الاثنين ٢٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم بوعزة التايك

جسد من حرير

الليل جميل والقمر في أبهى صوره والنجوم تتراقص في أعين الملائكة وجسد تنهشه الذئاب. الليل رائع والنسيم يجري بين الأوتار والعندليب يناجي أنثاه وجسد تقطعه السكاكين في صمت. الليل هادئ والأغصان تتضرع إلى السماء بخشوع والأمواج تعتذر للصخور بأدب وجسد ينزف دما وظلما. الليل لابس أجمل ما عنده من سدول والقمر في طبق من ذهب والنجوم ترفل في قبة الأنبياء وجثة هامدة تترحم عليها الذئاب. كفنها؟ ريش عندليب أبيض. قبرها؟ كف طفلة ذات خمسة أعوام.

ليلة جميلة مات خلالها عندليب أبيض وطفلة ذات خمسة أعوام وجثة مرمية لم يثلج صدرها إلا دمعة صغيرة رقيقة حنون. دمعة شاعر متهم بذرف الدموع على من هب ودب من البشر. متهم دوما بالبكاء على الآخرين عوض البكاء على مصيره. متهم بالحزن و البكاء على المعذبين في الأرض.

جثة مرت عليها الأيام فتفسخت وتفتتت ولم يبق منها إلا العظام. ومرت الأعوام ولا كلب يقترب من العظام رغم كثرة الكلاب. ولما رأى الهدهد أني لم أفهم السر حط على كتفي وقال وهو يغني:" إنها ليست عظاما بل حرير من صنع الملائكة فانتظر ألف قرن وسترى". وانتظرت ألف قرن ورأيت.

رأيت الحوريات يخرجن من السماء كلما احتجن إلى الحرير. رأيت العندليب الأبيض يغادر قبره كلما احتاج إلى الحرير يدفئ به عظامه. ورأيت طفلة ذات خمسة أعوام تتمرغ وسط الحرير بعد أن تعبت عظامها من الاحتراق وسط النار.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى