الأربعاء ٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم حمدي كوكب

أشعار الثورة

في مواقع التواصل الاجتماعي

لا يمكن نكران دور الثورة في تأجيج مشاعر الهواة وتفتيح قرائحهم

لا فائدة في ألف ثورة تقوم في هذا الوطن

المتأمل في الأشعار والأزجال التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي من قِبل الشعراء الهواة والمتمرسين يجد أنها أشعار تسجيلية تصف الحدث الواقع وتراه رؤية العين من خلال المشاعر الخارجة من الوجدان القلبي، فهي تسجل الأحداث اليومية لحظة بلحظة في صورة شعرية وبخواطر أدبية غاية في الإبداع والإقناع للمتلقي، وكأنك تقرأ الصحيفة اليومية لأحداث الثورة، بل أشد عمقاً كأنك تشاهد على الهواء مباشرة الأحداث الجارية، فما أن يقع حدث من أحداث الثورة إلا ويستلمه الشعراء بالوصف والتعبير والرأي، أو بتوجيه النقد أو المدح إلى هذا الحدث المعاش، كل حسب رؤيته وحسب انتمائه ، وحسب تقديره للموقف الراهن.

ونظراً لوجود كم كبير من الشعراء الهواة على صفحات التواصل فقد تنوع تناول الحدث الواحد وتعددت المشاعر تجاه نفس الموقف، حتى سجل لنا موقع التواصل قصائد شعرية غاية في الإبداع والتنوع ما بين فصحى عربية خالصة، وعامية دارجة.

وقد تفوق شعر العامية والزجل في هذا المجال نظراً لقربه من لغة المواطن العادي ونظراً لوجود موسيقى خاصة به يصنعها الشاعر بكلماته وبأوزان من نسج خياله، وبذلك سجل لنا هؤلاء المبدعون كل تفاصيل الحياة السياسية في هذا الزمن المعاصر لأحداث الثورة.

وقد نضج شعر الوطنيات (حب الوطن) في أثناء تناول أحداث الثورة فكلما جد جديد في الميدان نبعت كلمات تصف مدى حب الشعراء لوطنهم، وقد خصص الشعراء قصائد كاملة تعبر عن هذا الحب وهذا الانتماء، لم يصفوا خلالها أحداث الثورة بل اكتفوا بالتعبير عن مشاعرهم الجياشة تجاه الوطن.

ويرى كثيراً من الشعراء عبر أشعارهم أنه لا فائدة من الثورات التي لا تغير الأنظمة، ولا تبدل المواريث القديمة البائدة، ولا تجدد رؤية ورسالة الوطن، وأن مثل هذه الثورات التي لا تأت بالجديد والمفيد للمواطن فقيامها كعدمه، والبعض يرى أن الثورة مازالت في مرحلة المخاض وأنه لن تظهر نتائج هذه الثورة الآن وأن المستقبل هو الذي سيثبت تصوراتهم وتوقعاتهم .

وهناك القليل الذي أوضح في شعره عبر صفحات التواصل أنه لا فائدة في ألف ثورة تقوم في هذا الوطن مهما كانت قوة هذه الثورة، وأن التغيير لا تحدثه الثورات، بل يحدثه الأفراد عندما يغيروا ما بأنفسهم، وهم يرون أن ما حدث من ثورات تسمى بثورات الربيع العربي أنه لا فائدة من كل تلك الأحداث التي أودت بالعديد من الضحايا أكثر من ضحايا الحروب، وأن الثورة عندما تتحول إلى حرب فهي ثورة تهدم لا تبني وتلعب بمقادير الوطن.

ومع ذلك لا يمكن نكران دور الثورة في تأجيج مشاعر الهواة وتفتيح قرائحهم نحو حب الوطن والتغني بجماله وحب الحياة داخله وتحت سمائه والتجول بين ربوعه واستنشاق نسمات ربيعه والتأمل في مزارعه وحقوله.

وكل ما يحتاجه هؤلاء الهواة من الشعراء الذين نظموا شعرهم في موضوع الثورة سواء بالرفض أو القبول هو جمع تلك الأشعار التي تعبر عن حب حقيقي للوطن وتتحدث بمشاعر صادقة عن الأحداث وتصفها بكل دقة.

يحتاج شعراء موقع التواصل إلى التواصل الحقيقي بين بعضهم البعض لجمع ديوان متعدد المجالات في توثيق الأحداث اليومية للثورة شعراً، يكون مرجعاً تاريخياً مثبتاً وموثقاً بدلاً من ضياع هذا الكم الهائل عبر صفحات تختفي داخلها الأعمال الجميلة التي تحدثت عن فترة تاريخية في عمر الوطن.

إن عدم اهتمام المؤسسات بهذا الشعر الفصيح والعامي المتناثر عبر صفحات التواصل والذي لا يجمعه أصحابه في دواوين موثقة لأنهم غير مشهورين ولأنهم لا يمكنهم الوصول إلى طريق النشر لأنهم مغمرون ، إن عدم الاهتمام بهذا الشعر وعدم توثيقة قد يؤدي إلى ضياع أشعار تمتاز كلماتها بالصدق ، والبلاغة، وقوة الوصف، والمعاصرة للحدث الواقع. ونظراً لغياب بعض مؤلفيها أو رحيلهم ،أو توقفهم عن الكتابة . يضيع هذا الكم اللغوي الهائل كما ضاعت أشعار العرب القدامى نظراً لعدم التدوين.

في مواقع التواصل الاجتماعي

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى