياسيين في سورية فبدلاً مِنْ أنْ يعالجوا بحنكةٍ وأن يقرؤوا بتمعن ٍ قصة شعبٍ مقاوم شدَّ على أزر دولته و حكومته في مواجهة المؤامرات و الصعاب على مدى السنين السابقة انقادوا إلى مواجهةٍ غيرِ مبرَّرة جعلت من سورية مطيَّة ً للاعبين الخارجيين الذين لا يألون جهداً و لا يوفرون دماً بريئاً ليكسبوا جولة ً أو شوط في ميداننا الملتهب و الهدف لديهم يتحقَّق و تكثر النقاط في جعبتهم كلَّما سال دمٌ أكثر و زُهقت أرواحٌ طاهرة على مدرجات المتابعين بتمعن ٍ
و المنتظرين بترقب لنهايةٍ تخرجهم من استديوهات مخرجي الموت و صالات استقبال رصاص التراشق في مبنى الصراع الدوليّ.

و بعد جولة المسير تلك والتي استغرقت حتَّى الآن ما يقارب عاماً و نصف وصلت إلى الجسر المنتظر و ليتني وجدت هاويته فقط تعجُّ بالنيران و تفوح منها رائحة الموت و لكنِّي وجدت الجسر نفسه ملتهباً ومن يقترب منه أكثر من ذلك يدفع فاتورة الاشتعال المبرمج وكأنَّ الجسر صار هاويةً بحدِّ ذاته فالهاوية في سورية اليوم لا تقتصر على الأماكن العميقة الساحقة الموغلة في حفر الموت بل حتَّى أنَّ الهاوية صارت تتنقل بين الأماكن لِتقيم وتستوطن حتَّى الجسور المرتفعة.

فهل يا ترى مِنْ منقذٍ لسورية و هل مِنْ معبر ٍ للهاوية غير الجسور المستوطنة المشتعلة؟؟؟!!!

وهنا(محمد الماغوط ) بسحر ريشته و صلابة قلمه بحث عن الحلّ وارتأى أن يكون الإنسان العربي في هذه الظروف بأرجل عنكبوت ليعيش معلَّقاً بالسقوف الوطنية و القومية و لكن هل سينجو من رصاصة حقدٍ طائشة؟؟ !!!!

حين قال:((يا إلهي!! امنحني قوة الفولاذ و رِقة الفراشة.
جمود الحجر و مرونة الراقصة لِأعبر يومي بسلام.
امنحني عقل أنشتاين لِأستوعب ما يجري على الساحة العربية.
و جسد سميرة توفيق لِأتحمل ما يجري.
امنحني غباء الإوزة لِأصدِّق ما أرى.
و براءة جان دارك لِأؤمن بما أسمع و أرى.
امنحني أرجل العنكبوت لِأتعلَّق أنا وكلُّ أطفال الشرق بسقف الوطن لتمرَّ هذه
المرحلة.))

فهل سنعبر هذه المرحلة معلّقين أم زاحفين أم محملِّين على النعوش ؟؟؟!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى