الاثنين ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم مجدي شلبي

صفير

لم يمض كثير وقت على وصول المياه، حتى قُُطعت مرة أخرى...

ـ سأموت من العطش يا أمى

فتحت الثلاجة وناولته علبة عصير... شرب، فازداد عطشاً!

هتفت الأم بشدة خوفها على ولدها:

ـ حسبى الله ونعم الوكيل...

ثم لم تجد بداً من الالتجاء إلى جارتها... التى منحتها بسيف الحياء والخجل، قليلاً مما اختزنته لبيتها وعيالها...

أصرت ألا تحرج نفسها مرة أخرى، فعندما عادت المياه إلى مجاريها، ملأت كل شىء لديها، حتى خزانة ملابسها!

انتظرت لحظة الحسم التى تُخرج فيه مخزونها الاستراتيجى، إلا أن المياه اللئيمة ظلت فى سريانها، بل ازدادت فى تدفقها....

فأيقنت أن مرحلة الانقطاع قد ولت إلى غير رجعة، فالوصل هو الأصل.... واعتذرت عما بدر منها دون قصد وبحسن نية، وراحت تدندن كلمات قصيدة أم كلثوم:

ـ مِن أَيِّ عَهدٍ فـي القُـرى تَتَدَفَّـقُ وَبِأَيِّ كَـفٍّ فـي المَدائِـنِ تُغـدِقُ/ وَالماءُ تَسكُبُـهُ فَيُسبَـكُ عَسجَـداً وَالأَرضُ تُغرِقُها فَيَحيـا المُغـرَقُ / دانـوا بِبَحـرٍ بِالمَكـارِمِ زاخِـرٍ عَـذبِ المَشـارِعِ مَـدُّهُ لا يُلحَـقُ/ مُتَقَـيِّـدٌ بِعُـهـودِهِ وَوُعـــودِهِ يَجري عَلى سَنَنِ الوَفاءِ وَيَصـدُقُ.....

مضت شهور فتغير لون المياه المخزنة وطعمها ورائحتها، ورأت أن تتخلص منها، فهى لم تعد فى حاجة لها....

وما كادت تفعل، حتى عاد الصنبور اللعين بصفيره المنذر بالخطر... معلناً بداية حرب المياه، على شقتها السكنية المسالمة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى