الثلاثاء ٢٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم عبد الزهرة شباري

الأب وخيوط العنكبوت

دخل فراشه ودخلت معه حالة غريبة من الارتباك والقلق ،حتى بات لا يعرف فيما كان نائماً أم لا، شعر بخيط من الخوف اللزج، راح يصفع رأسه ويخلق له الوساوس وهو يتجشأ ثقل السنين الغابرة.

وبينما هو في مثل هذا المنولوج المحموم مع نفسه أخذ الخوف ينمو في داخله ، وشعر أن ذهنه صار يتكون من عدة أذهان، وكل ذهن يعمل بطريقته في ضخ الأفكار ، وهو وسط صراخ وضجيج أطفال في الدار المتهرئة ماسكاً بيده تلك التي تخفف عنه بذهابها ومجيئها آسون الحر وتجفف قطراته عن وجه الفاني!!

يحل ضيفاً عليه ويحس بأشياء تربكه ، ويشعر شعوراً غريباً وكأنه يراه لآخر مرة.

يراه يهبط من عالمه السفلي كريشة يقلبها الهواء ، ينقل عينيه بين صفحات الصور المعلقة على الجدران المغبرة ، وينظر بوجه ضيفه الرابض أمامه وهو يحاول أن يسمعه صوته الذي لا يكاد يسمعه وكأنه يأتي من قاع بعيد، الجميع هنا مشغول بحالات تافهة ، زوجته التي تجمعت عليها اللواتي من جاراتها وهي تضرب لهن (بالودع ) وتكشف لهن عن المستور من حالهن كما تدعي ، فيما راحت أبنتاه بأعمال الزينة والطلاء الرخيص، أما ولده الوحيد فكان مشغولاً قد غلب عليه التفكير والشرود الدائم ، يتطلع لمن حوله بنظرات عقيمة مستغرباً هذه الأعمال، وهو لا يستطيع عمل شيء يذكر!

يتأفف ساعة ويحرك يديه بعصبية تاركاً البيت ومن فيه إلى الشارع مهموماً ، ظل زائره يحدق في عينيه يحاول إضافة شيء ما ينفع مريضه الراقد لكن دون جدوى ، خرج هو الآخر دون أن يودع أحداً ، وعند بضع خطوات سمع صراخ وراءه من بيت (أبي محمد)!

رجع مذهولاً وجد صاحبه قد فارق الحياة!
ظلت ْ عيناه لا تفارق شبحه وهو يحدق بالصور المعلقة على الحائط القديم، وحول ما خطته خيوط العنكبوت على الجدار!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى